واجهة مدونة الاحسان

***الأسماء الحسنى***
***أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ***بسم الله الرحمن الرحيم***"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)" سورة الاحزاب الصلاة والسلام عليك يانبي الله الصلاة والسلام عليك يا رسول الله الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة أهل السموات والأرضين عليه إجري يارب لطفك الخفي في أمورنا والمسلمين. الحمدلله رب العالمين الذى بنعمته تتم الصالحات ...وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) ***سورة الاعراف*** الله *** الرحمن*** الرحيم *** الملك*** القدوس*** السلام *** المؤمن*** المهيمن *** العزيز*** الجبار *** المتكبر*** الخالق**** البارئ*** المصور *** الغفار *** القهار*** الوهاب *** الرزاق *** الفتاح *** العليم *** القابض *** الباسط *** الخافض*** الرافع *** المعز*** المذل *** السميع*** البصير*** الحكم *** العدل*** اللطيف *** الخبير*** الحليم *** العظيم *** الغفور*** الشكور *** العلى*** الكبير*** الحفيظ*** المقيت*** الحسيب*** الجليل*** الكريم *** الرقيب*** المجيب *** الواسع *** الحكيم*** الودود*** المجيد*** الباعث *** الشهيد *** الحق*** الوكيل*** القوى*** المتين *** الولي*** الحميد*** المحصى *** المبدئ *** المعيد*** المحيي*** المميت*** الحي*** القيوم*** الواجد *** الماجد*** الواحد*** الصمد*** القادر*** المقتدر*** المقدم*** المؤخر*** الأول*** الأخر *** الظاهر*** الباطن*** الوالي*** المتعالي*** البر*** التواب*** المنتقم*** الغفور *** الرؤوف *** مالك الملك ذو الجلال و الإكرام *** المقسط *** الجامع *** الغنى*** المغنى *** المانع*** الضار*** النافع*** النور *** الهادي *** البديع *** الباقي*** الوارث *** الرشيد*** الصبور*** " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)سورة الشورى"*** "الله لااله الا هو العزيز الحكيم"**** " هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24) سورة الحشر الاسماء السبعة*** لاإله الاالله*** الله***هو***حق*** حي***قيوم***قهار***
***أذكار الطريقة الرحمانية/خنقة سيدي ناجي/ ولاية بسكرة/الجزائر***
***أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ***بسم الله الرحمن الرحيم *** زاوية الشيخ سيدي عبد الحفيظ بن محمد بن أحمد الخنقي رضي الله عنه *** خنقة سيدي ناجي ولاية بسكرة الجزائر ......الطريقة الرحمانية بسم الله الرحمن الرحيم "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)" سورة الاحزاب الصلاة والسلام عليك يانبي الله الصلاة والسلام عليك يا رسول الله الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة أهل السموات والأرضين عليه إجري يارب لطفك الخفي في أمورنا والمسلمين. الحمدلله رب العالمين الذى بنعمته تتم الصالحات...المعقبات بعد الصلوات الخمس ...استغفر الله العظيم الذي لااله الا هو الحي القيوم وأتوب اليه ونسأله التوبةوالمغفرة...اللهم صل وسلم على سيدنا محمدوعلى آله وصحبه وسلم عليه(03 مرات)ثم تقرأ آية الكرسي ... ثم تذكر سبحان الله ( 33 مرة)والحمد لله( 33 مرة ) والله أكبر (33 مرة)...لااله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ...اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم(09 مرات*** وفي العاشرة تقول اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وبارك وصل وسلم على جميع الا نبياء والمرسلين وارضى عن الصحابة أجمعين وعن التابعين والشهداء والصالحين والحمد لله رب العالمين.)ثم تختم بقراءة سورة الفاتحة *** -الميثاق اليومي - *** بعد صلاة الصبح والعصر...أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..... بسم الله الرحمن الرحيم...قراءة الفاتحة وسورة الاخلاص 03مرات وسورة الفلق وسورة الناس ...الصلاةوالسلام عليك يانبي الله...الصلاةوالسلام عليك يارسول الله...الصلاة والسلام عليك ياخير خلق الله...اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ...فأعلم أنه لااله الا الله ...ثم تذكر...لااله الاالله(300مرة-100بالمدالطويل100بالمد المتوسط100بالمدالسريع)...الله(66 مرة)...ثم تقول ...أشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله 03مرات وفي تمام الثالثة تقول إلها واحدا وربا شاهدا ونحن له مسلمون... بعد صلاة الصبح والعصر ثم تقرأ الدعاء...ثبتنا يارب بقولها... وانفعنا يارب بفضلها ...واجعلنا من اخيار اهلها، ...يامن لا مثل له... في الذات والصفاة...إغفر لنا ما مضي... وأصلح لنا ما ياتي،...بجاه محمد... صاحب الشفاعة ...يامن له هذا الملك ...وله الملك الباقي ،...لاتجعل فينا محروما... يارب ولا شقي...بجاه محمد... السابق اللاحق ...مولانا مولانا... يا سامع دعانا ...بجاه محمد ...لاتـقطـع رجـا نــا...رب أحينا سعداء...وأمتنا شهداء ،...ولا تخالف بنا... عن طريقة الهدى... بفظلك يالله... والنبيء محمدا...آمين آمين آمين يارب العالمين(03 مرات)......ثم تقرأ- دعاء غنية الفقير - للشيخ سيدي عبد الحفيظ بن محمد بن أحمد الخنقي رضي الله عنه ...الصلاةوالسلام عليك يانبي الله...الصلاة والسلام عليك يارسول الله...الصلاة والسلام عليك ياخير خلق الله... ثم الصلاة الكاملة...اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صـلاة أهل السموات والارضين عليه إجري يارب لطفك الخفي في أمورنا والمسلمين ( 03 مرات ) ثم تختم بقراءة الفاتحة*** نبغي للشخص ان يصلى على سيدنا محمد ﷺ عقب الصلوات الخمس وفي سائر الاوقات ان اراد الفتح والقربات لرؤيته عليه الصلا ة والسلا م من 1000 فمافوق وأن تكون بأكمل الحالات، متطهرا متوضئا مستقبل القبلة، متفكرا في ذاته السنية، لأجل بلوغ النوال والأمنية، وأن يرتل الحروف، وأن لا يعجل في الكلمات، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: إذا صليتم علي فأحسنوا الصلاة علي، فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض علي.***وفي الطريق الرحمانية *** تقرأ كتاب دلائل الخيرات ومن صلاة عصر يوم الخميس تكثر من الصلا ة على سيدنا محمد ﷺ( اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه)الى غاية عصر يوم الجمعة*** صلاة الأمية - 80 مرة - *** بسم الله الرحمن الرحيم "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)" سورة الاحزاب... الصلاة والسلام عليك يانبي الله... الصلاة والسلام عليك يا رسول الله... الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله... اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما وتصلي على سيدنا محمد 80مرة - صلاة الامية - ... اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم... وعند تمام 80 تقول ...اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماوصل وسلم وبارك على جميع الا نبياء والمرسلين وارضى عن الصحابة اجمعين وعن التابعين والشهداء والصالحين والحمد لله رب العالمين *** اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين سيدنا محمد عبدك ورسولك، إمام الخير وقائد الخير، ورسول الرحمة.اللهم ابعثه المقام المحمود الذي يغبطه فيه الأولون والآخرون. "سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)" سورة الصافات..... ***دعاء غنية الفقير للشيخ سيدي عبد الحفيظ بن محمد بن أحمد الخنقي رضي الله عنه***
*** أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ***بسم الله الرحمن الرحيم***"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)" سورة الاحزاب الصلاة والسلام عليك يانبي الله الصلاة والسلام عليك يا رسول الله الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة أهل السموات والأرضين عليه إجري يارب لطفك الخفي في أمورنا والمسلمين. الحمدلله رب العالمين الذى بنعمته تتم الصالحات... دعاء غنية الفقير للشيخ سيدي عبد الحـفـيـظ بن محمـد بن احمـــد الخنقي رضـي الله عـنـه ***** بإسمك يا الله رب ابتديـــت *** عـلى النبي محـمـد صلـيــــت*** ثم السـلام مستمرا دائمـــــــــا *** على الحبيب المصطفى مـعظــــمــــا*** الله يارحــــمان يــــــا رؤوف *** ألطـف بعبدك المسئ الـضعـيـف*** وجد عليه ثـــــم تب تكرمــا *** وأرحمه إنــــــك رحـــــيم الرحـمــــا*** يــاربنا ياسامــــــع الأصـوات *** أسبل علينا الستـر فيمـــا يـأتـي*** وأحجب علينا صولة الظـلام *** وأكفنا شر الحــــــــاسد المـــثـــــام*** وأجعل مكائدهم في نحورهـم *** وأكفنا يامولانا مــن شـــــرورهـم*** وأدخلنا فـــي حصنك المنـيع *** وأكـنـفـنا بكـنـفـك المــــــريـــــــــع*** اللـه يا اللـه يـا مـــجـيـــــب *** أجب دعاء المظطر يـــــا قـريـــب*** وأحـفـظ صدورنـا من الخـنـاس*** و ولــــــــي أمرنا على الأنفــاس*** ولا تكلنا قــط لأ نفوســــنـــــا *** طرفــــــــــة عين أو أقل مــولانــا*** لأننا نحن عبيد ضعـــــفـــــــاء *** وأنت ارحــم الـــــراحمين رؤوفـــــا*** ياربنا يـا واسـع الغـفــــــــــران *** أنت الـــــــــكريم مالك الإحسـان*** أعل بنا على أمــــــرالمعـــا نــــد *** مــــــــــن هو لإخواننــا ذوحســد*** ولا تولي أمــــــــــــره عليـــنــــا *** بـــــــــل رده عليه لا إليــــــــــنــــا*** ياحي يا قيوم يا جبــــــــــــار *** أقهــــــــر أعداء نـا أيـا قــــهــــــار*** وأجعل عنادهم عليهم حـــسرة *** وزد نـــــا به في الإيــمان قــــــــوة*** وول أمــرهم عليهم ندمـــــــــا *** حـتى يكـــــــاد يـبرز لهم عـــــمـــا*** وأسجن شيطــــانهم ولا تــولــه *** على الإخوان وأكفنا من غـلـه*** وأقهر علينا كــل جبار عـــنيد *** مهمـــــا أراد نـــــــا بـشــــر قـيــــد*** ثقف لسانـــــه عند المقـــــال *** وكــــف يــــــده عند التعــــــــا لي*** يــا بر يــــا رحـيم يـــا وهـــاب *** هب لعـبيدك دعـــــــاء يـجـــــاب*** وهب لــــنا علما وحكمة مـــــعـــا *** يكن لـنا في الحال معا مـســرعـــــا*** ولا تحجب علينا سـر الحـكـــــم *** وأجعـله صـحـــوا لأبصـــارنــا يــم*** وأفجي سحاب مشـكـــلات بصــري*** حتى نشاهد شمــــوس حـاضـــري*** وأعـطنـــــــا مــــن فضلك العميم *** وأسقنا من سرك الـــــــــعـظـــــيم*** الله يــــــا فـــــتاح يــــــــا رزاق *** أرزق عبيدك رزقـا يســـــــاق*** وأفتح لــــه في الرزق ما يشـــــاء *** رزق الأشـباح عـنده ســـــــــواء*** مدارنا عـــــــــلى رزق الأرواح *** به الـتـنـعـم والعــيـش الصــــــاحـــي*** يا فوز مـــــــــن عاش به تمتعــــا *** دام سروره في الــــداريـــن مـــعـــــا*** يارب بالمختــــــــــار سيد البشر *** أدم حضورنا معك يـــــاقـــــديـــر*** وألزم وقوفنا ببــــــــــابك العــلي *** ولا تخـيب الرجــــــاء يا أزلــــــــي*** وأكتبنا في جمـــــلة أوليـــــــائــــك *** الداخـلـيـن تحت كـبـريــــــائـــــك*** بالإسم الأرفع المرفع الـــمجــــيـــــر *** أصلح أمورنا ياعالــم يا خــبـــيـــــر*** ياربنا يــــا ربنا أنت الكـــــــــريـــم *** أعـف علينا يا جواد ياحـليــــــــم*** وأسبل علينا ســــــترك المجـــملا *** ولا ترد كـفي صفـــــــرا مـحــــولا*** وأغفر لـــــنا وأرحمنا يا تــــواب *** نحن و الحاضرين و الغــيـــــابــــــوا*** وأمـــــنـــن بمغفرتك للمسلمــــين *** واغفر يا رب هـفوات الوالديــــــن*** وأقبل تنصل نــــاظــــم الأبيــــات *** عـبيدك المــــقـر بالســــيئـــــــــــات*** أوصيكم إخـــــــواننا عــــليكــــم *** بحفظ هذا النظـــــم به تسـلــمـــــوا*** ومـــــــــن قرأه صباحا ومسـايا *** أمـن من كــــــل داء وبلايــــــــــــا*** سـميـتــــه بغــنـيــــة الـــفــــقــيـــر *** ومن تـــــلاه لا يخشى من فـــــقــــر*** قائله عبد الحـفـيـظ المـذنـب *** ابــــــــــــــــن محمد لله أيــــــــب*** ختمت النظم بالصلاة والســـلام*** على الحبيب المصطفى خيرالأنــــام*** وآله وصحبه والتـابــــعــيـــــن*** مارنت الاطـيــــار بالتـــــلاحــيـــــن*** الصلاة والسلام عليك يانبي الله ***الصلاة والسلا م عليك يا رسول الله*** الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله ***اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا مـــــحــــمد وعلى آله وصــحـــــبه صلاة أهل السموات والأرضـيـن عليه ،إجـــري يارب لطـــفك الخـــفي فى أمـورنـا والمسلميـــن.(03 مرات)***دعـاء انـس الصــد يـق للشيـخ سيدي مـحمـدالمـكـي بـن الصـديــق الخنقي رضي الله عنه بــــاسم الإلــه عـــظــيــم الجـــلا ل*** نـحمـده جـــل فـي كـل حــــــال*** ثــم الصــلاة بــعـدو والســــــــــلام *** عـلى نـبي بــعثــه خـــتـــــــام*** محـمـد وصـحبـه الأخـــيــــــــــــــار *** وأصـــفيـــاء امــة المــخــــتـار*** فــجد علــيـنا وأغـــفر الذنـــــــــوب *** وكــن إليــنا واســتـر العــيـوب*** وألطـف بنا في مجـال الأقـــــــــدار *** واحـفــظ قلـوبـنـا من الأغـيـــار*** وأســلـــك بنا طريـقة الـــرشـــــاد *** أنـت الكريم مجـيـب المـنــــادي*** واســبـل عليـنا رداء الأسـتـــــــــا ر *** وعــافــنا مـن سبـل الأوعــــار*** وأجـعـل مألـنـا الـى رضـــــــــــــاك *** حــل بـيـنــناوبـيـن مـا ســواك*** وهــب لنــامــواهــب الـتـقـــــريب *** وأدخـلـنـا في كنف الـتــغـيـيـب*** واشهدنــا من جمـال الجـمــــــــال *** وحـلــنا بــحـلـل الـــكـــمـــــــال*** يا بـــر يافــتــاح يا مــنـــــــــــــــان *** ويــا عظــيـــم الجـود ياحــنـــان*** انـت الـرؤوف الـرحيم الرحمــــــان *** الـمؤمـن المهيـمـن الـديـــــــان*** ذو الطـول ولاحـسان والانـعـــــام * ** والفــضـل والـمـنـة والاكــــــرام*** افـتـح لنا خـزائـــن الــــعــلـــــوم *** ونــافـــع الإلهام والفــــــــــهوم*** ورقـــنا فـي درج الأحـبـــــــــــاب *** واســقــنا مـن خـالص الشـراب*** وأمنـن علـيـناواجـب الوجـــــــود *** بكشـف حــجـب بـصــر الشــهود*** وأغـنـنا عـن السـوى يا أحـــــــــد *** و عـــافـنا مـن البـــلا يــــا صــمد*** وأردد شــــــــرور جـمـيع الحسـاد *** عليهم وأهــدهم يا هـــــــــــــاد*** نعـم المولى أنت نعم النصيـــــــر *** مطــلـــع على الخفا بصــــــــير*** دعـونـاك بـحـال الإضـطــــــــــرار *** أقــبـل علـينــا جــد بالإنــتـصــار*** على الشيطان وهـوى النفـــوس *** وقـدسنــا باســمـــك القـــدوس*** أنت العــزيز الجـبــار الكبـيـــــــر *** ذو قـــوة وسلـــطـان قـــــديـــر*** أقــهـرعليـنا جمـيـع الأعــــــــداء *** وقـــــنا عـــقـــوبـة الإيــــــــذاء*** الله يـــا رحـــــمـــان يــــــاودود *** رحـــمـاك ربـنـا وعـــد مـوعــــود*** أدخل قلوبنا شمس الهدايــــــة *** وحـــلـل بـنـا دائــرة الولايــــــــة*** ومثـواناإجـعـل حضـرة الجــــليـل *** غـــــــد ونـا بــها وبالأ صيـــــــــل*** أشـرح صـدورنـا بالوحــــدانيـــة *** وجـمـلـنا بـالأخــــــلاق السنـــية*** وأسـلـك بنا في لجـج التوحـيــد *** ونجـنـا مـن شــــرك التـقــيــيـــد*** حتى نغيب عن سواك والأثـــــــر *** ونستــريـح مـما غـــاب وحـضــــر*** يا ربـــنـا ياصــادق المــيـعــــــاد *** ياحــاضرا مســتــمــع المنـــادي*** إختم لنا بسابـق العــــــنايــــــة *** وأحــطــط عـنا تــبـعـة الجـنـايــة*** وأغفر ذنــوب جـمـيـع الابـــــــــاء *** والمسلمــيـــن بخـــيــر الـــــوراء*** قائـلـه مسـتـغـفـرا حـــــقـيــــرا *** إغــفـر لـه يـا عـالـمـا خــــبــيـــرا*** محمد المكي نــجــــل الصـديـــق *** وتابـعــوه مــن أهــدى فـريــــق*** وصـل يــارب على الرســـــــــــول *** مـحـمــد وصـحـبـه العــــــــدول*** وآلــه وســـــــلــمــن جـمـيـــــعا *** علــيهـــم وزدهــــم تـــرفـــيــعـا*** ( طبع بالمطبعة الرسمية التونسية في ربيع الانور عام 1314 هـ) (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ر ب العالمين)
***اهمية الذكر ومقام الاحسان***
***أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ***بسم الله الرحمن الرحيم*** اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة أهل السموات والأرضين عليه ،إجري يارب لطفك الخفي في أمورنا والمسلمين *** الصلاة والسلام عليك يانبي الله*** الصلاة والسلام عليك يا رسول الله*** ***الصلاة والسلام عليك يا رحمة للعالمين***الصلاة والسلام عليك يا شفيع المؤمنين***الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله*** اللهم انصر الاسلام والمسلمين في كل مكان ووفقنا لما تحبه وترضاه من صالح القول والعمل واجعلنا ممن يقول خيراأو ليصمت مخلصين لك الدين والحمد لله رب العالمين***السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ***اهلا وسهلا بالإخوان في مدونة الاحسان خنقة سيدي ناجي *** فضل المداومه على الأذكار*** بسم الله الرحمن الرحيم*** الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه*** *** ذِكر الله من أجلِّ العبادات وأحبّها إلى الله سبحانه وتعالى، فلم يزل يأمر بها عباده ويحثُّهم عليها تزكيةً لنفوسهم وتقويةً لإيمانهم وزيادةً في يقينهم، فإنَّ المُلازم لذِكر الله في كافة أحواله، لا تراه إلاَّ سبَّاقًا إلى طاعة الله، وقَّافًا عند حدوده، قائمًا بأمره، توَّاقًا إلى لقائه، مُدبِرًا عن الدنيا، مُقبِلاً على الآخرة. وقد علَّق الله جلَّ وعلا فلاح المؤمنين بإقامتهم لذكر الله، فقال تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( [الجمعة:10]. وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا( [الأحزاب: 41] ولقد نهى الله جلَّ وعلا عن الغفلة عن ذكره، فقال تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ( [الأعراف: 205] لأنَّ الغفلة عن ذكر الله تُمكِّن الشيطان من إحداث الوساوس والخواطر، وتُضعِف إيمان المرء وتجعله أسير الشهوة والنفس الأمَّارة بالسوء ومغريات الدنيا الفانية؛ فلا تراه إلاَّ متثاقلاً عن أداء الفرائض، سبَّاقًا إلى الشبهات وانتهاك الحرمات، وتلك علامة الموت والغفلة. فعن أبي موسى عن النبي قال: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت» . وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله : «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان عليهم حسرة». فذِكر الله حياة القلوب وبهجة النفوس، وشفاءٌ للصدور والأرواح، وقوَّةٌ في الأبدان، ونور في الوجه والعقل والبصر، لذلك قال تعالى: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ( [العنكبوت: 45]. وعن عبد الله بن بسر أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، إنَّ أبواب الخير كثيرة ولا أستطيع القيام بكلِّها، فأخبرني بما شئت أتشبَّث به، ولا تُكثر علي فأنسى. قال: «لا يزال لسانك رطبًا بذِكر الله تعالى».*** وللذِّكر فضائل وفوائد لا عدَّ لها ولا حصر، ويكفي أنه من أجلِّ العبادات وأحبّها إلى الله، ومن أسهل الطرُق وأيسرها وأقربها إلى رضوانه وجنته. فلو تأمَّلت أخي الكريم في بعض الأذكار المأثورة، وعاينت كلماتها لوجدتها سهلة على اللسان لا تحتاج إلى كبير جهدٍ أو عناء، ثم لو طالعت ما أعدَّ الله جلَّ وعلا للمُشتغلين بها من عباده لعلمت أنَّ ذكر الله من أجلِّ العبادات وأصلحها لشئون الدنيا والآخرة. وفيما يلي أعرض عليك أخي الكريم هذاالحديث الشريف : فعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : «لقيت ليلة أُسرِي بي إبراهيم الخليل عليه السلام، فقال: يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أنَّ الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر». فمن منا يعجز عن قول: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر»؛ إنها جملة سهلة المبنى بيَّنة المعنى، يقولها الضعيف والقوي والصحيح والسقيم، ومع هذا فإنَّ أجرها عند الله عظيم؛ فهي غراس الجنة .. وما أدراك ما غراس الجنة؟ فشجرة من أشجار الجنة يسير فيها الراكب مائة عام ما يقطعها! فالعاجز، من حرم نفسه هذا الأجر وزهد في غراسٍ دائم باق، واشتغل بغراس الدنيا الزائف ***قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من قال بعد صلاة الصبح أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك إلهاً واحداً صمداً.. لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ولم يكن له كفواً أحد .. كتب الله له أربعين ألف حسنة ) حديث حسن ذكره ابن السني في عمل اليوم والليله رقم 162 ***علم التصوف علم ليس يعرفه *** الا اخو فطنة بالحق معروف وليس يعرفه من ليس يشهده *** وكيف يشهد ضوء الشمس مكفوف ***ليس التصوف لبس الصوف ترقيعه*** ولابــكاؤك إذاغنى المغنونا*** ولاصـياح ولا رقـص ولا طرب** **ولاإختباط كأن صرت مجنونا** بل التصوف أن تصــفو بلا كدر*** وتتبع الحق والقــرآن والدينا*** وأن تـرى نادماعلى ذنوبك*** طـــــــول الدهر محــــــزونا*** إذا لم يكن للنفس شيخ له هدى*** يؤدبهابالروح زاغت عن السـير*** يا من تروم ســعادةأبدية** والفوز بالمرغوب والرضوان*** فاسلك سبيل الذاكرين ولذ بهم*** فســبيلهم فيه رضاالرحمن*** واتبع طريقتهم فإن عمادها *** فقه وتوحيدمع الإحســـان ومقام الاولياء عظيم لمن يعرف قدرة******* إلزم الأولياء صدقا وسلم*** لحالهم واعتقد كمال الصفاء*** واستقم عاشقا إن رمت وصلا*** بحماهم في شدة أو رخاء**** وتمتع بحبهم وافنى فيه*** هم أجل الصحاب والرفقاء*** هم ملوك الحمى أسود البرايا*** أهل حلم ونجدة ووفاء****** قال الشيخ الجليل ولي الله أبو سالم سيدي إبراهيم التازي***** دفين وهران رضي الله عنه***** زيارة أرباب التقى مرهم يبري **** و مفتاح أبواب الهداية و الخــيــــــــر*** و تحدث في القلب الخلــي إرادة *** و تشرح صدرا ضاق من سعة الـــوزرى*** و تنصر مظلوما و ترفع خاملا ***** و تكسب معدوما و تجبر ذا كســـــــــرى*** وتبسط مقبوضا و تضحك باكيا ***** و ترفع بالبر الجزيــل و بالأجـــرى*** عليك بها فالقوم باحوا بسـرها **** وأوصوا بها يا صاح في السر والجهرى*** فكم خلصت من لجة الإثم فاتكا***** فألقته فـي بحر الإنابة و الســرى*** و كم مــن بعيد قربته بجذبة**** ففاجأه الفتح المبين مــن البــرى*** و كم من مريد ظفرته بمرشد ******* حكيم خبير بالبلاء و مـــا يـبــري*** فألقت عليه حلة يمنية مطـرزة ********** باليمن و الفتـــح و النصــرى *** فزر و تأدب بعد تصحيح توبة ***** تأدب مملوك مع الملـــك الحــــرى*** ولا فرق في أحكامها بين سالك *** مرب ومجــذوب و حـــي و ذي قـبـرى*** و ذي الزهد والعباد فالكل منعم*** عليه و لكن ليست الشمس كالبدرى*** اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة أهل السموات والأرضين عليه ،إجري يارب لطفك الخفي في أمورنا والمسلمين *** الصلاة والسلام عليك يانبي الله*** الصلاة والسلام عليك يا رسول الله*** ***الصلاة والسلام عليك يا رحمة للعالمين***الصلاة والسلام عليك يا شفيع المؤمنين***الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله*** *صلاة الذاتية لسيدي إبراهيم القرشي الدسوقي رضي الله عنه وأرضاه*** اللهم صلى على الذات المحمدية اللطيفة الاحدية شمس سماء الأسرار ومظهر الأنوار ،ومركز مدار الجلال ، وقطب فلك الجمال ، اللهم بسره لديك وبسيره إليك امن خوفي واقل عثرتي واذهب حزني وحرصي وكن لي وخذني إليك منى وارزقني الفناء عنى ولا تجعلني مفتونا بنفسي محجوبا بحسي واكشف لي عن كل سر مكتوم ياحى ياقيوم. ***والحمد لله رب العالمين***

السبت، 13 فبراير 2010

رسالة ادب سلوك المريد

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة
آداب سلوك المريد

للإمام شيخ الإسلام قطب الدعوة والإرشاد
الحبيـب عبدالله بن علوي الحداد الحضرمي الشافعي
رحمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

الحمدُ لله الذي يـَقـِذفُ إذا شاء في قلوب المُريدين لـَوْعَة الإرادة، فيُزعِـجُهُم إلى سُلوك سَبيل السّعادة، التي هي الإيمانُ والعِبادة، وَمَحْوُ كلّ رَسمٍ وعَادة، و صلَّى الله و سلـَّم على سيـِّدنا مُحمَّدٍ سَيِّد أهلِ السِّيادة، وعلى آله و صحبهِ الـسَّادة الـقـَادة، أمّا بعدُ:
فـَقد قال تعالى وهُو أصدقُ القائلين (مَنْ كـَانَ يـُرِيدُ العَاجـِلـَة عـَجـَّـلْـنا لـَهُ فِيها ما نـَشاءُ لـِمَنْ نـُريدُ ثـُمَّ جـَعـَلـْنا لـَهُ جَهنـَّمَ يـَصْلاها مـَذمُوماً مَدْحوراً وَمَنْ أرادَ الآخِرَةَ وَسَعى لـَها سَعيَها وَهُوَ مُؤمنٌ فـَأولئكَ كانَ سَعْيُهُم مَشْكوراً).
والعاجِلة هي الدنيا، فإذا كانَ المُريدُ لها فضلاً عن السّاعي لِطلبها مَصيرُهُ إلى النار مَعَ الـَّلوم و الصّغار، فما أجدَرَ العاقِلَ بالإعراضِ عنها، والاِحتراسِ مِنها، و الآخرةُ هي الجنة. ولا يَكفي في حُصُولِ الفـوزِ بها الإرادَة فقط بَل هي معَ الإيمان والعَملِ الصّالح المُشار إليه بِقوله تعالى (وَسَعى لـَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤمِنٌ)، والـسَّعي المَشكور هو العملُ المَقبول المُستوجِبُ صاحبُه المدحَ و الثـناء و الثّواب العظيم الذي لا ينقـَضي ولا يفنى بـِفضل الله ورَحمته، و الخاسِرُ مِن كلِّ وجهٍ مِن المُريدين للدنيا الذي يتحقـَّقُ في حقـِّه الوعيدُ المَذكور في الآية هو الذّي يُريد الدنيا إرادةً ينسى في جَنبـِها الآخرة فلا يـُؤمن بها، أو يـُؤمن و لا يعملُ لها. فالأوَّل كافرٌ خالدٌ في النار، و الثاني فاسقٌ موسومٌ بِالخَسار.
وقال رسُولِ الله صلّى الله عليه وسلـّم "إنـّما الأعمالُ بـِالنـِّياتِ وإنـِّما لِكُلِّ اِمرِئٍ ما نـَوى فـَمَن كانـَت هِجرَتـُهُ إلى الله ورَسُولِه فـَهجرتـُه إلى الله ورَسولِه وَمَن كانت هِجرَتـُه إلى دُنيا يـُصيبُها أو امرأةٍ يـَنكِحُها فـَهجرتـَه إلى ما هاجَرَ إليه".
أَخبَر صلّى الله عليه و سلَّم أنـَّه لا عملَ إلا عن نـيّة، وأنَّ الإنسان بحسبِ ما نوى يـُثاب ويـُجزى إن خيراً فخير، وإن شرّاً فـشر، فمن حسنت نيّـتهُ حسن عمله لا محالة، ومن خَبُثت نِـيّته خَـبُثَ عمله لا محالة، وإن كان في الصورة طـيّباً كالذي يعمل الصّالحات تصنـّعاً للمخلوقين.
وأخبرَ عليه الصَّلاة والسلام أنّ من عمل لله على وِفقِ المُتابعة لِرسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم كان ثوابُه على الله وكان مُنـقلـبه إِلى رِضوانِ الله وَجنّته، في جِوارِ الله وخيرته، وأنَّ مَن قَصدَ غير الله وعمل لِغيرِ الله كان ثوابُه وجزاؤُه عند من تصنَّعَ له و راءى له مِمَّـن لا يملك له ولا لِنفسه ضرّاً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نـُشوراً.
وخَصَّ الهِجرةَ عليه الصّلاةُ والسَّلام مِن بينِ سَائِرِ الأَعمال تَنبِيهاً على الكُلِّ بِالبعضِ لأنَّ مِن المعلومِ عند أُولي الأَفهام أنَّ الإِخبارَ ليسَ خاصّاً بالهجرَةِ بل هو عامٌّ في جميعِ شرائِعِ الإِسلام.
ثمّ أًقولُ : اِعلَم أَيـُّها الـمُريدُ الطالِبُ، والمتوجه الرَّاغبُ أنـَّك حين سأَلتَـني أَن أَبْعثَ إِليكَ بِشيءٍ مِنَ الكلامِ المنسوبِ إليَّ لم يـَحضُرني منه ما أَراهُ مُناسباً لما أنتَ بِسبيلهِ. وَقَد رأيْتُ أَنْ أُقَيـِّدَ فُصُولاً وَجِيزةً تَشتملُ على شيءٍ مِن آدابِ الإِرادةِ بِعبارةٍ سَلِسةٍ، والله أسألُ أن ينـفعني و إيَّـاك وسائِر الإِخوانِ بما يُوردُهُ عليَّ مِنْ ذَلِك ويُوصِلُهُ إِليَّ مِمَّا هُنالِك، فهو حَسبي ونِعمَ الوَكيلُ.

فـصـلٌ

اِعلم أنّ أوّل الطريق باعثٌ قويّ يُقذف في قلب العبد يُزعجه ويُقلقه ويـَحثّه على الإقبال على الله والدّارِ الآخرة، وعلى الإعراض عن الدُّنيا وعمّا الـخَلْـقُ مشغولون به مِن عَمارَتِـها وجَمعِها والتَّـمَتُّع بشهواتِها والاغتِرارِ بِزخَارِفها.
وهذا الباعِثُ مِن جنود الله الباطِنة، وهو مِن نَفحاتِ العِناية وأعلامِ الهِدايَة، وكثيراً ما يُفتَح بهِ على العبْدِ عِند التَخْويف والتّرغيب والتّشويق، وعِند النّظَرِ إلى أهل الله تعالى والنّظَرِ منهم، وقد يقعُ بِدون سببٍ.
والتّعرُّضُ للنَّفحات مأمورٌ به ومُرغَّبٌ فيه والانتِظار والاِرتِقاب بدون التَّعرُّض ولزوم الباب حُمقٌ وغَباوةٌ. كيف و قد قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: "إنًّ لِرَبّكم في أيّام دهركُم نفحاتٍ ألاَ فتَعـرّضوا لها".
ومَن أكرَمه الله بهذا الباعِث الشَّريف فَليَعرِف قَدرَهُ المُنيف، وَلْيَعلَم أنـّهُ مِن أعظَم نِعَم الله تعَالى عليه التي لا يُقدّرُ قَدرُها ولا يُـبْلَغُ شُكرُها فَلْـيُبالِغ في شُكر الله تعالى على ما منَحه وأوْلاهُ، وخصّه به مِن بين أشكالِه وأقرانِه فَكم مِن مُسلمٍ بلَغَ عُمرُه ثمانين سنَةً وأكثر لم يجد هذا الباعِث ولم يطْرُقْهُ يوماً مِن الدّهر.
وعلى الـمُريد أن يجتهد في تَقْويَته وحِفظِه وإجابَته-أعني هذا الباعِث-فَتقوِيَته بالذّكر لله، والفِكر فيما عِند الله، والمُجالسة لأهل الله، وحِفظِه بالبُعد عَن مُجالسة المحجوبين والإعراضِ عَن وَسوَسة الشياطين، وإجابَتهِ بأن يُبادر بالإنابة إلى الله تعالى، ويَصْدُقَ في الإقبالِ على الله، ولا يَتَوَانى ولا يُسوِّف ولا يَتَباطَأ ولا يُؤَخِّر وقد أمكنَتْه الفُرصةُ فلْيَنتهِزها، وفُتِح له الباب فلْيَدخُل، ودَعاه الدّاعي فليُسرع وَلْيحذَر مِن غدٍ بعد غدٍ فإنّ ذلك مِن عمَل الشّيطان، ولْيُقبل ولا يَتَثبّط ولا يتَعلَّل بِعَدم الفَراغ وعدم الصّلاحِيّة.
قال أبو الرّبيع رحِمه الله: سِيروا إلى الله عُرْجاً وَمَكَاسِير ولا تَنتَظروا الصِّحة فإنّ انتظار الصِّحة بَطالَةٌ. وقال ابنُ عطاءِ الله في الحِكم: إحالَتُك العَمَل على وُجود الفراغِ مِن رُعوناتِ النّفوس.

فـصـلٌ

وَأوَّلُ شيءٍ يَبْدَأ به المُريدُ في طريق الله تصحيحُ التَّوبة إلى الله تعالى مِن جميع الذنوب وإنْ كان عَليه شيءٌ مِن المَظالِم لأحدٍ مِن الخَلق فَليُبادر بِأدائها إلى أربابها إن أمكن وإلا فيَطلُب الإحلال منهم، فإنّ الذي تكون ذمّـته مُرتَهنة بِحقوق الخَلق لا يُمكنه السّيرُ إلى الحقّ.
وشَرط صِحّة التّوبة صِدق النّدم على الذنوب معَ صِحّة العَزم على تَرْك العَوْد إليها مُدّة العُمر، ومَن تابَ عَن شيءٍ مِن الذنوب وهو مُصرٌّ عليه أو عازمٌ على العَوْد إليه فلا توبة له.
وَليكُن المُريد على الدوام في غايةٍ مِن الاِعتراف بالتَقصير عن القيامِ بما يجبُ عليه مِن حقِّ ربِّه، ومتى حزِنَ على تقْصيره وانكَسر قَلبه مِن أجله فليَعـلم أنَّ الله عندَهُ إذ يقول سُبحانه: أنا عِندَ المُنكَسِرةِ قُلُوبهم مِن أجلي.
وعلى المُريد أن يَحتَرِز مِن أصغَر الذنوب فضلاً عن أكبرها أشدّ مِن اِحترازِهِ مِن تَناولِ السُّم القاتِل، ويكون خوفُه لو ارْتكبَ شيئاً منها أعظم من خَوفه لو أكلَ السُّم، وذلكَ لأنّ المعاصي تعمل في القلوب عمَل السُّم في الأجسام، والقلبُ أعزُّ على المُؤمن مِن جِسمه بل رأس مالِ المُريد حِفظُ قلبه وعمارَتهُ. والجِسمُ غرضٌ للآفاتِ وعمّا قريبٍ يُتلَفُ بِالموتِ، وليس في ذهابِه إلا مُفارقةُ الدُّنيا النَّـكِدة النَّـغِصة وأمّا القلبُ إن تلِف فقد تلِفت الآخِرة فإنه لا ينجو مِن سخطِ الله ويفوزُ بِرِضوانه وثَوابه إلا مَن أتى الله بقلبٍ سليمٍ.

فـصـلٌ

وعلى المُريد أن يَجتهِد في حفظِ قَلبه مِن الوَساوِس والآفات والخواطِر الرَّدِيَّة، وليُـقِم على بابِ قَلبه حاجِباً مِن المُراقبة يمنعُها مِن الدخولِ إليه فإنها إن دَخَلته أفسَدتهُ، ويَعـسُر بعد ذلك إخراجها مِنه.
وَليُبالِغ في تـَنقِية قَلبه الذي هو مَوضِعُ نَظَر ربِّه مِن المَيل إلى شَـهوات الدنيا، ومِن الحِقد والغِلِّ والغِشِّ لأحدٍ مِن المسلمين، ومِن الظـّـنّ السوء بأحدٍ منهم، وليكُن ناصحاً لهم رحيماً بهم مُشفقاً عليهم، مُعتقداً الخيرَ فيهم، يُحبُّ لهم ما يُحبُّ لنفسه مِن الخير، ويكرهُ لهم ما يكرهُ لِنفسه من الشر.
وَلتـَعْلم أيُّـها المُريد أنّ لِلقلبِ مَعاصي هِيَ أفحشُ وأقبحُ وأخبثُ مِن معَاصي الجوارِح ولا يَصلُح القلب لِنـزول معرفـَة الله ومحبـَّـته تعالى إلا بعد التـّخلي عنها و التـّخلُّص منها.
فمِن أفحشِها الكِبر و الرّياء والحسد. فالكِبر يدُ لُّ مِن صاحِبِه على غايةِ الحماقَة، ونهاية الجهالة والغباوةِ، وكيف يليقُ التكـَبُّر مِـمّن يعلم أنـّه مخلوقٌ مِن نُطفةٍ مَذِرةٍ وعلى القـُرب يصِير جِيفةً قذِرةً. وإن كان عِنده شيءٌ مِن الفضَائـِل والمحاسِن فذلك مِن فـَضل الله وصُنعه، ليس له فيه قـُدرةٌ ولا في تحصـيله حَولٌ ولا قوةٌ، أوَلا يخشى إذا تكبـّر على عبادِ الله بما آتاه الله مِن فـَضله أن يَسلُبـَه ما أعطاهُ بـِسوء أدبـِه ومُنازعتِه لِربـِّه في وَصفِه؟ لأن الكـِبر مِن صِفات الله الجـبّار المـُتَـكبّر.
وأمـّا الرِّياء فيَدُل على خُـلُوِّ قلبِ المـُرائي مِن عظمةِ الله وإجلاله لأنـّه يتصَنَّع و يتـزيَّـن للمخلوقين ولا يقنع بـِعلمِ الله ربِّ العالمين. ومَن عمـِل الصَّالِحات وأحبَّ أن يعرِفه النـّاس بذلك لِيـُعـظِّموه ويصطنِعوا إليه المعروف فهو مُراءٍ جاهـِلٌ راغـِبٌ في الدنيا، لأن الزّاهد مَن لو أقبَـل النـّاس عليه بِالتعظيم وبَذْلِ الأموالِ لكان يُعرض عن ذلك ويَكرهـُه، وهذا يطلـُبَ الدُّنيا بـِعملِ الآخـِرة فمن أجهلُ مِنهُ؟ وإذا لم يَقدِرْ على الزُّهدِ في الدُّنيا فَيَنبـغي لـَهُ أَن يَطلـُبَ الدُّنيا مِن المالِك لها، وهُوَ الله فإنَّ قـُلوبَ الخـَلائـِق بـِيَدهِ يـُقبـِلُ بها على مَن أقبلَ عليهِ و يـُسخـِّرها لهُ فِيما يشاءُ.
و أَمَّا الحَسَدُ فَهُوَ مُعاداةٌ للهِ ظاهِرةٌ، ومُنازعَةٌ له في مُلكِهِ بيِّنةٌ لأنـَّهُ سُبحانهُ إذا أَنعمَ على بعضِ عِبادِهِ بِنِعمةٍ فلا شكَّ أنـَّهُ مُريدٌ لِذلكَ ومُختارٌ لهُ إذْ لا مُكرِهَ لهُ تعالى، فإذا أرادَ العبْدُ خِلافَ ما أرادَ مَوْلاهُ فقد أساءَ الأدَبَ، واسْتَوجبَ العَطبَ.
ثُمَّ إنَّ الحسَدَ قد يَكونُ على أمُورِ الدُّنيا كالجاهِ والمالِ، وهيَ أصغَرُ مِن أن يُحسدَ عليها بَل ينبغي لكَ أن تَرحمَ مَن اِبتُلِيَ بِها وتَحمَدَ اللهَ الذي عافاكَ مِنها، وقَد يكونُ على أمورِ الآخرةِ كالعِلمِ والصَّلاحِ.
وقَبيحٌ بِالمُريدِ أن يَحسدَ مَن وافَقَـهُ على طَريقِهِ، وعَاونَهُ على أمرِهِ، بل ينبَغي لهُ أن يَفرحَ بهِ لأنَّـهُ صارَ عَوْناً له وجِنساً يتقَوَّى بِهِ، والمؤمِنُ كثيرٌ بِأخيهِ، بل الذي يَنبغي لِلمُريدِ أن يُحِبَّ بِباطِنهِ ويَجتهِدَ بِظاهِرهِ في جَمْعِ النَّاسِ على طريقِ الله والاِشتِغالِ بِطاعتِه ولا يُبالي أَفضلوهُ أم فَضَلهُم فإنَّ ذلِكَ رِزقٌ مِنَ الله وهُو سُبحانَهُ وتَعالى يَختصُّ بِرحمتِهِ مَن يَشاءُ.
وفي القَلبِ أخلاقٌ كثيرةٌ مذمومةٌ، لم نذكُرها حِرصاً على الإيجازِ، وقد نـبَّهنا على أمّهاتِها، وأمُّ الجميعِ وأصلها ومَغرِسُها حُبُّ الدُّنيا فَحُبُّها رأسُ كُلِّ خطيئةٍ كما وَرَد، وإذا سَلِم القلبُ مِنهُ فقد صَلحَ وصفا، وتَنوَّر وطابَ، وتأهَّلَ لِوارِداتِ الأنوارِ وصَلُح لِلمُكاشفةِ بِالأسرارِ.

فـصـل

وعلى المُريد أن يَجتهِد في كَفِّ جَوارِحِهِ عنِ المَعاصي والآثامِ، ولا يُحرِّكَ شيئاً مِنها إلاّ في طاعةٍ، ولا يَعملُ بِها إلا شَيئاً يعودُ عليهِ نَفعُهُ في الآخِرةِ.
وَلْيُبالِغ في حِفظِ اللّسانِ فإنّ جِرمَهُ صَغيرٌ وَجُرمُهُ كبيرٌ، فَلْيكُفَّهُ عنِ الكذبِ والغيبةِ وسائرِ الكلامِ المحظورِ، وَلْيحتَرِز مِن الكلامِ الفاحِشِ، ومِنَ الخَوضِ فيما لا يعنيهِ، وإن لم يَكُن مُحَرَّماً فإنـّه يُقـسِّي القلبَ، ويكونُ فيهِ ضياعُ الوقتِ، بل يَنبغي لِلمُريدِ أن لا يُحرّكَ لِسانهُ إلاّ بِتلاوةٍ أو ذِكرٍ أو نُصحٍ لِمُسلمٍ أو أمرٍ بِمعروفٍ أو نهيٍ عن مُنكرٍ أو شيءٍ مِن حَاجاتِ دُنياهُ التي يَستعينُ بها على أُخراهُ، وقَد قالَ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ: "كُلّ كلامِ ابنِ آدَمَ عليهِ لا لهُ إلاّ ذِكرُ الله أوْ أمرٌ بمعروفٍ أو نهيٌ عن مُنكرٍ"
واعلم أنّ السّمع والبصَرَ بابانِ مَفتوحانِ إلى القلبِ يَصيرُ إليهِ كُلُّ ما يدخُلُ مِنهُما، وكم مِن شيءٍ يسمَعُهُ الإنسانُ أو يَراهُ مِمّا لا يَنبغي يَصِلُ مِنهُ أثرٌ إلى القلبِ تَعْسُرُ إزالتُهُ عنهُ فإنّ القلبَ سَريعُ التأثُّرِ بِكُلِّ ما يَرِدُ عليهِ، وإذا تأثّرَ بشيءٍ يَعسُرُ مَحوُهُ عنهُ، فَلْيكُنِ المُريدُ حريصاً على حِفظِ سمعِهِ وبصَرِهِ مُجتهداً في كفِّ جَميعِ جَوارِحِهِ عن الآثامِ والفَضولِ، وليحذَرْ من النَّظرِ بِعَينِ الاِستحسانِ إلى زَهرةِ الدُّنيا وزينَتها فإنّ ظاهِرَها فِتنةٌ، وباطِنَها عِبرَةٌ.
والعَينُ تَنظُرُ إلى ظاهِرِ فِتنَتِها والقلبُ يَنظُرُ إلى باطِنِ عِبرَتِها، وكم مِن مُريدٍ نَظرَ إلى شيءٍ مِن زَخارِفِ الدُّنيا فمَالَ بِقلبِهِ إلى مَحبَّتِها والسّعيِ في جَمعِها وعَمارَتِها، فيَنبغي لكَ أيُّها المُريدُ أن تَـغُـضَّ بَصرَكِ عَن جَميعِ الكائِناتِ ولا تنظُرَ إلى شيءٍ مِنها إلا على قصدِ الاِعتبارِ، ومعناهُ أن تذكُرَ عِندَ النّظَرِ إليها أنـَّها تَفنى وتَذهبُ وأنها قد كانَت مِن قَبلُ مَعدومةً، وأنـَّهُ كَم نَظَر إليها أحدٌ مِنَ الآدميِّينَ فذهَبَ وبَقِيَت هِيَ، وكَم تَوارَثها خَلفٌ عن سَلفٍ.
وإذا نظَرْتَ إلى الموجوداتِ فانظُر إليها نَظَر المُستدِلِّ بِها على كَمالِ قُدرةِ مُوجِدِها وبارِئِها سُبحانَهُ، فإنّ جميعَ الموجوداتِ تُنادِي بِلسانِ حالِها نِداءً يَسمعُهُ أهلُ القُلوبِ المُنَوَّرةِ، النّاظِرونَ بِنورِ اللهِ- أن لاَ إِله إلاّ اللهُ العزيزُ الحكيمُ.

فـصـلٌ

ويَنبغي لِلمُريد أَن لاَ يزَالَ على طهَارةٍ، وكُلَّما أحدثَ تَوضَّأ وصلَّى ركعَتين، وإن كانَ مُتَأهِّلاً وأتى أهلَهُ فليـُبادِر بِالاِغتِسالِ مِنَ الجَنابةِ في الوَقتِ، ولاَ يمكُث جُنُباً، وَيستَعينُ عَلى دَوامِ الطَّهارَةِ بِقِلَّةِ الأكلِ، فإنَّ الّذي يُكثِرُ الأكلَ يقَعُ لهُ الحَدثُ كثيراً فَتشُقُّ عليهِ المُداوَمةِ على الطَّهارةِ، وفي قِلَّةِ الأكلِ أيضاً مَعونَةٌ على السّهَرِ وهُو مِن آكَدِ وظائِف الإِرادةِ.
والّذي يَنبغي لِلمُريدِ أن لا يأكُلَ إلا عن فاقةٍ، ولاَ ينامَ إلا عن غَلبَةٍ، ولاَ يَتكلَّمَ إلا في حاجَةٍ، ولاَ يُخالِطَ أحداً مِنَ الخَلقِ إلا إن كانِت لهُ في مُخالَطتِهِ فائدةٌ، ومَن أكثَرَ الأكلَ قَسا قَلبُه، وثَقُلَتْ جَوارِحُهُ عَنِ العِبادةِ، وكَثْرةُ الأكلِ تَدعو إلى كَثرةِ النَومِ والكلامِ، والمُريدُ إذا كُثُرَ نَومُهُ وكَلامُهُ صارَت إرادَتهُ صورةً لاَ حَقيقةَ لها، وفي الحديثِ:
"ما مَلأَ ابنُ آدمَ وِعاءً شرّاً مِن بَطنِهِ، حَسبُ ابنِ آدمَ لُقيماتٌ يُقِمنَ صُلبَهُ فإن كانَ لاَ مَحالةَ فَـثُلثٌ لِطعامِه وثُلثٌ لِشَرابِه وثُلثٌ لِنَفَسِه".

فـصـلٌ

ويَنبغي لِلمُريد أَن يكونَ أَبعدَ النَّاسِ عنِ المَعاصي والمَحظوراتِ، وأَحفَظهُم لِلفَرائِضِ والمَأموراتِ، وأحرَصَهُم على القُرُباتِ، وأسرَعَهُم إلى الخَيراتِ، فإنّ المُريدَ لَم يَتَميَّزَ عن غَيرِهِ مِن النّاسِ إلا بالإقبالِ على الله وعلى طاعَتهِ، والتَّفرُّغِ عن كُلِّ ما يُشغِلُهُ عن عِبادَتِهِ.
ولِيكُن شَحيحاً على أنفاسِهِ، بَخيلاً بِأوقاتِهِ، لاَ يَصرِفُ مِنها قليلاً ولا كَثيراً، إلا فِيما يُقَرِّبهُ مِن ربّهِ، ويَعودَ عَليهِ بِالنَّفعِ في معَادِهِ.
ويَنبغي أن يكونَ لهُ وِرْدٌ مِن كُلِّ نوعٍ مِن العِباداتِ يُواظِبُ عليها، ولا يسمَح بِتَركِ شيءٍ مِنها في عُسرٍ ولاَ يُسرٍ، فَلْـيُكثِر مِن تِلاوةِ القُرآنِ العظيمِ مَع التَدبُّرِ لِمعانيهِ، والتَّرتيلِ لألفاظِه، وليكُن مُمتلِئاً بِعَظمةِ المُتكَلِّم عِند تِلاوةِ كَلامِه، ولاَ يَقرأُ كَما يَقرأُ الغافِلون الذينَ يَقرؤونَ القرآنَ بِألسِنةٍ فصيحةٍ وأصواتٍ عالِيَةٍ وقلوبٍ مِنَ الخُشوعِ والتَعظيمِ لله خاليةٍ، يَقرَؤونهُ كما أُنزِلَ مِن فاتِحتِه إلى خاتِمَتِه ولاَ يدرونَ مَعناهُ، ولاَ يعلَمونَ لأيِّ شيءٍ أُنزِلَ، ولَو عَلِموا لَعمَلوا، فإنّ العِلمَ ما نَفعَ، ومَن عَلِمَ وما عَمِلَ فَلَيسَ بينهُ وبَينَ الجاهِلِ فَرقٌ إلا مِن حيثُ إنّ حُجَّةَ الله عليهِ آكَدُ، فَعَلى هذا يَكونُ الجاهِلُ أَحسنُ حالاً منه، ولِذلِك قيلَ: كُلُّ عِلمٍ لاَ يَعودُ عَليكَ نَفعُهُ فَالجَهلُ أَعوَدُ عَليكَ مِنهُ.
ولِيكُن لكَ- أيّها المُريدُ- حَظٌّ مِن التَّهجُّدِ فإنّ اللَّيلَ وَقتُ خَلوةِ العَبدِ معَ مَولاهُ فأكثِر فيهِ مِن التَّضرُّعِ والاِستِغفارِ، وناجِ ربَّكَ بِلِسانِ الذِّلّةِ والاِضطِرارِ، عَن قلبٍ مُتحقّقٍ بِنِهايةِ العَجزِ وغايَةِ الاِنكِسارِ، واحذَر أن تَدعَ قِيامَ الليلِ فلا يأتي علَيك وقتُ السَّحرِ إلا وأنتَ مُستيقِظٌ ذاكِرٌ لله سُبحانَهُ وتعالى.

فـصـلٌ

وكُن-أيُّها المُريدُ- في غايَةِ الاِعتِناءِ بِـإِقامةِ الصّلواتِ الخَمسِ بإتمامِ قِيامِهِنَّ وقِراءَتِهنّ وخُشوعِهنّ ورُكوعِهنّ وسُجودِهنّ وسائِرِ أركانِهِنّ وسُنَنِهنّ وأشعِر قَلبكَ قَبلَ الدُّخولِ في الصّلاةِ عَظمةَ مَن تُريدُ الوُقوفَ بَينَ يَديهِ جلَّ وعلا، واحذَر أن تُناجِيَ مَلِكَ المُلوكِ وجبّارِ الجبابِرةِ بِقلبٍ لاهٍ مُستَرسِلٍ في أوديةِ الغَفلةِ والوَساوِسِ جائِلٍ في مَيادينِ الخَواطِرِ والأفكارِ الدُّنيَويّةِ، فَتَستوجِبَ المَقتَ مِن الله، والطَّردَ عن بابِ الله.
وقد قالَ عَليهِ الصّلاةُ والسّلامُ "إذا قامَ العَبدُ إلى الصّلاةِ أَقبلَ الله عَليهِ بِوَجههِ فإذا التَفتَ إلى ورائِهِ يَقولُ الله تعالى: ابنُ آدمَ التَفَتَ إلى مَن هُو خيرٌ لهُ مِنّي، فإن التَفَتَ الثّانيةَ قالَ مِثلَ ذلِكَ فإن التَفَتَ الثّالِثةَ أعرَضَ الله عَنهُ" فإذا كانَ المُلتفِتُ بِوَجهِهِ الظّاهِرِ يُعرِضُ الله عَنهُ فكيفَ يَكونُ حالُ مَن يَلتفِتُ بِقَلبِهِ في صلاتهِ إلى حُظوظِ الدُّنيا وزخارِفِها، والله سُبحانهُ وتعالى لاَ ينظُرُ إلى الأجسامِ والظّواهِرِ وإنّما ينظُرُ إلى القُلوبِ والسّرائِرِ.
واعلَم أنّ رُوحَ جَميعِ العِباداتِ ومَعناها إنّما هُو الحضُورُ معَ الله فيها، فَمن خَلت عِبادَتُهُ عنِ الحُضورُ، فعِبادتُهُ هباءٌ منثورٌ.
ومثَلُ الّذي لاَ يَحضُرُ مَع الله في عِبادتهِ مَثلُ الذي يُهدي إلى ملِكٍ عظيمٍ وَصيفةٍ ميّتَةً أو صٌندوقاً فارغاً، فما أجدرُهُ بِالعقوبةِ وحِرمانِ المثوبةِ.

فـصـلٌ

واحذَر أيُّها المُريدُ كلَّ الحذَرِ مِن تَركِ الجمُعةِ والجَماعاتِ، فإِنَّ ذلكَ مِن عاداتِ أَهلِ البَطالاتِ وسِماتِ أَربابِ الجهالاتِ. وحَافِظ على الرَّواتبِ المشروعاتِ قَبلَ الصَّلاةِ وبَعدها، ووَاظِب على صَلاةِ الوَترِ والضُّحى وإِحياءِ ما بينَ العِشاءين، وكُن شَديدَ الحِرصِ على عَمارةِ ما بَعدَ صَلاةِ الصُّبحِ إلى الطُّلوعِ،
وَاعلَم أَنَّهُ لا يَتَـعَيَّنُ على الإِنسانِ إِذا أَرادَ الدُّخولَ في طَريقِ الله أَن يَخرُجَ مِن مَالِهِ إِن كانَ لَهُ مَالٌ أَو يَترُكَ حِرفَتهُ وَتِجارَتَهُ إِن كانَ مُحترِفاً أَو مُتَّجِراً بَل الذَّي يَتعيَّنُ عليهِ تَقوى الله فِيما هُوَ فِيهِ وَالإِجمالُ في الطَّلبِ بِحيثُ لا يَترُكُ فَريضَةً وَلا نَافِلةً، وَلا يَقعُ في مُحرَّمٍ وَلا فَضُولٍ لا تَصلُحُ الاِستِعانَةُ بِهِ في طَريقِ الله.
فإِن عَلِمَ المُريدُ أنَّهُ لا يَستقيمُ قَلبُهُ وَلا يَسلَمُ دِينَهُ إِلاَّ بِالتَّجَرُّدِ عَنِ المَالِ وَعنِ الأَسبابِ البتَّةَ لَزِمهُ ذَلكَ، فإِن كانَ لَهُ أَزواجٌ أَو أَولادٌ تَجِبُ نَفقَتُهُم وَكِسوَتُهُم لَزِمَهُ القِيامُ بِذلكَ وَالسَّعيَ لَهُ، فإِن عَجِزَ عَن ذلكَ عَجزاً يَعذُرُهُ الشَّرعُ فَقَد خَرَجَ مِنَ الحَرَجِ وَسَلِمَ مِنَ الإِثمِ.
وَاعلَم أَيُّها المُريدُ أَنَّكَ لا تَقدِرُ عَلى مُلازَمةِ الطَّاعاتِ وَمُجانَبةِ الشَّهواتِ والإِعراضِ عَنِ الدُّنيا إِلاَّ بِأَن تَستَشعِرَ في نَفسِكَ أَنَّ مُدَّةَ بَقائِكَ في الدُّنيا أَيَّامٌ قَلِيلةٌ، وأَنَّكَ عَمَّا قَرِيبٍ تَموتُ، فَتَنصِبَ أَجَلكَ بَينَ عَينَيكَ، وَتَستَعِدَّ لِلمَوتِ وَتُقَدِّرَ نُزولَهُ بِكَ في كُلِّ وَقتٍ.
وَإِيَّاكَ وَطُولَ الأَمَلِ فإِنَّهُ يَميلُ بِكَ إِلى مَحَبَّةِ الدُّنيا، وَيُثَـقِّلُ عَليكَ مُلازَمةِ الطَّاعاتِ والإِقبالَ علَى العِبادَةِ، والتَّجَرُّدَ لِطرَيقِ الآخِرةِ، وَفي تَقديرِ قُربِ الَموتِ وقِصَرِ المُدَّةِ الخَيرُ كُلَّهُ، فَعليكَ بِهِ، وَفَّقنَا الله وَإِيَّاكَ.

فـصـلٌ

وَرُبَّمَا تَسلَّطَ الخَلقُ عَلى بَعضِ المُرِيدينَ بِالإِيذاءِ وَالجَفاءِ وَالذَّمِّ، فإِن بُليتَ بِشيءٍ مِن ذَلكَ فَعلَيكَ بِالصَّبرِ وَتَركِ المُكاَفَأةِ مَعَ نَظافَةِ القَلبِ مِنَ الحِقدِ وَإِضمارِ الشَّرِّ، وَاحذَر الدُّعاءَ عَلى مَن آذاكَ وَلاَ تَقُل إِذا أَصابَتهُ مُصيبَةٌ هَذا بِسبَبِ أذَاهُ لِي.
وَأفضَلُ مِنَ الصَّبرِ عَلى الأَذى العَفوُ عَنِ المُؤذِي وَالدُّعاءُ لَهُ وَذَلِكَ مِن أَخلاقِ الصِّدِّيقينَ. وَعُدَّ إِعراضَ الخَلقِ عَنكَ نِعمَةً عَليكَ مِن رَبِّكَ فإِنَّهم لَو أَقبَلوا عَليكَ رُبَّما شَغلُوكَ عَن طَاعتِهِ، فإِن ابْتُليتَ بِإِقبالِهِم وَتَعظِيمهِم وَثَنائِهِم وتَرَدُّدِهِم عَليكَ، فَاحذَر مِن فِتنَتهِم وَاشكُرِ اللهَ الذَّي سَترَ مَساوِيكَ عَنهُم.
ثُمَّ إِن خَشِيتَ عَلى نَفسِكَ مِنَ التَّصَنُّعِ وَالتَّزَيُّنِ لَهم وَالاِشتِغالِ عَنِ الله بِمُخالَطَتهِم فَاعتَزِلهُم وَأَغلِق بَابَكَ عَنهُم، وَإِلاَّ فارِق المَوضِعَ الذَّي عُرِفتَ بِهِ إِلى مَوضِعٍ لاَ تُعرَفُ فِيهِ.
وَكُن مُؤثِراً لِلخُمولِ، فَارّاً مِنَ الشُّهرةِ والظُّهُورِ، فإِنَّ فِيهِ الفِتنَةُ وَالِمحنَةُ. قالَ بَعضُ السَّلفِ: وَالله مَا صَدَقَ اللهَ عَبدٌ إِلاَّ أَحَبَّ أَن لاَ يُشعَرَ بِمَكانِهِ.
وَقالَ آخرُ: مَا أَعرِفُ رَجُلاً أَحَبَّ أَن يَعرِفَهُ النَّاسُ إِلاَّ ذَهَبَ دِينُهُ وَافتَضَحَ.

فـصـلٌ

وَاجتَهِد أيُّها المُريدُ في تَنـزِيهِ قَلبِكَ مِن خَوفِ الخَلقِ وَمِنَ الطَّمَعِ فِيهم فِإِنَّ ذَلكَ يَحمِلُ عَلى السُّكوتِ عَلى البَّاطِلِ وَعَلى المُداهَنةِ في الدِّينِ، وَعلَى تَركِ الأَمرِ بِالَمعروفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، وَكفَى بِهِ ذُلاًّ لِصاحِبِهِ لأِنَّ المُؤمِنَ عَزيزٌ بِرَبِّهِ لاَ يَخافُ وَلا يَرجُو أَحداً سِواهُ.
وإِن وَصَلكَ أَحدٌ مِن إِخوانِكَ المُسلمينَ بِمَعروفٍ مِن وَجهٍ طَيِّبٍ فَخُذهُ إِن كُنتَ محُتاجاً إِليهِ وَاشكُرِ الله فإِنَّهُ المُعطِي حَقيقَةً وَاشكُر مَن أَوصَلَهُ إِليكَ عَلى يَدهِ مِن عِبادِهِ، وإِن لَم تَكُن لكَ حَاجةٌ إِليهِ فَانظُر فإِن وَجَدتَ الأَصلَحَ لِقَلبِك أَخذَهُ فَخُذهُ، أَو رَدَّهُ فَرُدَّهُ بِرفقٍ بِحيثُ لاَ يَنكَسِرُ قَلبُ المُعطِي فَإِنَّ حُرمَةَ المُسلِمَ عِندَ الله عَظيمةٌ.
وَإِيَّاكَ وَالرَّدَّ لِلشُهرَةِ وَالأَخذَ بِالشَّهوَةِ، وَلأَن تَأخُذَهُ بِالشَّهوَةِ خَيرٌ لَكَ مِن أَن تَرُدَّهُ لِلشُّهرَةِ بِالزُّهدِ وَالإِعراضِ عَنِ الدُّنيا، وَالصَّادِقُ لاَ يَلتَبِسُ عَليهِ أَمرٌ، وَلا بُدَّ أَن يَجعَلَ لَهُ رَبُّهُ نُوراً في قَلبِهِ يَعرِفُ بِهِ ما يُرادُ مِنهُ.

فـصـلٌ

وَمِن أَضَرِّ شَيءٍ عَلى المُريدِ طَلبُهُ لِلمُكاشَفاتِ وَاشتِياقُهُ إِلى الكَراماتِ وخَوارِقِ العَاداتِ، وَهِيَ لاَ تَظهَرُ لَهُ مَا دَامَ مُشتهياً لِظُهُورِها لأَنَّها لا تَظهَرُ إِلاَّ عَلى يَدِ مَن يَكرَهُها وَلا يُريدُها غَالباً.
وَقَد تَقَعُ لِطَوائِفَ مِنَ المَغرورينَ اِستِدراجاً لَهُم وَاِبتِلاءً لِضَعَفةِ المُؤمنينَ مِنهُم، وَهِيَ في حَقِّهم إِهاناتٌ وَليست كرَاماتٍ، إِنَّما تَكونُ كرَاماتٍ إِذا ظَهرَت عَلى أَهلِ الاِستِقامَةِ، فإِن أَكرَمَك الله-أَيُّها المُريدُ- بِشيءٍ مِنها فَاحمُدهُ سُبحانَه علَيه.
وَلا تَقِف مَعَ مَا ظَهرَ لَكَ وَلا تَسكُن إِليهِ، وَاكتُمهُ وَلاَ تُحَدِّث بِهِ النَّاسَ، وَإِن لَم يَظهَر لَكَ مِنها شَيءٌ فَلا تَتَمَنَّاهُ وَلا تَأسَف عَلى فَقدِهِ.
وَاعلَم أَنَّ الكَرامةَ الجَامِعَةَ لِجَميعِ أَنواعِ الكَراماتِ الحَقيقيَّاتِ والصُّورِيَّاتِ هِي الاِستِقامَةُ المُعَبَّرُ عَنها بِامتِثالِ الأَوامِرِ وَاجتِنابِ المَناهِي ظاهِراً وَبَاطِناً، فَعَليكَ بِتَصحِيحِها وَإِحكَامِها تخَدُمكَ الأَكوانُ العُلوِيَّةُ وَالسُّفلِيَّةُ خِدمَةً لا تَحجُبُكَ عَن رَبِّكَ وَلاَ تَشغَلُكَ عَن مُرادِهِ مِنكَ.

فـصـلٌ

وَلتَكُن أيُّها المُريدُ حَسنَ الظَّنِّ بِرَبِّكَ أَنَّهُ يُعينُكَ وَيَكفِيكَ وَيَحفَظُكَ وَيَقِيكُ وَلاَ يَكِلُكَ إِلى نَفسِكَ وَلاَ إِلىَ أَحَدٍ مِنَ الخَلقِ، فَإِنَّهُ سُبحَانًهُ قَد أَخبَرَ عَن نَفسِهِ أَنَّهُ عِندَ ظَنِّ عَبدِهِ بِهِ، وَأَخرِج مِن قَلبِكَ خَوفَ الفَقرِ وَتَوَقُّعِ الحاجَةِ إِلى النَّاسِ.
وَاحذَر كُلَّ الحَذَرِ مِنَ الاِهتِمامِ بِأَمرِ الرِّزقِ وَكُن وَاثِقاً بِوَعدِ رَبِّكَ وَتَكَفُّلِهِ بِكَ، حَيثُ يَقولُ تَعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الأَرْضِ إِلاَّ عَلى اللهِ رِزْقُهَا) وَأَنتَ مِن جُملَةِ الدَّوَابِّ، فَاشتَغِل بِمَا طَلبَ مِنكَ مِنَ العَمَلِ لَهُ عَمَّا ضَمَنَ لَكَ مِنَ الرِّزقِ فَإِنَّ مَولاكَ لاَ يَنسَاكَ، وَقَد أَخبَرَكَ أَنَّ رِزقَكَ عِندَهُ وَأَمَركَ بِطَلَبِهِ مِنهُ بِالعِبادَةِ. فَقالَ تعَالَى: (فَابْتَـغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ). أَمَا تَراهُ سُبحانَهُ يَرزُقُ الكافِرينَ بِهِ الذَّينَ يَعبُدونَ غَيرَهُ؟ أَ فَتَراهُ لاَ يَرزُقُ المؤمِنينَ الذَّينَ لاَ يَعبُدُونَ سِوَاهُ، وَيَرزُقُ العَاصِينَ لَهُ وَالمُخالِفينَ لأمرِهِ أَوَلاَ يَرزُقُ المُطيعينَ لَهُ المُكثِرينَ مِن ذِكرِهِ وَشُكرِهِ؟
وَاعلَم أَنَّهُ لا حَرجَ عَليكَ في طَلبِ الرِّزقِ بِالحَركاتِ الظَّاهرَةِ علَى الوَجهِ المَأذونِ لَكَ فيهِ شَرعاً وإِنَّما البَأسُ والحَرجُ في عَدَمِ سُكونِ القَلبِ واهتِمامِهِ وَاضطِرابِهِ وَمُتابَعتِهِ لأوهامِهِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلى خَرابِ القَلبِ اِهتِمامِ الإِنسانِ بِما يَحتاجُ إِليهِ في وَقتٍ لَم يَخرُج مِنَ العَدَمِ كاَليَومِ المُقبِلِ وَالشَّهرِ الآتي، وَقَولُهُ: إِذا نَفِذَ هَذا فَمِن أَين يَجيءُ غَيرُهُ، وإِذا لمَ يَجيء الرِّزقُ مِن هذَا الوَجهِ فَمِن أَيِّ وَجهٍ يَأتي؟
وَأمَّا التَّجَرُّدُ عَنِ الأَسبابِ والدُّخولُ فِيها فَهُمَا مَقامانِ يُقيمُ الله فيِهما مِن عِبادِهِ مَن يَشاءُ. فَمَن أقِيمَ في التَّجرُّدِ فَعَليهِ بِقُوِّةِ اليَقينَ وَسِعَةِ الصَّدرِ وَمُلازَمَةِ العِبادَةِ. وَمَن أقِيمَ في الأَسبابِ فَعليهِ بِتَقوى الله في سَبَبِهِ وَبِالاِعتِمادِ علَى الله دونَهُ، وَلِيَحذَر مِنَ الاشتِغالِ بِهِ عَن طَاعةِ رَبِّهِ، وَقَد تَرِدُ علَى المُريدِ خَواطِرُ في أَمرِ الرِّزقِ وفي مُراءاةِ الخلَقِ وفي غَيرِ ذَلكَ وَلَيسَ مَلُوماً وَلا مَأثُوماً عَليها إِذا كاَنَ كَارِهاً لَها وَمجُتَهِداً في نَفيِهَا مِن قَلبِهِ.

فـصـلٌ

وَلتَكُن لَكَ -أيُّها المُريدُ- عِنايَةٌ تَامَّةٌ بِصُحبةِ الأَخيارِ وَمُجالَسَةِ الصَّالِحينَ الأَبرارِ. وَكُن شَديدَ الحِرصِ علَى طَلبِ شَيخٍ صَالِحٍ مُرشِدٍ نَاصِحٍ، عَارِفٍ بِالشَّريعَةِ، سَالِكٍ لِلطَرِيقَةِ، ذَائِقٍ لِلحَقِيقَةِ، كَامِلِ العَقلِ وَاسِعِ الصَّدرِ، حَسَنِ السِّيَاسَةِ عاَرِفٍ بِطبَقاتِ النَّاسِ مُمَيِّزٍ بَينَ غَرائِزِهِم وَفِطَرِهِم وَأَحوَالِهِم.
فَإِن ظَفِرتَ بِهِ فَألقِ نَفسَكَ عَليهِ وَحَكِّمهُ في جمَيعِ أُمورِكَ وَارجِع إِلى رَأيِهِ وَمَشُورَتِهِ في كُلِّ شَأنِكَ وَاقتَدِ بِهِ في جَميعِ أَفعَالِهِ وَأَقوَالِهِ إِلاَّ فِيمَا يَكونُ خَاصّاً مِنها بِمَرتَبةِ المَشيَخَةِ، كَمُخالَطَةِ النَّاسِ وَمُداَرَاتِهم وَدَعوَةِ القَريبِ والبَعيدِ إَلى الله وَمَا أَشبَهَ ذَلكَ فَتُسَلِّمُهُ لَهُ، وَلا تَعتَرِض عَليهِ في شَيءٍ مِن أَحوَالِهِ لا ظَاهِراً ولا بَاطِناً وَإِن وَقَعَ في قَلبِكَ شيءٌ مِنَ الخَواطِرِ في جِهَتِهِ فاجتَهِد في نَفْيِهِ عَنكَ فَإِن لَم يَنتَفِ فَحَدِّث بِه الشَّيخَ لِيُـعَرِّفَكَ وَجهَ الخَلاصِ مِنهُ، وَكَذلِكَ تُخبِرَهُ بِكُلِّ ما يَقَعُ لَكَ خُصوصاً فِيما يَتعَلَّقُ بِالطَّريقِ.
وَاحذَر أَن تُطيعَهُ في العَلانِيَةِ وَحَيثُ تَعلَمُ أَنَّهُ يَطَّلِعُ عَليكَ وَتَعصِيهِ في السِّرِّ وَحَيثُ لا يَعلَمُ فَتَقعُ في الهَلاكِ.
وَلا تَجتَمِعَ بِأَحدٍ مِنَ المَشايِخِ المُتَظاهِرينَ بِالتَّسلِيكِ إِلاَّ عَن إِذنِهِ، فَإِن أَذِنَ لَكَ فاحفَظ قَلبَكَ وَاجتَمِع بَمَن أَرَدتَ وَإِن لمَ يَأذَن لَكَ فَاعلَم أَنَّهُ قَد آثَرَ مَصَلَحَتَكَ فَلا تَتَّهِمَهُ وَتَظُنَّ بِهِ الحَسدَ وَالغَيرَةَ، مَعَاذَ الله أَن يَصدُرَ عَن أَهلِ الله وَخاصَّتِهِ مِثلُ ذَلِكَ.
وَاحذَر مِن مُطالَبَةِ الشَّيخِ بِالكَرَامَاتِ وَالمُكَاشَفَةِ بِخَوَاطِرِكَ فَإِنَّ الغَيبَ لا يَعلَمُهُ إِلاَّ الله، وَغَايَةُ الوَلِيِّ أَن يُطلِعَهُ اللهُ علَى بَعضِ الغيُوبِ في بَعضِ الأَحيان، وَرُبَّما دَخَلَ المُريدُ علَى شَيخِهِ يَطلُبُ مِنهُ أَن يُكاشِفَهُ بِخاطِرِهِ فَلا يُكاشِفَهُ وَهُوَ مُطَّلِعٌ عَليهِ وَمُكاشَفٌ بِهِ صِيَانَةً لِلسِرِّ وَسَتراً لِلحالِ فَإِنَّهُم رَضِيَ الله عَنهُم أَحرَصُ النَّاسِ علَى كِتمانِ الأَسرارِ وَأَبعَدُهُم عَنِ التَّظاهُرِ بِالكرَاماتِ والخَوارِقِ وَإِن مُكِّنُوا مِنها وَصُرِّفُوا فِيها.
وَأكثَرُ الكرَاماتِ الوَاقِعَةِ مِنَ الأَولِيَاءِ وَقعَت بِدونَ اِختِيَارِهِم، وَكاَنوا إِذا ظَهرَ عَليهُم شَيءٌ مِن ذَلِكَ يُوصونَ مَن ظَهرَ لَهُ أَن لا يُحَدِّثَ بِهِ حَتَّى يَخرُجُوا مِنَ الدُّنيا، وَرُبَّما أَظهَرُوا مِنها شَيئاً اختِيَاراً لِمَصلحَةٍ تَزيدُ علَى مَصلَحةِ السِّترِ.
وَاعلَم أَنَّ الشَيخَ الكَامِلَ هُوَ الذِّي يُفِيدُهُ بِهِمَّتِهِ وَفِعلهِ وَقَولِهِ وَيحَفَظُهُ في حُضورِهِ وَغَيبَتِهِ وَإِن كانَ المُريدُ بَعيداً عَن شَيخِهِ مِن حَيثُ المَكانُ، فَليَطلُب مِنهُ إِشارَةً كُلِّيَةً فِيما يَأتي مِن أَمرِهِ وَيترُكُ. وَأَضرُّ شَيءٌ عَلى المُريدِ تَغَيُّرِ قَلبَ شَيخِهِ عَليهِ وَلَو اجتَمعَ علَى إصلاحِهِ بَعدَ ذَلِكَ مَشايخُ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ لمَ يَستَطيعُوهُ إِلاَّ أَن يَرضَى عَنهُ شَيخُهُ.
وَاعلَم أَنَّهُ يَنبَغي لِلمُريدِ الذَّي يَطُلبُ شَيخاً أَن لا يُحَكِّمَ في نَفسِهِ كُلَّ مَن يُذكَرُ بِالمَشيَخَةِ وَتَسلِيكِ المُريدينَ حَتَّى يَعرِفَ أَهلِيَّتَهُ وَيَجتمِعَ عَليهِ قَلبُهُ، وَكذَلِكَ لا يَنبَغي للِشَيخِ إِذا جاءَ المُريدُ يَطلُبُ الطَّرِيقَ أَن يَسمَحَ لَهُ بِها مِن قَبلِ أَن يَختَبِر صِدقَهُ في طَلَبِهِ، وَشِدَّةِ تَعَطُّشِهِ إِلى مَن يَدُلُّهُ علَى رَبِّهِ.
وَهذَا كُلُّهُ في شَيخِ التَّحكِيمِ، وَقَد شَرَطُوا عَلى المُريدِ أَن يَكونَ مَعهُ كَالَمِّيتِ بَينَ يَدَيِّ الغَاسِلِ وَكالطِّفلِ مَعَ أُمَّهِ، وَلا يَجرِي هَذا في شَيخِ التَّبَرُّكِ، وَمَهمَا كَانَ قَصدُ المُريدِ التَّبَرُّكَ دُونَ التَّحكِيمِ فَكُلَّما أَكثَرَ مِن لِقاءِ المَشايِخِ وَزِيارَتِهم وَالتَّبرُّكَ بِهم كَان أَحسَنَ.
وَإذا لَم يَجِدِ المُريدُ شَيخاً فَعَليهِ بِمُلازَمَةِ الجِدِّ وَالاجتِهادِ مَعَ كَمالِ الصِّدقِ في الاِلتِجاءِ إِلى الله وَالاِفتِقارِ إِليهِ في أَن يُقَيِّضَ لَهُ مَنْ يُرشِدُهُ، فَسَوفَ يُجِيبُهُ مَن يُجِيبُ المُضطَرَّ، وَيَسُوقُ إِليهِ مَن يَأخُذُ بِيَدِهِ مِن عِبادِهِ.
وَقَد يَحسِبُ بَعضُ المُريدينَ أَنَّهُ لا شَيخَ لَهُ فَتَجِدَهُ يَطلُبُ الشَّيخَ وَلَهُ شَيخٌ لَم يَرَهُ، يُرَبِّيهِ بِنَظَرِهِ وَيُرَاعيهِ بِعَينِ عِنايَتِهِ وَهُوَ لا يَشعُرُ، وَعِندَ التَـناصُفِ مَا ذَهبَ إِلاَّ الصِّدقُ، وَإِلاَّ فَالمَشايِخُ المُحَقِّقُونَ مَوجُودونَ، وَلكِن سُبحانَ مَن لَم يَجعلِ الدَّلِيلَ عَلى أَولِيَائِه إِلاَّ مِن حَيثُ الدَّليِلُ عَليهِ وَلمَ يُوصِل إِليهِم إِلاَّ مَن أَرادَ أَن يُوصِلَهُ إِليهِ.

تـَتِـمَّـةٌ

وَإِذا أَردتَ -أيُّها المُريدُ-مِن شَيخِكَ أَمراً أَو بَدا لَكَ أَن تَسأَلَهُ عَن شَيءٍ فَلا يَمنَعُكَ إِجلالِهِ وَالتَّأدُّبُ مَعَهُ عَن طَلَبِهِ مِنهُ وَسُؤَالِهِ عَنهُ، وَتَسأَلُهُ المَرَّةَ وَالمرَّتينِ وَالثَّلاثَ، فَلَيسَ السُّكوتُ عَنِ السُّؤاَلِ وَالطَّلبِ مِن حُسنِ الأَدَبِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ أَن يُشيرَ عَليكَ الشَّيخُ بِالسِّكوتِ وَيَأمُرَكَ بِتَركِ السُّؤالِ، فَعِندَ ذَلكَ يَجِبُ عَليكَ اِمتِثالُهُ.
وَإِذا مَنعَكَ الشَّيخُ عَن أَمرٍ أَو قَدَّمَ عَليكَ أَحداً فَإِيَّاكَ أَن تَتَّهِمَهُ، وَلْتَكُن مُعتَقِداً أَنَّهُ قَد فَعَلَ مَا هُوَ الأَنفَعُ وَالأَحسنُ لَكَ، وَإذا وَقَع مِنكَ ذَنبٌ وَوَجدَ عَليكَ الشَّيخُ بِسَبَبِهِ فَبادِر بِالاِعتِذارِ إِليهِ مِن ذَنبِكَ حَتَّى يَرضَى عَنكَ.
وَإِذا أَنكَرتَ قَلبَ الشَّيخِ عَليكَ كَأَن فَقَدتَ مِنهُ بِشراً كُنتَ تَأَلَفُهُ أَو نَحوَ ذَلكَ، فَحَدِّثهُ بِما وَقعَ لَكَ مِن تَخَوُّفِكَ تَغَـيُّرَ قَلبِهِ عَليكَ فَلـَعلَّهُ تَغَـيَّرَ عَليكَ لِشيءٍ أَحدَثتَهُ فَتَتُوبَ عَنهُ، أَو لَعَلَّ الذِّي تَوَهَّمتَهُ لَم يَكُن عِندَ الشَّيخِ وَأَلقاهُ الشَّيطانُ إِليكَ لِيَـسُوءَكَ بِهِ، فَإِذا عَرَفتَ أَنَّ الشَّيخَ رَاضٍ عَنكَ سَكَنَ قَلبُكَ بِخلافِ مَا إِذا لَم تُحَدِّثهُ وَسَكَتَّ بِمَعرِفةٍ منِكَ بِسلامةِ جِهَتِكَ.
وَإِذا رَأيتَ المُريدَ ممُتَـلِئاً بِتَعظِيمِ شَيخِهِ وَإِجلالِهِ مُجتَمِعاً بِظاهِرِهِ وَبَاطِنهِ عَلى اِعتِقادِهِ وَامتِثالِهِ وَالتَّأَدُّبِ بِآدابِهِ فَلا بُدَّ أَن يَرِثَ سِرَّهُ أَو شَيئاً مِنهُ إِن بَقِيَ بَعدَهُ.

خاتمـة
نذكر فيها شيئاً من أوصاف المريد الصادق

قَالَ بَعضُ العَارِفينَ رَضِيَ الله عَنهُم وَنَفَعنا بِهم أَجمَعين:

 لاَ يَكُونُ المُريدُ مُرِيداً حَتَّى يَجِدَ في القُرآنِ كُلَّ مَا يُريدُ، وَيَعرِفَ النُّقصَانَ مِنَ المَزيدِ، وَيَستَغنِي بِالمَولى عَنِ العَبِيدِ، وَيَستَوِي عِندَهُ الذَّهبُ وَالصَّعيدُ.

 المُرِيدُ مَن حَفِظَ الحُدودَ، وَوَفَّى بِالعُهُودِ، وَرَضِيَ بِالمَوجُودِ، وَصَبَرَ عَنِ الَمفقُودِ.

 المُريدُ مَن شَكَرَ عَلى النَّعماءِ، وَصَبرَ علَى البَّلاءِ، وَرَضِيَ بِمُرِّ القَضاءِ، وَحَمَدَ رَبَّهُ في السَّراءِ والضَّراءِ، وَأَخلَصَ لَهُ في السِّرِّ وَالنَّجوَى.

 المُريدُ مَن لاَ تَستَرِقُّهُ الأَغيَارُ، وَلا تَستَعبِدُهُ الآثارُ، وَلا تَغلِبُهُ الشَّهوَاتُ، وَلا تَحكُمُ عَليهِ العَاداتُ. كَلامُهُ ذِكرٌ وَحِكمةٌ، وَصَمتُهُ فِكرَةٌ وَعِبرَةٌ، يَسبِقُ فِعلَهُ قَولَهُ وَيُصَدِّقُ عِلمَهُ عَمَلُهُ، شِعارُهُ الخُشوعُ وَالوَقاَرُ، وَدِثاَرُهُ التَّواضُعُ وَالاِنكِسارُ، يَتَّبِعُ الحَقَّ وَيُؤثِرُهُ، وَيَرفُضُ الباطِلَ وَيُنكِرُهُ، يُحِبُّ الأَخيارَ وَيُوالِيهِم، وَيَـبْغَضُ الأَشرارَ وَيُعادِيهِم، خُبْرُهُ أَحسنُ مِن خَبَرِهِ، وَمُعَاشَرَتُهُ أَطيَبُ مِن ذِكرِهِ، كَثِيُر المَعُونَةِ، خَفِيفُ المَؤُونَةِ، بَعيدٌ عَنِ الرُّعُونةِ. أَمينٌ مَأمُونٌ، لا يَكذِبُ وَلا يَخونُ، لاَ بَخيلاً وَلا جَباناً، وَلا سَبَّاباً ولا لَعَّاناً، وَلا يَشتَغِلُ عَن بُدِّهِ، وَلا يَشِحُّ بِما في يَدِهِ، طَيِّبُ الطَّوِيَّةِ، حَسَنُ النِّيِّةِ، سَاحَتُهُ مِن كُلِّ شَرٍّ نَقِيَّةٌ، وَهِمَّتهُ فيما يُقَرِّبهُ مِن رَبِّهِ عَلِيَّةٌ، وَنَفسُهُ عَلى الدُّنيا أَبِيَّةٌ، لا يُصِرُّ علَى الهَفوَةِ، وَلا يُقدِمُ وَلا يُحجِمُ بِمُقتَضى الشَّهوَةِ، قَرِينُ الوَفَاءِ وَالفُتُوَّةِ، حَلِيفُ الحَياءِ وَالمرُوَّةِ، يُنصِفُ كُلَّ أَحدٍ مِن نَفسِهِ وَلا يَنتَصِفُ لَها مِن أَحَدٍ. إِن أُعطِيَ شَكَرَ، وَإِن مُنِعَ صَبَرَ، وَإِن ظَلَمَ تَابَ وَاستَغفَرَ، وَإِن ظُلِمَ عَفا وَ غَفَرَ، يُحِبُّ الخُمُولَ وَالاِسِتتَارَ، وَيَكرَهُ الظُّهورَ وَالاِشتِهارَ، لِسَانَهُ عَن كُلِّ مَا لا يَعنيِهِ مَخزونٌ، وَقَلبَهُ علَى تَقصِيرهِ في طاعةِ رَبِّهِ مَحزُونٌ، لاَ يُداهِنُ في الدِّينِ وَلا يُرضي المَخلوقِيَنَ بِسَخطِ رَبِّ العَالمِينَ، يَأنَسُ بِالوِحدَةِ وَالاِنفِرادِ، وَيَستَوحِشُ مِن مُخالَطَةِ العِبادِ، وَلا تَلقَاهُ إِلاَّ عَلى خَيرٍ يَعمَلُهُ، أَو عِلمٍ يُعَلِّمهُ، يُرجَي خَيرُهُ، وَلا يُخشَى شَرُّهُ، وَلا يُؤذِي مَن آذاهُ، وَلا يَجفُو مَن جَفَاهُ، كَالنَّخلةِ تُرمَى بِالحَجَرِ فَتَرمِي بِالرُّطَبِ، وَكَالأَرضِ يُطرَحُ عَليهَا كُلُّ قَبيحٍ وَلا يَخرُجُ مِنها إِلاَّ كُلُّ مَليحٍ، تَلوحُ أَنوارُ صِدقِهِ علَى ظَاهِرِهِ، وَيَكادُ يُفصِحُ مَا يُرَى علَى وَجهِهِ عَمَّا يُضمِرُ في سَرائِرهِِ، سَعيُهُ وَهِمَّتُهُ في رِضَا مَولاهُ، وَحِرصَهُ ونَهمَتُهُ في مُتابَعَةِ رَسُولِهِ وَحَبِيبِهِ وَمُصطَفاهُ، يَتَأَسَّى بِهِ في جَميعِ أَحوَالِهِ، وَيَقتدِي بِهِ في أَخلاقِهِ وَأَفعَالِهِ وَأَقوالِهِ، مُمتَثِلاً لأمرِ رَبِّهِ العَظِيمِ في كِتابِهِ الكَرِيم حَيثُ يَقولُ: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنهُ فَانْتَهُوا)، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثيراً) ، ( وَمَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله) ، (إِنَّ الذَّينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله) ، (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، (فَلْيَحْذَرِ الذَّينَ يُخالِفونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبُهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
فَتَرَاهُ في غَايَةِ الحِرصِ عَلى مُتابَعَةِ نَبِيِّهِ مُمْتَثلاً لأَمرِ رَبِّهِ وَرَاغِباً في الوَعدِ الكَريمِ وَهارِباً مِنَ الوَعِيدِ الأَلِيمِ الوَارِدَينِ في الآياتِ الَّتي أَورَدناها وَفِيما لَم نُورِدُهُ مِمَّا هُو في مَعناها المُشتَمِلَةِ عَلى البِشارَةِ بِغَايَةِ الفَوزِ وَالفَلاحِ للِمُتَّبِعينَ لِلرَّسولِ، وَعَلى النَّذارَةِ بِغايَةِ الخِزيِ وَالهَوانِ لِلمُخالِفِينَ لَهُ.
(اللَّهُمَّ) إِنَّا نَسأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنتَ الله الذّي لا إِلهَ إِلاَّ أَنتَ الحَنَّانُ الَمنَّانُ بَديعُ السَّمواتِ وَالأَرضِ يَا ذا الجَلالِ وَالإِكرَامِ أَن تَرزُقنا كَمالَ المُتابَعةِ لِعبدِكَ وَرَسولِكِ سَيِّدنا مُحمَّدٍ صلّى الله عَليهِ وَسَلَّم في أَخلاقِهِ وَأعمَالِهِ وأَقوالِهِ ظَاهِراً وَباطِناً وَتُحيينا وَتُميتَنا عَلى ذَلكَ بِرحمَتِكَ يا أَرحَمَ الرَّاحِمين.
(اللَّهُمَّ) رَبَّنا لَكَ الحَمدُ حمداً كَثيراً طَيِّباً مُبارَكاً فِيهِ كمَا يَنبَغي لِجَلالِ وَجهِكَ وَعَظيمِ سُلطانِك (سُبحانَكَ لاَ عِلمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمتَنا إِنَّكَ أَنتَ العَليمُ الحَكيمُ). (لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنتَ سُبحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).

تمت هذهِ الرِّسالةُ لِلمُريدِ المَخصوصِ مِن رَبِّهِ المَجيدِ بِالتثبيتِ وَالَتأيِيدِ وَالتَسديدِ، وَكانَ بِحَمدِ اللهِ إِملاؤُها في سَبعِ لَيالٍ أَو ثَمانٍ مِن شَهرِ رَمضانَ سَنةَ إِحدى وَسَبعينَ وَأَلفٍ مِن هِجرَتِهِ صَلَّى الله عَليهِ وَسَلَّم تسليماً كثيراً والحَمدُ لله رَبِّ العَالَمينَ.


ليست هناك تعليقات: