بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام عليك يانبي الله
الصلاة والسلام عليك يا رسول الله
الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
صلاة أهل السموات والأرضين عليه
إجري يارب لطفك الخفي في أمورنا والمسلمين.
الأدلة الصوفية في جواز الاحتفاء والإحتفال بمولد سيد البشرية عليه الصلاة والسلام
بسم الله الرحمن الرحيــــم
الحمد لله المعطي الوهاب وصلى الله على سيدنا حبيب الله ومجتباه
محمد ابن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سلك طريقه وسنته ومبتغاه وبعد :
الأدلة الصوفية في مولد سيد البشرية عليه الصلاة والسلام
بمناسبة حلول المولد النبوي الشريف أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات
أحببت أن أجمع الأدلة الواردة في عمل المولد النبوي الشريف
سائلا الله سبحانه أن يجمعنا بالحبيب في الفردوس الأعلى
إنه ولي ذلك والقادر عليه
وسنستعرض في الادلة مايلي :
الأدلة من القرآن الكريم
الأدلة من السنة النبوية
دليل الإجماع
[ الفصل الأول ] الأدلة من القرآن الكريم :
لقد أورد القرآن الكريم أدلة كثيرة تحض على الاحتفاء والابتهاج بسيد ولد عدنان صلى الله عليه وآله وسلم ، إما تصريحا وإما تلويحا ، وأقتصر على بعض الأدلة التصريحية وهي على النحو الآتي :
[ الدليل الأول ] : قال تعالى (( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا )) (يونس : 58)
فالله عز وجل طلب منا أن نفرح بالرحمة ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم رحمة ، وقد قال تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) (الأنبياء : 107)
وفي الدر المنثور للحافظ السيوطي (4/367) أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : فضل الله العلم ، ورحمته النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الله تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) انتهى .
[ الدليل الثاني ] : قال الله تعالى (( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك )) (هود : 120)
في الآية طلب قص أنباء الرسل لما في ذلك من تثبيت الفؤاد ، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الرسل ، والمولد النبوي الشريف يشتمل على أنباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ففي ذكره تثبيت لأفئدة المؤمنين ، فهو حث على تكرار ذكر المولد والعناية به .
[ الدليل الثالث ] : قوله تعالى حكاية عن عيسى بن مريم عليهما السلام : (( ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين )) (المائدة : 114)
قال الشيخ إسماعيل حقي في روح البيان (2/446) عند هذه الآية : "أي يكون يوم نزولها عيدا نعظمه ، وإنما أسند ذلك إلى المائدة لأن شرف اليوم مستفاد من شرفها"
وما كان ميلاد محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأقل شأنا من ميلاد عيسى عليه السلام ، بل ميلاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أعظم منه ، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم أكبر نعمة ، فيكون ميلاده أيضا أكبر وأعظم .
[ الدليل الرابع ] : وفي كتاب الله عز وجل بيان لقصة ميلاد عيسى عليه سلام الله ، وميلاد يحيى بن زكريا عليهما السلام ، وقد نطقت آيات كثيرة بالإشارة إلى ميلاد مريم عليها السلام ، وما سبق ذلك الميلاد من دعاء الأم الرؤوم ، وما صحبه من تخوف واعتذار ، وما صحب مولدها عليها السلام من إكرام الله لها حيث كفلها زكريا ، وحيث الرزق المتجدد المتعدد الأنواع ، وحيث يتبارى أشراف القوم فيمن يكفل مريم ، واقترعوا من أجل ذلك ، هذا كله في سورة آل عمران من الآية (34) إلى الآية (44) ، وقد أتى ضمن هذه الآيات آيات تتكلم عن نبي الله يحيى بن نبي الله زكريا عليهما السلام ، محتفية به متحدثة بالإجلال والتكريم ، وقد تحدثت آيات أخر في سور آل عمران والمائدة ومريم عن ميلاد عبد الله ورسوله عيسى بن مريم عليهما السلام .
أقول أليس في هذا كله مما يستأنس به لجواز ذكر النعمة بمولده صلى الله عليه وآله وسلم ؟! وهو بكل تأكيد أفضل خلق الله على الإطلاق ؟
[ الدليل الخامس ] : قال تعالى (( لتؤمنوا بالله ورسوله ، وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا )) (الفتح : 9)
ذهب المفسرون في تفسير هذه الآية مذهبين :
1) المذهب الأول : من وحد الضمائر .
2) المذهب الثاني : من فرق بينهما .
وخلاصة المذهب الأول أن الضمائر الواردة في الآية الكريمة تعود كلها إلى الله تعالى ، أو إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
وهو رأي جماعة من المفسرين نقله عنهم الإمام النووي ، فمن ذهب إلى أنها تعود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
1) إنه عليه الصلاة والسلام أقرب مذكور في الآية .
2) لا يجوز التفريق بين الضمائر إلا لضرورة .
معنى "تسبحوه" أي تنزهوه عن النقائص وتدعوا له .
[ الدليل السادس ] : قال الله تعالى (( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )) (آل عمران : 164)
قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله تعالى : "إن بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إحسان إلى كل العالمين ، ولقد شرف الله به العرب ونقلهم ببركة مقدمه صلى الله عليه وآله وسلم من رعاة الشاء والغنم إلى رعاة الشعوب والأمم ، ورفعهم من عُبية الجاهلية إلى مقام السيادة والريادة كما قال تعالى (( وإنه لذكر لك ولقومك ))
فقد أفردهم بالفخر على سائر الأمم وذلك لأن الافتخار بإبراهيم عليه السلام كان مشتركا بين اليهود والنصارى والعرب ثم إن اليهود والنصارى كانوا يفتخرون بموسى وعيسى عليهما السلام وبالتوراة والإنجيل .
فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وأنزل القرآن صار شرف العرب بذلك زائدا على شرف جميع الأمم" انتهى بتصرف .
[ الدليل السابع ] : قوله سبحانه وتعالى (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ))
وهذا دليل واضح الدلالة في توقيره وتعظيمه في كل وقت وحين لأن حبه صلى الله عليه وآله وسلم وولاءه أصل الدين وأساسه ، فكل العبادات تسوق إليه وتطبع القلوب على حبه وهذا مقام شريف واحتفاء عزيز ، وما الاحتفال بالمولد إلا تطبيع النفس على كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم رجاء أن ينطبع حبه وحب آله في القلوب ليؤسس ذلك الحب ركن الإيمان ويشيد صرح اليقين ، فيا له من احتفاء وابتهاج عظيم يأمر الله به ملائكته فتتشرف بهذا التكريم ، ويأمر عباده المؤمنين بالصلاة عليه ، فيا له من شرف ما بعده شرف وتكريم وتخصيص حكيم بالمؤمنين ولم يقل سبحانه بالمسلمين لأن معرفة قدره حبيبه عزيزة المنال فأدنى مقامات معرفتها مقام الإيمان ، والإسلام دون ذلك .
[ الدليل الثامن ] : قوله سبحانه وتعالى (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ))
وفي هذا النص القرآني – أخي القارئ – ما لا يخفى عليك من تعظيم الله سبحانه وتعالى لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم وتوقيره وإظهار قدره للخلق أجمعين ، فهي آية عظيمة قدس الله فيها نفسه قبل ذكر قدر نبيه لما في ذلك من الحفاوة والتبجيل والتعظيم والتوقير لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم حتى أن سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت : "وما أرى ربك إلا ويسارع في هواك" . فهذا رب السماوات والأرض يقدس ويعظم ويفخم مسرى حبيبه ويضم اسمه إلى اسمه في كل موقف .. ففي الشهادة لا يتم الإيمان إلا باسمه .. وفي الصلاة لا تتم إلا باسمه .. وفي معية الإسراء لا يكون الإسراء إلا لروحه ورسمه .
إن حادثة الإسراء والمعراج ابتهاج وعيد واضح للكون أجمع يجمع الله له صلى الله عليه وآله وسلم الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين والصديقين والصالحين والملائكة والمقربين ليكون هو الإمام وهم المأمومين ليعرفوا قدره العظيم .
[ الدليل التاسع ] : قوله سبحانه وتعالى (( إنا أنزلناه في ليلة مباركة )) مع قوله سبحانه (( إنا أنزلناه في ليلة القدر ))
نعت الله سبحانه وتعالى ليلة الإنزال لصفة سيد الرجال بأنها مباركة وأنها ذات قدر فقال سبحانه (( وما أدراك ما ليلة القدر ، ليلة القدر خير من ألف شهر ، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ، سلام هي حتى مطلع الفجر )) أي أن الله سبحانه وتعالى يُنزل ليلة القدر في كل سنة وفي كل شهر كبكبة من الملائكة وبالأرواح الصالحة من كل عالم مع روح سيد العوالم صلى الله عليه وآله وسلم وما ذلك إلا لعظيم القدر ، وما ذلك التكرار إلا لإعادة التذكار للعقول والأفكار الموفقة بمحبة سيد الأبرار صلى الله عليه وآله وسلم .
فإذا كان ذلك القدر للقرآن المنزل الذي هو خلقه صلى الله عليه وآله وسلم فكيف به صلى الله عليه وآله وسلم ؟ لا شك أنه قدر فوق قدر ، فإذا كانت شعائر الله ذات قدر مؤقتة في الزمان والمكان فالابتهاج به مطلق غير مقيد كما هو حال الذكر لأنه رحمة عامة ومنة تامة .
[ الفصل الثاني ] الأدلة من السنة المشرفة :
وأما الأدلة من السنة فكثيرة متظافرة ، تتلخص فيما يلي :
[ الدليل الأول ] : أخرج مسلم في صحيحه (2/819) عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين فقال : "ذاك يوم ولدت فيه ، وفيه أنزل علي" . وهذا نص في الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم لا يحتمل غيره . ولم أجد للمخالف جوابا عنه إلا طلب الاقتصار على الصيام فقط ، وهي ظاهرية محضة ، وتخصيص بدون مخصص ، لكنها مع ذلك موافقة لنا في مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف . ولله در الحافظ ابن رجب الحنبلي حيث قال في هذا المعنى في كتابه لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص98) : فيه إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده ، فإن أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعثته وإرساله إليهم ، كما قال تعالى (( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم )) (آل عمران:164) ، فصيام يوم تجددت فيه هذه النعمة من الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين حسن جميل ، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجددها بالشكر" انتهى .
والمقصود الوصول بهذه الطاعة إلى محبة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقد يتحقق هذه المقصود بأي وسيلة مشروعة ، فالوسائل لها حكم المقاصد إذا كان المقصد شرعيا .
[ الدليل الثاني ] : قد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم في صيام عاشوراء ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا : هو اليوم الذي أظفر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ، ونحن نصوم تعظيما له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "نحن أولى بموسى" . وأمر بصومه . أخرجه البخاري (7/215 ومسلم (رقم 1130) .
وفي هذا الحديث تأصيل لملاحظة الزمان والعناية به . وقد استدل أمير المؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجر العسقلاني بهذا الحديث على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، كما في فتوى له نقلها الحافظ السيوطي في "حسن المقصد في عمل المولد" انظر الحاوي للفتاوي (1/196) . فقال ما نصه : "فيستفاد منه الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة ، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة ، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم" انتهى .
[ الدليل الثالث ] : كان الصحابة رضي الله عنهم يتذاكرون فيه من سير الأنبياء ، فأرشدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذكر سيرته ، لأنه أفضل وأكمل الأنبياء والجامع لما كان متفرقا فيهم ، وما المولد إلا عمل بهذا الإرشاد النبوي لأن فيه ذكرا لسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
فقد أخرج الترمذي (تحفة الأحوذي 1/86) وقال الترمذي : غريب ، والدارمي (ا/26) والقاضي عياض في الشفا (1/408) :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون ، قال بعضهم : إن الله اتخذ إبراهيم خليلا ، وقال آخر : موسى كلمه الله تكليما ، وقال آخر : فعيسى كلمة الله وروحه ، وقال آخر : آدم اصطفاه الله ، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال : قد سمعت كلامكم وعجبكم ، إن ابراهيم خليل الله وهو كذلك ، وموسى نجي الله وهو كذلك ، وعيسى روحه وكلمته وهو كذلك ، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك ، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر ، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ، تحته آدم فمن دونه ولا فخر ، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح الله لي فيدخلنيها ، ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر ، وأنا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر . وهو حديث قوي ، وله شواهد رواه البيهقي في دلائل النبوة (5/270-500) . وأصل الحديث في الصحيحين .
ويؤيد هذه الرواية التي تؤكد على احتفاء الصحابة بذكرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهذا كعب الأحبار رضي الله عنه يتذاكر مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فضائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما خصه به ، فقال كعب : ما من فجر إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفون بالقبر يضربون أجنحتهم ويصلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط سبعون ألفا حتى يحفوا بالقبر فيضربون بأجنحتهم فيصلون على النبي سبعون ألفا بالليل وسبعون ألفا بالنهار حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين من الملائكة يزفونه –وفي لفظ يوقرونه- رواه إسماعيل القاضي وابن بشكوال والبيهقي في الشعب والدارمي وابن المبارك في الرقائق وهو حديث صحيح*.
* انظر جزء فضل الصلاة على النبي (ص83-84) رقم (102) من طريق ابن المبارك ، وفيه ابن لهيعة قد صرح بالتحديث ، وأخرجه الدارمي في سننه (1/420) بطريق آخر ورجاله ثقات ، وإقرار عائشة له حكم الموقوف ، انظر القول البديع (ص52)
[ الدليل الرابع ] : قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في كتابه : "مورد الصادي في مولد الهادي" : قد صح أن أبا لهب يخفف عنه العذاب في مثل يوم الإثنين لإعتاقه ثويبة سرورا بميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أنشد :
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه == وتبت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الإثنين دائما == يخفف عنه بالسرور أحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره == بأحمد مسرورا ومات موحدا
فإذا كان هذا الكافر الذي جاء القرآن بذمه يخفف عنه العذاب لفرحه بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فما بال الذي يحتفل بذلك .
وهذا ما ذكره وقرره أيضا شيخ القراء والمحدثين الحافظ شمس الدين بن الجزري في "عرف التعريف بالمولد الشريف"
[ الدليل الخامس ] : قال الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي في رسالة "حسن المقصد" (وهي في كتابه الحاوي 1/196) : وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عق عن نفسه بعد النبوة ، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته ، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية ، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين ، وتشيع لأمته كما كان يصلي على نفسه ، لذلك فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات . انتهى .
[ الدليل السادس ] : لقد صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في فضل الجمعة : "وفيه خلق آدم" أخرجه مالك في الموطأ (1/108) والترمذي (رقم 491) وقال : حسن صحيح .
فقد تشرف يوم الجمعة بخلق آدم ، فبدلالة النص وفحوى الخطاب وقياس الأولى ثبت فضل اليوم الذي ولد فيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .
ولا يختص هذا الفضل بنفس اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقط ، بل يكون له نفس الفضل كلما تكرر ، كما هو الفضل في يوم الجمعة .
[ الدليل السابع ] : فيما أخرجه البخاري (الفتح 8/270) وغيره عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين ، آية في كتابكم ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا . فقال : أي آية ؟ قال : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) (المائدة:3) فقال عمر : إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه ، والمكان الذي نزلت فيه ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائم بعرفة يوم الجمعة .
وأخرج الترمذي (5/250) عن ابن عباس نحوه وقال : فيه نزلت في يوم عيد من يوم جمعة ويوم عرفة ، وقال الترمذي : وهو صحيح .
وفي هذا الأثر موافقة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه على اتخاذ اليوم الذي حدثت فيه نعمة عظيمة عيدا ، لأن الزمان ظرف للحدث العظيم ، فعند عود اليوم الذي وقعت فيه الحادثة يكون موسما لشكر تلك النعمة وفرصة لإظهار الفرح والسرور بها .
[ الدليل الثامن ] : أعمال البر التي يشتمل عليها المولد ، إن الاحتفال بالمولد يشتمل على كثير من أعمال البر كالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذكر والصدقة ، ومدح وتعظيم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر شمائله الشريفة وأخباره المنيفة ، وكل هذا مطلوب شرعا ومندوب إليه . وما كان يبعث ويساعد على المطلوب شرعا فهو مطلوب ، لذا قال تعالى مخبرا أنه هو وملائكته يصلون على النبي (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )) (الأحزاب:56)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (3/506) : "والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملإ الأعلى ، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين ، وأن الملائكة تصلي عليه ، ثم أمر الله تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه أهل العالمين العلوي والسفلي" انتهى .
وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مدح نفسه وغيره من الأنبياء السابقين ، ورغب في ذلك ، وعمل به الصحابة بحضرته ، فرضي ودعا لمن مدحه وأثابه .
وأخرج أحمد (4/24) وابن أبي شيبة (6/180) والطبراني في المعجم الكبير (1/رقم842) عن الأسود بن سريع قال : قلت : يا رسول الله مدحت الله بمدحة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هات وابدأ بمدحة الله .
في إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو مختلف فيه ، وذكره الذهبي في جزئه المفيد "من تكلم فيه وهو موثق" برقم (249) ، وقال "صويلح الحديث" وقد روى له مسلم مقرونا بغيره .
لكن أخرج حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان (ص413 رقم 723) عن أبي سعيد الأشج ، حدثنا عبد السلام بن حرب بن عوف عن الحسن ، عن الأسود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه .
إسناده صحيح ، مسلسل بالثقات المحتج بهم في الصحيح ، وعوف هو ابن أبي جميلة ، والحسن هو البصري ، وقد سمع من الأسود .
ومدح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء على لسان عدد من الصحابة ، فقد أخرج أحمد في المسند (3/451) وابن عساكر في التاريخ (مختصر ابن منظور 12/158) عن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه قال :
وفينا رسول الله يتلو كتابه == إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا == به موقنات أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه == إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
والاستماع للحادي في المدح جائز لا شيء فيه ، ففي صحيح البخاري (كتاب الأدب باب ما يجوز من الشعر 5/294) عن سلمة بن الأكوع : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع : ألا تسمعنا من هنيهاتك . قال : وكان عامر رجلا شاعرا فنزل يحدو بالقوم يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولاتصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتفينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا
إنا إذا صيح بنا أتينا
وبالصياح عولوا علينا
ولهذا نظائر ، انظر صحيح البخاري (كتاب الأدب ، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه ، وباب المعاريض مندوحة عن الكذب) وفي صحيح مسلم في أوائل كتاب الشعر من صحيحه .
[ الدليل التاسع ] : ذكر ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم" (2/634-635) وقال المروزي : سألت أبا عبد الله عن القوم يبيتون فيقرأ قارئ ويدعون حتى يصبحوا . قال : "أرجو أن لا يكون به بأس" ، وقال أبو سري الحربي قال أبو عبد الله : وأي شيء أحسن من أن يجتمع الناس –يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم- ويذكرون ما أنعم الله عليهم كما قالت الأنصار ؟ ...
[ الدليل العاشر ] : وأورد السيوطي في الدر المنثور عند تفسير سورة الجمعة من طريق عبد بن حميد وابن سيرين بسند صحيح : نبئت أن الأنصار قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا : لو نظرنا يوما فاجتمعنا فذكرنا هذا الأمر ، الذي أنعم الله به علينا ، فقالوا : يوم السبت ، ثم قالوا : لا نجامع اليهود في يومهم ، قالوا : الأحد ، قالوا : لا نجامع النصارى في يومهم ، قالوا : فيوم العروبة وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة فاجتمعوا في بيت أبي أمامة أسعد بن زرارة فذبحت لهم شاة فكفتهم** انتهى .
ترى أيها القارئ أن هذا الحديث يمكن أن يستفاد منه أمور منها :
-فيما يتعلق بالأمور المستجدة ، يمكن أن يفهم من هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أقر ما يحدث من الأعمال مما يشهد له أصل من أصول الشريعة ، فقد أقرهم صلى الله عليه وآله وسلم على اجتماعهم في هذا اليوم ، دون أن ينتظروا إذنا منه فضلا عن أمر منه صلى الله عليه وآله وسلم .
-يفهم من هذا الحديث كما استدل به ابن تيمية رحمه الله ضرورة مخالفة النصارى واليهود في كل ما هو من سماتهم وشيمتهم خصوصا ما له تعلق بأمر من أمور العبادات .
-ويفهم منه استحباب ذكر النعمة والاحتفاء والاحتفال بأيامها ، وذلك أخذا من حديث الأنصار بمنة الله عليهم يوم وصلوا الإسلام ، ومن بحثهم عن يوم يختارونه لإظهار فرحتهم بذلك الحدث السعيد .
** ذكره ابن حجر في الفتح (2/355) ، ثم قال وهذا وإن كان مرسلا فله شاهد بإسناد حسن في حديث كعب بن مالك اه وذكره ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/635)
[ الدليل الحادي عشر ] : جميع الأحاديث والآثار التي تحض وتأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأعظم دليل بالابتهاج والاحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الإمام السخاوي رحمه الله تعالى في القول البديع (ص33) إن في الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أي وقت كان وكيفية ذلك على اختلاف أنواعه ، والأمر بتحسين الصلاة عليه والترغيب في حضور المجالس التي يصلي فيها عليه ، وإن علامة أهل السنة*** الكثرة منها ، وإن صلاة الملائكة عليه صلى الله عليه وآله وسلم على الدوام لدليل عظيم على توقيره وتعظيمه ، كما قال الإمام الحليمي في شعب الإيمان : إن التعظيم منزلة فوق المحبة ، فحق علينا أن نحبه ونبجله ونعظمه أكثر من إجلال عبد لسيده .. إلى أن قال : وبمثل هذا نطق الكتاب ووردت أوامر الله تعالى بالآيات والأحاديث انتهى .
*** انظر القول القول البديع (ص52) [ الفصل الثالث ] دليل الإجماع :
أما أدلة الإجماع فقد انعقد على استحسان الاحتفال بالمولد .
وما جاء في أثر ابن مسعود رضي الله عنهما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح). كشف الأستار عن زوائد البزار" (1/81)، و "مجمع الزوائد" (1/177)
قال ابن كثير: "وهذا الأثر فيه حكايةُ إجماعٍ عن الصحابة في تقديم الصديق، والأمر كما قاله ابن مسعودٍ".
وقال الشاطبي في "الاعتصام" (2/655)إن ظاهره يدل على أن ما رآه المسلمون بجملتهم حسناً؛ فهو حسنٌ، والأمة لا تجتمع على باطلٍ، فاجتماعهم على حسن شيءٍ يدل على حسنه شرعاً؛ لأن الإجماع يتضمن دليلاً شرعياً")
وقد استحسن عمل المولد جمهور الائمة والعلماء وتبعهم سائر الإمة الإسلامية
1- ابن جبير الرحالة وذكره إلإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع اهل مكة المكرمة
من أقدم المصادر التي ذكر فيها إقامة احتفال عام لذكرى المولد هي كتاب رحال
(ص. 114 115) لابن جبير (ولد عام 540 هجرية):
قال (يفتح هذا المكان المبارك أي منزل النبي صلى الله عليه وسلم ويدخله جميع الرجال للتبرّك به في كل يوم اثنين من شهر ربيع الأول ففي هذا اليوم وذاك الشهر ولد النبي صلى الله عليه وسلم.)
فكان الإحتفال في شهر ربيع الأول في يوم مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم هو عمل المسلمين قبل قدوم ابن جبير إلى مكة والمدينة و كان يحتفل به أهل السنة في أرض الله المكرمة وما ذكر عن صاحب إربل الملك المظفر كان أول من اظهر الاحتفال بالمولد وتوسع فيه
وقد دخل ابن جبير مكة في عام 16 شوال 579هـ ومكث أكثر من ثمانية أشهر وغادرها الخميس الثاني والعشرون من ذي الحجة 579هـ متوجهاً إلى المدينة المنورة كما هو مذكور في رحلته و مكث ابن جبير خمسة أيام فقط بالمدينة المنورة وغادرها ضحى يوم السبت الثامن من محرم 580هـ .
2- الشخ الصالح عمر الملا (المتوفى سنة 570 ) وقاهر الصليبين السلطان نور الدين زنكي والاحتفال بالمولد النبوي الشريف
ومن أوائل من احتفل به من علماء أهل السنة من أهل المشرق الشيخُ الصالحُ عمر المَلاَّ الموصلي المتوفى سنة 570 مع صاحب الموصل وكان السلطان نور الدين من اخص محبيه
ذكر الحافظ أبو شامة في حوادث سنة 566 من كتاب الروضتين في أخبار الدولتين
(فصل
قال العماد: وكان بالموصل رجل صالح يعرف بعمر الملاَّ، سمى بذلك لأنه كان يملأ تنانير الجص بأجرة يتقوَّت بها، وكل ما عليه من قميص ورداء، وكسوة وكساء، قد ملكه سواه واستعاره، فلا يملك ثوبه ولا إزاره. وكن له شئ فوهبه لأحد مريديه، وهو يتجر لنفسه فيه، فإذا جاءه ضيف قراه ذلك المريد. وكان ذا معرفة بأحكام القرآن والأحاديث النبوية.
كان العلماء والفقهاء، والملوك والأمراء، يزورونه في زاويته، ويتبركون بهمته، ويتيمنَّون ببركته. وله كل سنة دعوة يحتفل بها في أيام مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضره فيها صاحب الموصل، ويحضر الشعراء وينشدون مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحفل.
وكان نور الدين من أخص محبيه يستشيرونه في حضوره، ويكاتبه في مصالح أموره.) انتهى
وكذا ذكره وكذا ابنُ كثير في حوادث نفس السنة من تاريخه
والشيخ الصالح عمر الملا الموصلى قال فيه الذهبي
وقد كتب الشيخ الزاهد عمر الملاّ الموصلي كتاباً إلى ابن الصابوني هذا يطلب منه الدعاء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 130
وكان ذلك تحت إمرة الملك العادل السُّنِّيِّ نور الدين محمود زنْكِي الذي أجمع المؤرخون على ديانته وحسن سيرته، وهو الذي أباد الفاطميين بمصر واستأصلهم وقهر الدولة الرافضية بها وأظهر السنة وبني المدارس بحلب وحمص ودمشق وبعلبك وبنى المساجد والجوامع ودار الحديث، كما نصّ على ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 20 ص 532- 535.
وقد ذكر ابن كثير في تاريخه عن السلطان نور الدين
(: أنّه كان يقوم في أحكامه بالمَعدلَةِ الحسنة وإتّباع الشرع المطهّر وأنّه أظهر ببلاده السنّة وأمات البدعة وأنّه كان كثير المطالعة للكتب الدينية متّبعًا للآثار النبوية صحيح الاعتقاد قمع المناكير وأهلها ورفع العلم والشرع.)
ابن كثير في تاريخه ج12 ص 278
وقال عنه ابن الأثير في تاريخه ج9 ص125:
طالعت سِيَرَ الملوك المتقدمين فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته, قال: وكان يعظم الشريعة ويقف عند أحكامها.)انتهى
فاي كلام بعد ذلك أخي المسلم انظر وتأمل
وذلك يعني أن أول من احتفل به من الملوك السُّنِّيينَ واحتفل به في مكة والمدينةة والموصل واربل وغيرها بعيداً عن الفاطميين فذلك مسلَّمٌ له وإن كان يعني بذلك أول من أحتفل به مطلقا أو من احتفل به من علماء المسلمين فقد ورد في فتاوي الأزهر ج8 ص 255: عن المفتي الشيخ عطية صقر: أنّه كان يُحتفَل به بمصر فيما قبل سنة 488 .
وتقدم أيضا أنّ الشيخ عمر المَلاَّ كان يحتفل به بالموصل قبل وفاته في سنة 570,
وتقدم إحتفال أهل مكة قبل دخول ابن جبير
وكُوكْبُرِي هذا إنما كان يحتفل به في مدينة إرْبَلْ بعد أن ولاَّه عليها صلاح الدين الأيوبي سنة 586 أي بعد وفاة الشيخ عمرا لمَلاَّ بستة عشر سنة.
3- الملك الصالح السني المظفر أبو سعيد كوكبري والإحتفال بالمولد النبوي الشريف (549هـ- 630هـ)
قال ابن كثير في البداية والنهاية
الملك المظفر أبو سعيد كوكبري
(ابن زين الدين علي بن تبكتكين أحد الاجواد والسادات الكبراء والملوك الامجاد له آثار حسنة وقد عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون وكان قدهم بسياقه الماء إليه من ماء بذيرة فمنعه المعظم من ذلك واعتل بأنه قد يمر على مقابر المسلمين بالسفوح وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الاول ويحتفل به احتفالا هائلا وكان مع ذلك شهما شجاعا فاتكا بطلا عاقلا عالما عادلا رحمه الله وأكرم مثواه وقد صنف الشيخ أبو الخطاب ابن دحية له مجلدا في المولد النبوي سماه التنوير في مولد البشير النذير فأجازه على ذلك بألف دينار وقد طالت مدته في الملك في زمان الدولة الصلاحية وقد كان محاصر عكا وإلى هذه السنة محمود السيرة والسريرة قال السبط حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف راس مشوى وعشرة آلاف دجاجة ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى .) انتهى
البداية والنهاية (13\136)
وقال في عدله وصلاحه وعلمه الإمام الذهبي
(صَاحِبُ إِرْبِلَ، كُوْكْبُرِي بنُ عَلِيٍّ التُّرُكْمَانِيُّ السُّلْطَانُ الدَّيِّنُ، المَلِك المُعَظَّمُ، مُظَفَّر الدِّيْنِ، أَبُو سَعِيْدٍ كُوْكْبُرِي بن عَلِيِّ بن بكتكين بن مُحَمَّدٍ التُّرُكْمَانِيّ ... وَكَانَ مُحِبّاً لِلصَّدقَة، لَهُ كُلّ يَوْم قنَاطير خُبْز يُفرِّقهَا، وَيَكسو فِي العَامِ خلقاً وَيُعْطِيهُم دِيْنَاراً وَدِيْنَارَيْنِ، وَبَنَى أَرْبَع خَوَانك لِلزَّمْنَى وَالأَضرَّاء، وَكَانَ يَأْتيهِم كُلّ اثْنَيْنِ وَخَمِيْس، وَيَسْأَل كُلّ وَاحِد عَنْ حَالِه، وَيَتفقَّده، وَيُبَاسِطه، وَيَمزح مَعَهُ... وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، خَيِّراً، سُنِّيّاً، يُحبّ الفُقَهَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَرُبَّمَا أَعْطَى الشُّعَرَاء، وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ انْهَزَم فِي حرب).
سير أعلام النبلاء (22\336)
فانظر أخي مالك عادل صالح سني عالم ولم يذكر ما يذكره المعارض من مبتدع زنديق وغيرها فتأمل وتتبع أقوال الائمة وأترك أقوال الادعياء تسلم من الزلل.
بل المظفر أبو سعيد الكوكبري من قواد جيوش صلاح الدين الايوبي في معركة حطين
وزوج شقيقته ربيعة...
4- الإمام أبو الخطاب ابن دحية (544هـ- 633هـ)
ألف للملك المظفر ابو سعيد الكوكبري في المولد النبوي سماه التنوير في مولد البشير النذير فأجازه على ذلك بألف دينار.
البداية والنهاية (13\136)
سير أعلام النبلاء (22\336)
وفيات الأعيان | ج 1 | ص 437 و 381
ورسالة حسن المقصد للسيوطي | ص 75 و 77 و 80 السيرة الحلبية | ج 1 : ص 83 | 84
" وأبو الخطاب ابن دحية هو الذي قال الإمام الذهبي في ترجمته:
(الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ المُتَفَنِّنُ ... رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ. فَقَالَ: كَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَأَنَسَةٌ بِالحَدِيْثِ، فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ).
وقال ابن خَلِّكان في ترجمة الحافظ أبي الخطاب بن دِحية:
(كان أبو الخطاب المذكور من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متقناً لعلم الحديث النبوي وما
يتعلق به، عارفاً بالنحو واللغة وأيام العرب وأشعارها، واشتغل بطلب الحديث في أكثر بلاد الأندلس الإسلامية، ولقي بها علماءها ومشايخها).
5- الإمام أبي شامة (599 ـ 665 هـ)
وهو شيخ الإمام الحافظ النووي
قال في كتابه (الباعث على إنكار البدع والحوادث_ص23) ما نصه:
(( ومن احسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور, فإن ذلك مشعر بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكرا لله تعالى على ما من به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين))
6- الإمام الحافظ ابن الجوزي المتوفّى سنة 597
حيث قال في المولد الشريف إنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام.)
المواهب اللدنية | ج 1 ص 27 ، وتاريخ الخميس | ج 1 ص 223 و روح البيان في تفسير القرءان ج 9 ص 2 و السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي (1/83 - 84)
وذكر أن له مولد ومختلف فيه بين صحة نسبه إليه أو لغيره ويهمنا قوله السابق والمولد المنسوب بأسم مولد باسم العروس، وقد طبع في مصر
7- الإمام العلامة صدر الدين موهوب بن عمر الجزري الشافعي 559هـ-665.
قال: (هذه بدعة لا بأس بها، ولا تكره البدع إلا إذا راغمت السنة، وأما إذا
لم تراغمها فلا تكره، ويثاب الإنسان بحسب قصده)
صدر الدين موهوب
وهو العلامة موهوب بن عمر بن موهوب بن إبراهيم الجزري، الشافعي ( صدر الدين): من قضاة مصر. مولده بالجزيرة (بوطان) سنة (559هـ). قدم الشام وتفقه. وكان فقيها بارعا أصولياً أديباً. تفقه وبرع في المذاهب والأصول والنحو، ودرس وأفتى وتخرج به جماعة، وكان من الفضلاء الزمان. قدم الديار المصرية وولى بها القضاء دون القاهرة. وولي نيابة الحكم عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام فلما عزل نفسه استقل بها.
شذرات الذهب: 5/320-321 ، مشاهير الكرد:2/210
8- من علماء المغرب الفقيهان العالمان الأميران أبو العباس ( مات سنة 633) وابنه أبو القاسم (مات سنة 677.) العزفيان السَّبْتِيان
وهما من الأئمة كما قال صاحب المعيار ج11 ص379. فأما الأول فقد قال عنه ابن حجر في تبصير المنتبه ج1 ص253: كان زاهدًا إمامًا مفنّنًا مُفْتِيًّا ألَّفَ كتاب المولد وجوّده مات سنة 633.
وأمّا الثاني فقد قال عنه الزركلي في الأعلام ج5 ص223: كان فقيها فاضلا, له نظم أكمل الدر المنظم , في مولد النبي المعظّم من تأليف أبيه أبى العباس بن أحمد. مات سنة 677.
ومما جاء في كتابهم في كتاب الدر المنظم والذي لم ير سبيله إلى النشر:
(كان الحجاج الأتقياء والمسافرون البارزون يشهدون أنه في يوم المولد في مكة لا يتم بيع ولا شراء كما تنعدم النشاطات ما خلا وفادة الناس إلى هذا الموضع الشريف. وفي هذا اليوم أيضاً تفتح الكعبة وتزار.)
9-الحافظ محمد بن ابي بكر بن عبدالله القيسي الشافعي المعروف بالحافظ ابن
ناصر الدين الدمشقي المولود سنة (777هـ) والمتوفى سنة (842هـ)
قد صنف في المولد النبوي الشريف أجزاء عديدة ذكرها صاحب كشف الظنون ص (319)
ومنها جامع الآثار في مولد النبي المختار ومنها اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق.
قال عنه الحافظ ابن فهد في لحظ الألحاظ ذيل تذكرة الحفاظ: هو إمام مؤرخ له
الذهن الصافي السليم تولى مشيخة اهل دار الحديث بالأشرفية بدمشق)
وألف في ذلك ايضاً ( مورد الصادي في مولد الهادي )
ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد الدمشقي :
إذا كان هذا الكافـــــر جـــاء ذمه
بتبـت يداه في الجحيم مخلــدا
أتى أنه في يوم الاثنيـــن دائمــــاً
يخفف عنه للســرور بأحمــدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره
بأحمد مسرورا ومات موحدا
10- الحافظ ابن كثير (700 هـ- 774هـ)
الحافظ ابن كثير: وهو عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير صاحب التفسير
صنف الإمام ابن كثير مولدا نبويا طبع أخيرا بتحقيق
الدكتور صلاح الدين المنجد.
11- الإمام محمد بن أبي إسحق بن عباد النفزي (733هـ- 805هـ)
، ففي كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب (11/278) ما نصه:
(وسئل الولي العارف بالطريقة والحقيقة أبو عبد الله بن عباد رحمه الله ونفع به عما يقع في مولد النبي صلى الله عليه وسلم من وقود الشمع وغير ذلك لأجل الفرح والسرور بمولده عليه السلام.
فأجاب: الذي يظهر أنه عيد من أعياد المسلمين، وموسمٌ من مواسمهم، وكل ما يقتضيه الفرح والسرور بذلك المولد المبارك، من إيقاد الشمع وإمتاع البصر، وتنزه السمع والنظر، والتزين بما حسن من الثياب، وركوب فاره الدواب؛ أمر مباح لا ينكر قياساً على غيره من أوقات الفرح، والحكم بأن هذه الأشياء لا تسلم من بدعة في هذا الوقت الذي ظهر فيه سر الوجود، وارتفع فيه علم العهود، وتقشع بسببه ظلام الكفر والجحود، يُنْكَر على قائله، لأنه مَقْتٌ وجحود.
وادعاء أن هذا الزمان ليس من المواسم المشروعة لأهل الإيمان، ومقارنة ذلك بالنيروز والمهرجان، أمر مستثقل تشمئز منه النفوس السليمة، وترده الآراء المستقيمة).
12- شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني (724 هـ - 805 هـ)
قال العلامة المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار" ج3 ص167
فلما كانت أيام الظاهر برقوق عمل المولد النبويّ بهذا الحوض في أوّل ليلة جمعة من شهر ربيع الأول في كلّ عام فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوض وجلس السلطان وعن يمينه شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصر البلقيني ويليه الشيخ المعتقد إبراهيم برهان الدين بن محمد بن بهادر بن أحمد بن رفاعة المغربيّ ويليه ولد شيخ الإسلام ومن دونه وعن يسار السلطان الشيخ أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزريّ المغربيّ ويليه قضاة القضاة الأربعة وشيوخ العلم ويجلس الأمراء على بعد من السلطان فإذا فرغ القراء من قراءة القرآن الكريم قام المنشدون واحدًا بعد واحد وهم يزيدون على عشرين منشدًا فيدفع لكل واحد منهم صرّة فيها أربعمائة درهم فضة ومن كلّ أمير من أمراء الدولة شقة حرير فإذا انقضت صلاة المغرب مدّت أسمطة الأطعمة الفائقة فأكلت وحمل ما فيها ثم مدّت أسمطة الحلوى السكرية من الجواراشات والعقائد ونحوها فتُؤكل وتخطفها الفقهاء ثم يكون تكميل إنشاد المنشدين ووعظهم إلى نحو ثلث الليل فإذا فرغ المنشدون قام القضاة وانصرفوا وأقيم السماع بقية الليل واستمرّ ذلك مدّة أيامه ثم أيام ابنه الملك الناصر فرج. )
وقريب منه في انباء الغمر الجزء 2 صفحة 562 للحافظ ابن حجر العسقلاني
( وعمل المولد السلطاني (المولد النبوي الشريف على العادة في اليوم الخامس عشر، فحضره البلقيني والتفهني وهما معزولان، وجلس القضاة المسفزون على اليمين وجلسنا على اليسار والمشايخ دونهم، واتفق أن السلطان كان صائما، فلما مد السماط جلس على العادة مع الناس إلى إن فرغوا، فلما دخل وقت المغرب صلوا ثم أحضرت سفرة لطيفة، فاكل هو ومن كان صائما من القضاة وغيرهم.)
13- علماء القرون السابع والثامن للمذاهب الاربعة والسلاطين والملوك في هذا الوقت
كان الخلفاء المسلمون يقيمون الاحتفال بالمولد النبوي، ومعهم قضاة المذاهب الأربعة، ومشاهير العلماء.
قال العلامة المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار" ج3 ص167
فلما كانت أيام الظاهر برقوق عمل المولد النبويّ بهذا الحوض في أوّل ليلة جمعة من شهر ربيع الأول في كلّ عام فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوض وجلس السلطان وعن يمينه شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصر البلقيني ويليه الشيخ المعتقد إبراهيم برهان الدين بن محمد بن بهادر بن أحمد بن رفاعة المغربيّ ويليه ولد شيخ الإسلام ومن دونه وعن يسار السلطان الشيخ أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزريّ المغربيّ ويليه قضاة القضاة الأربعة وشيوخ العلم ويجلس الأمراء على بعد من السلطان فإذا فرغ القراء من قراءة القرآن الكريم قام المنشدون واحدًا بعد واحد وهم يزيدون على عشرين منشدًا فيدفع لكل واحد منهم صرّة فيها أربعمائة درهم فضة ومن كلّ أمير من أمراء الدولة شقة حرير فإذا انقضت صلاة المغرب مدّت أسمطة الأطعمة الفائقة فأكلت وحمل ما فيها ثم مدّت أسمطة الحلوى السكرية من الجواراشات والعقائد ونحوها فتُؤكل وتخطفها الفقهاء ثم يكون تكميل إنشاد المنشدين ووعظهم إلى نحو ثلث الليل فإذا فرغ المنشدون قام القضاة وانصرفوا وأقيم السماع بقية الليل واستمرّ ذلك مدّة أيامه ثم أيام ابنه الملك الناصر فرج. )
وكذلك مثله ذكره جمال الدين أبو المحاسن يوسفي بن تَغْرِيْ بَرْدِيْ في (( النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة)) جـ12ص 72-74
وفي السلوك
(وفي ليلة الجمعة سابعه: عمل المولد السلطاني على العادة، في كل سنة وحضر الأمراء وقضاة القضاة الأربع ومشايخ العلم وجمع كبير من القراء والمنشدين، فاستدعى قاضي القضاة ولي الدين أحمد بن العراقي ليحضر، فامتنع من الحضور، فتكرر استدعاؤه حتى جاء فأجلس عن يسار السلطان حيث كان قاضي القضاة زين الدين التفهني جالساً، وقام التفهني فجلس عن يمين السلطان، فيما يلي قاضي القضاة علم الدين صالح ابن البلقيني.)
14- الحافظ العراقي (وهو شيخ الحافظ ابن حجر العسقلاني) (725هـ- 808 هـ)
له مولد باسم المورد الهني في المولد السني ذكره ضمن مؤلفاته
قال الحافظ العراقي رحمه الله تعالى : إن اتخاذ الوليمة وإطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إذا انضم إلى ذلك الفرح والسرور بظهور نور النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الشهر الشريف ولا يلزم من كونه بدعة كونه مكروها فكم من بدعة مستحبة بل قد تكون واجبة)
شرح المواهب اللدنية للزرقاني.
15- شيخ الإسلام وإمام الشراح ومحدث الدنيا الحافظ ابن حجر العسقلاني:
قال (أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة)) انتهى كلامه رحمه الله.
الفتاوى الكبرى (1/196). وحسن المقصد في عمل المولد للإمام السيوطي
16- الإمام العالم العلامة شيخ القراء و المحدثين قاضي القضاة شمس الدين محمد أبو الخير بن محمد بن محمد الجزرى (ت 833هـ)
له كتاب ( عرف التعريف بالمولد الشريف).
ونقل عنه الحافظ القسطلاني
قال القسطلاني : « قال ابن الجزري : فإذا كان هذا أبولهب الكافر الذي زل القرآن بذمه ، جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي ( ص ) به ، فما حال المسلم الموحّد من أمته عليه السلام ، الذي يسر بمولده ، ويبذل ما تصل اليه قدرته في محبته ؟ لعمري ، إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله العميم جنات النعيم)
المواهب اللدنية ج 1 ص 27 ، ورسالة حسن المقصد للسيوطي المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم ص 90 ـ 91 ، وتاريخ الخميس ج 1 ص 222
17- الإمام الحجة الحافظ السيوطي:
عقد الإمام الحافظ السيوطي في كتابه (( الحاوي للفتاوى))بابا أسماه (حسن المقصد في عمل المولد) ص189
18- في عهد الظاهر سيف الدين جقمق وقايت باي وبحضور الائمة والعلماء والقضاة من المذاهب الاربعة وإحتفال الناس
قال السخاوي ( وفي هذا الشهر ( ربيع الأول 845 ه في عهد السلطان جقمق)
كان المولد السلطاني ( المولد النبوي الشريف) على العادة..
ثم قال ولا زال أهل الإسلام يحتفلون بيوم مولده صلى الله عليه وسلم ويعملون الولائم لذلك ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويظهرون السرور ويزيدون في المبرات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر عليهم من بركاته فضل عميم....
قال ابن الجوزي ومما جرب من خواضه :أمان في ذلك العام وبرشى عاجلة بنيل البغية والمرام.
ثم قال السخاوي ( ولم يكن في ذلك إلا إرغام الشيطان وسرور أهل الإيمان لكفى )
السيرة الحلبيةج 1 ص 83 ـ 84 وراجع تاريخ الخميس ج 1 ص 223
وقال ابن حجر (وفي ليلة الإثنين حادي عشره كان المولد النبوي بالحوش على العادة وتغيظ السلطان فيه على القاضي الحنفي بسبب تأخيره
انباء الغمر الجزء 1 صفحة 708 – حوادث سنة 849هــ
وذكر عند ابن اياس إعتياد سلاطين المماليك الاحتفال به بين الاول والثاني عشر من شهر ربيع الاول وذلك في خيمة تضرب في حوش قلعة القاهرة بحضور الفقهاء والقضاة الاربعة والشعراء ويقدم لكل من الواعظين كمية من الدراهم ثم تمد أسمطة الحلوى. ومما حدث في مولد سنة 885هـ/ 1480م حضور كاتب السر ومعه ستة طواشية يحملون ستة أطباق فيها ستون ألف دينار ذهب عين تبرع بها السلطان لشراء أماكن توقف لإطعام فقراء المدينة المنورة، وكانت الخيمة من قماش بلغ مصروفها ثلاثة وثلاثين ألف دينار من أيام السلطان قايتباي.
راجع في ذلك ابن اياس ( بدائع الزهور في وقائع الدهور )
19- الإمام الحافظ السخاوي.(ولد 831 هـ)
له مولد باسم الفخر العلوي في المولد النبوي
قال رحمه الله في فتاويه: (عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد، ثم لا زال أهل الإسلام في سائر الأقطار والمدن الكبار يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه وسلم بعمل الولائم البديعة، المشتملة على الأمور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور ويزيدون في المبرات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم).
"المورد الروي في المولد النبوي" لملا علي قارى (ص12) و السيرة الحلبيةج 1 ص 83 ـ 84 وراجع تاريخ الخميس ج 1 ص 223
وقال في ترجمة أحد تلاميذه: (سمع مني تأليفي في المولد النبوي بمحله وفي السنة قبلها تأليف العراقي فيه أيضاً).
وقال صاحب كشف الظنون : للحافظ السخاوي جزء في المولد الشريف.
وذكرنا بعض أقواله في التراجم
20-العلاَّمة الشّيخ محمد بن عمر بحرق الحضرمي الشافعي (ت:930 هـ)
قال في كتابه (حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار) طبعة دار المنهاج ص(53-58): (فحقيقٌ بيومٍ كانَ فيه وجودُ المصطفى صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَّخذَ عيدًا، وخَليقٌ بوقتٍ أَسفرتْ فيه غُرَّتُهُ أن يُعقَد طالِعًا سعيدًا، فاتَّقوا اللهَ عبادَ الله، واحذروا عواقبَ الذُّنوب، وتقرَّبوا إلى الله تعالى بتعظيمِ شأن هذا النَّبيِّ المحبوب، واعرِفوا حُرمتَهُ عندَ علاّم الغيوب، "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ
تَقْوَى الْقُلُوبِ").
21- العلامة الحافظ ابن حجر الهيتمى (ت 975)
وهو . شهاب الدين مفتي الحجاز أبو الفضل أحمد بن محمد بدر الدين بن حجر السعدي الهيتمي
له كتاب « النعمة الكبرى على العالم ، في مولد سيد ولد آدم »
وقد قال ابن حجر الهيثمي رحمه الله تعالى: والحاصل أن البدعة الحسنة متفق
على ندبها وعمل المولد واجتماع الناس له كذلك أي بدعة حسنة.)
وكذلك في فى كتابه "الفتاوى الحديثية"صـ 202
22- الأمام الشهاب أحمد القسطلاني (شارح البخاري):
حيث قال في كتابه: (المواهب اللدنية- 1-148-طبعة المكتب الإسلامي)
ما نصه: « ... ولازال أهل الاسلام يحتفلون بشهر مولده عليه السلام ، ويعملون الولائم ، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ، ويظهرون السرر ويزيدون في المبرّات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ، ويظهر عليهم من بركاته كلّ فضل عميم » .
ثم قال
((فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على
من في قلبه مرض وإعياء داء)) أه.
23-الإمام خاتمة المحدثين "الزرقانى"
فى شرحه على "المواهب اللدنية" سبق سرد بعض النقول من كتبه
24-الإمام الحافظ وجيه الدين بن علي بن الديبع الشيباني الزبيدي (866هـ 944هـ)
له مولد مشهور مولد ابن الديبع الشيباني طبع وعلق عليه محدث الحرمين الحجاز محمد بن علوي المالكي
25- الحافظ ملا علي القاري بن سلطان بن محمد الهروي: المتوفى سنة (1014هـ)
صاحب شرح المشكاة ترجم له الشوكاني في (البدر الطالع) وقال: أحد مشاهير الأعلام ومشاهير أولي الحفظ والإفهام وقد صنف في مولد الرسول{ صلى الله عليه وآله وسلم }كتابا قال صاحب اكشف الظنون اسمه (المورد الروي في المولد النبوي).
26- الامام ابن عابدين «صاحب القول المعتمد في المذهب الحنفي»
قال واصفا المولد بأنه «من اعظم القربات»
قال ابن عابدين في شرحه على مولد ابن حجر : اعلم أن من البدع المحمودة عمل المولد الشريف من الشهر الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم .)
وقال (فالاجتماع لسماع قصة صاحب المعجزات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات أعظم القربات لما يشتمل عليه من المعجزات وكثرة الصلوات)
27- ابن القيم في كتابه مدارج السالكين:
« والاستماع إلى صوت حسن في احتفالات المولد النبوي أو أية مناسبة دينية أخرى في تاريخنا لهو مما يدخل الطمأنينة إلى القلوب ويعطي السامع نوراً من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قلبه ويسقيه مزيداً من العين المحمدية »
مدارج السالكين ص 498
28- الإمام الحافظ "عبد الرؤوف المناوى"
له مؤلف في المولد مشهور مطبوع متداول "بمولد المناوى" "انظر كتاب البراهين الجلية"صـ36
29- الامام محمد عليش المالكي
قال«ويكره صوم يوم مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحاقا له بالعيد في الجملة» منح الجليل شرح مختصر خليل باب الصيام 123\2
ومن مصنفاته: القول المنجي على مولد البرزنجي.
30- وقال ابن بطوطة (703 - 779هـ) في احتفال سدنة الكعبة وفتح باب الكعبة في يوم المولد
النبوي الشريف (الجزء الأول ص. 309 - 347)
ذكر مدينة مكة المعظمة
ويفتح في يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم ورسمهم في فتحة أنم يضعوا كرسيا شبه المنبر، له درج وقوائم خشب، لها أربع بكرات يجري الكرسي عليها، ويلصقونه إلى جدار الكعبة الشريفة، فيكون درجه الأعلى متصلا بالعتبة الكريمة، ثم يصعد كبير الشيبين وبيده المفتاح الكريم ومعه السدنة، فيمسكون الستر المسبل على باب الكعبة المسمى بالبرقع، بخلال ما يفتح رئيسهم الباب، فإذا فتحه قبل العتبة الشريفة، ودخل البيت وحده، وسد الباب، وأقام قدر ما يركع ركعتين، ثم يدخل سائر الشيبين، ويسدون الباب أيضا، ويركعون، ثم يفتح الباب، ويبادر الناس بالدخول ,
انتهى
31- ويروي ابن بطوطة (703 - 779هـ) في رحلته (الجزء الأول ص. 309 - 347) :
أنه بعد كل صلاة جمعة وفي يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم يفتح باب الكعبة بواسطة كبير بني شيبة، وهم حجّاب الكعبة، وأنه في يوم المولد يوزع القاضي الشافعي وهو قاضي مكة الأكبر نجم الدين محمد ابن الإمام محيي الدين الطبري الطعام على الأشراف وسائر الناس في مكة.
32- رحلة ابن بطوطة (703 - 779هـ) قال في ذكر سلطان تونس
(قال ابن جزي: اخترع مولانا أيده الله في الكرم والصدقات أموراً لم تخطر في الأوهام، ولا اهتدت إلأيها السلاطين. فمنها إجراء الصدقات على المساكين بكل بلد من بلاده علىالدوام. ومنها تعيين الصدقة الوافرة للمسجونين في جميع البلاد أيضاً، ومنها كون تلك الصدقات خبزاً مخبوزاً متيسراً للانتفاع به، ومنها كسوة المساكين والضعفاء والعجائز والمشايخ والملازمين للمساجد بجميع بلاده، ومنها تعيين الضحايا لهؤلاء الأصناف في عيد الأضحى، ومنها التصدق بما يجتمع في مجابي أبواب بلاده يوم سبعة وعشرين من رمضان إكراماً لذلك اليوم الكريم وقياماً بحقه، ومنها إطعام الناس في جميع البلاد ليلة المولد الكريم، واجتماعهم لإقامة رسمه)
33-وقال صلاح الدين الصفدي في اعيان العصر واعوان العصر
في ترجمة عبد الله بن الصنيعة المصري
الصاحب شمس الدين غبريال
(وكان يسمع البخاري في ليالي رمضان، وليلة ختمه يحتفل بذلك، ويعمل في كل سنة مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ويحضره الأكابر والأمراء والقضاة والعلماء ووجوه الكتاب، ويظهر تجملاً زائداً ويخلع على الذي يقرأ المولد، ويعمل بعد ذلك سماعاً للأمراء المحتشمين.)
34- وفي الاحاطة بأخبار غرناطة لـ لسان الدين ابن الخطيب
التلمساني
إبراهيم بن أبي بكر الأصاري إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري تلمساني وقرشي الأصل، نزل بسبتة، يكنى أبا إسحاق ويعرف
بالتلمساني.
تواليفه من ذلك الأرجوزة الشهيرة في الفرائض، لم يصنف في فنها أحسن منها. ومنظوماته في السير، وأمداح النبي، صلى الله عليه وسلم، من ذلك المعشرات على أوزان العرب، وقصيدة في المولد الكريم، وله مقالة في علم العروض الدوبيتي.انتهى
35- وفي الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة
محمد الجعيدي
محمد الرئيس، شمس الدين الجعيدي الدمشقي الشافعي المنشد الزاجل، رئيس دمشق في عمل المولد كان من محاسن دمشق التي انفردت بها، توفي في سنة خمس وستين وتسعمائة تقريباً.
36- وفي الكواكب السائرة
بديع بن الضياء
بديع بن الضياء، قاضي مكة المشرفة وشيخ الحرم الشريف بها قال ابن طولون: كان من أهل الفضل والرئاسة، قدم دمشق، ثم سافر إلى مصر فبلغه تولية قضاء مكة للشيخ زين الدين عبد اللطيف ابن أبي كثير، وأنه أخرج عنه قضاء جدة، فرجع إلى دمشق وأقام بها مدة، ثم سافر إلى الروم، فخرج من دمشق يوم السبت منتصف ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، بعد
أن حضر ليلة الجمعة التي قبل التاريخ المذكورة عند الشيخ علي الكيزواني، تجاه مسجد العفيف بالصالحية، وسمع المولد وشرب هو والشيخ علي وجماعته القهوة المتخذة من البن.) انتهى
37-وقال ابن الحاج رحمه الله تعالى:
( فكان يجب أن نزداد يوم الاثنين الثاني عشر في
ربيع الأول من العبادات والخير شكرا للمولى على ما أولانا من هذه النعم
العظيمة وأعظمها ميلاد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم(1)[22])
المدخل (1/361)
وقال ابن الحاج رحمه الله تعالى: ومن تعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم
الفرح بليلة ولادته وقراءة المولد).
الدرر السنية ص (190).
وابن الحاج المالكي لم يذم أصل المولد ، بل ذم المولد الذي اشتمل على
المحرمات والمنكرات ، وقد بين السيوطي ذلك فقال :
[[ وقد تكلم الإمام أبوعبدالله بن الحاج في كتابه ( المدخل ) على عمل المولد ، فأتقن الكلام فيه
جدا ، و حاصله مدح ما كان فيه من إظهار شعار وشكر ، وذم ما احتوى عليه من محرمات ومنكرات ..
ثم قال الإمام السيوطي
وأما قوله آخراً: إنه بدعة، فإما أن يكون مناقضاً لما تقدم أو يحمل على أنه بدعة حسنة كما تقدم تقريره في صدر الكتاب، أو يحمل على أن فعل ذلك خير والبدعة منه نية المولد، كما أشار إليه بقوله: فهو بدعة بنفس نيته فقط، وبقوله: ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد.
فظاهر هذا الكلام أنه كره أن ينوي به المولد فقط، ولم يكره عمل الطعام ودعاء الإخوان إليه، وهذا إذا حقق النظر لا يجتمع مع أول كلامه، لأنه حث فيه على زيادة فعل البر وما ذكر معه على وجه الشكر لله تعالى إذا أوجد في هذا الشهر الشريف سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وهذا هو معنى نية المولد فكيف يذم هذا القدر مع الحث عليه أولاً.
وأما مجرد فعل البر وما ذكر معه من غير نية أصلاً فإنه لا يكاد يتصور، ولو تصور لم يكن عبادة، ولا ثواب فيه إذ لا عمل إلا بنية، ولا نية هنا إلا الشكر لله تعالى على ولادة هذا النبي الكريم في هذا الشهر الشريف، وهذا معنى نية المولد فهي نية مستحسنة بلا شك فتأمل.
انتهى
38- وفي فتاوى ابن تيمية الجزء 23 ص. 134:
«فتعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس ويكون لهم فيه أجر عظيم لحسن قصدهم وتعظيمهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - »
39-الإمام الخطيب الشربيني: توفي 1014 هـ
له مولد باسم المولد الروي في المولد النبوي.
40- الإمام الباجوري
تحفة البشر على مولد ابن حجر - للشيخ إبراهيم ابن محمد الباجورى الشافعي المصرى المتوفى سنة 1276 ست وسبعين ومائتين وألف.
وكذلك حاشية على مولد الشيخ احمد الدردير المطبعة الخيرية 1304هـ .
41- وما جاء في"تاريخ البصروي" من عمل المولد وإجتماع الفقهاء والعلماء
( ما حدث حول الاحتفال بالمولد النبوي في القاهرة خلال ربيع الأول 902هـ/تشرين الثاني 1496م فقد ذكر البصروي أن السلطان قد احتفل بالمولد النبوي في 8 ربيع الأول، ثم"عمل في الثاني عشر مرة أخرى، ولم يحضر من جرت العادة بحضوره إلا الفقهاء والقضاة".
42- الحافظ الشريف الكتاني
له كتاب اليمن والإسعاد بمولد خير العباد
43-وفي معجم المطبوعات
ص 136 العفيفى " مصطفى " (الشيخ) مصطفى بن محمد العفيفي الشافعي (من أبناء أوائل القرن الثالث عشر للهجرة) فتح اللطيف شرح نظم المولد الشريف - وهو شرح على مولد البرزنجي - بولاق 1293
44-وفي معجم المطبوعات
(الشيخ) محمد الهجرسي المنظر البهي في مطلع مولد النبي - وما يتبعه
من أعمال المولد وحكم القيام عن ذكر مولده - مط العلمية 1321 ص 20
45-وفي معجم المطبوعات
ابن زيان العبد الوادي هو السلطان أبوحم موسى بن يوسف بن زيان العبد الوادي أحد ملوك بني زيان بمدينة تلمسان ملك سنة 753 إلى
788 ه كان يقرض الشعر ويحب أهله: وكان يحتفل ليلة المولد غاية الاحتفال بما هو فوق مواسم العام.
46-وجاء في التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة
إبراهيم - برهان الدين - بن جماعة الحموي: عم القاضي عز الدين بن جماعة، قال ابن صالح: جاور بالمدينة، وخطب بها جمعة واحدة آخر مرة عرضت للخطيب، وقد صحبته فيها وتحاببنا، وأخذت عنه بعض الفوائد، وكان من محافيظه: المفضل للزمخشري، وقال لي: إنه ارتحل إلى القاهرة، وعرضه على عمه البدر بن جماعة، وأخذت عنه من نظم عمه المذكور قوله:
لم أطلب العلم للدنيا التي اتفقت ... من المناصب، أو للجاه والمال
لكن سابقة الإسلام فيه، كما ... كانوا، فقدر ما قد كان من مال
وخطب ببيت المقدس نيابة عن ابن عمه، ومات بالقدس، أظنه سنة أربع وستين وسبعمائة، ودفن هناك، وكان يعمل طعاماً في المولد النبوي ويطعم الناس، ويقول: لو تمكنت عملت بطول الشهر كل يوم مولد، انتهى.
47- الحبيشي: أبو بكر بن محمد بن أبي بكر الحبيشي الأصل الحلبي المنشأ والوفاة تقي الدين الشافعي بسطامي الطريقة توفي سنة 930
له الكواكب الدرية في مولد خير البرية.
48- البرزنجي:
لسيد جعفر بن إسماعيل بن زين العابدين ابن محمد البرزنجي الحسيني مفتي الشافعية بالمدينة المنورة توفي بها سنة 1317 سبع عشرة وثلاثمائة وألف. من تصانيفه الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر صلى الله عليه وسلم وهو مشهور بمولد البرزنجي
49-وورد في (المنتقى المقصور في مآثر خلافة المنصور) لابن القاضي
أن المنصور كان يستدعي الناس أيام المولد النبوي على ترتيبهم فيقرأ بعض القراء شيئا من كلام الوالي الصالح محمد بن عباد ثم تقرأ الميلاديات ... ويتم إنشاد مقطعات الشعر (الباب الرابع)
50-وجاء في الاستقصا عن المولد في المغرب
قد بدأ الاحتفال بعيد المولد عام 671هـ / 1272 م بأمر السلطان يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المريني وصار عيدا من الأعياد في جميع المغرب وقد تم ذلك في (صبرة) بناحية (الملوية). وقد سبقه إلى ذلك بنو العزفي أصحاب سبتة
(الاستقصا ج 2 ص 43).
51- وقد ذكر الحسن الوزان
أنه في العصر المريني كان شعراء فاس يجتمعون كل عام بمناسبة المولد النبوي وينظمون القصائد وكانوا يجتمعون كل صباح في ساحة القناصل يصعدون منصة ويلقون قصائدهم الواحد تلو الآخر أمام الجماهير ويختار أحسن الشعراء نظما وترتيلا أميرا للشعراء في تلك السنة وكان ملوك بني مرين يقيمون مأدبة للشعراء في مدح الرسول يحضره السلطان وتقام منصة ويحكم الحاضرون على أحسن شاعر خلعة (مائة دينار وفرس وأمة مع خمسين دينارا للباقين) ولكن منذ مائة وثلاثين سنة تقريبا توقفت هذه العادة.
Leon L’Africain Sohefer T. 2 P. 131
52- وجاء في البيان لابن عذاري
وكان الناس يمشون في الأزقة بالمديح بمناسبة المولد النبوي في سبتة في عهد المرينيين .
-(البيان لابن عذاري ج 4 ص 486).
53- المولد النبوي في العهد العلوي
وكان المولد يقام بالمنازل كل سنة كما ورد في ترجمة الفاضل بن عبد المجيد السرغيني الذي كان يقيمه كل سنة بداره ويحضره العامة.
-(الأعلام للمراكشي ج 8 ص 21 (خ)
فبالله عليك أخي المسلم.. هل كل هذا الكم من علماء الأمة وفضلائها والذين يقولون بعمل المولد، وألفوا الكتب والمؤلفات في هذا الباب زنادقة أحفاد عبد الله بن سبأ اليهودي؟
وهل هؤلاء العلماء والذين ((يدين)) لهم العالم بأجمعه على ما صنفوه من الكتب النافعة في الحديث والفقه والشروحات
وغيرها من العلوم هم من الفجار مرتكبي الفواحش والموبقات؟
وهل هم، كما يزعم المعارض، يشابهون النصارى في احتفالهم بميلاد عيسى عليه السلام؟ وهل هم يقولون بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم ليبلغ ما ينبغي للأمة أن
تعمل به؟؟!
كل هذا الإجماع والاحتفال من السلاطين والملوك وبحضور الائمة والعلماء والأمة والقضاة من المذاهب الاربعة وإحتفال المسلمين في جميع الأمصار في المشرق والمغرب على مر العصور ماذا نقول فيه؟؟
إننا نترك لك، أخي المسلم، الإجابة على هذه الأسئلة!!
ونزيد ايضاً من بعض التراجم والأخبار من الإجماع وإحتفال الأمة الإسلامية مع سرد أقوال بعض المعاصرين
54- أحمد بن عبد الواحد بن المواز (1341هـ / 1922م)
له حجة المنذرين على تنطع المنكرين) رد بها على من نهى عن القيام لولادة الرسول عليه السلام
-(طبع بفاس عام 1338م)
55- (- مورد الظمآن لشرح مولد سيد ولد عدنان)
وهو شرح على مديح أحمد الدردير لتلميذه ابن قدور المغربي محمد اليزمي الإسكندري المكنى الأبيض. (وعادة أهل الإسكندرية قراءة هذه التآليف ليلة المولد).
56-(كمال الفرح والسرور بمولد مظهر النور)
لأحمد سكيرج (طبع على الحجر بفاس في 24 ص وله أيضا (ضوء الظلام في مدح الأنام) طبع على الحجر بفاس مرتين (12 ص و 16 ص).
57- (إسعاف الراغبين بمولد سيد المرسلين)
لعبد الصمد بن التهامي بن المدني جلون نزيل طنجة. (1352هـ /1933م). (ثلاثة كراريس)
58- (نظم) في المولد لعبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن سودة
(ط. على الحجر وعلى الحروف بفاس).
59- (ربيع القلوب في مولد النبي المحبوب)
للعربي بن عبد الله التهامي الوزاني الحسلي الرباطي 1339هـ / 1920م. -طبع على الحجر بالرباط ص 44
60-لمحمد بن محمد الحجوجي (1370هـ / 1950م)
له (بلوغ القصد والمرام بقراءة مولد خير الأنام)
61- (قصيدة رائعة في المولد النبوي).
لمحمد بن أحمد الصنهاجي وزير القلم في العهد الحسني
راجع نصها في الأعلام للمراكشي ج 7 ص 63 (ط – الرباط)
62- الأحدب الطرابلسي:
إبراهيم بن السيد علي الطرابلسي الحنفي نزيل بيروت توفي برجب سنة 1308 ثمان وثلاثمائة وألف. منظومة في مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
63- الإمام المرزوقي:
السيد أحمد بن محمد بن رمضان أبو الفوز المدرس في الحرم المكي له بلوغ المرام لبيان ألفاظ مولد سيد الأنام في شرح مولد أحمد البخاري فرغ منها سنة 1281.
64- الإمام النحراوي:
عبد الرحمن بن محمد النحراوي المصري الشهير بالمقري المتوفى سنة 1210 عشر ومائتين وألف. له حاشية على مولد النبي للمدابغي.
65-النبتيني:
علي بن عبد القادر النبتيني ثم المصري الحنفي الموقت بجامع الأزهر بالقاهرة المتوفى سنة 1061 إحدى وستين وألف من تصانيفه: شرح على مولد النجم الغيطي.
66- الشيخ الجزائري:
محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن أحمد ابن أبي بكر العطار الجزائري المتوفى سنة 707 سبع وسبعمائة له المورد العذب المعين في مولد سيد الخلق أجمعين.
نظم الدرر في مدح سيد البشر صلى الله عليه وسلم.
67- محمد نوير بن عمر بن عربي بن علي النووي أبو عبد المعطي الجاوي الفقيه
نزيل مصر ثم انتقل إلى مكة المكرمة وتوفي بها سنة 1315 خمس عشرة وثلاثمائة وألف من تصانيفه الإبريز الداني في مولد سيدنا محمد صلى الله عليع وسلم. بغية العوام في شرح مولد سيد الأنام عليه الصلاة والسلام لابن الجوزي.
68- محمد فوزي بن عبد الله الرومي الشهير بمفتي أدرنة
من قضاة عسكر روم أيلي توفي سنة 1318 ثمان عشرة وثلاثمائة وألف. له من التأليف إثبات المحسنات في تلاوة مولد سيد السادات.
69- السيد محمود بن عبد المحسن الحسيني القادري الشافعي مدني الأصل الدمشقي المعروف بابن الموقع مدرس البادرانية بالشام ولد سنة 1253 وتوفي سنة 1321 إحدى وعشرين وثلاثمائة وألف له من الكتب: حصول الفرج وحلول الفرح في مولد من أنزل عليه ألم نشرح.
70-سلامي الأزميري:
مصطفى بن إسماعيل شرحي الأزميري المتخلص بسلامي نزيل قسطنطينية المتوفى بها سنة 1228 ثمان وعشرين ومائتين وألف. له منظومة في مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
71- محمد بن محمد المنصوري الشافعي الشهير بالخياط
له اقتناص الشوارد من موارد الموارد - في شرح مولد الهيتمى تأليف فرغ منها سنة 1166 ست وستين ومائة وألف.
72- يوسف بن إسماعيل النبهاني صاحب التصانيف الشهيرة المولود سنة 1266
له النظم البديع في مولد الشفيع.
73- جعفر بن اسماعيل بن زين العابدين بن محمد الهادي بن زين بن السيد جعفر
مؤلف مولد النبي صلى الله عليه وسلم، له من التصانيف: الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر وهو شرح على مولد النبي للسيد جعفر بن حسن البرزنجي بهامشه القبول المنجي وهو حاشية الشيخ عليش على مولد البرزنجي مطبعة الميمنية 1310هـ .
74- الشيخ رضوان العدل بيبرس من أبناء القرن الرابع عشر للهجرة
له خلاصة الكلام في مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام طبع مطبعة بولاق 1313هـ يقع في 64 صفحة.
75- أبي الحسن : أحمد بن عبد الله البكري
له الأنوار ومفتاح السرور والأفكار في مولد النبي المختار وهو : كتاب جامع مفيد في مجلد أوله : ( الحمد لله الذي خلق روح حبيبه . . . الخ ) جمعها : لتقرأ في شهر ربيع الأول وجعلها : سبعة أجزاء
76- العلامة الفقيه السمهودي الحسني
مؤرخ المدينة المنورة له (الموارد الهنية في مولد خير البرية)
77- العلامة أبو الوفاء الحسني
له (مولد البشير النذير السراج المنير) طبع عام 1307
78- الإمام الشهيد/ حسن البنا
قاله في راسالة( فليلاحظ المسلمون هذا وليجعلوا احتفالهم بذكرى مولد النبي- صلى الله عليه وسلم- كلَّ عام تفهُّمًا لسيرته، وتعلُّمًا لأخلاقه، وتعرُّفًا لسنته- صلى الله عليه وسلم- وتواصيًا فيما بينهم بالحق والصبر؛ اقتداءً به- صلى الله عليه وسلم- وبأصحابه.. ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ (الأحزاب: 21). )
79- الشيخ محمد الحسن بن أحمد الخديم.
له العذب الشهي المورد في تعظيم شهر المولد
ضمن الفوائد الكفيلة بمعرفة الوسيلة ط 3 سنة 2007.
وغيرهم الكثير مما يصعب علينا جمعه وعرضه.
ونذكر
80- الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن أحمد الزيلعي الصومالي له مولد سمّاه ((ربيع العشاق في ذكر مولد صاحب البراق))
81- وألف الشيح أويس أحمد بن محمد البراوي القادري الصومالي كتابا سمّاه: ((مولد الشرفان في مدح سيد ولد عدنان))
82- الشيح أويس أحمد بن محمد البراوي القادري الصومالي كتابا سمّاه: ((مولد الشرفان في مدح سيد ولد عدنان))،
83- الشيخ محمد نووي بن عمر بن عربي بن علي الجاوي المتوفى سنة 1315 فقد ألف كتاب ((الإبريز الداني في مولد سيدنا محمد العدناني)) وله شرح على مولد ابن الجوزي سماه: ((بغية العوام في شرح مولد سيد الأنام)).
84- الشيخ عثمان حِدك الصومالي له اللآلي السنية في مشروعية مولد خير البرية
85- محمد علي بن حسين المالكي وصنف الهدي التام في موارد المولد النبوي وما اعتيد فيه من القيام
86- السيد محمد ماضي ابو العزائم وصنف بشائر الاخيار في مولد المختار صلي الله عليه و سلم
87- حسن السندوبي وصنف تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي
88- الشيخ محمود الزين وصنف البيان النبوي عن فضل الاحتفال بمولد النبي
89- عبد الله بن الشيخ ابو بكر بن سالم صنف خلاصة الكلام في الاحتفال بمولد خير الأنام
90- عبد الرحمن بن عبد المنعم الخياط صنف مولد النبي صلي الله عليه و سلم
91- خالد محمد القاضي وصنف مولد امة -اضواء علي خلق رسول الانسانيه
97- محمد عثمان الميرغني صنف : المولدالعثماني المسمى الأسرار الربانية
93- سيدي سلامه الراضي مظهرالكمالات فى مولد سيد الكائنات
94- محمد بن عبد الكبير الكتاني صنف : السانحات الأحمدية والنفثات الروعية في مولد خير البرية
95- الشيخ أحمد عز الدين البيانوني رحمه الله له رساله "التكريم الصادق بالاتباع الكامل"
96- مولد العزب، للعلامة الشيح محمد العزب
97- ولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، للأستاذ الشيخ خير الدين وائلي
98- فرائد المواهب اللدنية في مولد خير البرية، للعلامة الشيخ مصطفى نجا.
99- الأسرار الربانية في مولد النبي صلى الله عليه وسلم للعلامة السيد محمد عثمان الميرغني
100- مولد إنسان الكمال، للعلامة سيدي السيد محمد بن السيد المختار الشنجيطي
101- المولد النبوي الشريف، للعلامة أحمد بن محمد فتحا العلمي الفاسي المراكشي
102-مجموع مبارك في المولد الشريف نثراً وشعراً، للعلامة عبد الرحمن بن علي الربيعي
103- إعلام جهال بحقيقة الحقائق بأسنة نصوص كلام سيد الخلائق ممزوجاً بالمولد النبوي في مدح أصل النبي المولوي، للعلامة الأحسن بن محمد بن أبي جماعة السوسي البيضاوي
104- فيض الأنوار في ذكرى مولد النبي المختار، للعلامة حسن محمد عبد الله شداد عمر باعمر.
105- البيان والتعريف في ذكرى المولد النبوي الشريف، للعلامة محمد بن علوي المالكي الحسني.
106- مجموع لطيف أنسي في صيغ المولد النبوي القدسي
107- والشيخ عيسى الحميري وغيره من المعاصرين
108- والوف من علماء لم نذكر اسمائهم مل الإمام النابلسي والتلمساني والشيخ الأكبر وغيرهم الكثير
109- والوف من الائمة والعلماء من اهل الصوفية وعلماء الازهر الشريف من مختلف المشارب والأصقاع
فتاوى متنوعة
110- يقول الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله
[ مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير ص 287 ] :
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، وعلى اسم الجزائر الرّاسخة في إسلامها، المتمسّكة بأمجاد قوميتها وتاريخها ـ أفتتح الذّكرى الأولى بعد الأربعمائة والألف من ذكريات مولد نبي الإنسانيّة ورسول الرّحمة سيّدنا ومولانا محمّد بن عبد اللّه عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام ـ في هذا النّادي العظيم الّذي هو وديعة الأمّة الجزائريّة عند فضلاء هذه العاصمة ووجهائها. لسنا وحدنا في هذا الموقف الشّريف لإحياء هذه الذّكرى العظيمة، بل يشاركنا فيها نحو خمسمائة مليون من البشر في أقطار المعمور كلّهم تخفق أفئدتهم فرحا وسرورا وتخضع أرواحهم إجلالا وتعظيما لمولد سيّد العالمين.ا.هــــ
وقال أيضا [ مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير ص289 ] :
ما الدّاعي إلى إحياء هذه الذّكرى ؟
المحبّة في صاحبها.
إنّ الشّيء يحبّ لحسنه أو لإحسانه وصاحب هذه الذّكرى قد جمع ـ على أكمل وجه ـ بينهما.ا.هــــ
وقال [ مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير من 289 إلى 290] :
فمن الحقّ والواجب أن يكون هذا النّبيّ الكريم أحبّ إلينا من أنفسنا وأموالنا ومن النّاس أجمعين ولو لم يقل لنا في حديثه الشّريف : "لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والنّاس أجمعين" وكم فينا من يحبّه هذه المحبّة ولم يسمع بهذا الحديث ؟ فهذه المحبّة تدعونا إلى تجديد ذكرى مولده في كلّ عام.. ما الغاية من تجديد هذه الذّكرى ؟ استثمار هذه المحبّة.ا.هــــ
وقال أيضا في قصيدته المشهورة [ مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير ص 307-309 ]:
تحية المولد الكريم
حـيـيـت يـا جـمعَ الأدب ****** ورقـيـت سـامـيـةَ الرتبْ
وَوُقِـيـتَ شـرَّ الكـائـديـ ****** ن ذوى الدسـائـس والشغبْ
ومُـنِـحْـت في العليـاء مـا ****** تسـمـو إلـيـه مـن أربْ
************
أحـيـيـت مـولـد من بـه ****** حـييَ الأنـام على الحِـقَـبْ
أحـيـيـت مـولـوده بـما ****** يُبرى النـفـوسَ مـن الوصبْ
بالـعـلـم والآداب و الـ ****** أخـلاق في نـشءٍ عـجـبْ
************
نـشءٌ على الإســلام أسْـ ****** سُّ بـنـائـه السـامي انتصبْ
نـشءٌ بـحُـبِ مـحـمـدٍ ****** غــذَّاه أشـيـاخٌ نـجـبُ
فـيـهِ اقـتـدَى في سـيـره ****** وإلـيـه بالحـق انـتـسـبْ
وعلى الـقـلـوب الخافـقـا ****** تِ إلـيـه رأيـتـه نـصـبْ
بالـروحِ يَـفـديـهَـا ومـا ****** يُـغـرى النّفـوسَ مـن النشبْ
وبـخُلقـه يَـحـمِـي حـما ****** هـا أو بـبـارقـة القُـضُـبْ
حـتى يـعـودَ لـقـومــه ****** مـن عِـزّهـم مـا قـد ذهبْ
ويـرى الجـزائـرَ رجـعـت ****** حـقَّ الحـيـاة المـسـتـلَـبْ
************
يـا نـشءُ يـا دخـرَ الجـزا ****** ئـر في الشـدائـد والـكُـرَبْ
صـدحـت بلابِـلُك الفصـا ****** حُ فـعـمَّ مَجمعَنـا الـطـربْ
وادقْـتَـنَـا طُـعـما من الـ ****** فـصـحى ألـذَّ مـن الضـرَبْ
وأريـت للأبـصـــار مـا ****** قـد قـرَّرتْـه لـك الكـتُـبْ
************
شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ ****** وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ ****** أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ ****** رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا ****** وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا ****** وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ ****** حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ ****** سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ ****** فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ
وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ ****** فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
************
يـا قـومٌ هـذا نـشـؤكم ****** وإلى الـمـعـالي قـد رثـبْ
كـونـوا لـه يـكـن لكم ****** وإلى الأمــام ابـنــاء وأبْ
نـحـن الأولى عرف الزمـا نُ ****** قـديـمـنا الجـمَّ الحسـبْ
وقـد انتبهـنـا للـحـيـا ****** ة آخــذيـن لـهـا الأهـبْ
لنـحـلَّ مـركـزنـا الذي ****** بين الأنــام لـنـا وجــبْ
فـتـزيـد في هـذا الـورى ****** عضـوًا شـريـفًـا منتخَـبْ
نـدعـو إلى الحسنى ونـولـي ****** أهـلـهـا مـنـا الـرغـبْ
مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا ****** فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ
أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا ****** فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ
************
هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا ****** بالـنُّـورِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ
هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ ****** حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ
فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي ****** تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ
انتهت القصيدة التي ألقاها الشيخ بن باديس رحمه الله ليلة حفلة جمعية التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة.
ـــــــــــ
111- العلامة بخيت المطيعي ( مفتي مصر ) في ( أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام )
فيقول رحمه الله ( ص 30 ) :
[[ وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ، ومن هذا القبيل أيضا الاجتماع للقراءة ، واستماع نحو قصة المعراج ، وفضائل ليلة النصف من شعبان ،وليلة القدر ، وقراءة قصة المولد في لياليها المشهورة ....وقصة المولد هي عبارة عن بيان تاريخ ولادته ، وما حصل له في ذلك الوقت من العجائب ، وخوارق العادات ، وإظهار الفرح والسرور بظهور سيد الكائنات ، مما يدل على كمال المحبة لجنابه الأعظم ]] .
وقال أيضا بعد أن ذكر كلام الحافظ ابن حجر في جواز عمل المولد مقرا له
( ص 67 ) :
[[ وعلى كل حال فالشرط في كون فعل شيء من الطاعات بدعة حسنة ، أو فعل شيء من المباحات بدعة مباحة ، أن يقتصر على ما هو طاعة وما هو مباح فقط ، كما هو صريح قول ابن حجر (( فمن تحرى في عمله المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة ، ومن لا فلا )) ، وهذا هو الذي يقتضيه
الدليل أيضا ]] .
ـــــــــــ
112- قال الشيخ الإمام عبدالحليم محمود ـ رحمه الله تعالى ـ كما في فتاواه ( 1 /
273 ) :
[[ أما عن الاحتفال بالمولد النبوي فهو سنة حسنة من السنن التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر
من عمل بها )) .وذلك لأن له أصولا ترشد إليه ، وأدلة صحيحة تسوق إليه ، استنبط العلماء
منها وجه مشروعيته ... ]] .
ـــــــــــ
113- وقال الشيخ حسنين محمد مخلوف شيخ الأزهر رحمه الله تعالى :
( إن إحياء ليلة المولد الشريف وليالي هذا الشهر الكريم الذي أشرق فيه النور المحمدي إنما
يكون بذكر الله تعالى وشكره لما أنعم به على هذه الأمة من ظهور خير الخلق إلى عالم الوجود ولا يكون ذلك إلا في أدب وخشوع وبعد عن المحرمات والبدع والمنكرات ومن مظاهر الشكر على حبه مواساة المحتاجين بما يخفف ضائقتهم وصلة الأرحام والإحياء بهذه الطريقة وإن لم يكن مأثورا في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ولا في عهد السلف الصالح إلا أنه لا بأس به وسنة حسنة)
فتاوى شرعية (1/131).
ـــــــــــ
114-قال الإمام متولي الشعراوي في كتابه "مائدة الفكر الإسلامي" ص 295،
إذا كان بنو البشر فرحون بمجيئه لهذا العالم، وكذلك المخلوقات الجامدة فرحة لمولده وكل النباتات فرحة لمولده وكل الحيوانات فرحة لمولده وكل الجن فرحة لمولده، فلماذا تمنعونا من الفرح بمولده.)
ـــــــــــ
115- قال الشيخ علي جمعة مفتي الجمهورية المصرية حفظه الله تعالى في رسالته ( البيان القويم : 25 ) :
[[ الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال ، وأعظم القربات ، لأنه تعبير عن الفرح والحب له صلى الله عليه وسلم ، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان ... ]] ، ثم قال :
[[ وألف في استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف جماعة من العلماء و الفقهاء ، بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل ، بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف ..انتهى
ـــــــــــ
116- الدكتور القرضاوي والاحتفال بمولد النبي والمناسبات الإسلامية
موقع القرضاوي/ 23-2-2010
السؤال: ما حكم الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من المناسبات الإسلامية مثل مقدم العام الهجري وذكرى الإسراء والمعراج؟
الفتوى:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ...
هناك من المسلمين من يعتبرون أي احتفاء أو أي اهتمام أو أي حديث بالذكريات الإسلامية، أو بالهجرة النبوية، أو بالإسراء والمعراج، أو بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بغزوة بدر الكبرى، أو بفتح مكة، أو بأي حدث من أحداث سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، أو أي حديث عن هذه الموضوعات يعتبرونه بدعة في الدين، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهذا ليس بصحيح على إطلاقه، إنما الذي ننكره في هذه الأشياء الاحتفالات التي تخالطها المنكرات، وتخالطها مخالفات شرعية وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، كما يحدث في بعض البلاد في المولد النبوي وفي الموالد التي يقيمونها للأولياء والصالحين، ولكن إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة ؟!
إننا حينما نتحدث عن هذه الأحداث نذكر الناس بنعمة عظيمة، والتذكير بالنعم مشروع ومحمود ومطلوب، والله تعالى أمرنا بذلك في كتابه (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرًا، إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا)، يذكر بغزوة الخندق أو غزوة الأحزاب حينما غزت قريش وغطفان وأحابيشهما النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين في عقر دارهم، وأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم، وأرادوا إبادة خضراء المسلمين واستئصال شأفتهم، وأنقذهم الله من هذه الورطة، وأرسل عليهم ريحاً وجنوداً لم يرها الناس من الملائكة ، يذكرهم الله بهذا، اذكروا لا تنسوا هذه الأشياء، معناها أنه يجب علينا أن نذكر هذه النعم ولا ننساها، وفي آية أخرى (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيدهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) يذكرهم بما كان يهود بني قينقاع قد عزموا عليه أن يغتالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكروا مكرهم وكادوا كيدهم وكان مكر الله أقوى منهم وأسرع، (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
ذكر النعمة مطلوب إذن، نتذكر نعم الله في هذا، ونذكر المسلمين بهذه الأحداث وما فيها من عبر وما يستخلص منها من دروس، أيعاب هذا ؟ أيكون هذا بدعة وضلالة.) انتهى
ـــــــــــ
117- الشيخ سعيد حوى رحمه الله :
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف جائز إذا انتفت المحرمات التي تصاحب هذا الاحتفال، وقد جاء في كتاب فضيلة الشيخ سعيد حوى ( أحد العلماء والدعاة المعاصرين بسوريا ) التفصيل في هذه المسألة.
مما استحدث خلال العصور الاحتفال بيوم ميلاد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتوضع حول هذا الموضوع عادات تختلف باختلاف البلدان، وقد تحدث ابن الحاج في مدخله عن كثير مما أنكره من عادات توضعت حول المولد، ووجدت بسبب من ذلك وبسبب من غيره ردود فعل كثيرة حول هذا الموضوع فمن محرم ومن مدافع، وقد رأينا أن لابن تيمية رحمه الله رأيا في غاية الإنصاف، فهو يرى أن أصل الاجتماع على المولد مما لم يفعله السلف ولكن الاجتماع على ذلك يحقق مقاصد شرعية.
والذي نقوله: أن يعتمد شهر المولد كمناسبة يذكر بها المسلمون بسيرة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشمائله، فذلك لا حرج، وأن يعتمد شهر المولد كشهر تهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذلك لا حرج فيه، وأن يعتمد شهر المولد كشهر يكثر فيه الحديث عن شريعة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذلك لا حرج فيه.
وأن مما ألف في بعض الجهات أن يكون الاجتماع على محاضرة وشعر أو إنشاد في مسجد أو في بيت بمناسبة شهر المولد، فذلك مما لا أرى حرجا على شرط أن يكون المعني الذي قال صحيحا.
إن أصل الاجتماع على صفحة من السيرة أو على قصيدة في مدح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جائز ونرجو أن يكون أهله مأجورين، فأن يخصص للسيرة شهر يتحدث عنها فيه بلغة الشعر والحب فلا حرج.
ألا ترى لو أن مدرسة فيها طلاب خصصت لكل نوع من أنواع الثقافة شهرا بعينه فهل هي آثمة، ما نظن أن الأمر يخرج عن ذلك
. بعض أقوال العلماء في الاحتفال بالمولد.
1ـ رأي ابن الحاج ـ رحمه الله ـ في الاحتفال
من المعروف أن ابن الحاج في مدخله كان من أشد الناس حربا على البدع، ولقد اشتد رحمه الله بمناسبة الكلام عن المولد على ما أحدثوه فيه من أعمال لا تجوز شرعا من مثل استعمال لآلات الطرب، ثم قال: فآلة الطرب والسماع أي نسبة بينهما وبين تعظيم هذا الشهر الكريم الذي من الله تعالى علينا فيه بسيد الأولين والآخرين.
فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير، شكرا للمولى سبحانه وتعالى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة، وإن كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئا من العبادات، وما ذاك إلا لرحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمته ورفقه بهم، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترك العمل خشية أن يفرض على أمته رحمة منه بهم، كما وصفه المولى سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال: (بالمؤمنين رؤوف رحيم) لكن أشار عليه الصلاة والسلام إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله عليه الصلاة والسلام للسائل الذي سأله عن صوم يوم الإثنين، فقال له عليه الصلاة والسلام: (ذلك يوم ولدت فيه) فتشريف هذا اليوم متضمن لتشريف هذا الشهر الذي ولد فيه.
فينبغي أن نحترمه حق الاحترام، ونفضله بما فضل الله به الأشهر الفاضلة، وهذا منها لقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" ولقوله عليه الصلاة والسلام: "آدم ومن دونه تحت لوائي".
وفضيلة الأزمنة والأمكنة تكون بما خصها الله تعالى به من العبادات التي تفعل فيها لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تتشرف لذاتها، وإنما يحصل لها الشرف بما خصت به من المعاني.
فانظر رحمنا الله وإياك إلى ما خص الله تعالى به هذا الشهر الشريف ويوم الإثنين، ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم، لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولد فيه، فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به وذلك بالاتباع له ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كونه عليه الصلاة والسلام كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات.
ألا ترى إلى ما رواه البخاري ـ رحمه الله تعالى: "كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان" فنتمثل تعظيم الأوقات الفاضلة بما امتثله عليه الصلاة والسلام على قدر استطاعتنا.
2 ـ رأي ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الاحتفال
معروفة شدة ابن تيمية وتشدده، ومع ذلك كان كلامه لينا في قضية المولد ومن كلامه في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم": (وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي وتعظيما له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع، وأكثر هؤلاء الناس الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع، مع ما لهم فيها من حسن المقصد والاجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة، تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه.
واعلم أن من الأعمال ما يكون فيه خير لاشتماله على أنواع من المشروع، وفيه أيضا شر من بدعة وغيرها، فيكون ذلك العمل شرا بالنسبة إلى الإعراض عن الدين بالكلية، كحال المنافقين والفاسقين..
فتعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم، لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن أحد الأمراء أنه أنفق على مصحف ألف دينار ونحو ذلك، فقال: دعه فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال.
3ـ رأي السيوطي ـ رحمه الله ـ في الاحتفال
وللسيوطي في كتابه "الحاوي للفتاوى " رسالة مطولة أسماها: "حسن المقصد في عمل المولد" وهذه بعض فقراتها: عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه، وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيها من تعظيم قدر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف0
وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي عن الشافعي قال: المحدثات من الأمور ضربان، أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة، أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة، والثاني: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان نعمت البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى هذا آخر كلام الشافعي.
وهو أي المولد وما يكون فيه من طعام من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان فهو من البدع المندوبة كما في عبارة ابن عبد السلام.
وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا، قال: وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: "يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى" فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعم، أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء ومن لم يلاحظ ذلك لا يبالي بعمل المولد في أي يوم من الشهر، بل توسع قوم فنقلوه إلى يوم من السنة وفيه ما فيه، فهذا ما يتعلق بأصل عمله.
وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهد المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخر، وأما ما تبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك فينبغي أن يقال ما كان من ذلك مباحا، بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم ولا بأس بإلحاقه به، وكما كان حراما أو مكروها فيمنعه وكذا ما كان خلفا الأولى. انتهى.
قال السيوطي تعليقا على كلام ابن حجر: ـ (وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع يوم لولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين، وتشريع لأمته كما كان يصلى على نفسه لذلك، فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات، ثم رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى عرف التعريف بالمولد الشريف ما نصه: قد رؤي أبو لهب بعد موته فقيل له ما حالك؟. قال في النار إلا أنه يخفف عني كلي ليلة إثنين وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا وأشار لرأس أصبعه وإن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبإرضاعها له، فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحة ليلة مولد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ به ، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم.
انتهي ملخصا من كتاب السيرة بلغة الحب والشعر للشيخ سعيد حوى رحمه الله
ــــــ
118- يقول فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله:
إن رسول الله محمدًا ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو المثل الكامل للإنسان، وهو القدوة العليا في هذه الحياة، والحق – تبارك وتعالى – يقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب:21) ، ويَقُول أيضًا: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) (الأحزاب:45 ـ46)، ويقول: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتِّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة:128)، ويقول: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107).
وزعامة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليست كزعامة الناس تستمد قوتها وسلطانها من العادات أو التقاليد التي جرى عليها الناس في تعظيم الكبراء من الناس، كالاحتفال بيوم الميلاد، أو ذكرى الوفاة، أو ذكرى الاستيلاء على الحكم، أو نحو ذلك.
ومن هنا لم يُعرف الاحتفال بمولد الرسول في عهد الرسول ولا في عهد الصحابة، بل هو شيء حدث بعد ذلك، وعلى هذا لا نستطيع أن نقول إن هذا الاحتفال قد أوجبه الدين أو شرعه أو دعا إليه أو نص عليه.
ولكنا نستطيع أن نقول إن هذا الاحتفال ـ إن اعتدل واستقام ـ عادة حسنة أراد بها الذين يُخلصون الحب لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن تكون فرصة طيبة لتذكُّر شخصية الرسول وسيرته، وأخلاقه وسنته، فإذا تم الاحتفال بهذه الذكرى على صورة إسلامية سامية، منزَّهة عن كل ما يخالف الدين، فإن نتائجه في النفوس الخيِّرة تكون نتائج طيبة حميدة، والقرآن يقول: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنينَ) (الذاريات:55).أ.هـ
119- ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف ، أحد الدعاة بمصر :
بمناسبة قرب مولد الحبيب صلى الله عليه وسلم، فإننا جميعًا نحب رسول الله الذي أوجب الله علينا طاعته، وألزمنا بمحبته، وجعل طاعتنا له صلى الله عليه وسلم سببًا في حب الله، وعلامة على حب الله، قال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ..." آل عمران 31.
والنبي صلى الله عليه وسلم في حياته لم يحتفل بمولده ولا الخلفاء من بعده احتفلوا بمثل ذلك؛ لأن الأصل أن أمة الإسلام في احتفال دائم بهذا الدين، تطبيقًا لا مجرد كلمات، ودعوة لا مجرد انتساب، واعتزازًا بهذا الدين الذي فضلهم الله به.
وما يقوم به الناس من احتفال إذا كان بقصد التذكير وإعطاء العظات والعبر والدعوة إلى التزام منهجه، فيرى البعض أنه لا بأس بذلك بهذا القصد، وإن كان المفترض أن يكون دومًا.
أما ما يحدث في الموالد من رقص واختلاط بين الرجال والنساء، ولعب القمار، وغير ذلك فهذا كله حرام سواء أكان في مناسبة أو بدون مناسبة.
أما واجبنا تجاه النبي صلى الله عليه وسلم فهو كثير، نختصره في الآتي:
1 - محبته. 2 - طاعته. 3 - التأسي به. 4 - الاحتكام إلى شريعته. 5 - الدعوة إلى الدين الذي جاء به. 6 - نصرة دينه وشريعته والعمل على تطبيقها. 7 - الإكثار من الصلاة عليه كلما ذكر وفي يوم الجمعة خاصة، وفي غير ذلك من المواطن المبينة في مواضعها. 8 - حب آل بيته ـ صلى الله عليه وسلم.
وهذا اختصار لما ورد في الكتب المختصة.أ.هـ
http://www.islamonline.net/servlet/S...=1122528621402
ــــــــــ
126- الشيخ عبدالله سالم: الباحث العلمي بالموسوعة الفقهية
اكد الباحث العلمي بالموسوعة الفقهية الشيخ عبدالله نجيب سالم انه لا مانع شرعا من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مشيرا الى ان ذلك من العادات الاسلامية الحسنة التي تخدم الدين وتزيد محبة رسول الله في قلوب المؤمنين.
مشددا على ضرورة الاهتمام بها اهتماما شديدا من اهل العلم والمسؤولين والمسلمين كافة كي لا تنحرف هذه الاحتفالات عن هدفها الاصيل ولا تشوش الممارسات الخاطئة وجهها النبيل.
ورأى ان الاحتفال والفرح بمولده صلى الله عليه وسلم واظهار البشر والسرور بذلك من الامور الجائزة شرعا، المستحسنة طبعا، المألوفة عرفا.
ودعا الشيخ عبدالله سالم المسلمين والمسؤولين في الكويت والعالم الاسلامي الى اظهار الفرح والبشر والسرور بمولد البشير النذير صلى الله عليه وسلم كما كانت عوائدهم وعوائد آبائهم واجدادهم، داعيا وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية ان تهتم بالامر اكثر فأكثر، وان تعيد العمل بما كانت عليه الامور من قبل، بالاعلان عن احتفال كبير يرعاه كبار المسؤولين، ويحضرونه كافة، ويشارك فيه القراء والخطباء والشعراء والعلماء وسائر المسلمين.
واوضح ان ادلة الجواز والاستحسان: تبدأ بأن يوم مولده صلى الله عليه وسلم من الايام المشار اليها على وجه التبجيل والاعتبار في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. نرى ذلك في مواطن عدة مثل اختياره صلى الله عليه وسلم صيام يوم الاثنين من كل اسبوع لاعتبارات عدة، ففي صحيح مسلم من حديث ابي قتادة قال «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام الاثنين؟ فقال: ذلك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، أو انزل عليَّ فيه». كما نراه في ذكر ما خص الله امه آمنة حينما ولدته (رأت امي حين وضعتني سطع منها نور اضاءت له قصور بصرى). رواه ابن سعد وهو حسن، الله سبحانه وتعالى ذكر ميلاد كثير من الانبياء.
وقال ان الله سبحانه وتعالى ذكر صراحة ميلاد كثير من الانبياء ونوه بما في مولدهم من معجزات أو اهمية. فها هو القرآن الكريم يفيض في ذكر مولد ابينا آدم عليه السلام وكيفية خلقه العجيبة، كما يعرج في مواطن عديدة على ذكر ميلاد موسى عليه السلام وتفصيلات رضاعته وحضانته ونشأته بصورة مفصلة، ومثل ذلك يفعل في سرد وتفصيل احداث ميلاد عيسى عليه السلام و.. أفيكون بعد هذا الحديث عن ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم امرا مستنكرا وبدعة؟!
واشار الى انه في يوم مولده صلى الله عليه وسلم وقعت حوادث عظيمة تناسب مكانته وشرفه، وذلك معروف لأهل العلم، ونذكر ببعض تلك الحوادث فنقول ان منها: منع الجن من استراق السمع من السماء، ومنها اهتزاز ايوان كسرى، وانطفاء نار فارس التي يعبدونها، ومنها بشارات كثير من الرهبان والكهان، فيوم مولده يستحق ان يشار اليه كيوم عظيم حفل بأحداث جسام.
وبين ان مولده صلى الله عليه وسلم كان فيه من الخصائص النبوية ما يستحق النظر والانتباه ومن ذلك ان امه لم تجد لحمله وحما ولا ألما، وذكر أبو نعيم الحافظ في «كتاب الحلية» بإسناده ان النبي صلى الله عليه وسلم ولد مختونا.
لفت الشيخ عبدالله سالم الى ان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم واظهار الفرح والبشر بذلك كان سببا من اسباب الرحمة الالهية ليس للمؤمنين بل حتى للكافرين فقد صح ان أبا لهب يخفف عنه العذاب كل يوم اثنين وهو في غمرات النار لفرحه بولادته صلى الله عليه وسلم واعتاقه جاريته ثويبة التي بشرته بذلك، وان جده عبد المطلب قد اظهر المزيد والمزيد من الفرح بولادته حينما حمله وقام يطوف، ويقول:
الحمدلله الذي اعطاني
هذا الغلام الطاهر الأردان
قد فاق في المهد على الأقران
أعيذه بالبيت ذي الأركان
من شر كل حاسد وشاني
وان عمه العباس رضي الله عنه امتدح رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه فأشار الى مولده ونوره الباهر فيه. فقال:
وانت لما ولدت اشرقت الارض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي النور وسبل الرشاد نخترق
العلماء افتوا بجواز الاحتفال
وقال ان العلماء قديما وحديثا افتوا بجواز الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم، وبين ايدينا فتاوى الامام ابن حجر والسيوطي وفتاوى الازهر الشريف وفتاوى لجنة الافتاء في دبي وفتاوى لجنة الافتاء في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، وغيرها كثير.. وها هو نص فتوى وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية: (لا مانع شرعا من المشاركة في احياء مناسبة الهجرة النبوية، والمولد النبوي، والاسراء والمعراج، وغيرها بإلقاء المحاضرات الخاصة بموضوعاتها، ولا مانع من تخصيص ايامها من كل عام، ولا يختلف المولد النبوي في هذا عن سائر المناسبات الاخرى، شريطة عدم الاعتقاد بسنية احيائها أو التعبد بها والا كانت من البدع المستحدثة وحينئذ لا تجوز، وانما يجوز احياء هذه المناسبات لتذكير الناس بما فيها من احداث عظيمة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، بشرط ان يكون الاحياء خاليا من المخالفات الشرعية. والله تعالى اعلم)، مستحسن وفيه فوائد.
ورد الشيخ عبدالله نجيب سالم على رأي بعض الناس الذين ينهون عن الاحتفال بمولده ويشنعون على المحتفلين.
ويقولون: انهم مبتدعة ضالون، ويسوقون بعض الشبهات والاستدلالات التي يؤيدون بها دعواهم (هداهم الله الى الحق).
بقوله: لم نقل نحن ولا غيرنا ان الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم سنة مؤكدة أو منقولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانما نقول نحن وغيرنا: ان الاحتفال بمولده امر مستحسن مباح، فيه فوائد كثيرة، وله شواهد عديدة، وهو داخل ضمن العادات الاسلامية الحسنة التي تحف وتحيط بالمفاهيم الاسلامية الاصلية فتؤيدها وتفندها وتخدمها.
واضاف: ليس في الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم تقليد لأحد، بل هو اسلوب لاظهار الفرحة والسرور وتعظيم اليوم الذي عظمه رسول الله صلى الله عليه وسلم. واذا كان غير المسلمين يفعلون ما هو قريب من هذا أو مشابه له فليس معنى ذلك ان نترك كل ما يشابه افعال الآخرين اذا كنا نفعله، لئلا يقال للمسلمين انهم يتبعون غيرهم!!
فمثلا: اذا صلى النصارى في كنائسهم هل نترك الصلاة في المساجد لئلا يقال نحن نقلدهم، واذا طور النصارى طباعة اناجيلهم والعناية بتجليدها وحروفها وألوانها انترك ذلك في مصحفنا لئلا يقال لنا: اننا نقلدهم.. ان هذا امر غير صحيح على اطلاقه.
واشار الشيخ عبدالله سالم الى ان المنكرين للاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم يشنعون بأن في الاحتفالات هذه تقوم منكرات واثام مثل الاختلاط المحرم شرعا، ومثل التلفظ بألفاظ غير شرعية وغير ذلك. فنقول نحن: ان انكار المنكر متفق عليه ومأمور به، واذا كانت هناك مخالفات شرعية واضحة لا خلاف فيها فكلنا ننهي عنها ونأباها، ولكن اذا كانت الاحتفالات بمولده صلى الله عليه وسلم منضبطة صحيحة ليس فيها الا ذكر الله ورسوله والاشادة بالدين وتحبيب الناس فيه وتأليف قلوبهم عليه فما المانع من ذلك؟!
الاحتفال يدخل في باب العادات
واضاف: صحيح ان الاحتفال بصورته وفي يوم الثاني عشر من ربيع الاول لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا احد من اصحابه. ولكنا لا ينبغي ان نتخذ ذلك دليلا على المنع من الاحتفال والنهي عنه. وذلك لأن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم انما يدخل في باب العادات والسلوك لا في باب العقائد فالاصل فيه الاباحة، وما لم يرد نص شرعي ينهى عنه فلا مانع منه. وعدم فعل رسول الله له ليس دليلا على النهي عنه، والا فكثير من الامور العادية والتي درج عليها المسلمون لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا احد من اصحابه وبالتالي فهل هي محرمة منهي عنها؟! ان تقسيم علوم الدين، وكتابة الحديث الشريف، وجمع المصحف، وانشاء المدارس، وفرش المساجد واغلاقها في غير اوقات العبادة.. وامور لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا احد من اصحابه.. ايكون ذلك ممنوعا ممقوتا؟!
وبين الشيخ عبدالله سالم ان عدم ثبوت ولادته صلى الله عليه وسلم يوم الثاني عشر من ربيع الاول لا يعني المنع من الاحتفال اصلا، بل نعلم جيدا ان اعتبار يوم (12) ربيع الاول يوم مولده هو رأي الاكثر من العلماء، وهو ما جرى عليه عمل الامة، وان كانت هناك آراء اخرى في تحديد اليوم الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم، فذلك كله بحث تاريخي موجود في بطون الكتب.. ومما يهون امر الخلاف في يوم مولده ان يترك مجال الاحتفال مفتوحا في كل ايام شهر ربيع الاول بل ايام العام كله.
ــــــــــ
121- يقول نائب رئيس المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء الشيخ فيصل مولوي عن إحياء المولد :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ... ان ذلك جائز شرعاً ولو لم يكن له أصل بمعنى أنّه لم يحتفل به الصحابة والتابعون ولا تابعو التابعين من أهل الفقه في الدين وهم خير القرون. ولكن لما جهل كثير من المسلمين صفات الرسول صلَى الله عليه وسلَم وحياته، وكيف كان يعيش حياة البساطة والتواضع والرحمة والشفقة، وأصبحت محبة الرسول صلَى الله عليه وسلَم في قلوب الكثيرين محبة سطحية. جمع أحد سلاطين المسلمين العلماء وطلب من أحدهم أن يؤلف كتاباً يتناول حياة الرسول منذ الولادة إلى الوفاة وذكر أخلاقه الطيبة العطرة، وأقام لذلك احتفالاً مهيباً وصار الاحتفال بالمولد ذكرى استحبها كثير من العلماء وبقيت حتى يومنا هذا.
إلاّ أنّه لا بدّ من القول : أنّ هذا الاحتفال ليس نوع من العبادات التي يشرّعها الله وحده، ولكنّه من أنواع العادات والأعراف التي يخترعها النّاس، ثمّ يأتي الشّرع بإباحتها إذا لم يكن فيها حرام، أو بمنعها إذا اشتملت على محرّمات. وبما انّ ذكرى المولد في الأصل تذكير بسيرة الرّسول )صلَى الله عليه وسلَم) وأخلاقه فهي مباحة وفيها من الأجر إن شاء الله ما لا يخفى. لكن يجب الحذر ممّا ورد في بعض كتب الموالد من انحرافات وشطحات تصل إلى حدّ الكفر أحياناً. فهذه حرام ولو كانت في غير ذكرى المولد. وإذا اقترنت بها الاحتفالات تصبح حراماً أيضاً.إ.هــــــ
ـــــــــ
122- فتوى دار الإفتاء المصرية
الرقـم المسلسل 140
الموضوع:- الاحتفال بالمولد النبوي ومولد آل البيت والصالحين
تاريخ الإجابة :- 30/07/2007
الســــؤال
اطلعنا على الطلب المقيد برقم 1186 المتضمن:
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي وموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين؟
الـجـــواب
أمانة الفتوى
المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه؛ فلقد عَبَّر القرآن الكريم عن وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه "رحمة للعالمين"، وهذه الرحمة لـم تكن محدودة؛ فهي تشمل تربيةَ البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الـزمان؛ بل تمتد على امتداد التأريخ بأسره (وآخَرِينَ مِنهم لَمّا يَلحَقُوا بهم) [الجمعة:3].
والاحتفال بذكرى مولد سيد الكونَين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنّاسِ أَجمَعِينَ» رواه البخاري.
قال ابن رجب: "محبَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان، وهي مقارِنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها اللهُ بها، وتَوَّعَدَ مَن قدَّم عليهما محبَّة شيء من الأمور المحبَّبة طبعًا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى: (قُل إن كانَ آباؤُكم وأَبناؤُكم وإخوانُكم وأَزواجُكم وعَشِيرَتُكم وأَموالٌ اقتَرَفتُمُوها وتِجارةٌ تَخشَونَ كَسادَها ومَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إليكم مِنَ اللهِ ورَسُولِه وجِهادٍ في سَبِيلِه فتَرَبَّصُوا حتى يَأتِيَ اللهُ بأَمرِه) [التوبة:24]، ولما قال عُمَرُ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رَسُولَ اللهِ، لأَنتَ أَحَبُّ إلَيَّ مِن كُـلِّ شَيءٍ إلاّ مِن نَفسِي، قَالَ النبِيُّ صلى الله عليه وآلـه وسلم: «لا والذي نَفسِي بيَدِه؛ حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليكَ مِن نَفسِكَ»، فقالَ لـه عُمَرُ: فإنَّه الآن واللهِ لأَنتَ أَحَـبُّ إلَيَّ مِن نَفسِي، فقالَ النبِيُّ صلى الله عليه وآلـه وسلم: «الآن يا عُمَرُ» رواه البخاري"اهـ.
والاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلم أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدرَ نبيه، فعرَّف الوجودَ بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحُجَّته.
وقد دَرَجَ سلفُنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما نص على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
ونص جماهير العلماء سلفًا وخلفًا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، بَيَّنُوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمَن له عقل وفهم وفكر سليم إنكارُ ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في (المدخل) في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلامًا مفيدًا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه (المدخل) في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي، وللإمام السيوطي في ذلك رسالة مستقلة سماها "حُسن المَقصِد في عمل المولد".
والاحتفال في لغة العرب: من حَفَلَ اللبنُ في الضَّرع يَحفِل حَفلاً وحُفُلاً وتَحَفَّل واحتَفَلَ: اجتمع، وحَفَل القومُ من باب ضرب واحتَفَلوا: اجتمعوا واحتشدوا. وعنده حَفلٌ من الناس: أي جَمع، وهو في الأصل مصدر، ومَحفِلُ القومِ ومُحتَفَلُهم: مجتمعهم، وحَفَلهُ: جلاَه، فَتحَفَّلَ واحتَفَلَ، وحَفَل كذا: بالى به، ويقال: لا تحفل به.
وأما الاحتفال بالمعنى المقصود في هذا المقام، فهو لا يختلف كثيرا عن معناه في اللغة؛ إذ المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
ويدخل في ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فإن التهادي أمر مطلوب في ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته في وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشد مشروعية وندبًا واستحبابًّا؛ لأن للوسائل أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم.
ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات، ولو سُلِّم هذا -لعمر الحق- فإنه لا يكون مسوغا لمنعها؛ لأنه لا يشك عاقل في فرحهم -رضي الله تعالى عنهم- به صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن للفرح أساليب شتى في التعبير عنه وإظهاره، ولا حرج في الأساليب والمسالك؛ لأنها ليست عبادة في ذاتها، فالفرح به صلى الله عليه وآله وسلم عبادة وأي عبادة، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة، لكل فيها وجهةٌ هو موليها.
على أنه قد ورد في السنة النبوية ما يدل على احتفال الصحابة الكرام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإِذْنه فيه؛ فعن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلاّ فلا» رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. فإذا كان الضرب بالدُّفِّ إعلانًا للفرح بقدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغزو أمرًا مشروعًا أقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بالوفاء بنذره، فإنّ إعلان الفرح بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا -بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة في نفسها- أكثر مشروعية وأعظم استحبابًا.
وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبي لهب -وهو مَن هو كُفرًا وعِنادًا ومحاربة لله ورسوله- بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نُقرة مِن كَفّه كل يوم اثنين في النار؛ لأنه أعتق مولاته ثُوَيبة لَمّا بَشَّرَته بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح البخاري، فما بالكم بجزاء الرب لفرح المؤمنين بميلاده وسطوع نوره على الكون!
وقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صح أنه كان يصوم يوم الاثنين ويقول: «ذلكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» رواه مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على مِنّة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة، فالأَولى بالأُمّة الائتساءُ به صلى الله عليه وآله وسلم بشكر الله تعالى على منته ومنحته المصطفوية بكل أنواع الشكر، ومنها الإطعام والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك، وكلُّ ماعُونٍ يَنضَحُ بما فيه، وقد نقل الصالحي في ديوانه الحافل في السيرة النبوية "سُبُلُ الهُدى والرشاد في هَدي خيرِ العِباد" عن بعض صالحي زمانه: أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه، فشكى إليه أن بعض مَن ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن فرِح بنا فَرِحنا به".
وكذلك الحكم في الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع القُرَب المختلفة؛ فإن ذلك أمر مرغَّب فيه شرعًا؛ لما في ذلك من التأسي بهم والسير على طريقهم، وقد ورد الأمر الشرعي بتذكُّر الأنبياء والصالحين فقال تعالى: (واذكُر في الكِتابِ إبراهِيمَ) [مريم:41](واذكُر في الكِتابِ مُوسى) [مريم:51]، وهذا الأمر لا يختص بالأنبياء، بل يدخل فيه الصالحون أيضًا؛ حيث يقول تعالى: (واذكُر في الكِتابِ مَريَمَ) [مريم:16]؛ إذ مِن المقرر عند المحققين أن مريم عليها السلام صِدِّيقةٌ لا نبية، كما ورد الأمر الشرعي أيضًا بالتذكير بأيام الله تعالى في قوله سبحانه: (وذَكِّرهم بأَيامِ اللهِ) [إبراهيم:5]، ومِن أيام الله تعالى أيامُ الميلاد وأيامُ النصر؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع شكرًا لله تعالى على نعمة إيجاده واحتفالاً بيوم ميلاده كما سبق في حديث أبي قتادة الأنصاري في صحيح مسلم، كما كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه شكرًا لله تعالى وفرحًا واحتفالاً بنجاة سيدنا موسى عليه السلام، وقد كَّرم الله تعالى يوم الولادة في كتابه وعلى لسان أنبيائه فقال سبحانه: (وسَلامٌ عليه يَومَ وُلِدَ) [مريم:15]، وقال جل شأنه على لسان السيد المسيح عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم: (والسَّلامُ عليَّ يَومَ وُلِدتُ) [مريم:33]، وذلك أن يوم الميلاد حصلت فيه نعمةُ الإيجاد، وهي سبب لحصول كل نعمة تنال الإنسان بعد ذلك، فكان تذكره والتذكير به بابًا لشكر نعم الله تعالى على الناس؛ فلا بأس مِن تحـديد أيام معينة يُحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين، ولا يقدح في هذه المشروعية ما قد يحدث في بعض هذه المواسم من أمور محرمة؛ بل تُقام هذه المناسبات مع إنكار ما قد يكتنفها من منكرات، ويُنبَّهُ أصحابها إلى مخالفة هذه المنكرات للمقصد الأساس الذي أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفة.
والله سبحانه وتعالى أعلم
http://www.dar-alifta.org/ViewFatwa.aspx?ID=140
ــــــــــ
123- فتوى دار الإفتاء الإماراتية
حكم الاحتفال بالمولد وفقاً لمذهب الإمام مالك.
ماحكم الاحتفال بالمولد النبوي علماً أن هناك من علماء المالكية من يراه أنه بدعة ((باطل لاأصل له)) مثل تاج الدين الفاكهاني وابن عليش المالكي وذكر أهل التاريخ أن أول من قام بالمولد هم الفاطميون في القرن الخامس الهجري وأعاده نابيليون لكي يستعمر مصر بارك الله لكم؟
تاريخ النشر: 21-اكتوبر-2008 1489
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ..
فالمولد هو: اجتماع طائفة من الناس على تلاوة القرآن، وإنشاد المدائح النبوية المحركة للقلوب إلى فعل الخيراتِ والعملِ للآخرةِ ، مع إطعام الحاضرين الطعام.
وكان الذي أظهر الاحتفال بالمولد النبوي هو الملك المظفر، وهو ملك صالح سُنِّي، قال الإمام الذهبي في ترجمته كما في سير أعلام النبلاء: (صَاحِبُ إِرْبِلَ، كُوْكْبُرِي بنُ عَلِيٍّ التُّرُكْمَانِيُّ السُّلْطَانُ الدَّيِّنُ، المَلِك المُعَظَّمُ، مُظَفَّر الدِّيْنِ، أَبُو سَعِيْدٍ كُوْكْبُرِي بن عَلِيِّ بن بكتكين بن مُحَمَّدٍ التُّرُكْمَانِيّ ... وَكَانَ مُحِبّاً لِلصَّدقَة، لَهُ كُلّ يَوْم قنَاطير خُبْز يُفرِّقهَا، وَيَكسو فِي العَامِ خلقاً وَيُعْطِيهُم دِيْنَاراً وَدِيْنَارَيْنِ، وَبَنَى أَرْبَع خَوَانك لِلزَّمْنَى وَالأَضرَّاء، وَكَانَ يَأْتيهِم كُلّ اثْنَيْنِ وَخَمِيْس، وَيَسْأَل كُلّ وَاحِد عَنْ حَالِه، وَيَتفقَّده، وَيُبَاسِطه، وَيَمزح مَعَهُ... وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، خَيِّراً، سُنِّيّاً، يُحبّ الفُقَهَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَرُبَّمَا أَعْطَى الشُّعَرَاء، وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ انْهَزَم فِي حرب).
وقال الإمام ابن كثير في ترجمته: (أحَدُ الأجْوَادِ والساداتِ الكُبَراء، والملوك الأمجاد، لَهُ آثَارٌ حَسَنة،... وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول، ويحتفل به احْتِفَالاً هائلاً، وكان مع ذلك شهماً شجاعاً فاتكاً بطلاً عاقلاً عالماً عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه).
وقد ذهب الجماهير من العلماء من المذاهب الأربعة إلى مشروعية الاحتفاء والاحتفال بميلاد سيد البشرية وإمام الإنسانية سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وصنفوا في ذلك مصنفات.
وأول من صنف في تقرير المولد النبوي الشريف هو العلامة المحدث المالكي أبو الخطاب عمر بن حسن الكلبي فكتب "التنوير في مولد البشير النذير" وأبو الخطاب ابن دحية هو الذي قال الإمام الذهبي في ترجمته: (الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ المُتَفَنِّنُ ... رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ. فَقَالَ: كَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَأَنَسَةٌ بِالحَدِيْثِ، فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ).
وقال ابن خَلِّكان في ترجمة الحافظ أبي الخطاب بن دِحية: (كان أبو الخطاب المذكور من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متقناً لعلم الحديث النبوي وما يتعلق به، عارفاً بالنحو واللغة وأيام العرب وأشعارها، واشتغل بطلب الحديث في أكثر بلاد الأندلس الإسلامية، ولقي بها علماءها ومشايخها).
وقد تكلم العلامة أبو عبد الله بن الحاج المالكي في كتابه المدخل على عمل المَوْلِد، فمدح ما كان فيه من إظهار الشكر لله تعالى، وذم ما احتوى عليه من مُحَرَّمات ومُنْكَرات، فمن ذلك قوله: (فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى مَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ هَذَا الشَّهْرَ الشَّرِيفَ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ.أَلَا تَرَى أَنَّ صَوْمَ هَذَا الْيَوْمِ فِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ فِيهِ.
فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي إذَا دَخَلَ هَذَا الشَّهْرُ الْكَرِيمُ أَنْ يُكَرَّمَ وَيُعَظَّمَ وَيُحْتَرَمَ الِاحْتِرَامَ اللَّائِقَ بِهِ وَذَلِكَ بِالِاتِّبَاعِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَوْنِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَخُصُّ الْأَوْقَاتَ الْفَاضِلَةَ بِزِيَادَةِ فِعْلِ الْبِرِّ فِيهَا وَكَثْرَةِ الْخَيْرَاتِ... فَتَعْظِيمُ هَذَا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ إنَّمَا يَكُونُ بِزِيَادَةِ الْأَعْمَالِ الزَّاكِيَاتِ فِيهِ وَالصَّدَقَاتِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقُرُبَاتِ، فَمَنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِهَذَا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا فِي غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَكْثَرُ احْتِرَامًا كَمَا يَتَأَكَّدُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَيَتْرُكُ الْحَدَثَ فِي الدِّينِ وَيَجْتَنِبُ مَوَاضِعَ الْبِدَعِ وَمَا لَا يَنْبَغِي).
ثم ذكر ابن الحاج رحمه الله مجموعة من المنكرات التي فعلها بعض الجهلة، ثم قال: (وَهَذِهِ الْمَفَاسِدُ مُرَكَّبَةٌ عَلَى فِعْلِ الْمَوْلِدِ إذَا عَمِلَ بِالسَّمَاعِ فَإِنْ خَلَا مِنْهُ وَعَمِلَ طَعَامًا فَقَطْ وَنَوَى بِهِ الْمَوْلِدَ وَدَعَا إلَيْهِ الْإِخْوَانَ وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَهُوَ بِدْعَةٌ بِنَفْسِ نِيَّتِهِ فَقَطْ إذْ أَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ).
وقد تعقبه الإمام السيوطي في الحاوي في الفتاوي، في رسالته المسمَّاة (حسن المقصد في عمل المولد) قائلاً: (وأما قوله آخراً: إنه بدعة، فإما أن يكون مناقضاً لما تقدم أو يحمل على أنه بدعة حسنة كما تقدم تقريره في صدر الكتاب، أو يحمل على أن فعل ذلك خير والبدعة منه نية المولد، كما أشار إليه بقوله: فهو بدعة بنفس نيته فقط، وبقوله: ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد.
فظاهر هذا الكلام أنه كره أن ينوي به المولد فقط، ولم يكره عمل الطعام ودعاء الإخوان إليه، وهذا إذا حقق النظر لا يجتمع مع أول كلامه، لأنه حث فيه على زيادة فعل البر وما ذكر معه على وجه الشكر لله تعالى إذْ أوجد في هذا الشهر الشريف سيدَ المرسلين صلى الله عليه وسلم، وهذا هو معنى نية المولد فكيف يذم هذا القدر مع الحث عليه أولاً.
وأما مجرد فعل البر وما ذكر معه من غير نية أصلاً فإنه لا يكاد يتصور، ولو تصور لم يكن عبادة، ولا ثواب فيه إذ لا عمل إلا بنية، ولا نية هنا إلا الشكر لله تعالى على ولادة هذا النبي الكريم في هذا الشهر الشريف، وهذا معنى نية المولد فهي نية مستحسنة بلا شك فتأمل).
وممن أجاز عمل المولد من المالكية الإمام محمد بن أبي إسحق بن عباد النفزي، ففي كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب (11/278) ما نصه:
(وسئل الولي العارف بالطريقة والحقيقة أبو عبد الله بن عباد رحمه الله ونفع به عما يقع في مولد النبي صلى الله عليه وسلم من وقود الشمع وغير ذلك لأجل الفرح والسرور بمولده عليه السلام.
فأجاب: الذي يظهر أنه عيد من أعياد المسلمين، وموسمٌ من مواسمهم، وكل ما يقتضيه الفرح والسرور بذلك المولد المبارك، من إيقاد الشمع وإمتاع البصر، وتنزه السمع والنظر، والتزين بما حسن من الثياب، وركوب فاره الدواب؛ أمر مباح لا ينكر قياساً على غيره من أوقات الفرح، والحكم بأن هذه الأشياء لا تسلم من بدعة في هذا الوقت الذي ظهر فيه سر الوجود، وارتفع فيه علم العهود، وتقشع بسببه ظلام الكفر والجحود، يُنْكَر على قائله، لأنه مَقْتٌ وجحود.
وادعاء أن هذا الزمان ليس من المواسم المشروعة لأهل الإيمان، ومقارنة ذلك بالنيروز والمهرجان، أمر مستثقل تشمئز منه النفوس السليمة، وترده الآراء المستقيمة).
وقد كان الخلفاء المسلمون يقيمون الاحتفال بالمولد النبوي، ومعهم قضاة المذاهب الأربعة، ومشاهير العلماء.
قال العلامة المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار" : (فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوض، وجلس السلطان وعن يمينه شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصر البلقيني - شيخ الإمام الحافظ ابن حجر -، ويليه الشيخ المعتقد إبراهيم برهان الدين بن محمد بن بهادر بن أحمد بن رفاعة المغربيّ، ويليه ولد شيخ الإسلام، ومن دونه وعن يسار السلطان الشيخ أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزريّ المغربيّ، ويليه قضاة القضاة الأربعة، وشيوخ العلم، ويجلس الأمراء على بعد من السلطان، فإذا فرغ القراء من قراءة القرآن الكريم، قام المنشدون واحداً بعد واحد، وهم يزيدون على عشرين منشداً، فيدفع لكل واحد منهم صرّة فيها أربعمائة درهم فضة، ومن كلّ أمير من أمراء الدولة شقة حرير، فإذا انقضت صلاة المغرب مدّت أسمطة الأطعمة الفائقة، فأكلت وحمل ما فيها، ثم مدّت أسمطة الحلوى السكرية من الجواراشات والعقائد ونحوها). وهذا كله دون نكير من العلماء.
وممن أجاز الاحتفال بالمولد من العلماء:
* 1- الإمام المحدث الفقيه أبو شامة شيخ الإمام النووي.
قال في رسالته : (ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين).
* 2- الإمام شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني.
فقد سُئِلَ عن عمل المَوْلِد فأجاب بما نصه:
أصل عمل المَوْلِد بدعة لم تُنْقَل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة الصحابة والتابعين وتابع التابعين ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسنَ وضدِّها، فمن تَحَرَّى في عملها المحاسن وتجنَّب ضدَّها كان بدعةً حسنة وإلا فلا). نقلاً عن رسالة الإمام السيوطي.
* 3- الإمام الحافظ المحدث جلال الدين السيوطي.
قال معقباً على كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني: (وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجَّى موسى، فنحن نصومه شكرًا لله تعالى. فيُستفاد منه فعل الشكر لله على ما مَنَّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نِقْمة، ويُعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سَنَة. والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأيَّة نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبيّ نبيّ الرحمة في ذلك اليوم).
* 4- الإمام الحافظ أبو الخير السخاوي.
قال رحمه الله في فتاويه: (عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد، ثم لا زال أهل الإسلام في سائر الأقطار والمدن الكبار يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه وسلم بعمل الولائم البديعة، المشتملة على الأمور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور ويزيدون في المبرات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم).
وقال في ترجمة أحد تلاميذه: (سمع مني تأليفي في المولد النبوي بمحله وفي السنة قبلها تأليف العراقي فيه أيضاً).
فقد كان المولد يقرأ في مكان ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم سنة بعد أخرى دون نكير من أحد.
* 5- الإمام الشهاب أحمد القسطلاني شارح البخاري:
قال في كتابه المواهب اللدنية 1/148: (فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعياداً ، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء).
* 6- العلاَّمة الشّيخ محمد بن عمر بحرق الحضرمي الشافعي (ت:930 هـ)
قال في كتابه (حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار): (فحقيقٌ بيومٍ كانَ فيه وجودُ المصطفى صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَّخذَ عيدًا، وخَليقٌ بوقتٍ أَسفرتْ فيه غُرَّتُهُ أن يُعقَد طالِعًا سعيدًا، فاتَّقوا اللهَ عبادَ الله، واحذروا عواقبَ الذُّنوب، وتقرَّبوا إلى الله تعالى بتعظيمِ شأن هذا النَّبيِّ المحبوب، واعرِفوا حُرمتَهُ عندَ علاّم الغيوب، "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ").
* 7- الإمام العلامة صدر الدين موهوب بن عمر الجزري الشافعي.
قال: (هذه بدعة لا بأس بها، ولا تكره البدع إلا إذا راغمت السنة، وأما إذا لم تراغمها فلا تكره، ويثاب الإنسان بحسب قصده في إظهار السرور والفرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم). نقلاً من كتاب سبل الهدى والرشاد.
وقد تمسك من منع الاحتفال بالمولد بأمور؛ نذكرها ونذكر الجواب عنها باختصار:
أولاً: كون المولد أول من أحدثه الفاطميون.
وجواب ذلك أن يقال: على افتراض أن الفاطميين هم أول من أحدث ذلك؛ فليس هذا دليلاً على المنع، فقد أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعظيم اليوم الذي انتصر فيه موسى عليه السلام من اليهود، وقال عليه السلام: (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) رواه البخاري.
ثانياً: منع المولد بحجة أنه بدعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رواه مسلم.
والجواب عن ذلك: أن البدع على قسمين: حسنة وسيئة، وإلى هذا ذهب الجماهير من العلماء، وهذا بعض تقريرهم لذلك:
قال الإمام الشافعي: (المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً، فهذه البدعة الضلالة.
والثانية: ما أحدث من الخير مما لا خلاف فيه لواحد من هذا هي محدثة غير مذمومة، وقد قال عمر - رضي الله تعالى عنه - في قيام رمضان نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى).
وقال العلامة المحدث أبو شامة المقدسي: (فالبدعة الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها، وهي كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشئ منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي).
والإمام أبو شامة هو الذي يقول عنه الإمام ابن كثير في البداية والنهاية (13/250): (الشيخ الإمام العالم الحافظ المحدث الفقيه المؤرخ المعروف بأبي شامة شيخ دار الحديث الاشرفية...وكان ذا فنون كثيرة أخبرني علم الدين البرزالي الحافظ عن الشيخ تاج الدين الفزاري، أنه كان يقول بلغ الشيخ شهاب الدين أبو شامة رتبة الاجتهاد...وبالجملة فلم يكن في وقته مثله في نفسه وديانته وعفته).
وقال الإمام شيخ الإسلام سلطان العلماء العز بن عبد السلام: (وقال العز بن عبد السلام: (البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة).
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: (قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَكُلّ بِدْعَة ضَلَالَة )
هَذَا عَامّ مَخْصُوص ، وَالْمُرَاد غَالِب الْبِدَع . قَالَ أَهْل اللُّغَة : هِيَ كُلّ شَيْء عُمِلَ عَلَى غَيْر مِثَال سَابِق . قَالَ الْعُلَمَاء : (الْبِدْعَة خَمْسَة أَقْسَام: وَاجِبَة، وَمَنْدُوبَة وَمُحَرَّمَة وَمَكْرُوهَة وَمُبَاحَة... فَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْته عُلِمَ أَنَّ الْحَدِيث مِنْ الْعَامّ الْمَخْصُوص... وَلَا يَمْنَع مِنْ كَوْن الْحَدِيث عَامًّا مَخْصُوصًا قَوْله: (كُلّ بِدْعَة) مُؤَكَّدًا (بِكُلِّ)، بَلْ يَدْخُلهُ التَّخْصِيص مَعَ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تُدَمِّر كُلّ شَيْء}).
ثالثاً: نفي الدليل على تفضيل يوم المولد.
والجواب عن ذلك: بأن فضل هذا اليوم ثابت بالسنة النبوية، وقد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضل يوم مولده، فقال: (وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ قَالَ ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ) رواه مسلم، فعظَّمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم مولده بالصيام فيه.
وتعظيم الأيام الفاضلة أمرٌ مقررٌ شرعاً، ولذا صام النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه.
رابعاً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة ما يقع فيه من المخالفات.
والجواب عن ذلك: أنَّ هذا لا يستدعي تحريم المولد وإنما تمنع المخالفات الموجودة فيه، كما أننا لا نحرم حفل الزفاف ولكن نمنع المخالفات الشرعية التي تحدث فيه، ولذا قال الإمام ابن حجر العسقلاني: (وأما ما يعمل فيه - المولد - فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخيراتِ والعملِ للآخرةِ).
خامساً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة أنَّ يوم مولده هو يوم وفاته.
والجواب عن ذلك : هو قول الإمام السيوطي رحمه الله: (إن ولادته صلى الله عليه وآله وسلم أعظم النعم، ووفاته أعظم المصائب لنا، والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، والصبر والسكون عند المصائب، وقد أمر الشرع بالعقيقة عند الولادة وهي إظهار شكر وفرح بالمولود، ولم يأمر عند الموت بذبح (عقيقة) ولا بغيره. بل نهى عن النياحة وإظهار الجزع، فدلت قواعد الشريعة على أنه يحسن في هذا الشهر إظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وآله وسلم دون إظهار الحزن بوفاته).
سادساً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة أنَّ الصحابة والتابعين لم يفعلوه مع كونهم أشد حباً للرسول صلى الله عليه وسلم.
والجواب عن ذلك: هو ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله: (ما أحدث يخالف كتاباً أو سنةً أو أثراً أو إجماعاً فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة)، وقول الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الفتح: (ما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة). وقد بينا أن المولد النبوي يستند إلى أصول شرعية صحيحة، وعليه فإحداثه ليس بدعة ولو لم يعمل به السلف.
قال الإمام المفسر القرطبي المالكي رحمه الله في أحكام القران: (كل بدعة صدرت من مخلوق فلا يخلو أن يكون لها أصل في الشرع أو لا ، فإن كان لها أصل كانت واقعة تحت عموم ما ندب الله إليه وحض رسوله عليه ، فهي في حيز المدح... ، وإن كانت- البدعة- في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهي في حيز الذم والإنكار ... وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته: وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة، يريد ما لم يوافق كتابا أو سنة، أو عمل الصحابة رضي الله عنهم)وقد كان سيد العلماء الإمام مالك بن أنس رحمه الله ورضي عنه لا يركب بالمدينة دابة، وهذا فعلٌ أحدثه الإمام مالك لم يفعله الصحابة الذين هم أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك لم ير الإمام مالك بأساً في فعله، ولم ينكر عليه أحدٌ من العلماء ذلك، قال الإمام القاضي عياض المالكي في كتاب الشفاء (1 / 275): (كان مالك رحمه الله لا يركب بالمدينة دابة وكان يقول: "أستحي من الله أن أطأ تربة فيها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بحافر دابة" ). وذكر هذا عنه الكمال ابن الهمام الحنفي رحمه الله في فتح القدير (3 / 180)، وكذا الإمام ابن العربي المالكي في أحكام القرآن ( 3 / 254 ) وغيرهم وهو معروف مشهور عنه. والله تعالى أعلم.
والخلاصة
ذهب جماهير العلماء إلى مشروعية الاحتفال بالمولد، وأنه صورة من صور شكر الله تعالى على ما أنعم الله به علينا من بعثة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
http://www.awqaf.ae/Fatwa.aspx?SectionID=9&RefID=1489
ـــــــــ
124- دار الإفتاء الكويتية
القسم: متفرقات في الحظر والإباحة
عنوان الفتوى: المولد النبوي
بيانات الفتوى
20100223 التاريخ
عنوان السؤال
المولد النبوي
القسم
متفرقات في الحظر والإباحة
نص السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز التهنئة والاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف؟
جزاك الله كل خير
الاجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى ما دامت بطرق مشروعة.
والله تعالى أعلم.
http://www.islam.gov.kw/site/fatwaa/...fatwaa_id=7233
ــــــــــــ
125- من موقع أمــيـن عــام الآمانة العامة للأوقاف الكويتية
رقم الفتوى: 431
نص السؤال :
يقوم بعض الناس بعمل مسابقات أو مؤتمر أو برامج أو المهرجانات الانشادية مخصوصة في وقت المولد النبوي. فما حكمها الشرعي ؟؟ وهل تعتبر من قبيل الاحتفال في المولد النبوي ؟؟ وما هو رأيكم بإحياء مناسبة المولد؟؟
الجواب :
لا بأس بإقامة البرامج التي ذكرتها بمناسبة المولد النبوي الشريف، أو في أي وقت آخر.
يمكن اعتبارها من الاحتفال سيد الخلق –عليه الصلاة والسلام-.
والاحتفال بمولد سيد الخلق –عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم- أمر مستحب، وبدعة حسنة –في رأي جماهير العلماء-.
http://www.dralsherif.net/Fatwa.aspx...ID=4&RefID=431
ــــــــ
128- فتوى سماحة الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون المفتي العام للجمهورية السورية
ما حكم الشرع في الآحتفال بالمولد النبوي الشريف وفي إدخال الدفوف إلى المسجد والاحتفال داخل المسجد في حين أن بعض علماء السعودية يقولون بأنه بدعة فما الحكم جزاكم الله خيرا
الجواب
لا أرى في الاحتفال بمولد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي مشكلة أو مانع، ما دام الاحتفال بطريقة مشروعة، وقداحتفل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نفسه بمولده الشريف، فقد روى مسلم عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه سئل عن صيامه يوم الإثنين من كل أسبوع، فقال: (هو يوم ولدت فيه)، وعليه فيباح الاحتفال بمولد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بما هو من المباحات على خلاف العادات الأجنبية الوافدة علينا، وليس بدعة، بل البدعة أن نقول هو واجب أو سنة.
والدف جائز، ولا يعدُّ من الآلات المحرمة.
http://www.drhassoun.com/fatwa/fatwa_div.php
ـــــ
129- فتوى قيمة لفضيلة الشيخ عطية صقر رحمه الله :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فإذا كان الهدف من وراء هذا الاحتفال هو التأسي والاقتداء بالحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومعرفة سيرته والتعرف على سنته، مع مراعاة الآداب الشرعية في هذا الاحتفال من حيث الاختلاط، ومن حيث الكلام الذي يقال وأماكن الاحتفال وغير ذلك فهو أمر جائز بل مندوب، أما تاريخ الاحتفال فقد بدء في عهد الفاطميين.
هذا ما جاء في فتوى لفضيلة الشيخ عطية صقر - رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا ـ رحمه الله : ـ
لا يعرف المؤرخون أن أحدًا قبل الفاطميين احتفل بذكرى المولد النبوي فكانوا يحتفلون بالذكرى فى مصر احتفالا عظيما ويكثرون من عمل الحلوى وتوزيعها كما قال القلقشندى فى كتابه " صبح الأعشى" .
وكان الفاطميون يحتفلون بعدة موالد لآل البيت ، كما احتفلوا بعيد الميلاد المسيحي كما قال المقريزي ، ثم توقف الاحتفال بالمولد النبوى سنة 488 هـ وكذلك الموالد كلها ، لأن الخليفة المستعلي بالله استوزر الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي ، وكان رجلا قويا لا يعارض أهل السنة كما قال ابن الأثير فى كتابه " الكامل "ج 8 ص 302 واستمر الأمر كذلك حتى ولى الوزارة المأمون البطائحي ، فأصدر مرسوما بإطلاق الصدقات فى 13 من ربيع الأول سنة 517 هـ وتولى توزيعها " سناء الملك " .
ولما جاءت الدولة الأيوبية أبطلت كل ما كان من آثار الفاطميين ، ولكن الأسر كانت تقيم حفلات خاصة بمناسبة المولد النبوى، ثم صارت ، رسمية في مفتتح القرن السابع في مدينة " إربل " على يد أميرها مظفر الدين أبى سعيد كوكبري بن زين الدين على بن تبكتكين ، وهو سني اهتم بالمولد فعمل قبابا من أول شهر صفر، وزينها أجمل زينة ، فى كل منها الأغاني والقرقوز والملاهي، ويعطى الناس إجازة للتفرج على هذه المظاهر. وكانت القباب الخشبية منصوبة من باب القلعة إلي ، باب الخانقاه ، وكان مظفر الدين ينزل كل يوم بعد صلاة العصر، ويقف على كل قبة ويسمع الغناء ويرى ما فيها، وكان يعمل المولد سنة في ثامن الشهر، وسنة في ثاني عشرة ، وقبل المولد بيومين يخرج الإِبل والبقر والغنم ، ويزفها بالطبول لتنحر في الميدان وتطبخ للناس . ويقول ابن الحاج أبو عبد الله العبدري : إن الاحتفال كان منتشرا بمصر في عهده ، ويعيب ما فيه من البدع " المدخل ج 2 ص 11 ، 12 " .
وأَلفت كتب كثيرة فى المولد النبوى فى القرن السابع ، مثل قصة ابن دحيه المتوفى بمصر سنة 633 هـ ، ومحيى الدين بن العربي المتوفى بدمشق سنة 638 هـ ، وابن طغربك المتوفى بمصر سنة 670 هـ ، وأحمد العزلي مع ابنه محمد المتوفى بسبته سنة 677 هـ .
ولانتشار البدع فى الموالد أنكرها العلماء ، حتى أنكروا أصل إقامة المولد ، ومنهم الفقيه المالكي تاج الدين عمر بن على اللخمي الإِسكندري المعروف بالفاكهاني، المتوفى سنة 731 هـ ، فكتب فى ذلك رسالته " المورد فى الكلام على المولد" أوردها السيوطي بنصها فى كتابه " حسن المقصد" .
ثم قال الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: وقد أتى القرن التاسع والناس بين مجيز ومانع ، واستحسنه السيوطي وابن حجر العسقلاني ، وابن حجر الهيتمي مع إنكارهم لما لصق به من البدع ، ورأيهم مستمد من آية { وذكِّرهم بأيام الله } إبراهيم : 5 .
أخرج النسائي وعبد الله بن أحمد فى زوائد المسند ، والبيهقي فى شعب الإِيمان عن أبى بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر الأيام بنعم الله وآلائه "روح المعاني للآلوسي" وولادة النبي نعمة كبرى. اهـ
وفى صحيح مسلم عن أبى قتادة الأنصاري قال : وسئل - النبي صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الاثنين فقال " ذاك يوم ولدت فيه ، ويوم بعثت أو أُنزل علىَّ فيه "
روى عن جابر وابن عباس : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ، وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء وفيه هاجر وفيه مات أي فى شهر ربيع الأول ، فالرسول صلى الله عليه وسلم نص على أن يوم ولادته له مزية على بقية الأيام ، وللمؤمن أن يطمع فى تعظيم أجره بموافقته ليوم فيه بركة ، وتفضيل العمل بمصادفته لأوقات الامتنان الإلهي معلوم قطعا من الشريعة، ولذا يكون الاحتفال بذلك اليوم ، وشكر الله على نعمته علينا بولادة النبي وهدايتنا لشريعته مما تقره الأصول ، لكن بشرط ألا يتخذ له رسم مخصوص ، بل ينشر المسلم البشر فيما حوله ، ويتقرب إلى الله بما شرعه ، ويعرِّف الناس بما فيه من فضل ، ولا يخرج بذلك إلى ما هو محرم شرعا .
أما عادات الأكل فهي مما يدخل تحت قوله تعالى ( كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِإِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) البقرة : 172 انتهى .
ورأيي أنه لا بأس بذلك فى هذا العصر الذي كاد الشباب ينسى فيه دينه وأمجاده ، فى غمرة الاحتفالات الأخرى التي كادت تطغى على المناسبات الدينية ، على أن يكون ذلك بالتفقه فى السيرة ، وعمل آثار تخلد ذكرى المولد، كبناء مسجد أو معهد أو أي عمل خيري يربط من يشاهده برسول اللّه وسيرته.
ومن هذا المنطلق يجوز الاحتفال بموالد الأولياء ، حبًّا لهم واقتداء بسيرهم ، مع البعد عن كل المحرمات من مثل الاختلاط المريب بين الرجال والنساء ، وانتهاز الفرص لمزاولة أعمال غير مشروعة من أكل أو شرب أو مسابقة أو لهو، ومن عدم احترام بيوت اللّه ومن بدع زيارة القبور والتوسل بها ، ومن كل ما لا يتفق مع الدين ويتنافى مع الآداب .
فإذا غلبت هذه المخالفات كان من الخير منع الاحتفالات درءًا للمفسدة كما تدل عليه أصول التشريع .
وإذا زادت الإِيجابيات والمنافع المشروعة فلا مانع من إقامة هذه الاحتفالات مع التوعية والمراقبة لمنع السلبيات أو الحد منها بقدر المستطاع ، ذلك أن كثيرا من أعمال الخير تشوبها مخالفات ولو إلى حد ما ، والكل مطالب بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالوسائل المشروعة "
يقول الزرقاني فى شرح المواهب للقسطلانى بأن ابن الجزري الإمام فى القراءات والمتوفى سنة 833 هـ علَّق على خبر أبى لهب الذي رواه البخاري وغيره عندما فرح بمولد الرسول وأعتق " ثويبة" جاريته لتبشيرها له ، فخفف الله عقابه وهو فى جهنم فقال : إذا كان هذا الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي فى النار بفرحه ليلة المولد فما حال المسلم الموحد من أمته حين يُسرُّ بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته فى محبته .
يقول الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر :
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه * وتبَّت يداه فى الجحيم مخلدا
أتى أنه فى يوم الاثنين دائما * يخفف عنه للسرور بأحمـدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره * بأحمد مسرورا ومات موحدا؟
رجح ابن إسحاق أن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم كان فى ثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من عام الفيل وروى ابن أبى شيبة ذلك عن جابر وابن عباس وغيرهما ، وحكوا شهرته عند الجمهور .
وقد حقق صاحب كتاب " تقويم العرب قبل الإسلام " بالحساب الفلكي الدقيق أن الميلاد كان فى يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول الموافق للعشرين من شهر أبريل سنة 571 م .
والله أعلم
تجده هنا :
http://www.islamonline.net/servlet/S...=1122528603642
ــــــ
شبهات المعترض والرد عليها
1- قالوا: أن المولد النبوي الشريف لم يكن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه
الجواب :
بل كان من سنته تعظيم يوم مولده صلى الله عليه وسلم كما في الحديث أنه سئل عن صوم يوم الأثنين؟ فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه)). أخرج مسلم في صحيحه (2/819)
قال الإمام ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله تعالى ـ
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صيام يوم الاثنين ؟قال: (ذاك يوم ولدت فيه وأنزلت علي فيه النبوة) إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده، فإن أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار محمد صلى الله عليه وسلم وبعثته وإرساله كما قال تعالى: (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم). فإن النعمة على الأمة: بإرساله أعظم من النعمة عليهم بإيجاد السماء والأرض والشمس والقمر والرياح والليل والنهار، وإنزال المطر وإخراج النبات، وغير ذلك.فإن هذه النعم كلها قد عمت خلقا من بني آدم كفروا بالله وبرسله وبلقائه فبدلوا نعمة الله كفراً، فأما النعمة بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم فإن بها تمت مصالح الدنيا والآخرة، وكمل بسببها دين الله الذي رضيه لعباده، وكان قبوله سبب سعادتهم في دنياهم وآخرتهم.
فصيام يوم تجددت فيه هذه النعم من الله على عباده المؤمنين حسن جميل، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجددها بالشكر.أنتهى كلامه
لطائف المعارف ص114ط دار الكتب ضبط سعيد اللحام وابراهيم رمضان
ويستفاد من تعليق الإمام ابن رجب على الحديث أن الهدف من الصيام هو شكر الله على النعمة .وأن مولد النبي صلى الله عليه وسلم نعمة عظيمة ،تستحق الشكر لعظمتها. وبه يتبين للعاقل المنصف وجه الدلالة في الحديث على تخصيص يوم من الأسبوع يحتفى فيه بالمولد ،هو يوم الأثنين ،وهذا مستحب ،وهو بشهر مولده الصق ومعلوم أنه ولد في شهر ربيع الأول بالإجماع وإنما وقع الخلاف في تاريخ ذلك فقيل في الثاني عشر من ربيع الأول وهو قول الجمهور وقيل في يوم التاسع منه وهذان القولان أشهر ماذكر ،والمهم هو تعظيم يوم الأثنين من كل أسبوع ،مهما استطاع الإنسان إلى ذلك سبيلاً لأنه مستحب
2- قالوا :والاحتفال بالمولد محدث أحدثه الشيعة الفاطميون
الجواب:
ليس بصحيح أن أول من أحدثه الشيعة الفاطمية بل هو موجود من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ـ أي من حيث تعظيم اليوم الذي ولد فيه بعبادة ـ و الذي أحيا ذلك هم أهل السنة والجماعة ومن اتسع فيه وقام به بشكل مرتب منظم هو الملك المظفر وهو سني العقيدة فبدعة أهل السنة للمولد النبوي هي إحياء لتعظيم ذلك اليوم بترتيبها وتنظيمها لا في أصله لأن أصله مشروع كما في الحديث السابق تعظيم يوم مولده صلى الله عليه وسلم كما في الحديث أنه سئل عن صوم يوم الأثنين؟ فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه)). أخرج مسلم في صحيحه (2/819) .
ولذا فحق لكل مسلم أن يقول نعم البدعة هذه
وكون الفاطمية سبقوا إلى إحياء هذه السنة ففيه نظر .! ولكن على فرض ذلك فلا حرج ،لأننا إنما ننكر الباطل الذي يأتي به المبتدعة، وليس المرفوض هو الحق الذي وافقوا فيه السنة .
3- قالوا:- في الاحتفال بذكرى المولد تشبه بالنصارى.
الجواب:
لا شك أن التشبه بهم فيما هو من خصائصهم محرم ،أما تعظيم الله ورسله عليهم الصلاة والسلام فليس خاص بهم، بل كل مصدق بالأنبياء لابد أن يعظمهم سواء كان يهودياً أو مسلماً ،لكن لا يتشبه بالنصارى فيطرونه إلى درجة العبادة ،ولا يتشبه باليهود فيجفون الرسل ـ عليهم السلام ـ حتى وصلوا إلى أحط الدركات بقتلهم وتكذيبهم .فلا تشبه بحال من الحالين.
فالنهي هو عن التشبه بهم فيما هو من خصائصهم هذا هو المقصود.وهذا واضح لكل بصير بمعان الحديث .
فليس تعظيم الرسل خاص بهم فهو مطلوب من الجميع بلا غلو ولا جفاء
و ليس هناك أي معنى لربط هذا المولد بالمشابهة الصريحة بالنصارى فلا النيّة ولا الكيفيّة - وهذين الأصلين من أهمّ الأصول التي يحكم بها على الأمر- مشتركة فأنّى يتمّ هذا التشابه المزعوم .
والآن أخي الكريم أريد توضيح أمر قبل أن أوضّح بطلان دعوى مشابهة النصارى للمقيمين للمولد وسأُطنِب في الكلام للمزيد من التوضيح فلتقرأ بتأمّل وتدبّر وليطل نفسك معي.
كذب وافترى من ادّعى أنّ المجيزين للمولد لم يحتفلوا إلا في ذلك اليوم أعني يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل ونسوا رسول الله صلى الله عليه وسلم باقي أيّام السنة ! ؛ بل إنّهم يحتفلون به طوال أيّام السنة والواقع يشهد ؛ فإن قيل أنّ يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل ينال مزيد اهتمام ورعاية فتنقله القنوات الفضائيّة ويحضر كثير من مشائخ وعلماء العالم الإسلامي في مولد واحد وجلسة موحّدة ويتم فيه من الاهتمام مالا يتم في غيره.
فالجواب : أنّ هذا من باب ارتباط الزمن بالحدث ؛ فانظر إلى هذا الحبيب الأعظم والمعلّم المقدّم نبيّنا وسيّدنا محمّد صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم لمّا قَدِمَ المدينة ووجد اليهود يصومون يوم عاشوراء لأنّه يوم نجّى الله فيه موسى عليه الصلاة والسلام فأمر بصيامه ؛ فهذه النتيجة تعطينا هذه المقدّمات :
الأولى : أنّ نجاة سيّدنا موسى عليه السلام حدثت في يوم عاشوراء وهي نعمة عظيمة .
الثانية : أنّ اليهود كانوا يصومون ذاك اليوم فأمر بصيامه الحبيب صلّى الله عليه وسلم .
الثالثة : أمره صلّى الله عليه وسلّم المسلمين صيامه وقوله (نحن أولى بموسى منهم) يعني موافقته لفكرة اليهود في صيامهم هذا اليوم .
الرابعة : فكرة اليهود من خلال تطبيقهم تكون : شكر النعمة في يوم حدوثها أنسب الأوقات لذلك .
الخامسة : بالجمع بين الأصلين السابقين (الثالثة والرابعة) يُقَالْ أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أقرّ فكرة (شكر النعمة في يوم حدوثها أنسب الأوقات لذلك)
وبتحرير العبارة السابقة بطريقة تطبيقيّة يكون :
النعمة : نجاة موسى عليه السلام
يوم حدوثها : عاشوراء المكرّم
أنسب الأوقات لذلك : أي يوم عاشوراء ؛ بإظهار ذاك الشكر وإعلانه
مع ملاحظة أنّه ليس فيما ذكرنا (أنسب الأوقات لذلك) ما يدعو إلى تخصيص هذا اليوم دون غيره ؛ بل هو (أنسب) من أفعل التفضيل ؛ فعداه أيضًا فاضل .
إذا عُلِمْ هذا فلا شكّ أنّ مولد النبيّ صلى الله عليه وسلّم وبروزه للعالمين أعظم نعمة لنا معشر المسلمين خاصّةً .
فإن طبّقنا الأصل السابق (شكر النعمة في يوم حدوثها وأنّ ذلك أنسب الأوقات له) والذي قرّرنا فيما مضى أنّه أصلٌ صحيح ويقرّه النبي صلى الله عليه وسلّم على احتفائنا بالمولد الشريف تكون النتيجة :
النعمة : مولد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هدًى ورحمة للعالمين .
يوم حدوثها : الثاني عشر من ربيع الأوّل
أنسب الأوقات لذلك : أي يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل ؛ ومعنى هذا أنّ ما عداه من الأيّام أيضًا فاضل .
فنقول (شكر نعمة مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم في يوم الثاني عشر من ربيع الأول أنسب الأوقات لذلك وإن كان غيره من الوقت مناسب)
بعد كل هذا أظن أنّه قد اتّضح سبب تخصيص يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل بهذا الاهتمام ؛ فإن اتّضح هذا أعود مرّة أخرى لأقول :
إنّ محاولة ربط المولد بالتشبّه بالنصارى محاولة فاشلة ؛ لأنّ هذا يستلزم إذا كان حقًّا مشابهة ثلاثة أمور -أو أكثر- :
الأوّل : تشابههما بحيثيّة ذكرهم لقصّة المولد.
الثاني : تشابههما بحيثيّة ذكرهم القصّة في هذا اليوم.
الثالث : تشابههما بحيثيّة الاحتفال بهذه الطريقة المُعلَنَة.
فلا باب لمن أراد أن يزعم أنّ المولد فيه مشابهة للنصارى إلا أن يقول أنّه يشابه النصارى في هذه الثلاث الأمور .
ومن زعم مشابهة المقيمين للمولد النصارى أراد الأمر الثاني والأمر الثالث ولن يجرأ للتصريح بأنّ الأمر الأوّل كذلك ؛ لأنّ الأمر الأوّل منصوص عليه بصراحة في قوله صلّى الله عليه وسلّم عن يوم الإثنين ((يوم ولدت فيه)) وقوله تعالى عن عيسيى عليه السلام {والسلام علىَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً} وعن سيّدنا يحيى عليه السلام {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً} .
فهذا الأمر الأوّل (الذي هو حيثيّة تشابههما في ذكر قصّة المولد) اتّضح أنّه منصوص عليه في الكتاب والسنّة ؛ فهل سيستطيع هذا الزاعم مشابهة النصارى لمقيمين المولد أن يقول أنّ في هذا أعني الأمر الأوّل مشابهة للنصارى ؟
لن يجرأ أحد على ذلك ؛ فإن ثبت هذا فعليه أن يستثني الأمر الأوّل من الأمور الثلاثة التي ذكرناها حتّى يثبت حجّته المزعومة ؛ وهذا سيلزمه إلى البحث عن وسيلة غائيّتها تحقيق ذلك ؛ ولن يجد إلا التخصيص بلا مخصّص ؛ وهو باطل ؛ فعلم بطلان ذلك .
فإن قيل -وهذا ما أظنّ أنّه سيقوله الكثير- أنّ الأمر الأوّل (حيثيّة ذكرهم لقصّة المولد) غير داخل معنا في الكلام لأنّا نتكلّم عن حيثيّة ذكر القصّة في ذاك اليوم أعني الثاني عشر من ربيع الأوّل (الأمر الثاني)
قيل : أنّ معنى هذا أنّك مسلّم وموافق أنّه إن حدث المولد في غير الثاني عشر من ربيع الأوّل فليس فيه أيّ مشابهة للنصارى ؛ فإن توصّل لهذه النتيجة علم بنفسه تفاهة قوله بعدها أنّ إقامة المولد في يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل فيه تشبّه بالنصارى ؛ وإقامته في غيرما ذاك اليوم ليس فيه أي تشبّه بهم .
وبالتالي سيقصر إنكاره على من يحتفل ويقيم المولد ذاك اليوم فقط ؛ وسيخصّص بدايات شهر ربيع الأوّل ليحذّر الناس من هذه البدعة المنكرة ! لأنّها تشبّه بالنصارى !! وعندئذ سيضطّر إلى (التحذير طوال السنة بشكل عام و بدايات شهر ربيع الأوّل لقرب الأوان بشكل خاص ومزيد اهتمام عن الاحتفال بالمولد لأنّه في هذا اليوم تشبّه بالنصارى) وهذا أعني التحذير طوال السنة ثم التخصيص بالمزيد من الاهتمام بدايات شهر ربيع الأوّل مثالاً واضحًا لمسألة متى يتمّ الاحتفال أطوال العام أم فقط يوم في السنة التي وضّحناها سابقًا فالمقيمين للمولد يقيمونه طوال العاموهذا يحذّر طوال العام والمقيمين للمولد يخصّصون الثاني عشر من ربيع الأوّل بمزيد اهتمام وهذا يخصّص بدايات ربيع الأوّل لقرب الأوان بمزيد اهتمام وعناية ؛ {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} .
4- قالوا : وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في مدحه فقال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده ، فقولوا عبد الله ورسوله ) أخرجه البخاري 4/142 رقم 3445 ، الفتح 6/551 ، أي لا تغلوا في مدحي وتعظيمي كما غلت النصارى في مدح المسيح وتعظيمه حتى عبدوه من دون الله ، وقد نهاهم الله عن ذلك بقوله : ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) النساء/171
الجواب :
وهذا صحيح فعبادة غير الله شرك أكبر سواء كان نبياً أو غير نبي ،ونحن نتكلم عن مولد يعبد فيه الله وحده لا عن موالد النصارى ،ونتكلم عن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيماً مشروعاً لا أن نطريه كما أطرت النصارى عيسى إذ عبدوه وجعلوه ثالث ثلاثة ،ومنهم من قال إنه ابن الله سبحانه وتعالى عن قولهم.
فلا غلو ولا جفاء .
وأصبح إيراد الأدلة التي يسوقها المعترض في غير محلها.
5- قالوا: الاحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان : والجواب عن ذلك أن نقول : الحجة بما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، والثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن البدع عموماً ، وهذا منها ، وعمل الناس إذا خالف الدليل فليس بحجة وإن كثروا.
الجواب :
الناس لا يحتجون بعمل المسلمين على مشروعية العمل وإنما يحتجون بتجويز جمهور العلماء لهذا العمل ،وليس من باب البرهان للتشريع ،وإنما من باب لفت النظر إلى استنادهم لدليل ،لأن العوام تبع للعلماء ،فلما نظرنا للعلماء وأقوالهم قديماً وحديثاً كالحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي وابن الجزرى وكثير من علماء المذاهب الأربعة وغيرها علمنا أن لهم أدلة أقاموها على جواز الاحتفال بالمولد النبوي ،وعلمنا أنهم قيدوا ذلك بعدم وجود منكرات فيه ،وعلمنا أن لهم أدلة وحجج شرعية على جوازه،وبه علمنا سبب تواتر عمل المسلمين على ذلك في شتى بقاع الأرض على تفاوت بينهم من مولد ليس فيه إلا الخير فقط ،ومولد خلط عملاً صالحاً وعملاً منحرفاً عن الجادة .
ولذا فنحن نقول هو سنة لابدعة وقد سبق ذكر بعض الأدلة على ذلك فهو موافق للدليل لا مخالف، إنما البدعة كانت في إحياءه لا في أصله كما أن صلاة التراويح كانت البدعة في إحياءها جماعة لا في أصلها.
6- قالوا: " كل بدعة ضلالة " والمولد النبوي بدعة
و قولهم [أن تخصيص ذلك اليوم بمزيد عبادة يعتبر بدعة في الدين ،وكل بدعة ضلالة.]
الجواب:
أولاً:المخصص ليوم ميلاده بمزيد فضل هو النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث الشريف تعظيم يوم مولده صلى الله عليه وسلم كما في الحديث أنه سئل عن صوم يوم الأثنين؟ فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه)). أخرج مسلم في صحيحه (2/819) .
وكذا بالقياس على تخصيص يوم عاشوراء بعبادة شكراً لله تعالى على نجاة موسى فكذا يوم ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بجامع شكر الله على هذه النعمة.
ثانياً:أن الأصل هو أن يعمل الطاعات في كل وقت لا يستثنى من ذلك إلا ما منع الله عن نوع من العبادة فيه.
وذلك بأدلة كثيرة منها قول الله تعالى {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره}
ولذا فالأصل أن المسلم يصلي النوافل المطلقة في جميع الأوقات إلا ما منع الشرع من الصلاة فيه وهي أوقات معروفة بأوقات النهي.
والأصل أن جواز الصيام في أي يوم من الأيام إلا ما نهى الشرع عنه سواء نهي تحريم كيوم العيد أو نهي كراهة كإفراد الجمعة .والأصل إطعام الطعام في جميع الأوقات إلا ما منع الشرع منه كإطعام الصائم في نهار رمضان فإنه لايجوز .والأصل الصدقة في جميع الأوقات ..إلخ.إذن فلا وجه لمنع الناس من زيادات الطاعات المشروعة إلا بنهي خاص يخصص عموم النصوص الدالة على التقرب إلى الله تعالى .وعليه فلاوجه لنهي الناس عن ذكر الله يوم المولد ،ولاوجه لنهيهم عن صيام التطوع ،ولا وجه لنهيهم عن أي طاعة ،إلا مانهى الشرع عنه بخصوصه .
ومن نهى الناس عن عبادة الله في وقت من الأوقات بأي نوع من العبادة فعليه الدليل .
ثالثاً:اما حديث كل بدعة ضلالة ؟فالمقصود بالبدعة مالا أصل له في الدين .ولذا قال في الحديث الأخر ((من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد )) فقوله (في امرنا) أي في دينه وشرعه وقوله (فهو رد )أي مردود غير مقبول .فالصوم والصلاة ،والصدقة ،والذكر ،والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلها مشروعة ،ولذا فهي من أمره وشرعة .وكذلك الفرح والابتهاج بيوم مولده لاشك أنه من دلائل المحبة.
7- قالوا: هل كل يوم فضيل أتى الخبرُ ينصُ عليه يُسن الاحتفال فيه؟
الجواب:
نعم يسن ذلك والاحتفال فيه يكون بما ورد فيه أو من جنسه فمثلاً يوم عرفة يكون بالوقوف والدعاء والاستغفار ونحو ذلك .
ومعلوم لدى كل عاقل احتفاء المسلمون بيوم عرفة ،والعشر الأواخر وعشر ذي الحجة ،ويوم عاشوراء وغيرها من الأيام الفاضلة .وهي تشترك مع يوم المولد النبوي الشريف في التعظيم ،واستحباب احياءها بما شرع الله فيها، وبالسرور العظيم الذي ينتاب كل مؤمن بها ،ولذا فهو يعمل في تحصيل الثواب المترتب على ذلك .
إلا أن المولد النبوي الذي نقصده هو ما شمل على التالي :
1ـ تعظيمه يومه بالصيام من باب التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم .
وسائر العبادات المشروعة الأخرى لما في ذلك من شكر الكريم عزوجل .
2ـ مزيد التذكير بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم ـ وتنبه لقولي مزيد ذلك ـ لأن الأصل أننا نذكره في جميع الأيام وإنما يوم مولده يفرح كل مؤمن ويخزي كل كافر معاند ((قل بفضل ونعمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )).
3ـ أن من فوائد تخصيص يوم مولده بالاحتفال هو ربط أذهان الأجيال المسلمة صغيرها وكبيرها بيوم من الأيام العظيمة في تاريخها والله عز وجل يقول ((وذكرهم بأيام الله)) (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ )(120) هود) ولا شك أن تذكيرهم بنجاة موسى عليه السلام كيوم عاشوراء، وأيام إبراهيم في بناء البيت وغير ذلك لبيان واضح لما نحن فيه من ربط الأجيال بالقدوة الصالحة ،ولا شك أن ذلك عمل تربوي سليم حتى لا تغفل الأجيال المسلمة عن تاريخها العظيم .فأقل ما يفعل هو ذكر شيء من سيرته وأحاديثه الثابتة صلى الله عليه وسلم .ومن أشرف على تربية الشباب يعرف فائدة ذلك جيداً.لأن ربط الأجيال بالمناسبات له دور عظيم في ترسيخ الاعتقاد وربط الأذهان بذكرى معينة تفيدهم في رسم قدوات لحاضرهم ومستقلبهم.
8- قالوا: أن يوم الثاني عشر من ربيع الذي يعظمه من يحتفل بالمولد لا يكون دائماً في كل سنة يوم الاثنين .
الجواب :
أما كونه مخالف فليس بصحيح لأن يوم الثاني عشر ويوم الاثنين يشتركان في كونهما يوم مولده صلى الله عليه وسلم فالأول بالحديث الوارد في ذلك والثاني بالاجتهاد في تحديد التاريخ ومعلوم الاختلاف في تعيين اليوم ولكن أقوى الأقوال عن مولده تتراوح بين الثامن إلى يوم الثاني عشر من ربيع الأول ،فإذا كان ذلك كذلك فلا حرج أن يحتفل الناس في أي يوم اثنين من شهر ربيع الأول في الأسبوع الثاني منه . مع أن المقصود أوسع من سطحية الاعتراض الوارد وقد ذكرت الحكم العظيمة من إحياء يوم مولده صلى الله عليه وسلم فراجعها.
9- قالوا: لماذا تجعلون الاحتفال بالمولد بدلاً عن الصيام الوارد؟
الجواب:
أن هذا السؤال فيه تعنت وكبر لأن الكبر ((هو بطر الحق وغمط الناس ))
فمعلوم أن الصيام نوع من أنواع العبادات التي تستحب في يوم المولد فمن الذي نهى عنه حتى يورد مثل هذا الإيراد التلبيسي ؟!! بل صيام الاثنين مستحب بلا ريب.
لأنه يوم مولده صلى الله عليه وسلم وفيه ترفع الأعمال وقد حوى فضائل جمة .
وحيث فهمنا الاحتفال الذي يقصده السني من تعظيمه للنبي صلى الله عليه وسلم بما شرع الله تعالى من صيام منصوص عليه ،أو نوافل مطلقة كإطعام الطعام ونحوه من تسبيح وتكبير وتهليل ، وذكر وتعليم لسيرته صلى الله عليه وسلم علم العاقل أن كل محرم للمولد فإنه مغال بشرط أن يخلو المولد عن المحرمات، والمكروهات، كما ذكرت سابقاً.
10- قالوا:أن يوم الاثنين ولد فيه ومات فيه فلا وجه لتخصيصه بالفرح؟
قد أجاب على هذا الشبهة الإمام السيوطي رحمه الله حيث قال:
"أن ولادته صلى الله عليه وآله وسلم أعظم النعم، ووفاته أعظم المصائب لنا، والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، والصبر والسكون عند المصائب، وقد أمر الشرع بالعقيقة عند الولادة وهي إظهار شكر وفرح بالمولود، ولم يأمر عند الموت بذبح عقيقةولا بغيره. بل نهى عن النياحة وإظهار الجزع، فدلت قواعد الشريعة على أنه يحسن في هذا الشهر إظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وآله وسلم دون إظهار الحزن
وقد أجاب الشيخ الأزهري:
عندي أن الجواب القاطع لهذا التشغيب أن نقول: على فرض أنه مات في نفس اليوم الذي ولد فيه فإنه صلى الله عليه وسلم ندبنا إلى الاحتفال بمولده ولم يندبنا إلى ترك الاحتفال من أجل وفاته فيه، لأنه قال لمن سأله عن صيامه: (ذاك يوم ولدت فيه) فأرشده إلى صيامه بالتنبيه إلى فضله وأنه ولد فيه، ولم يقل له لا تصمه فهو يوم أموت فيه ـ على أساس أن النبي يعلم متى يموت ـ وهذا عاشوراء نصومه وليس موت أبي عبدالله فيه بمانعنا من صومه ولا بناقض لما ثبت من فضله ..
فإن قال قائل: لعل النبي لم يعلم أنه يموت في اليوم الذي ولد فيه؟ ولو علم لم يشرع صومه!
قلنا: فهذا على ما اشتمل عليه من الافتراض السخيف يلزم منه وقوع النسخ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم!! وهذا محال، لأن الناسخ هو قول الشارع والنبي قد مات ولا وحي بعده فمن أين يأتي النسخ؟؟؟ ومن من المنكرين للاحتفال يقول بأن صيام الاثنين منسوخ بموت النبي في يوم الاثنين؟ ومن ذا الذي يزعم أن الفضائل تنتفي بالمصائب؟؟؟ لا أحد يقول بهذا منهم ولا منا، ولم نسمع بفتوى أن صيام الاثنين منسوخ بموته، فوجب أن مصيبة موته في يوم الاثنين ـ على تقدير حصول ذلك ـ لا يمنع من صومه وبالتالي لا يمنع من الاحتفال به.
هؤلاء يريدون أن يقعدوا قاعدة (المصائب تنسخ الفضائل) وهذا مذهب أهل الرفض لا أهل العقل.
وهذا كلام لابن رجب عن يوم وفاته في وظائف ربيع:
((واختلفوا في تعيين ذلك اليوم من الشهر فقيل : كان أوله و قيل : ثانية و قيل ثاني عشرة و قيل : ثالث عشرة و قيل : خامس عشرة و المشهور بين الناس : إنه كان ثاني عشر ربيع الأول و قد رد ذلك السهيلي و غيره بأن وقفة حجة الوداع في السنة العاشرة كانت الجمعة كان أول ذي الحجة فيها الخميس و متى كان كذلك لم يصح أن يكون يوم الإثنين ثاني عشر ربيع الأول سواء حسبت الشهور الثلاثة أعني : ذا الحجة و محرما و صفرا كلها كاملة أو ناقصة أو بعضها كاملة و بعضها ناقصة و لكن أجيب عن هذا بجواب حسن و هو أن ابن اسحاق ذكر أن النبي صلى الله عليه و سلم توفي لاثنتي عشرة ليلة من ربيع الأول و هذا ممكن فإن العرب تؤرخ بالليالي دون الأيام و لكن لا تؤرخ إلا بليلة مضى يومها فيكون اليوم تبعا لليلة و كل ليلة لم يمض يومها لم يعتد بها كذلك إذا ذكروا الليالي في عدد فإنهم يريدون بها الليالي مع أيامها فإذا قالوا عشر ليال فمرادهم بأيامها و من هنا يتبين صحة قول الجمهور في أن عدة الوفاة أربعة أشهر و عشر ليال بأيامها و أن اليوم العاشر من جملة تمام العدة خلافا للأوزاعي و كذلك قال الجمهور في أشهر الحج : إنها شوال و ذو القعدة وعشر من ذي الحجة و أن يوم النحر داخل فيها لهذا المعنى خلافا للشافعي وحينئذ فيوم الإثنين الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه و سلم كان : ثالث عشر الشهر لكن لما لم يكن يومه قد مضى لم يؤرخ بليلته إنما أرخوا بليلة الأحد و يومها و هو الثاني عشر فلذلك قال ابن إسحاق توفي لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول و الله أعلم))
11-قال بعضهم: مولد النبي مختلف فيه، والظن أنه التاسع، فكيف تحتفلون بيوم 12 ربيع مع أنكم لا تجزمون بأن مولد الهادي فيه ؟
الجواب
هذا قد ذكره أهل العلم لكن المشهور هو 12 ربيع، وعلى تقدير حصول الخلاف فلا ضير ولا مانع من الاحتفال، ولو كان جهل اليوم بالتحديد مانعا من الاحتفال به أو صومه ورافعا لفضله لوجب مثل ذلك في ليلة القدر فإن النبي خرج يخبر أصحابه بها فتلاحا رجلان فرفعت فقال النبي فالتمسوها في العشر الأخير من رمضان، ولم يكن جهلها بالتحديد بمانع من إحيائها، بل إن جهلها بالتحديد يستدعي إحياء العشر كله لنيل بركتها فلو فرضنا أن يوم مولده مختلف فيه هل هو 2 أو 8 أو 12 ربيع فالقياس والفقه يقتضي إحياء هذه الليالي كلها لا تركها كلية، فمن أين يأتينا الفقه المعوج القائل بأن جهل اليوم الذي ولد فيه النبي بالتحديد ينفي فضله الثابت بقوله (ذاك يوم ولدت فيه)؟؟!!!! كل يوم اثنين فهو مبارك يذكرنا بمولده وكل عشر أول من ربيع يذكرنا به كذلك فإذا اتفق الاسم والعدد والشهر كان ذلك غاية المطلوب وأحبه إلى القلوب وأقرب إلى نيل المرغوب.
ولكن الذي استقر عليه الجمهور واعتمدوه وعملوا به إلى يومنا هذا هو(لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوَّل عام الفيل ) .
وإليك تأكيد "بعض" الأقوال من الأئمَّة :
* قال الحافظ الكبير صاحب التصانيف العظيمة في الحديث والرجال أبو الحاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي رحمه الله في كتابه(كتاب السيرة النبوية وأخبار الخلفاء ) ص7 مانصه:
[ قال أبو حاتم : ولد النبي صلى الله عليه و سلم عام الفيل يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول ]. انتهى
* وقال الإمام الحافظ ابن سيد الناس رحمه الله في كتابه (عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير) ج1ص38 ما نصه:
[ وولد سيدنا ونبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الاول عام الفيل قيل بعد الفيل بخمسين يوما]. انتهى
*وقال الإمام السهيلي رحمه الله في كتابه( الروض الأنف ) ج1 ص300 ما نصه:
[ ـ ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ: قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال:ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين ، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل ].
والذي يظهر هنا أن الإمام السهيلي رحمه الله يُرجّح ما قاله ابن إسحاق رحمه لذكره له دون معارضة أو ذكر لمعارض.
*وقال الإمام محمد بن يوسف الصالحي رحمه الله في كتابه
(سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد )ج1 ص334 ـ 336 ما نصه:
[ قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: لاثنتي عشرة ليلة خلت منه ـ أي من ربيع الأول ـ ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن جابر وابن عباس. قال في الغرر: وهو الذي عليه العمل ]. انتهى
والذي يظهر هنا أن الإمام الصالحي رحمه الله يُرجّح ما قاله ابن إسحاق رحمه الله؛ إذ أنه ذكر قولَه أولاً ثم نقل قول صاحب ( الغرر ) الذي يقول: وهو الذي عليه العمل؛ وكأنه أراد تأكيد ما ذهب إليه ابن إسحاق وترجّح له. فتأمَّل
*وقال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه ( لطائف المعارف ) ص137 بعد ذكره إختلاف الأقوال ما نصه:
[ والمشهور الذي عليه الجمهور أنه ولد يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول، وهو قول ابن إسحاق وغيره ].انتهى
*وقال الإمام الفقيه أبي زكريا عماد الدين العامري رحمه الله المتوفى سنة893هـ في كتابه
(بهجة المحافل وبُغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل )ج1ص51 بعد ذكره إختلاف الأقوال ما نصه:
[واتفقوا على أنه صلى الله عليه وآله وسلّم ولد يوم الإثنين. قال الأكثرون: في شهر ربيع الأول. ........، وقيل لثنتي عشرة وهو أشهرها .... ].
*وقال الإمام علي بن برهان الدين الحلبي رحمه الله في سيرته( السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون؛ المُسمى بـ" إنسان العيون " ) ج1ص93 قبل ذكر الخلاف وترجيحه ما نصه:
[ وذكر الزبير بن بكار والحافظ ابن عساكر ...... وعن سعيد بن المسيب { ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إبهار النهار } أي وسطه { وكان ذلك اليوم لمضي اثنى عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول } أي وكان ذلك في فصل الربيع ...... قال: وحكى الإجماع عليه وعليه العمل الآن، أي في الأمصار خصوصاً أهل مكة في زيارتهم موضع مولده صلى الله عليه وسلم..] انتهى
*قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتابه (السيرة النبوية)ج1ص304 مانصه:
[ عن جابر وابن عباس أنهما قالا : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثانى عشر من شهر ربيع الاول وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء ، وفيه هاجر وفيه مات . وهذا هو المشهور عند الجمهور والله أعلم ].
و قد استقر الأمر عند الجمهور واشتهر وانتشر وعليه العمد والعمل إلى يومنا هذا أنه في الثاني عشر من شهر ربيع الأول كما ذكر الحفاظ والأئمة ابن كثير و ابن رجب وابن سيد الناس و العامري والسهيلي .. وغيرهم
فهل يصح أن نُخطِّئ ونُبدِّع الحافظ ابن كثير وابن رجب والسهيلي والعامري وابن سيد الناس، ونَقول لهم: كذبتم؛ لم يقل هذا الجمهور؟؟!!
إذاً المسألة شأنها كشأن كثير من المسائل المُختلف فيها؛ سواء كانت فقهية أو حديثيَّة أو تاريخيَّة أو غير ذلك، وكل يعمل بمقتضى ما ترجَّح له في كل مسألة؛ ؟؟
وبالتالي إن اتخاذ هذا الاختلاف في مسألة الاحتفال بالمولد كحُجّة في تحريم وتبديع المولد!
هي حُجَّة ساقطة لا تقوم لها قائمة؛ لأنها مسألة اجتهادية، لا يجوز أن يُلزم الشخص ويوجب على الناس ويُجبرهم بما ترجَّح لديه .
و ما أصدق قول الشاعر
ولد الهدى فالكائنات ضياء * * * و فم الزمان تبسم و ثناء
فهل بعد ذلك نترك لكل من هب ودب أن يبدع يفسق جمهور المسلمين المحتفلين بمولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم..
نترك الحكم لكل عاقل
ونختم بقصيدة نظمها العلامة عثمان بن عمر بن الشيخ داود الأشعري الشافعي
في الرد على المانعين لاحتفال المولد النبوي صلى الله عليه وسلم، من بحر المتقارب، وهي هذه:
صَلاْةٌ سَلاْمٌ عَلَـىْ مَنْ أتـى
إِلَىْ الْكَوْنِ أَبْـهَىْ مِنَ الْقَمَرَا
مُحَمَّدِ الْمُصْطَفَىْ الْمُجْتَبَـىْ
وَآَلٍ وَأَصْـحَـاْبِـهِ الأُمَـرَا
وَبَعْدُ فَخَيْـرُ الْوَرَىْ أَحْمَـدَ
بَدَاْ سَيِّـدًا خَاْشِعـًا أَنْـوَرَا
بَـدَاْ مِثْلَ نَـدٍّ وَعَنْـبَـرِنَاْ
وَمِسْكٍ شَذَاْهُ يَعُـمُّ الْـوَرَى
وَمِيْـلاْدُهُ نِعْمَـةٌ رَحْمَـةٌ
وَعِيْـدٌ بِهِ الْمُؤْمِنُ اسْتَبْشَـرَا
بِشَهْرِ الْرَّبِيْعِ بَـدَا نُـوْرُهُ
فَفَاْقَ الْشُّهُـوْرَ بِـهِ افْتَخَـرَا
وَلَيْلَـةُ مِيْـلاْدِهِ شُرِّفَـتْ
بِـهِ عَنْ سِوَاْهَاْ كَمَاْ حُـرِّرَا
عَلَىْ لَيْلَـةِ الْقَـدْرِ فَضَّلَهَـاْ
شُيُـوْخٌ كِـرَاْمٌ مِنَ الْكُبَـرَا
بِـهِ عَامُ مِيْـلاْدِهِ شَـرُفَـاْ
وَمَكَّـةُ إِذْ فِيْهِمَـاْ ظَـهَـرَا
وَمَـاْ زَاْلَ أَهْـلُ الْمَحَبَّةِ أَنْ
يُقِيْمُوْا احْتِفَاْلاً لَّـهُ أَبْـهَـرَا
وَمَحْفَلُهُـمْ بِالصَّـلاْةِ وَبِالـ
ـثَـنَاْءِ عَلَيْهِ لَقَـدْ عُطِّـرَا
وَذِكْرُ شَمَائِـلِـهِ شَأْنُـهُـمْ
فَبَاْدِر ْ وَكُنْ مَعْهُمُوْ وَاذْكُـرَا
كَمَـاْ يُنْفِقُـوْنَ لِتَعْظِيْمِـهِ
بِـمَاْ الله رَبِّـيْ لَهُمْ يَسَّـرَا
فَحُبُّـهُ تَعْظِيْمُـهُ وَاْجِـبٌ
فَطُوْبَـىْ وَطُوْبَىْ لِمَنْ وَقَّـرَا
وَوَيْلٌ وَوَيْلٌ لِمَنْ حَـرَّمَ احْـ
ـتِفَاْلاً لِمِيْلاْدِ خَيْرِ الْـوَرَى
وَأَجْمَعَ أَهْـلُ الْعُلُوْمِ عَلَىْ الْـ
ـجَوَاْزِ فَخُذْهُ لِكَىْ تَظْفَـرَا
وَكَمْ مِنْ إِمَـاْمٍ جَلِيْلٍ حَكَىْ
دَلِيْلاً صَرِيْحًا يُـرَىْ أَظْهَـرَا
فَتَبَّتْ يَدَاْ مُنْكِرٍ جَـاْحِـدٍ
مَدِيْحَ الْحَبِيْبِ وَقَدْ خَسِـرَا
إِذَاْ مُنْشِداً مَـدْحَ طَـهَ رَآَىْ
يَفِرُّ وَوَلَّـىْ إِذَنْ مُـدْبِـرَا
وَتَبْـدُوْ كَـرَاْهِيَّـةٌ مِنْهُـمُ
وَيَسْطُوْنَ مَنْ مَدْحَهُ كَـرَّرَا
فَإِيَاْكَ إِيَـاْكَ مِـنْ غـيِّـهِ
وَكُـنْ مُنْبِذاً قَوْلَهُ مِـنْ وَرَا
فَلَيْسَ لَـدَيـْهِ دَلِيـْلٌ وَلَـوْ
ضَعِيْفاً فَمِنْهُ اسْتَعِذْ وَاَهْجُـرَا
وَلَيْسَ حَيـَاْءٌ لَـهُ وَاَلْتُقَـىْ
وَلَيْسَ اِنْقِـيَاْدٌ لِحَقٍ يَـرَى
وَتَـزْيِيْـنُ بَاْطِـلِـهِ دَأْبـُهُ
وَتَـزْيِيْفُ حَقٍ فَكَمْ غَيَّـرَا
مِنَ اَلْدِيْنِ اَصْلاً وَفَرْعاً فَكُـنْ
نَبِيْهاً يَرَىْ مَاْخَفَـاْ وَاحْـذَرَا
وَصَلُوْا بِجَهْرٍ عَلَىْ اَلْمُصْطَفَىْ
عَلَىْ رَغْمِ أَنْفِ الَذِيْ أَنْكَـرَا
بِتَشْخِيْصِ ذَاْتِ اَلْحَبِيْبِ اَلَذِيْ اَصْـ
ـطَفَاْهُ اِلإِلَـهُ لِكَىْ تَظْفَـرَا
بِنَـثْرٍ وَنَظْـمٍ وَلَيْـلٍ كَـذَاْ
نَـهَاْرٌٍ فَتَحْظُوْا بِخَيْرٍ جَـرَى
وَقُلْ لِلْعَذُوْلِ اسْتَرِحْ وَاقْبِلَـنْ
عَلَىْ شَأْنِكَ ارْجِعْ إِلَيْ اَلْقَهْقَرَى
بِغَيْظِـكَ مُتْ خَاْئِباً بَاْكِـياً
وَعُـدْ خَاْسِئًا بَاْسِرًا أَخْسَـرَا
وَغَنُّوْا فُرَاْدَىْ وَجَمْعاً بِمَـدْ
حِهِ بِارْتِـيَاْحٍ تَنَاْلُوْا اَلْقِـرَى
تَـمَتَعْ وَرَدِّدْ عَلَيْـهِ بِلاْ اكْـ
ـتِرَاْثٍ بِقَوْلِ اِمْرِئٍ خَسِـرَا
فَيَاْسَعْدَ مَنْ حَبَّهُ وَاَقْتَـفَـىْ
عَلَىْ إثْـرِهِ نَـهْجَهُ اَلأَنْـوَرَا
وَصَـلِّ وَسَلِّمْ وَبَاْرِكْ عَلَـىْ
حَبِيْبِكَ مَعْ صَحْبِـهِ الْغُـرَرَا
وَآلٍ وَأَتْـبَاْعِهِـمْ سَرْمَـدَا
مَتَىْ سَاْجِدٌ فِيْ الْدُّجَىْ سَهِـرَا
وَعُثْمَاْنُ عَبْدُ الْهَوَى يَلْتَجِـيْ
حَبِيْبَ الْمُهَيْمِنِ مِنْ سَقَـرَا
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
بسم الله الرحمن الرحيــــم
الحمد لله المعطي الوهاب وصلى الله على سيدنا حبيب الله ومجتباه
محمد ابن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن سلك طريقه وسنته ومبتغاه وبعد :
الأدلة الصوفية في مولد سيد البشرية عليه الصلاة والسلام
بمناسبة حلول المولد النبوي الشريف أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات
أحببت أن أجمع الأدلة الواردة في عمل المولد النبوي الشريف
سائلا الله سبحانه أن يجمعنا بالحبيب في الفردوس الأعلى
إنه ولي ذلك والقادر عليه
وسنستعرض في الادلة مايلي :
الأدلة من القرآن الكريم
الأدلة من السنة النبوية
دليل الإجماع
[ الفصل الأول ] الأدلة من القرآن الكريم :
لقد أورد القرآن الكريم أدلة كثيرة تحض على الاحتفاء والابتهاج بسيد ولد عدنان صلى الله عليه وآله وسلم ، إما تصريحا وإما تلويحا ، وأقتصر على بعض الأدلة التصريحية وهي على النحو الآتي :
[ الدليل الأول ] : قال تعالى (( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا )) (يونس : 58)
فالله عز وجل طلب منا أن نفرح بالرحمة ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم رحمة ، وقد قال تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) (الأنبياء : 107)
وفي الدر المنثور للحافظ السيوطي (4/367) أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : فضل الله العلم ، ورحمته النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الله تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) انتهى .
[ الدليل الثاني ] : قال الله تعالى (( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك )) (هود : 120)
في الآية طلب قص أنباء الرسل لما في ذلك من تثبيت الفؤاد ، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الرسل ، والمولد النبوي الشريف يشتمل على أنباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ففي ذكره تثبيت لأفئدة المؤمنين ، فهو حث على تكرار ذكر المولد والعناية به .
[ الدليل الثالث ] : قوله تعالى حكاية عن عيسى بن مريم عليهما السلام : (( ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين )) (المائدة : 114)
قال الشيخ إسماعيل حقي في روح البيان (2/446) عند هذه الآية : "أي يكون يوم نزولها عيدا نعظمه ، وإنما أسند ذلك إلى المائدة لأن شرف اليوم مستفاد من شرفها"
وما كان ميلاد محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأقل شأنا من ميلاد عيسى عليه السلام ، بل ميلاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أعظم منه ، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم أكبر نعمة ، فيكون ميلاده أيضا أكبر وأعظم .
[ الدليل الرابع ] : وفي كتاب الله عز وجل بيان لقصة ميلاد عيسى عليه سلام الله ، وميلاد يحيى بن زكريا عليهما السلام ، وقد نطقت آيات كثيرة بالإشارة إلى ميلاد مريم عليها السلام ، وما سبق ذلك الميلاد من دعاء الأم الرؤوم ، وما صحبه من تخوف واعتذار ، وما صحب مولدها عليها السلام من إكرام الله لها حيث كفلها زكريا ، وحيث الرزق المتجدد المتعدد الأنواع ، وحيث يتبارى أشراف القوم فيمن يكفل مريم ، واقترعوا من أجل ذلك ، هذا كله في سورة آل عمران من الآية (34) إلى الآية (44) ، وقد أتى ضمن هذه الآيات آيات تتكلم عن نبي الله يحيى بن نبي الله زكريا عليهما السلام ، محتفية به متحدثة بالإجلال والتكريم ، وقد تحدثت آيات أخر في سور آل عمران والمائدة ومريم عن ميلاد عبد الله ورسوله عيسى بن مريم عليهما السلام .
أقول أليس في هذا كله مما يستأنس به لجواز ذكر النعمة بمولده صلى الله عليه وآله وسلم ؟! وهو بكل تأكيد أفضل خلق الله على الإطلاق ؟
[ الدليل الخامس ] : قال تعالى (( لتؤمنوا بالله ورسوله ، وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا )) (الفتح : 9)
ذهب المفسرون في تفسير هذه الآية مذهبين :
1) المذهب الأول : من وحد الضمائر .
2) المذهب الثاني : من فرق بينهما .
وخلاصة المذهب الأول أن الضمائر الواردة في الآية الكريمة تعود كلها إلى الله تعالى ، أو إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
وهو رأي جماعة من المفسرين نقله عنهم الإمام النووي ، فمن ذهب إلى أنها تعود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
1) إنه عليه الصلاة والسلام أقرب مذكور في الآية .
2) لا يجوز التفريق بين الضمائر إلا لضرورة .
معنى "تسبحوه" أي تنزهوه عن النقائص وتدعوا له .
[ الدليل السادس ] : قال الله تعالى (( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )) (آل عمران : 164)
قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله تعالى : "إن بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إحسان إلى كل العالمين ، ولقد شرف الله به العرب ونقلهم ببركة مقدمه صلى الله عليه وآله وسلم من رعاة الشاء والغنم إلى رعاة الشعوب والأمم ، ورفعهم من عُبية الجاهلية إلى مقام السيادة والريادة كما قال تعالى (( وإنه لذكر لك ولقومك ))
فقد أفردهم بالفخر على سائر الأمم وذلك لأن الافتخار بإبراهيم عليه السلام كان مشتركا بين اليهود والنصارى والعرب ثم إن اليهود والنصارى كانوا يفتخرون بموسى وعيسى عليهما السلام وبالتوراة والإنجيل .
فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وأنزل القرآن صار شرف العرب بذلك زائدا على شرف جميع الأمم" انتهى بتصرف .
[ الدليل السابع ] : قوله سبحانه وتعالى (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ))
وهذا دليل واضح الدلالة في توقيره وتعظيمه في كل وقت وحين لأن حبه صلى الله عليه وآله وسلم وولاءه أصل الدين وأساسه ، فكل العبادات تسوق إليه وتطبع القلوب على حبه وهذا مقام شريف واحتفاء عزيز ، وما الاحتفال بالمولد إلا تطبيع النفس على كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم رجاء أن ينطبع حبه وحب آله في القلوب ليؤسس ذلك الحب ركن الإيمان ويشيد صرح اليقين ، فيا له من احتفاء وابتهاج عظيم يأمر الله به ملائكته فتتشرف بهذا التكريم ، ويأمر عباده المؤمنين بالصلاة عليه ، فيا له من شرف ما بعده شرف وتكريم وتخصيص حكيم بالمؤمنين ولم يقل سبحانه بالمسلمين لأن معرفة قدره حبيبه عزيزة المنال فأدنى مقامات معرفتها مقام الإيمان ، والإسلام دون ذلك .
[ الدليل الثامن ] : قوله سبحانه وتعالى (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ))
وفي هذا النص القرآني – أخي القارئ – ما لا يخفى عليك من تعظيم الله سبحانه وتعالى لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم وتوقيره وإظهار قدره للخلق أجمعين ، فهي آية عظيمة قدس الله فيها نفسه قبل ذكر قدر نبيه لما في ذلك من الحفاوة والتبجيل والتعظيم والتوقير لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم حتى أن سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت : "وما أرى ربك إلا ويسارع في هواك" . فهذا رب السماوات والأرض يقدس ويعظم ويفخم مسرى حبيبه ويضم اسمه إلى اسمه في كل موقف .. ففي الشهادة لا يتم الإيمان إلا باسمه .. وفي الصلاة لا تتم إلا باسمه .. وفي معية الإسراء لا يكون الإسراء إلا لروحه ورسمه .
إن حادثة الإسراء والمعراج ابتهاج وعيد واضح للكون أجمع يجمع الله له صلى الله عليه وآله وسلم الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين والصديقين والصالحين والملائكة والمقربين ليكون هو الإمام وهم المأمومين ليعرفوا قدره العظيم .
[ الدليل التاسع ] : قوله سبحانه وتعالى (( إنا أنزلناه في ليلة مباركة )) مع قوله سبحانه (( إنا أنزلناه في ليلة القدر ))
نعت الله سبحانه وتعالى ليلة الإنزال لصفة سيد الرجال بأنها مباركة وأنها ذات قدر فقال سبحانه (( وما أدراك ما ليلة القدر ، ليلة القدر خير من ألف شهر ، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ، سلام هي حتى مطلع الفجر )) أي أن الله سبحانه وتعالى يُنزل ليلة القدر في كل سنة وفي كل شهر كبكبة من الملائكة وبالأرواح الصالحة من كل عالم مع روح سيد العوالم صلى الله عليه وآله وسلم وما ذلك إلا لعظيم القدر ، وما ذلك التكرار إلا لإعادة التذكار للعقول والأفكار الموفقة بمحبة سيد الأبرار صلى الله عليه وآله وسلم .
فإذا كان ذلك القدر للقرآن المنزل الذي هو خلقه صلى الله عليه وآله وسلم فكيف به صلى الله عليه وآله وسلم ؟ لا شك أنه قدر فوق قدر ، فإذا كانت شعائر الله ذات قدر مؤقتة في الزمان والمكان فالابتهاج به مطلق غير مقيد كما هو حال الذكر لأنه رحمة عامة ومنة تامة .
[ الفصل الثاني ] الأدلة من السنة المشرفة :
وأما الأدلة من السنة فكثيرة متظافرة ، تتلخص فيما يلي :
[ الدليل الأول ] : أخرج مسلم في صحيحه (2/819) عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين فقال : "ذاك يوم ولدت فيه ، وفيه أنزل علي" . وهذا نص في الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم لا يحتمل غيره . ولم أجد للمخالف جوابا عنه إلا طلب الاقتصار على الصيام فقط ، وهي ظاهرية محضة ، وتخصيص بدون مخصص ، لكنها مع ذلك موافقة لنا في مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف . ولله در الحافظ ابن رجب الحنبلي حيث قال في هذا المعنى في كتابه لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص98) : فيه إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده ، فإن أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعثته وإرساله إليهم ، كما قال تعالى (( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم )) (آل عمران:164) ، فصيام يوم تجددت فيه هذه النعمة من الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين حسن جميل ، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجددها بالشكر" انتهى .
والمقصود الوصول بهذه الطاعة إلى محبة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقد يتحقق هذه المقصود بأي وسيلة مشروعة ، فالوسائل لها حكم المقاصد إذا كان المقصد شرعيا .
[ الدليل الثاني ] : قد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم في صيام عاشوراء ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا : هو اليوم الذي أظفر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ، ونحن نصوم تعظيما له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "نحن أولى بموسى" . وأمر بصومه . أخرجه البخاري (7/215 ومسلم (رقم 1130) .
وفي هذا الحديث تأصيل لملاحظة الزمان والعناية به . وقد استدل أمير المؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجر العسقلاني بهذا الحديث على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، كما في فتوى له نقلها الحافظ السيوطي في "حسن المقصد في عمل المولد" انظر الحاوي للفتاوي (1/196) . فقال ما نصه : "فيستفاد منه الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة ، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة ، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم" انتهى .
[ الدليل الثالث ] : كان الصحابة رضي الله عنهم يتذاكرون فيه من سير الأنبياء ، فأرشدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذكر سيرته ، لأنه أفضل وأكمل الأنبياء والجامع لما كان متفرقا فيهم ، وما المولد إلا عمل بهذا الإرشاد النبوي لأن فيه ذكرا لسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
فقد أخرج الترمذي (تحفة الأحوذي 1/86) وقال الترمذي : غريب ، والدارمي (ا/26) والقاضي عياض في الشفا (1/408) :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون ، قال بعضهم : إن الله اتخذ إبراهيم خليلا ، وقال آخر : موسى كلمه الله تكليما ، وقال آخر : فعيسى كلمة الله وروحه ، وقال آخر : آدم اصطفاه الله ، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال : قد سمعت كلامكم وعجبكم ، إن ابراهيم خليل الله وهو كذلك ، وموسى نجي الله وهو كذلك ، وعيسى روحه وكلمته وهو كذلك ، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك ، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر ، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ، تحته آدم فمن دونه ولا فخر ، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح الله لي فيدخلنيها ، ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر ، وأنا أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر . وهو حديث قوي ، وله شواهد رواه البيهقي في دلائل النبوة (5/270-500) . وأصل الحديث في الصحيحين .
ويؤيد هذه الرواية التي تؤكد على احتفاء الصحابة بذكرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهذا كعب الأحبار رضي الله عنه يتذاكر مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فضائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما خصه به ، فقال كعب : ما من فجر إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفون بالقبر يضربون أجنحتهم ويصلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط سبعون ألفا حتى يحفوا بالقبر فيضربون بأجنحتهم فيصلون على النبي سبعون ألفا بالليل وسبعون ألفا بالنهار حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين من الملائكة يزفونه –وفي لفظ يوقرونه- رواه إسماعيل القاضي وابن بشكوال والبيهقي في الشعب والدارمي وابن المبارك في الرقائق وهو حديث صحيح*.
* انظر جزء فضل الصلاة على النبي (ص83-84) رقم (102) من طريق ابن المبارك ، وفيه ابن لهيعة قد صرح بالتحديث ، وأخرجه الدارمي في سننه (1/420) بطريق آخر ورجاله ثقات ، وإقرار عائشة له حكم الموقوف ، انظر القول البديع (ص52)
[ الدليل الرابع ] : قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في كتابه : "مورد الصادي في مولد الهادي" : قد صح أن أبا لهب يخفف عنه العذاب في مثل يوم الإثنين لإعتاقه ثويبة سرورا بميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أنشد :
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه == وتبت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الإثنين دائما == يخفف عنه بالسرور أحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره == بأحمد مسرورا ومات موحدا
فإذا كان هذا الكافر الذي جاء القرآن بذمه يخفف عنه العذاب لفرحه بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فما بال الذي يحتفل بذلك .
وهذا ما ذكره وقرره أيضا شيخ القراء والمحدثين الحافظ شمس الدين بن الجزري في "عرف التعريف بالمولد الشريف"
[ الدليل الخامس ] : قال الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي في رسالة "حسن المقصد" (وهي في كتابه الحاوي 1/196) : وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عق عن نفسه بعد النبوة ، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته ، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية ، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين ، وتشيع لأمته كما كان يصلي على نفسه ، لذلك فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات . انتهى .
[ الدليل السادس ] : لقد صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في فضل الجمعة : "وفيه خلق آدم" أخرجه مالك في الموطأ (1/108) والترمذي (رقم 491) وقال : حسن صحيح .
فقد تشرف يوم الجمعة بخلق آدم ، فبدلالة النص وفحوى الخطاب وقياس الأولى ثبت فضل اليوم الذي ولد فيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .
ولا يختص هذا الفضل بنفس اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقط ، بل يكون له نفس الفضل كلما تكرر ، كما هو الفضل في يوم الجمعة .
[ الدليل السابع ] : فيما أخرجه البخاري (الفتح 8/270) وغيره عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين ، آية في كتابكم ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا . فقال : أي آية ؟ قال : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) (المائدة:3) فقال عمر : إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه ، والمكان الذي نزلت فيه ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائم بعرفة يوم الجمعة .
وأخرج الترمذي (5/250) عن ابن عباس نحوه وقال : فيه نزلت في يوم عيد من يوم جمعة ويوم عرفة ، وقال الترمذي : وهو صحيح .
وفي هذا الأثر موافقة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه على اتخاذ اليوم الذي حدثت فيه نعمة عظيمة عيدا ، لأن الزمان ظرف للحدث العظيم ، فعند عود اليوم الذي وقعت فيه الحادثة يكون موسما لشكر تلك النعمة وفرصة لإظهار الفرح والسرور بها .
[ الدليل الثامن ] : أعمال البر التي يشتمل عليها المولد ، إن الاحتفال بالمولد يشتمل على كثير من أعمال البر كالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذكر والصدقة ، ومدح وتعظيم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر شمائله الشريفة وأخباره المنيفة ، وكل هذا مطلوب شرعا ومندوب إليه . وما كان يبعث ويساعد على المطلوب شرعا فهو مطلوب ، لذا قال تعالى مخبرا أنه هو وملائكته يصلون على النبي (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )) (الأحزاب:56)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (3/506) : "والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملإ الأعلى ، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين ، وأن الملائكة تصلي عليه ، ثم أمر الله تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه أهل العالمين العلوي والسفلي" انتهى .
وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مدح نفسه وغيره من الأنبياء السابقين ، ورغب في ذلك ، وعمل به الصحابة بحضرته ، فرضي ودعا لمن مدحه وأثابه .
وأخرج أحمد (4/24) وابن أبي شيبة (6/180) والطبراني في المعجم الكبير (1/رقم842) عن الأسود بن سريع قال : قلت : يا رسول الله مدحت الله بمدحة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هات وابدأ بمدحة الله .
في إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو مختلف فيه ، وذكره الذهبي في جزئه المفيد "من تكلم فيه وهو موثق" برقم (249) ، وقال "صويلح الحديث" وقد روى له مسلم مقرونا بغيره .
لكن أخرج حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان (ص413 رقم 723) عن أبي سعيد الأشج ، حدثنا عبد السلام بن حرب بن عوف عن الحسن ، عن الأسود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه .
إسناده صحيح ، مسلسل بالثقات المحتج بهم في الصحيح ، وعوف هو ابن أبي جميلة ، والحسن هو البصري ، وقد سمع من الأسود .
ومدح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء على لسان عدد من الصحابة ، فقد أخرج أحمد في المسند (3/451) وابن عساكر في التاريخ (مختصر ابن منظور 12/158) عن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه قال :
وفينا رسول الله يتلو كتابه == إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا == به موقنات أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه == إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
والاستماع للحادي في المدح جائز لا شيء فيه ، ففي صحيح البخاري (كتاب الأدب باب ما يجوز من الشعر 5/294) عن سلمة بن الأكوع : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع : ألا تسمعنا من هنيهاتك . قال : وكان عامر رجلا شاعرا فنزل يحدو بالقوم يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولاتصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتفينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا
إنا إذا صيح بنا أتينا
وبالصياح عولوا علينا
ولهذا نظائر ، انظر صحيح البخاري (كتاب الأدب ، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه ، وباب المعاريض مندوحة عن الكذب) وفي صحيح مسلم في أوائل كتاب الشعر من صحيحه .
[ الدليل التاسع ] : ذكر ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم" (2/634-635) وقال المروزي : سألت أبا عبد الله عن القوم يبيتون فيقرأ قارئ ويدعون حتى يصبحوا . قال : "أرجو أن لا يكون به بأس" ، وقال أبو سري الحربي قال أبو عبد الله : وأي شيء أحسن من أن يجتمع الناس –يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم- ويذكرون ما أنعم الله عليهم كما قالت الأنصار ؟ ...
[ الدليل العاشر ] : وأورد السيوطي في الدر المنثور عند تفسير سورة الجمعة من طريق عبد بن حميد وابن سيرين بسند صحيح : نبئت أن الأنصار قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا : لو نظرنا يوما فاجتمعنا فذكرنا هذا الأمر ، الذي أنعم الله به علينا ، فقالوا : يوم السبت ، ثم قالوا : لا نجامع اليهود في يومهم ، قالوا : الأحد ، قالوا : لا نجامع النصارى في يومهم ، قالوا : فيوم العروبة وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة فاجتمعوا في بيت أبي أمامة أسعد بن زرارة فذبحت لهم شاة فكفتهم** انتهى .
ترى أيها القارئ أن هذا الحديث يمكن أن يستفاد منه أمور منها :
-فيما يتعلق بالأمور المستجدة ، يمكن أن يفهم من هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أقر ما يحدث من الأعمال مما يشهد له أصل من أصول الشريعة ، فقد أقرهم صلى الله عليه وآله وسلم على اجتماعهم في هذا اليوم ، دون أن ينتظروا إذنا منه فضلا عن أمر منه صلى الله عليه وآله وسلم .
-يفهم من هذا الحديث كما استدل به ابن تيمية رحمه الله ضرورة مخالفة النصارى واليهود في كل ما هو من سماتهم وشيمتهم خصوصا ما له تعلق بأمر من أمور العبادات .
-ويفهم منه استحباب ذكر النعمة والاحتفاء والاحتفال بأيامها ، وذلك أخذا من حديث الأنصار بمنة الله عليهم يوم وصلوا الإسلام ، ومن بحثهم عن يوم يختارونه لإظهار فرحتهم بذلك الحدث السعيد .
** ذكره ابن حجر في الفتح (2/355) ، ثم قال وهذا وإن كان مرسلا فله شاهد بإسناد حسن في حديث كعب بن مالك اه وذكره ابن تيمية في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/635)
[ الدليل الحادي عشر ] : جميع الأحاديث والآثار التي تحض وتأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأعظم دليل بالابتهاج والاحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الإمام السخاوي رحمه الله تعالى في القول البديع (ص33) إن في الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أي وقت كان وكيفية ذلك على اختلاف أنواعه ، والأمر بتحسين الصلاة عليه والترغيب في حضور المجالس التي يصلي فيها عليه ، وإن علامة أهل السنة*** الكثرة منها ، وإن صلاة الملائكة عليه صلى الله عليه وآله وسلم على الدوام لدليل عظيم على توقيره وتعظيمه ، كما قال الإمام الحليمي في شعب الإيمان : إن التعظيم منزلة فوق المحبة ، فحق علينا أن نحبه ونبجله ونعظمه أكثر من إجلال عبد لسيده .. إلى أن قال : وبمثل هذا نطق الكتاب ووردت أوامر الله تعالى بالآيات والأحاديث انتهى .
*** انظر القول القول البديع (ص52) [ الفصل الثالث ] دليل الإجماع :
أما أدلة الإجماع فقد انعقد على استحسان الاحتفال بالمولد .
وما جاء في أثر ابن مسعود رضي الله عنهما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح). كشف الأستار عن زوائد البزار" (1/81)، و "مجمع الزوائد" (1/177)
قال ابن كثير: "وهذا الأثر فيه حكايةُ إجماعٍ عن الصحابة في تقديم الصديق، والأمر كما قاله ابن مسعودٍ".
وقال الشاطبي في "الاعتصام" (2/655)إن ظاهره يدل على أن ما رآه المسلمون بجملتهم حسناً؛ فهو حسنٌ، والأمة لا تجتمع على باطلٍ، فاجتماعهم على حسن شيءٍ يدل على حسنه شرعاً؛ لأن الإجماع يتضمن دليلاً شرعياً")
وقد استحسن عمل المولد جمهور الائمة والعلماء وتبعهم سائر الإمة الإسلامية
1- ابن جبير الرحالة وذكره إلإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع اهل مكة المكرمة
من أقدم المصادر التي ذكر فيها إقامة احتفال عام لذكرى المولد هي كتاب رحال
(ص. 114 115) لابن جبير (ولد عام 540 هجرية):
قال (يفتح هذا المكان المبارك أي منزل النبي صلى الله عليه وسلم ويدخله جميع الرجال للتبرّك به في كل يوم اثنين من شهر ربيع الأول ففي هذا اليوم وذاك الشهر ولد النبي صلى الله عليه وسلم.)
فكان الإحتفال في شهر ربيع الأول في يوم مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم هو عمل المسلمين قبل قدوم ابن جبير إلى مكة والمدينة و كان يحتفل به أهل السنة في أرض الله المكرمة وما ذكر عن صاحب إربل الملك المظفر كان أول من اظهر الاحتفال بالمولد وتوسع فيه
وقد دخل ابن جبير مكة في عام 16 شوال 579هـ ومكث أكثر من ثمانية أشهر وغادرها الخميس الثاني والعشرون من ذي الحجة 579هـ متوجهاً إلى المدينة المنورة كما هو مذكور في رحلته و مكث ابن جبير خمسة أيام فقط بالمدينة المنورة وغادرها ضحى يوم السبت الثامن من محرم 580هـ .
2- الشخ الصالح عمر الملا (المتوفى سنة 570 ) وقاهر الصليبين السلطان نور الدين زنكي والاحتفال بالمولد النبوي الشريف
ومن أوائل من احتفل به من علماء أهل السنة من أهل المشرق الشيخُ الصالحُ عمر المَلاَّ الموصلي المتوفى سنة 570 مع صاحب الموصل وكان السلطان نور الدين من اخص محبيه
ذكر الحافظ أبو شامة في حوادث سنة 566 من كتاب الروضتين في أخبار الدولتين
(فصل
قال العماد: وكان بالموصل رجل صالح يعرف بعمر الملاَّ، سمى بذلك لأنه كان يملأ تنانير الجص بأجرة يتقوَّت بها، وكل ما عليه من قميص ورداء، وكسوة وكساء، قد ملكه سواه واستعاره، فلا يملك ثوبه ولا إزاره. وكن له شئ فوهبه لأحد مريديه، وهو يتجر لنفسه فيه، فإذا جاءه ضيف قراه ذلك المريد. وكان ذا معرفة بأحكام القرآن والأحاديث النبوية.
كان العلماء والفقهاء، والملوك والأمراء، يزورونه في زاويته، ويتبركون بهمته، ويتيمنَّون ببركته. وله كل سنة دعوة يحتفل بها في أيام مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضره فيها صاحب الموصل، ويحضر الشعراء وينشدون مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحفل.
وكان نور الدين من أخص محبيه يستشيرونه في حضوره، ويكاتبه في مصالح أموره.) انتهى
وكذا ذكره وكذا ابنُ كثير في حوادث نفس السنة من تاريخه
والشيخ الصالح عمر الملا الموصلى قال فيه الذهبي
وقد كتب الشيخ الزاهد عمر الملاّ الموصلي كتاباً إلى ابن الصابوني هذا يطلب منه الدعاء.
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الحادي والأربعون الصفحة 130
وكان ذلك تحت إمرة الملك العادل السُّنِّيِّ نور الدين محمود زنْكِي الذي أجمع المؤرخون على ديانته وحسن سيرته، وهو الذي أباد الفاطميين بمصر واستأصلهم وقهر الدولة الرافضية بها وأظهر السنة وبني المدارس بحلب وحمص ودمشق وبعلبك وبنى المساجد والجوامع ودار الحديث، كما نصّ على ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 20 ص 532- 535.
وقد ذكر ابن كثير في تاريخه عن السلطان نور الدين
(: أنّه كان يقوم في أحكامه بالمَعدلَةِ الحسنة وإتّباع الشرع المطهّر وأنّه أظهر ببلاده السنّة وأمات البدعة وأنّه كان كثير المطالعة للكتب الدينية متّبعًا للآثار النبوية صحيح الاعتقاد قمع المناكير وأهلها ورفع العلم والشرع.)
ابن كثير في تاريخه ج12 ص 278
وقال عنه ابن الأثير في تاريخه ج9 ص125:
طالعت سِيَرَ الملوك المتقدمين فلم أر فيها بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته, قال: وكان يعظم الشريعة ويقف عند أحكامها.)انتهى
فاي كلام بعد ذلك أخي المسلم انظر وتأمل
وذلك يعني أن أول من احتفل به من الملوك السُّنِّيينَ واحتفل به في مكة والمدينةة والموصل واربل وغيرها بعيداً عن الفاطميين فذلك مسلَّمٌ له وإن كان يعني بذلك أول من أحتفل به مطلقا أو من احتفل به من علماء المسلمين فقد ورد في فتاوي الأزهر ج8 ص 255: عن المفتي الشيخ عطية صقر: أنّه كان يُحتفَل به بمصر فيما قبل سنة 488 .
وتقدم أيضا أنّ الشيخ عمر المَلاَّ كان يحتفل به بالموصل قبل وفاته في سنة 570,
وتقدم إحتفال أهل مكة قبل دخول ابن جبير
وكُوكْبُرِي هذا إنما كان يحتفل به في مدينة إرْبَلْ بعد أن ولاَّه عليها صلاح الدين الأيوبي سنة 586 أي بعد وفاة الشيخ عمرا لمَلاَّ بستة عشر سنة.
3- الملك الصالح السني المظفر أبو سعيد كوكبري والإحتفال بالمولد النبوي الشريف (549هـ- 630هـ)
قال ابن كثير في البداية والنهاية
الملك المظفر أبو سعيد كوكبري
(ابن زين الدين علي بن تبكتكين أحد الاجواد والسادات الكبراء والملوك الامجاد له آثار حسنة وقد عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون وكان قدهم بسياقه الماء إليه من ماء بذيرة فمنعه المعظم من ذلك واعتل بأنه قد يمر على مقابر المسلمين بالسفوح وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الاول ويحتفل به احتفالا هائلا وكان مع ذلك شهما شجاعا فاتكا بطلا عاقلا عالما عادلا رحمه الله وأكرم مثواه وقد صنف الشيخ أبو الخطاب ابن دحية له مجلدا في المولد النبوي سماه التنوير في مولد البشير النذير فأجازه على ذلك بألف دينار وقد طالت مدته في الملك في زمان الدولة الصلاحية وقد كان محاصر عكا وإلى هذه السنة محمود السيرة والسريرة قال السبط حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف راس مشوى وعشرة آلاف دجاجة ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى .) انتهى
البداية والنهاية (13\136)
وقال في عدله وصلاحه وعلمه الإمام الذهبي
(صَاحِبُ إِرْبِلَ، كُوْكْبُرِي بنُ عَلِيٍّ التُّرُكْمَانِيُّ السُّلْطَانُ الدَّيِّنُ، المَلِك المُعَظَّمُ، مُظَفَّر الدِّيْنِ، أَبُو سَعِيْدٍ كُوْكْبُرِي بن عَلِيِّ بن بكتكين بن مُحَمَّدٍ التُّرُكْمَانِيّ ... وَكَانَ مُحِبّاً لِلصَّدقَة، لَهُ كُلّ يَوْم قنَاطير خُبْز يُفرِّقهَا، وَيَكسو فِي العَامِ خلقاً وَيُعْطِيهُم دِيْنَاراً وَدِيْنَارَيْنِ، وَبَنَى أَرْبَع خَوَانك لِلزَّمْنَى وَالأَضرَّاء، وَكَانَ يَأْتيهِم كُلّ اثْنَيْنِ وَخَمِيْس، وَيَسْأَل كُلّ وَاحِد عَنْ حَالِه، وَيَتفقَّده، وَيُبَاسِطه، وَيَمزح مَعَهُ... وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، خَيِّراً، سُنِّيّاً، يُحبّ الفُقَهَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَرُبَّمَا أَعْطَى الشُّعَرَاء، وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ انْهَزَم فِي حرب).
سير أعلام النبلاء (22\336)
فانظر أخي مالك عادل صالح سني عالم ولم يذكر ما يذكره المعارض من مبتدع زنديق وغيرها فتأمل وتتبع أقوال الائمة وأترك أقوال الادعياء تسلم من الزلل.
بل المظفر أبو سعيد الكوكبري من قواد جيوش صلاح الدين الايوبي في معركة حطين
وزوج شقيقته ربيعة...
4- الإمام أبو الخطاب ابن دحية (544هـ- 633هـ)
ألف للملك المظفر ابو سعيد الكوكبري في المولد النبوي سماه التنوير في مولد البشير النذير فأجازه على ذلك بألف دينار.
البداية والنهاية (13\136)
سير أعلام النبلاء (22\336)
وفيات الأعيان | ج 1 | ص 437 و 381
ورسالة حسن المقصد للسيوطي | ص 75 و 77 و 80 السيرة الحلبية | ج 1 : ص 83 | 84
" وأبو الخطاب ابن دحية هو الذي قال الإمام الذهبي في ترجمته:
(الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ المُتَفَنِّنُ ... رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ. فَقَالَ: كَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَأَنَسَةٌ بِالحَدِيْثِ، فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ).
وقال ابن خَلِّكان في ترجمة الحافظ أبي الخطاب بن دِحية:
(كان أبو الخطاب المذكور من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متقناً لعلم الحديث النبوي وما
يتعلق به، عارفاً بالنحو واللغة وأيام العرب وأشعارها، واشتغل بطلب الحديث في أكثر بلاد الأندلس الإسلامية، ولقي بها علماءها ومشايخها).
5- الإمام أبي شامة (599 ـ 665 هـ)
وهو شيخ الإمام الحافظ النووي
قال في كتابه (الباعث على إنكار البدع والحوادث_ص23) ما نصه:
(( ومن احسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور, فإن ذلك مشعر بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكرا لله تعالى على ما من به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين))
6- الإمام الحافظ ابن الجوزي المتوفّى سنة 597
حيث قال في المولد الشريف إنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام.)
المواهب اللدنية | ج 1 ص 27 ، وتاريخ الخميس | ج 1 ص 223 و روح البيان في تفسير القرءان ج 9 ص 2 و السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي (1/83 - 84)
وذكر أن له مولد ومختلف فيه بين صحة نسبه إليه أو لغيره ويهمنا قوله السابق والمولد المنسوب بأسم مولد باسم العروس، وقد طبع في مصر
7- الإمام العلامة صدر الدين موهوب بن عمر الجزري الشافعي 559هـ-665.
قال: (هذه بدعة لا بأس بها، ولا تكره البدع إلا إذا راغمت السنة، وأما إذا
لم تراغمها فلا تكره، ويثاب الإنسان بحسب قصده)
صدر الدين موهوب
وهو العلامة موهوب بن عمر بن موهوب بن إبراهيم الجزري، الشافعي ( صدر الدين): من قضاة مصر. مولده بالجزيرة (بوطان) سنة (559هـ). قدم الشام وتفقه. وكان فقيها بارعا أصولياً أديباً. تفقه وبرع في المذاهب والأصول والنحو، ودرس وأفتى وتخرج به جماعة، وكان من الفضلاء الزمان. قدم الديار المصرية وولى بها القضاء دون القاهرة. وولي نيابة الحكم عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام فلما عزل نفسه استقل بها.
شذرات الذهب: 5/320-321 ، مشاهير الكرد:2/210
8- من علماء المغرب الفقيهان العالمان الأميران أبو العباس ( مات سنة 633) وابنه أبو القاسم (مات سنة 677.) العزفيان السَّبْتِيان
وهما من الأئمة كما قال صاحب المعيار ج11 ص379. فأما الأول فقد قال عنه ابن حجر في تبصير المنتبه ج1 ص253: كان زاهدًا إمامًا مفنّنًا مُفْتِيًّا ألَّفَ كتاب المولد وجوّده مات سنة 633.
وأمّا الثاني فقد قال عنه الزركلي في الأعلام ج5 ص223: كان فقيها فاضلا, له نظم أكمل الدر المنظم , في مولد النبي المعظّم من تأليف أبيه أبى العباس بن أحمد. مات سنة 677.
ومما جاء في كتابهم في كتاب الدر المنظم والذي لم ير سبيله إلى النشر:
(كان الحجاج الأتقياء والمسافرون البارزون يشهدون أنه في يوم المولد في مكة لا يتم بيع ولا شراء كما تنعدم النشاطات ما خلا وفادة الناس إلى هذا الموضع الشريف. وفي هذا اليوم أيضاً تفتح الكعبة وتزار.)
9-الحافظ محمد بن ابي بكر بن عبدالله القيسي الشافعي المعروف بالحافظ ابن
ناصر الدين الدمشقي المولود سنة (777هـ) والمتوفى سنة (842هـ)
قد صنف في المولد النبوي الشريف أجزاء عديدة ذكرها صاحب كشف الظنون ص (319)
ومنها جامع الآثار في مولد النبي المختار ومنها اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق.
قال عنه الحافظ ابن فهد في لحظ الألحاظ ذيل تذكرة الحفاظ: هو إمام مؤرخ له
الذهن الصافي السليم تولى مشيخة اهل دار الحديث بالأشرفية بدمشق)
وألف في ذلك ايضاً ( مورد الصادي في مولد الهادي )
ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد الدمشقي :
إذا كان هذا الكافـــــر جـــاء ذمه
بتبـت يداه في الجحيم مخلــدا
أتى أنه في يوم الاثنيـــن دائمــــاً
يخفف عنه للســرور بأحمــدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره
بأحمد مسرورا ومات موحدا
10- الحافظ ابن كثير (700 هـ- 774هـ)
الحافظ ابن كثير: وهو عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير صاحب التفسير
صنف الإمام ابن كثير مولدا نبويا طبع أخيرا بتحقيق
الدكتور صلاح الدين المنجد.
11- الإمام محمد بن أبي إسحق بن عباد النفزي (733هـ- 805هـ)
، ففي كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب (11/278) ما نصه:
(وسئل الولي العارف بالطريقة والحقيقة أبو عبد الله بن عباد رحمه الله ونفع به عما يقع في مولد النبي صلى الله عليه وسلم من وقود الشمع وغير ذلك لأجل الفرح والسرور بمولده عليه السلام.
فأجاب: الذي يظهر أنه عيد من أعياد المسلمين، وموسمٌ من مواسمهم، وكل ما يقتضيه الفرح والسرور بذلك المولد المبارك، من إيقاد الشمع وإمتاع البصر، وتنزه السمع والنظر، والتزين بما حسن من الثياب، وركوب فاره الدواب؛ أمر مباح لا ينكر قياساً على غيره من أوقات الفرح، والحكم بأن هذه الأشياء لا تسلم من بدعة في هذا الوقت الذي ظهر فيه سر الوجود، وارتفع فيه علم العهود، وتقشع بسببه ظلام الكفر والجحود، يُنْكَر على قائله، لأنه مَقْتٌ وجحود.
وادعاء أن هذا الزمان ليس من المواسم المشروعة لأهل الإيمان، ومقارنة ذلك بالنيروز والمهرجان، أمر مستثقل تشمئز منه النفوس السليمة، وترده الآراء المستقيمة).
12- شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني (724 هـ - 805 هـ)
قال العلامة المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار" ج3 ص167
فلما كانت أيام الظاهر برقوق عمل المولد النبويّ بهذا الحوض في أوّل ليلة جمعة من شهر ربيع الأول في كلّ عام فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوض وجلس السلطان وعن يمينه شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصر البلقيني ويليه الشيخ المعتقد إبراهيم برهان الدين بن محمد بن بهادر بن أحمد بن رفاعة المغربيّ ويليه ولد شيخ الإسلام ومن دونه وعن يسار السلطان الشيخ أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزريّ المغربيّ ويليه قضاة القضاة الأربعة وشيوخ العلم ويجلس الأمراء على بعد من السلطان فإذا فرغ القراء من قراءة القرآن الكريم قام المنشدون واحدًا بعد واحد وهم يزيدون على عشرين منشدًا فيدفع لكل واحد منهم صرّة فيها أربعمائة درهم فضة ومن كلّ أمير من أمراء الدولة شقة حرير فإذا انقضت صلاة المغرب مدّت أسمطة الأطعمة الفائقة فأكلت وحمل ما فيها ثم مدّت أسمطة الحلوى السكرية من الجواراشات والعقائد ونحوها فتُؤكل وتخطفها الفقهاء ثم يكون تكميل إنشاد المنشدين ووعظهم إلى نحو ثلث الليل فإذا فرغ المنشدون قام القضاة وانصرفوا وأقيم السماع بقية الليل واستمرّ ذلك مدّة أيامه ثم أيام ابنه الملك الناصر فرج. )
وقريب منه في انباء الغمر الجزء 2 صفحة 562 للحافظ ابن حجر العسقلاني
( وعمل المولد السلطاني (المولد النبوي الشريف على العادة في اليوم الخامس عشر، فحضره البلقيني والتفهني وهما معزولان، وجلس القضاة المسفزون على اليمين وجلسنا على اليسار والمشايخ دونهم، واتفق أن السلطان كان صائما، فلما مد السماط جلس على العادة مع الناس إلى إن فرغوا، فلما دخل وقت المغرب صلوا ثم أحضرت سفرة لطيفة، فاكل هو ومن كان صائما من القضاة وغيرهم.)
13- علماء القرون السابع والثامن للمذاهب الاربعة والسلاطين والملوك في هذا الوقت
كان الخلفاء المسلمون يقيمون الاحتفال بالمولد النبوي، ومعهم قضاة المذاهب الأربعة، ومشاهير العلماء.
قال العلامة المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار" ج3 ص167
فلما كانت أيام الظاهر برقوق عمل المولد النبويّ بهذا الحوض في أوّل ليلة جمعة من شهر ربيع الأول في كلّ عام فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوض وجلس السلطان وعن يمينه شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصر البلقيني ويليه الشيخ المعتقد إبراهيم برهان الدين بن محمد بن بهادر بن أحمد بن رفاعة المغربيّ ويليه ولد شيخ الإسلام ومن دونه وعن يسار السلطان الشيخ أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزريّ المغربيّ ويليه قضاة القضاة الأربعة وشيوخ العلم ويجلس الأمراء على بعد من السلطان فإذا فرغ القراء من قراءة القرآن الكريم قام المنشدون واحدًا بعد واحد وهم يزيدون على عشرين منشدًا فيدفع لكل واحد منهم صرّة فيها أربعمائة درهم فضة ومن كلّ أمير من أمراء الدولة شقة حرير فإذا انقضت صلاة المغرب مدّت أسمطة الأطعمة الفائقة فأكلت وحمل ما فيها ثم مدّت أسمطة الحلوى السكرية من الجواراشات والعقائد ونحوها فتُؤكل وتخطفها الفقهاء ثم يكون تكميل إنشاد المنشدين ووعظهم إلى نحو ثلث الليل فإذا فرغ المنشدون قام القضاة وانصرفوا وأقيم السماع بقية الليل واستمرّ ذلك مدّة أيامه ثم أيام ابنه الملك الناصر فرج. )
وكذلك مثله ذكره جمال الدين أبو المحاسن يوسفي بن تَغْرِيْ بَرْدِيْ في (( النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة)) جـ12ص 72-74
وفي السلوك
(وفي ليلة الجمعة سابعه: عمل المولد السلطاني على العادة، في كل سنة وحضر الأمراء وقضاة القضاة الأربع ومشايخ العلم وجمع كبير من القراء والمنشدين، فاستدعى قاضي القضاة ولي الدين أحمد بن العراقي ليحضر، فامتنع من الحضور، فتكرر استدعاؤه حتى جاء فأجلس عن يسار السلطان حيث كان قاضي القضاة زين الدين التفهني جالساً، وقام التفهني فجلس عن يمين السلطان، فيما يلي قاضي القضاة علم الدين صالح ابن البلقيني.)
14- الحافظ العراقي (وهو شيخ الحافظ ابن حجر العسقلاني) (725هـ- 808 هـ)
له مولد باسم المورد الهني في المولد السني ذكره ضمن مؤلفاته
قال الحافظ العراقي رحمه الله تعالى : إن اتخاذ الوليمة وإطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إذا انضم إلى ذلك الفرح والسرور بظهور نور النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الشهر الشريف ولا يلزم من كونه بدعة كونه مكروها فكم من بدعة مستحبة بل قد تكون واجبة)
شرح المواهب اللدنية للزرقاني.
15- شيخ الإسلام وإمام الشراح ومحدث الدنيا الحافظ ابن حجر العسقلاني:
قال (أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة)) انتهى كلامه رحمه الله.
الفتاوى الكبرى (1/196). وحسن المقصد في عمل المولد للإمام السيوطي
16- الإمام العالم العلامة شيخ القراء و المحدثين قاضي القضاة شمس الدين محمد أبو الخير بن محمد بن محمد الجزرى (ت 833هـ)
له كتاب ( عرف التعريف بالمولد الشريف).
ونقل عنه الحافظ القسطلاني
قال القسطلاني : « قال ابن الجزري : فإذا كان هذا أبولهب الكافر الذي زل القرآن بذمه ، جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي ( ص ) به ، فما حال المسلم الموحّد من أمته عليه السلام ، الذي يسر بمولده ، ويبذل ما تصل اليه قدرته في محبته ؟ لعمري ، إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله العميم جنات النعيم)
المواهب اللدنية ج 1 ص 27 ، ورسالة حسن المقصد للسيوطي المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم ص 90 ـ 91 ، وتاريخ الخميس ج 1 ص 222
17- الإمام الحجة الحافظ السيوطي:
عقد الإمام الحافظ السيوطي في كتابه (( الحاوي للفتاوى))بابا أسماه (حسن المقصد في عمل المولد) ص189
18- في عهد الظاهر سيف الدين جقمق وقايت باي وبحضور الائمة والعلماء والقضاة من المذاهب الاربعة وإحتفال الناس
قال السخاوي ( وفي هذا الشهر ( ربيع الأول 845 ه في عهد السلطان جقمق)
كان المولد السلطاني ( المولد النبوي الشريف) على العادة..
ثم قال ولا زال أهل الإسلام يحتفلون بيوم مولده صلى الله عليه وسلم ويعملون الولائم لذلك ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويظهرون السرور ويزيدون في المبرات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر عليهم من بركاته فضل عميم....
قال ابن الجوزي ومما جرب من خواضه :أمان في ذلك العام وبرشى عاجلة بنيل البغية والمرام.
ثم قال السخاوي ( ولم يكن في ذلك إلا إرغام الشيطان وسرور أهل الإيمان لكفى )
السيرة الحلبيةج 1 ص 83 ـ 84 وراجع تاريخ الخميس ج 1 ص 223
وقال ابن حجر (وفي ليلة الإثنين حادي عشره كان المولد النبوي بالحوش على العادة وتغيظ السلطان فيه على القاضي الحنفي بسبب تأخيره
انباء الغمر الجزء 1 صفحة 708 – حوادث سنة 849هــ
وذكر عند ابن اياس إعتياد سلاطين المماليك الاحتفال به بين الاول والثاني عشر من شهر ربيع الاول وذلك في خيمة تضرب في حوش قلعة القاهرة بحضور الفقهاء والقضاة الاربعة والشعراء ويقدم لكل من الواعظين كمية من الدراهم ثم تمد أسمطة الحلوى. ومما حدث في مولد سنة 885هـ/ 1480م حضور كاتب السر ومعه ستة طواشية يحملون ستة أطباق فيها ستون ألف دينار ذهب عين تبرع بها السلطان لشراء أماكن توقف لإطعام فقراء المدينة المنورة، وكانت الخيمة من قماش بلغ مصروفها ثلاثة وثلاثين ألف دينار من أيام السلطان قايتباي.
راجع في ذلك ابن اياس ( بدائع الزهور في وقائع الدهور )
19- الإمام الحافظ السخاوي.(ولد 831 هـ)
له مولد باسم الفخر العلوي في المولد النبوي
قال رحمه الله في فتاويه: (عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد، ثم لا زال أهل الإسلام في سائر الأقطار والمدن الكبار يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه وسلم بعمل الولائم البديعة، المشتملة على الأمور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور ويزيدون في المبرات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم).
"المورد الروي في المولد النبوي" لملا علي قارى (ص12) و السيرة الحلبيةج 1 ص 83 ـ 84 وراجع تاريخ الخميس ج 1 ص 223
وقال في ترجمة أحد تلاميذه: (سمع مني تأليفي في المولد النبوي بمحله وفي السنة قبلها تأليف العراقي فيه أيضاً).
وقال صاحب كشف الظنون : للحافظ السخاوي جزء في المولد الشريف.
وذكرنا بعض أقواله في التراجم
20-العلاَّمة الشّيخ محمد بن عمر بحرق الحضرمي الشافعي (ت:930 هـ)
قال في كتابه (حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار) طبعة دار المنهاج ص(53-58): (فحقيقٌ بيومٍ كانَ فيه وجودُ المصطفى صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَّخذَ عيدًا، وخَليقٌ بوقتٍ أَسفرتْ فيه غُرَّتُهُ أن يُعقَد طالِعًا سعيدًا، فاتَّقوا اللهَ عبادَ الله، واحذروا عواقبَ الذُّنوب، وتقرَّبوا إلى الله تعالى بتعظيمِ شأن هذا النَّبيِّ المحبوب، واعرِفوا حُرمتَهُ عندَ علاّم الغيوب، "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ
تَقْوَى الْقُلُوبِ").
21- العلامة الحافظ ابن حجر الهيتمى (ت 975)
وهو . شهاب الدين مفتي الحجاز أبو الفضل أحمد بن محمد بدر الدين بن حجر السعدي الهيتمي
له كتاب « النعمة الكبرى على العالم ، في مولد سيد ولد آدم »
وقد قال ابن حجر الهيثمي رحمه الله تعالى: والحاصل أن البدعة الحسنة متفق
على ندبها وعمل المولد واجتماع الناس له كذلك أي بدعة حسنة.)
وكذلك في فى كتابه "الفتاوى الحديثية"صـ 202
22- الأمام الشهاب أحمد القسطلاني (شارح البخاري):
حيث قال في كتابه: (المواهب اللدنية- 1-148-طبعة المكتب الإسلامي)
ما نصه: « ... ولازال أهل الاسلام يحتفلون بشهر مولده عليه السلام ، ويعملون الولائم ، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ، ويظهرون السرر ويزيدون في المبرّات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ، ويظهر عليهم من بركاته كلّ فضل عميم » .
ثم قال
((فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على
من في قلبه مرض وإعياء داء)) أه.
23-الإمام خاتمة المحدثين "الزرقانى"
فى شرحه على "المواهب اللدنية" سبق سرد بعض النقول من كتبه
24-الإمام الحافظ وجيه الدين بن علي بن الديبع الشيباني الزبيدي (866هـ 944هـ)
له مولد مشهور مولد ابن الديبع الشيباني طبع وعلق عليه محدث الحرمين الحجاز محمد بن علوي المالكي
25- الحافظ ملا علي القاري بن سلطان بن محمد الهروي: المتوفى سنة (1014هـ)
صاحب شرح المشكاة ترجم له الشوكاني في (البدر الطالع) وقال: أحد مشاهير الأعلام ومشاهير أولي الحفظ والإفهام وقد صنف في مولد الرسول{ صلى الله عليه وآله وسلم }كتابا قال صاحب اكشف الظنون اسمه (المورد الروي في المولد النبوي).
26- الامام ابن عابدين «صاحب القول المعتمد في المذهب الحنفي»
قال واصفا المولد بأنه «من اعظم القربات»
قال ابن عابدين في شرحه على مولد ابن حجر : اعلم أن من البدع المحمودة عمل المولد الشريف من الشهر الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم .)
وقال (فالاجتماع لسماع قصة صاحب المعجزات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات أعظم القربات لما يشتمل عليه من المعجزات وكثرة الصلوات)
27- ابن القيم في كتابه مدارج السالكين:
« والاستماع إلى صوت حسن في احتفالات المولد النبوي أو أية مناسبة دينية أخرى في تاريخنا لهو مما يدخل الطمأنينة إلى القلوب ويعطي السامع نوراً من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قلبه ويسقيه مزيداً من العين المحمدية »
مدارج السالكين ص 498
28- الإمام الحافظ "عبد الرؤوف المناوى"
له مؤلف في المولد مشهور مطبوع متداول "بمولد المناوى" "انظر كتاب البراهين الجلية"صـ36
29- الامام محمد عليش المالكي
قال«ويكره صوم يوم مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحاقا له بالعيد في الجملة» منح الجليل شرح مختصر خليل باب الصيام 123\2
ومن مصنفاته: القول المنجي على مولد البرزنجي.
30- وقال ابن بطوطة (703 - 779هـ) في احتفال سدنة الكعبة وفتح باب الكعبة في يوم المولد
النبوي الشريف (الجزء الأول ص. 309 - 347)
ذكر مدينة مكة المعظمة
ويفتح في يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم ورسمهم في فتحة أنم يضعوا كرسيا شبه المنبر، له درج وقوائم خشب، لها أربع بكرات يجري الكرسي عليها، ويلصقونه إلى جدار الكعبة الشريفة، فيكون درجه الأعلى متصلا بالعتبة الكريمة، ثم يصعد كبير الشيبين وبيده المفتاح الكريم ومعه السدنة، فيمسكون الستر المسبل على باب الكعبة المسمى بالبرقع، بخلال ما يفتح رئيسهم الباب، فإذا فتحه قبل العتبة الشريفة، ودخل البيت وحده، وسد الباب، وأقام قدر ما يركع ركعتين، ثم يدخل سائر الشيبين، ويسدون الباب أيضا، ويركعون، ثم يفتح الباب، ويبادر الناس بالدخول ,
انتهى
31- ويروي ابن بطوطة (703 - 779هـ) في رحلته (الجزء الأول ص. 309 - 347) :
أنه بعد كل صلاة جمعة وفي يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم يفتح باب الكعبة بواسطة كبير بني شيبة، وهم حجّاب الكعبة، وأنه في يوم المولد يوزع القاضي الشافعي وهو قاضي مكة الأكبر نجم الدين محمد ابن الإمام محيي الدين الطبري الطعام على الأشراف وسائر الناس في مكة.
32- رحلة ابن بطوطة (703 - 779هـ) قال في ذكر سلطان تونس
(قال ابن جزي: اخترع مولانا أيده الله في الكرم والصدقات أموراً لم تخطر في الأوهام، ولا اهتدت إلأيها السلاطين. فمنها إجراء الصدقات على المساكين بكل بلد من بلاده علىالدوام. ومنها تعيين الصدقة الوافرة للمسجونين في جميع البلاد أيضاً، ومنها كون تلك الصدقات خبزاً مخبوزاً متيسراً للانتفاع به، ومنها كسوة المساكين والضعفاء والعجائز والمشايخ والملازمين للمساجد بجميع بلاده، ومنها تعيين الضحايا لهؤلاء الأصناف في عيد الأضحى، ومنها التصدق بما يجتمع في مجابي أبواب بلاده يوم سبعة وعشرين من رمضان إكراماً لذلك اليوم الكريم وقياماً بحقه، ومنها إطعام الناس في جميع البلاد ليلة المولد الكريم، واجتماعهم لإقامة رسمه)
33-وقال صلاح الدين الصفدي في اعيان العصر واعوان العصر
في ترجمة عبد الله بن الصنيعة المصري
الصاحب شمس الدين غبريال
(وكان يسمع البخاري في ليالي رمضان، وليلة ختمه يحتفل بذلك، ويعمل في كل سنة مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ويحضره الأكابر والأمراء والقضاة والعلماء ووجوه الكتاب، ويظهر تجملاً زائداً ويخلع على الذي يقرأ المولد، ويعمل بعد ذلك سماعاً للأمراء المحتشمين.)
34- وفي الاحاطة بأخبار غرناطة لـ لسان الدين ابن الخطيب
التلمساني
إبراهيم بن أبي بكر الأصاري إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري تلمساني وقرشي الأصل، نزل بسبتة، يكنى أبا إسحاق ويعرف
بالتلمساني.
تواليفه من ذلك الأرجوزة الشهيرة في الفرائض، لم يصنف في فنها أحسن منها. ومنظوماته في السير، وأمداح النبي، صلى الله عليه وسلم، من ذلك المعشرات على أوزان العرب، وقصيدة في المولد الكريم، وله مقالة في علم العروض الدوبيتي.انتهى
35- وفي الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة
محمد الجعيدي
محمد الرئيس، شمس الدين الجعيدي الدمشقي الشافعي المنشد الزاجل، رئيس دمشق في عمل المولد كان من محاسن دمشق التي انفردت بها، توفي في سنة خمس وستين وتسعمائة تقريباً.
36- وفي الكواكب السائرة
بديع بن الضياء
بديع بن الضياء، قاضي مكة المشرفة وشيخ الحرم الشريف بها قال ابن طولون: كان من أهل الفضل والرئاسة، قدم دمشق، ثم سافر إلى مصر فبلغه تولية قضاء مكة للشيخ زين الدين عبد اللطيف ابن أبي كثير، وأنه أخرج عنه قضاء جدة، فرجع إلى دمشق وأقام بها مدة، ثم سافر إلى الروم، فخرج من دمشق يوم السبت منتصف ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وتسعمائة، بعد
أن حضر ليلة الجمعة التي قبل التاريخ المذكورة عند الشيخ علي الكيزواني، تجاه مسجد العفيف بالصالحية، وسمع المولد وشرب هو والشيخ علي وجماعته القهوة المتخذة من البن.) انتهى
37-وقال ابن الحاج رحمه الله تعالى:
( فكان يجب أن نزداد يوم الاثنين الثاني عشر في
ربيع الأول من العبادات والخير شكرا للمولى على ما أولانا من هذه النعم
العظيمة وأعظمها ميلاد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم(1)[22])
المدخل (1/361)
وقال ابن الحاج رحمه الله تعالى: ومن تعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم
الفرح بليلة ولادته وقراءة المولد).
الدرر السنية ص (190).
وابن الحاج المالكي لم يذم أصل المولد ، بل ذم المولد الذي اشتمل على
المحرمات والمنكرات ، وقد بين السيوطي ذلك فقال :
[[ وقد تكلم الإمام أبوعبدالله بن الحاج في كتابه ( المدخل ) على عمل المولد ، فأتقن الكلام فيه
جدا ، و حاصله مدح ما كان فيه من إظهار شعار وشكر ، وذم ما احتوى عليه من محرمات ومنكرات ..
ثم قال الإمام السيوطي
وأما قوله آخراً: إنه بدعة، فإما أن يكون مناقضاً لما تقدم أو يحمل على أنه بدعة حسنة كما تقدم تقريره في صدر الكتاب، أو يحمل على أن فعل ذلك خير والبدعة منه نية المولد، كما أشار إليه بقوله: فهو بدعة بنفس نيته فقط، وبقوله: ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد.
فظاهر هذا الكلام أنه كره أن ينوي به المولد فقط، ولم يكره عمل الطعام ودعاء الإخوان إليه، وهذا إذا حقق النظر لا يجتمع مع أول كلامه، لأنه حث فيه على زيادة فعل البر وما ذكر معه على وجه الشكر لله تعالى إذا أوجد في هذا الشهر الشريف سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وهذا هو معنى نية المولد فكيف يذم هذا القدر مع الحث عليه أولاً.
وأما مجرد فعل البر وما ذكر معه من غير نية أصلاً فإنه لا يكاد يتصور، ولو تصور لم يكن عبادة، ولا ثواب فيه إذ لا عمل إلا بنية، ولا نية هنا إلا الشكر لله تعالى على ولادة هذا النبي الكريم في هذا الشهر الشريف، وهذا معنى نية المولد فهي نية مستحسنة بلا شك فتأمل.
انتهى
38- وفي فتاوى ابن تيمية الجزء 23 ص. 134:
«فتعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس ويكون لهم فيه أجر عظيم لحسن قصدهم وتعظيمهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - »
39-الإمام الخطيب الشربيني: توفي 1014 هـ
له مولد باسم المولد الروي في المولد النبوي.
40- الإمام الباجوري
تحفة البشر على مولد ابن حجر - للشيخ إبراهيم ابن محمد الباجورى الشافعي المصرى المتوفى سنة 1276 ست وسبعين ومائتين وألف.
وكذلك حاشية على مولد الشيخ احمد الدردير المطبعة الخيرية 1304هـ .
41- وما جاء في"تاريخ البصروي" من عمل المولد وإجتماع الفقهاء والعلماء
( ما حدث حول الاحتفال بالمولد النبوي في القاهرة خلال ربيع الأول 902هـ/تشرين الثاني 1496م فقد ذكر البصروي أن السلطان قد احتفل بالمولد النبوي في 8 ربيع الأول، ثم"عمل في الثاني عشر مرة أخرى، ولم يحضر من جرت العادة بحضوره إلا الفقهاء والقضاة".
42- الحافظ الشريف الكتاني
له كتاب اليمن والإسعاد بمولد خير العباد
43-وفي معجم المطبوعات
ص 136 العفيفى " مصطفى " (الشيخ) مصطفى بن محمد العفيفي الشافعي (من أبناء أوائل القرن الثالث عشر للهجرة) فتح اللطيف شرح نظم المولد الشريف - وهو شرح على مولد البرزنجي - بولاق 1293
44-وفي معجم المطبوعات
(الشيخ) محمد الهجرسي المنظر البهي في مطلع مولد النبي - وما يتبعه
من أعمال المولد وحكم القيام عن ذكر مولده - مط العلمية 1321 ص 20
45-وفي معجم المطبوعات
ابن زيان العبد الوادي هو السلطان أبوحم موسى بن يوسف بن زيان العبد الوادي أحد ملوك بني زيان بمدينة تلمسان ملك سنة 753 إلى
788 ه كان يقرض الشعر ويحب أهله: وكان يحتفل ليلة المولد غاية الاحتفال بما هو فوق مواسم العام.
46-وجاء في التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة
إبراهيم - برهان الدين - بن جماعة الحموي: عم القاضي عز الدين بن جماعة، قال ابن صالح: جاور بالمدينة، وخطب بها جمعة واحدة آخر مرة عرضت للخطيب، وقد صحبته فيها وتحاببنا، وأخذت عنه بعض الفوائد، وكان من محافيظه: المفضل للزمخشري، وقال لي: إنه ارتحل إلى القاهرة، وعرضه على عمه البدر بن جماعة، وأخذت عنه من نظم عمه المذكور قوله:
لم أطلب العلم للدنيا التي اتفقت ... من المناصب، أو للجاه والمال
لكن سابقة الإسلام فيه، كما ... كانوا، فقدر ما قد كان من مال
وخطب ببيت المقدس نيابة عن ابن عمه، ومات بالقدس، أظنه سنة أربع وستين وسبعمائة، ودفن هناك، وكان يعمل طعاماً في المولد النبوي ويطعم الناس، ويقول: لو تمكنت عملت بطول الشهر كل يوم مولد، انتهى.
47- الحبيشي: أبو بكر بن محمد بن أبي بكر الحبيشي الأصل الحلبي المنشأ والوفاة تقي الدين الشافعي بسطامي الطريقة توفي سنة 930
له الكواكب الدرية في مولد خير البرية.
48- البرزنجي:
لسيد جعفر بن إسماعيل بن زين العابدين ابن محمد البرزنجي الحسيني مفتي الشافعية بالمدينة المنورة توفي بها سنة 1317 سبع عشرة وثلاثمائة وألف. من تصانيفه الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر صلى الله عليه وسلم وهو مشهور بمولد البرزنجي
49-وورد في (المنتقى المقصور في مآثر خلافة المنصور) لابن القاضي
أن المنصور كان يستدعي الناس أيام المولد النبوي على ترتيبهم فيقرأ بعض القراء شيئا من كلام الوالي الصالح محمد بن عباد ثم تقرأ الميلاديات ... ويتم إنشاد مقطعات الشعر (الباب الرابع)
50-وجاء في الاستقصا عن المولد في المغرب
قد بدأ الاحتفال بعيد المولد عام 671هـ / 1272 م بأمر السلطان يوسف بن يعقوب بن عبد الحق المريني وصار عيدا من الأعياد في جميع المغرب وقد تم ذلك في (صبرة) بناحية (الملوية). وقد سبقه إلى ذلك بنو العزفي أصحاب سبتة
(الاستقصا ج 2 ص 43).
51- وقد ذكر الحسن الوزان
أنه في العصر المريني كان شعراء فاس يجتمعون كل عام بمناسبة المولد النبوي وينظمون القصائد وكانوا يجتمعون كل صباح في ساحة القناصل يصعدون منصة ويلقون قصائدهم الواحد تلو الآخر أمام الجماهير ويختار أحسن الشعراء نظما وترتيلا أميرا للشعراء في تلك السنة وكان ملوك بني مرين يقيمون مأدبة للشعراء في مدح الرسول يحضره السلطان وتقام منصة ويحكم الحاضرون على أحسن شاعر خلعة (مائة دينار وفرس وأمة مع خمسين دينارا للباقين) ولكن منذ مائة وثلاثين سنة تقريبا توقفت هذه العادة.
Leon L’Africain Sohefer T. 2 P. 131
52- وجاء في البيان لابن عذاري
وكان الناس يمشون في الأزقة بالمديح بمناسبة المولد النبوي في سبتة في عهد المرينيين .
-(البيان لابن عذاري ج 4 ص 486).
53- المولد النبوي في العهد العلوي
وكان المولد يقام بالمنازل كل سنة كما ورد في ترجمة الفاضل بن عبد المجيد السرغيني الذي كان يقيمه كل سنة بداره ويحضره العامة.
-(الأعلام للمراكشي ج 8 ص 21 (خ)
فبالله عليك أخي المسلم.. هل كل هذا الكم من علماء الأمة وفضلائها والذين يقولون بعمل المولد، وألفوا الكتب والمؤلفات في هذا الباب زنادقة أحفاد عبد الله بن سبأ اليهودي؟
وهل هؤلاء العلماء والذين ((يدين)) لهم العالم بأجمعه على ما صنفوه من الكتب النافعة في الحديث والفقه والشروحات
وغيرها من العلوم هم من الفجار مرتكبي الفواحش والموبقات؟
وهل هم، كما يزعم المعارض، يشابهون النصارى في احتفالهم بميلاد عيسى عليه السلام؟ وهل هم يقولون بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم ليبلغ ما ينبغي للأمة أن
تعمل به؟؟!
كل هذا الإجماع والاحتفال من السلاطين والملوك وبحضور الائمة والعلماء والأمة والقضاة من المذاهب الاربعة وإحتفال المسلمين في جميع الأمصار في المشرق والمغرب على مر العصور ماذا نقول فيه؟؟
إننا نترك لك، أخي المسلم، الإجابة على هذه الأسئلة!!
ونزيد ايضاً من بعض التراجم والأخبار من الإجماع وإحتفال الأمة الإسلامية مع سرد أقوال بعض المعاصرين
54- أحمد بن عبد الواحد بن المواز (1341هـ / 1922م)
له حجة المنذرين على تنطع المنكرين) رد بها على من نهى عن القيام لولادة الرسول عليه السلام
-(طبع بفاس عام 1338م)
55- (- مورد الظمآن لشرح مولد سيد ولد عدنان)
وهو شرح على مديح أحمد الدردير لتلميذه ابن قدور المغربي محمد اليزمي الإسكندري المكنى الأبيض. (وعادة أهل الإسكندرية قراءة هذه التآليف ليلة المولد).
56-(كمال الفرح والسرور بمولد مظهر النور)
لأحمد سكيرج (طبع على الحجر بفاس في 24 ص وله أيضا (ضوء الظلام في مدح الأنام) طبع على الحجر بفاس مرتين (12 ص و 16 ص).
57- (إسعاف الراغبين بمولد سيد المرسلين)
لعبد الصمد بن التهامي بن المدني جلون نزيل طنجة. (1352هـ /1933م). (ثلاثة كراريس)
58- (نظم) في المولد لعبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن سودة
(ط. على الحجر وعلى الحروف بفاس).
59- (ربيع القلوب في مولد النبي المحبوب)
للعربي بن عبد الله التهامي الوزاني الحسلي الرباطي 1339هـ / 1920م. -طبع على الحجر بالرباط ص 44
60-لمحمد بن محمد الحجوجي (1370هـ / 1950م)
له (بلوغ القصد والمرام بقراءة مولد خير الأنام)
61- (قصيدة رائعة في المولد النبوي).
لمحمد بن أحمد الصنهاجي وزير القلم في العهد الحسني
راجع نصها في الأعلام للمراكشي ج 7 ص 63 (ط – الرباط)
62- الأحدب الطرابلسي:
إبراهيم بن السيد علي الطرابلسي الحنفي نزيل بيروت توفي برجب سنة 1308 ثمان وثلاثمائة وألف. منظومة في مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
63- الإمام المرزوقي:
السيد أحمد بن محمد بن رمضان أبو الفوز المدرس في الحرم المكي له بلوغ المرام لبيان ألفاظ مولد سيد الأنام في شرح مولد أحمد البخاري فرغ منها سنة 1281.
64- الإمام النحراوي:
عبد الرحمن بن محمد النحراوي المصري الشهير بالمقري المتوفى سنة 1210 عشر ومائتين وألف. له حاشية على مولد النبي للمدابغي.
65-النبتيني:
علي بن عبد القادر النبتيني ثم المصري الحنفي الموقت بجامع الأزهر بالقاهرة المتوفى سنة 1061 إحدى وستين وألف من تصانيفه: شرح على مولد النجم الغيطي.
66- الشيخ الجزائري:
محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن أحمد ابن أبي بكر العطار الجزائري المتوفى سنة 707 سبع وسبعمائة له المورد العذب المعين في مولد سيد الخلق أجمعين.
نظم الدرر في مدح سيد البشر صلى الله عليه وسلم.
67- محمد نوير بن عمر بن عربي بن علي النووي أبو عبد المعطي الجاوي الفقيه
نزيل مصر ثم انتقل إلى مكة المكرمة وتوفي بها سنة 1315 خمس عشرة وثلاثمائة وألف من تصانيفه الإبريز الداني في مولد سيدنا محمد صلى الله عليع وسلم. بغية العوام في شرح مولد سيد الأنام عليه الصلاة والسلام لابن الجوزي.
68- محمد فوزي بن عبد الله الرومي الشهير بمفتي أدرنة
من قضاة عسكر روم أيلي توفي سنة 1318 ثمان عشرة وثلاثمائة وألف. له من التأليف إثبات المحسنات في تلاوة مولد سيد السادات.
69- السيد محمود بن عبد المحسن الحسيني القادري الشافعي مدني الأصل الدمشقي المعروف بابن الموقع مدرس البادرانية بالشام ولد سنة 1253 وتوفي سنة 1321 إحدى وعشرين وثلاثمائة وألف له من الكتب: حصول الفرج وحلول الفرح في مولد من أنزل عليه ألم نشرح.
70-سلامي الأزميري:
مصطفى بن إسماعيل شرحي الأزميري المتخلص بسلامي نزيل قسطنطينية المتوفى بها سنة 1228 ثمان وعشرين ومائتين وألف. له منظومة في مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
71- محمد بن محمد المنصوري الشافعي الشهير بالخياط
له اقتناص الشوارد من موارد الموارد - في شرح مولد الهيتمى تأليف فرغ منها سنة 1166 ست وستين ومائة وألف.
72- يوسف بن إسماعيل النبهاني صاحب التصانيف الشهيرة المولود سنة 1266
له النظم البديع في مولد الشفيع.
73- جعفر بن اسماعيل بن زين العابدين بن محمد الهادي بن زين بن السيد جعفر
مؤلف مولد النبي صلى الله عليه وسلم، له من التصانيف: الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر وهو شرح على مولد النبي للسيد جعفر بن حسن البرزنجي بهامشه القبول المنجي وهو حاشية الشيخ عليش على مولد البرزنجي مطبعة الميمنية 1310هـ .
74- الشيخ رضوان العدل بيبرس من أبناء القرن الرابع عشر للهجرة
له خلاصة الكلام في مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام طبع مطبعة بولاق 1313هـ يقع في 64 صفحة.
75- أبي الحسن : أحمد بن عبد الله البكري
له الأنوار ومفتاح السرور والأفكار في مولد النبي المختار وهو : كتاب جامع مفيد في مجلد أوله : ( الحمد لله الذي خلق روح حبيبه . . . الخ ) جمعها : لتقرأ في شهر ربيع الأول وجعلها : سبعة أجزاء
76- العلامة الفقيه السمهودي الحسني
مؤرخ المدينة المنورة له (الموارد الهنية في مولد خير البرية)
77- العلامة أبو الوفاء الحسني
له (مولد البشير النذير السراج المنير) طبع عام 1307
78- الإمام الشهيد/ حسن البنا
قاله في راسالة( فليلاحظ المسلمون هذا وليجعلوا احتفالهم بذكرى مولد النبي- صلى الله عليه وسلم- كلَّ عام تفهُّمًا لسيرته، وتعلُّمًا لأخلاقه، وتعرُّفًا لسنته- صلى الله عليه وسلم- وتواصيًا فيما بينهم بالحق والصبر؛ اقتداءً به- صلى الله عليه وسلم- وبأصحابه.. ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ (الأحزاب: 21). )
79- الشيخ محمد الحسن بن أحمد الخديم.
له العذب الشهي المورد في تعظيم شهر المولد
ضمن الفوائد الكفيلة بمعرفة الوسيلة ط 3 سنة 2007.
وغيرهم الكثير مما يصعب علينا جمعه وعرضه.
ونذكر
80- الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن أحمد الزيلعي الصومالي له مولد سمّاه ((ربيع العشاق في ذكر مولد صاحب البراق))
81- وألف الشيح أويس أحمد بن محمد البراوي القادري الصومالي كتابا سمّاه: ((مولد الشرفان في مدح سيد ولد عدنان))
82- الشيح أويس أحمد بن محمد البراوي القادري الصومالي كتابا سمّاه: ((مولد الشرفان في مدح سيد ولد عدنان))،
83- الشيخ محمد نووي بن عمر بن عربي بن علي الجاوي المتوفى سنة 1315 فقد ألف كتاب ((الإبريز الداني في مولد سيدنا محمد العدناني)) وله شرح على مولد ابن الجوزي سماه: ((بغية العوام في شرح مولد سيد الأنام)).
84- الشيخ عثمان حِدك الصومالي له اللآلي السنية في مشروعية مولد خير البرية
85- محمد علي بن حسين المالكي وصنف الهدي التام في موارد المولد النبوي وما اعتيد فيه من القيام
86- السيد محمد ماضي ابو العزائم وصنف بشائر الاخيار في مولد المختار صلي الله عليه و سلم
87- حسن السندوبي وصنف تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي
88- الشيخ محمود الزين وصنف البيان النبوي عن فضل الاحتفال بمولد النبي
89- عبد الله بن الشيخ ابو بكر بن سالم صنف خلاصة الكلام في الاحتفال بمولد خير الأنام
90- عبد الرحمن بن عبد المنعم الخياط صنف مولد النبي صلي الله عليه و سلم
91- خالد محمد القاضي وصنف مولد امة -اضواء علي خلق رسول الانسانيه
97- محمد عثمان الميرغني صنف : المولدالعثماني المسمى الأسرار الربانية
93- سيدي سلامه الراضي مظهرالكمالات فى مولد سيد الكائنات
94- محمد بن عبد الكبير الكتاني صنف : السانحات الأحمدية والنفثات الروعية في مولد خير البرية
95- الشيخ أحمد عز الدين البيانوني رحمه الله له رساله "التكريم الصادق بالاتباع الكامل"
96- مولد العزب، للعلامة الشيح محمد العزب
97- ولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، للأستاذ الشيخ خير الدين وائلي
98- فرائد المواهب اللدنية في مولد خير البرية، للعلامة الشيخ مصطفى نجا.
99- الأسرار الربانية في مولد النبي صلى الله عليه وسلم للعلامة السيد محمد عثمان الميرغني
100- مولد إنسان الكمال، للعلامة سيدي السيد محمد بن السيد المختار الشنجيطي
101- المولد النبوي الشريف، للعلامة أحمد بن محمد فتحا العلمي الفاسي المراكشي
102-مجموع مبارك في المولد الشريف نثراً وشعراً، للعلامة عبد الرحمن بن علي الربيعي
103- إعلام جهال بحقيقة الحقائق بأسنة نصوص كلام سيد الخلائق ممزوجاً بالمولد النبوي في مدح أصل النبي المولوي، للعلامة الأحسن بن محمد بن أبي جماعة السوسي البيضاوي
104- فيض الأنوار في ذكرى مولد النبي المختار، للعلامة حسن محمد عبد الله شداد عمر باعمر.
105- البيان والتعريف في ذكرى المولد النبوي الشريف، للعلامة محمد بن علوي المالكي الحسني.
106- مجموع لطيف أنسي في صيغ المولد النبوي القدسي
107- والشيخ عيسى الحميري وغيره من المعاصرين
108- والوف من علماء لم نذكر اسمائهم مل الإمام النابلسي والتلمساني والشيخ الأكبر وغيرهم الكثير
109- والوف من الائمة والعلماء من اهل الصوفية وعلماء الازهر الشريف من مختلف المشارب والأصقاع
فتاوى متنوعة
110- يقول الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله
[ مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير ص 287 ] :
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، وعلى اسم الجزائر الرّاسخة في إسلامها، المتمسّكة بأمجاد قوميتها وتاريخها ـ أفتتح الذّكرى الأولى بعد الأربعمائة والألف من ذكريات مولد نبي الإنسانيّة ورسول الرّحمة سيّدنا ومولانا محمّد بن عبد اللّه عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام ـ في هذا النّادي العظيم الّذي هو وديعة الأمّة الجزائريّة عند فضلاء هذه العاصمة ووجهائها. لسنا وحدنا في هذا الموقف الشّريف لإحياء هذه الذّكرى العظيمة، بل يشاركنا فيها نحو خمسمائة مليون من البشر في أقطار المعمور كلّهم تخفق أفئدتهم فرحا وسرورا وتخضع أرواحهم إجلالا وتعظيما لمولد سيّد العالمين.ا.هــــ
وقال أيضا [ مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير ص289 ] :
ما الدّاعي إلى إحياء هذه الذّكرى ؟
المحبّة في صاحبها.
إنّ الشّيء يحبّ لحسنه أو لإحسانه وصاحب هذه الذّكرى قد جمع ـ على أكمل وجه ـ بينهما.ا.هــــ
وقال [ مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير من 289 إلى 290] :
فمن الحقّ والواجب أن يكون هذا النّبيّ الكريم أحبّ إلينا من أنفسنا وأموالنا ومن النّاس أجمعين ولو لم يقل لنا في حديثه الشّريف : "لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والنّاس أجمعين" وكم فينا من يحبّه هذه المحبّة ولم يسمع بهذا الحديث ؟ فهذه المحبّة تدعونا إلى تجديد ذكرى مولده في كلّ عام.. ما الغاية من تجديد هذه الذّكرى ؟ استثمار هذه المحبّة.ا.هــــ
وقال أيضا في قصيدته المشهورة [ مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير ص 307-309 ]:
تحية المولد الكريم
حـيـيـت يـا جـمعَ الأدب ****** ورقـيـت سـامـيـةَ الرتبْ
وَوُقِـيـتَ شـرَّ الكـائـديـ ****** ن ذوى الدسـائـس والشغبْ
ومُـنِـحْـت في العليـاء مـا ****** تسـمـو إلـيـه مـن أربْ
************
أحـيـيـت مـولـد من بـه ****** حـييَ الأنـام على الحِـقَـبْ
أحـيـيـت مـولـوده بـما ****** يُبرى النـفـوسَ مـن الوصبْ
بالـعـلـم والآداب و الـ ****** أخـلاق في نـشءٍ عـجـبْ
************
نـشءٌ على الإســلام أسْـ ****** سُّ بـنـائـه السـامي انتصبْ
نـشءٌ بـحُـبِ مـحـمـدٍ ****** غــذَّاه أشـيـاخٌ نـجـبُ
فـيـهِ اقـتـدَى في سـيـره ****** وإلـيـه بالحـق انـتـسـبْ
وعلى الـقـلـوب الخافـقـا ****** تِ إلـيـه رأيـتـه نـصـبْ
بالـروحِ يَـفـديـهَـا ومـا ****** يُـغـرى النّفـوسَ مـن النشبْ
وبـخُلقـه يَـحـمِـي حـما ****** هـا أو بـبـارقـة القُـضُـبْ
حـتى يـعـودَ لـقـومــه ****** مـن عِـزّهـم مـا قـد ذهبْ
ويـرى الجـزائـرَ رجـعـت ****** حـقَّ الحـيـاة المـسـتـلَـبْ
************
يـا نـشءُ يـا دخـرَ الجـزا ****** ئـر في الشـدائـد والـكُـرَبْ
صـدحـت بلابِـلُك الفصـا ****** حُ فـعـمَّ مَجمعَنـا الـطـربْ
وادقْـتَـنَـا طُـعـما من الـ ****** فـصـحى ألـذَّ مـن الضـرَبْ
وأريـت للأبـصـــار مـا ****** قـد قـرَّرتْـه لـك الكـتُـبْ
************
شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ ****** وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ ****** أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ ****** رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا ****** وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا ****** وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ ****** حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ ****** سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ ****** فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ
وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ ****** فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
************
يـا قـومٌ هـذا نـشـؤكم ****** وإلى الـمـعـالي قـد رثـبْ
كـونـوا لـه يـكـن لكم ****** وإلى الأمــام ابـنــاء وأبْ
نـحـن الأولى عرف الزمـا نُ ****** قـديـمـنا الجـمَّ الحسـبْ
وقـد انتبهـنـا للـحـيـا ****** ة آخــذيـن لـهـا الأهـبْ
لنـحـلَّ مـركـزنـا الذي ****** بين الأنــام لـنـا وجــبْ
فـتـزيـد في هـذا الـورى ****** عضـوًا شـريـفًـا منتخَـبْ
نـدعـو إلى الحسنى ونـولـي ****** أهـلـهـا مـنـا الـرغـبْ
مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا ****** فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ
أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا ****** فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ
************
هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا ****** بالـنُّـورِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ
هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ ****** حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ
فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي ****** تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ
انتهت القصيدة التي ألقاها الشيخ بن باديس رحمه الله ليلة حفلة جمعية التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة.
ـــــــــــ
111- العلامة بخيت المطيعي ( مفتي مصر ) في ( أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام )
فيقول رحمه الله ( ص 30 ) :
[[ وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ، ومن هذا القبيل أيضا الاجتماع للقراءة ، واستماع نحو قصة المعراج ، وفضائل ليلة النصف من شعبان ،وليلة القدر ، وقراءة قصة المولد في لياليها المشهورة ....وقصة المولد هي عبارة عن بيان تاريخ ولادته ، وما حصل له في ذلك الوقت من العجائب ، وخوارق العادات ، وإظهار الفرح والسرور بظهور سيد الكائنات ، مما يدل على كمال المحبة لجنابه الأعظم ]] .
وقال أيضا بعد أن ذكر كلام الحافظ ابن حجر في جواز عمل المولد مقرا له
( ص 67 ) :
[[ وعلى كل حال فالشرط في كون فعل شيء من الطاعات بدعة حسنة ، أو فعل شيء من المباحات بدعة مباحة ، أن يقتصر على ما هو طاعة وما هو مباح فقط ، كما هو صريح قول ابن حجر (( فمن تحرى في عمله المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة ، ومن لا فلا )) ، وهذا هو الذي يقتضيه
الدليل أيضا ]] .
ـــــــــــ
112- قال الشيخ الإمام عبدالحليم محمود ـ رحمه الله تعالى ـ كما في فتاواه ( 1 /
273 ) :
[[ أما عن الاحتفال بالمولد النبوي فهو سنة حسنة من السنن التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر
من عمل بها )) .وذلك لأن له أصولا ترشد إليه ، وأدلة صحيحة تسوق إليه ، استنبط العلماء
منها وجه مشروعيته ... ]] .
ـــــــــــ
113- وقال الشيخ حسنين محمد مخلوف شيخ الأزهر رحمه الله تعالى :
( إن إحياء ليلة المولد الشريف وليالي هذا الشهر الكريم الذي أشرق فيه النور المحمدي إنما
يكون بذكر الله تعالى وشكره لما أنعم به على هذه الأمة من ظهور خير الخلق إلى عالم الوجود ولا يكون ذلك إلا في أدب وخشوع وبعد عن المحرمات والبدع والمنكرات ومن مظاهر الشكر على حبه مواساة المحتاجين بما يخفف ضائقتهم وصلة الأرحام والإحياء بهذه الطريقة وإن لم يكن مأثورا في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ولا في عهد السلف الصالح إلا أنه لا بأس به وسنة حسنة)
فتاوى شرعية (1/131).
ـــــــــــ
114-قال الإمام متولي الشعراوي في كتابه "مائدة الفكر الإسلامي" ص 295،
إذا كان بنو البشر فرحون بمجيئه لهذا العالم، وكذلك المخلوقات الجامدة فرحة لمولده وكل النباتات فرحة لمولده وكل الحيوانات فرحة لمولده وكل الجن فرحة لمولده، فلماذا تمنعونا من الفرح بمولده.)
ـــــــــــ
115- قال الشيخ علي جمعة مفتي الجمهورية المصرية حفظه الله تعالى في رسالته ( البيان القويم : 25 ) :
[[ الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال ، وأعظم القربات ، لأنه تعبير عن الفرح والحب له صلى الله عليه وسلم ، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان ... ]] ، ثم قال :
[[ وألف في استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف جماعة من العلماء و الفقهاء ، بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل ، بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف ..انتهى
ـــــــــــ
116- الدكتور القرضاوي والاحتفال بمولد النبي والمناسبات الإسلامية
موقع القرضاوي/ 23-2-2010
السؤال: ما حكم الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من المناسبات الإسلامية مثل مقدم العام الهجري وذكرى الإسراء والمعراج؟
الفتوى:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ...
هناك من المسلمين من يعتبرون أي احتفاء أو أي اهتمام أو أي حديث بالذكريات الإسلامية، أو بالهجرة النبوية، أو بالإسراء والمعراج، أو بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بغزوة بدر الكبرى، أو بفتح مكة، أو بأي حدث من أحداث سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، أو أي حديث عن هذه الموضوعات يعتبرونه بدعة في الدين، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهذا ليس بصحيح على إطلاقه، إنما الذي ننكره في هذه الأشياء الاحتفالات التي تخالطها المنكرات، وتخالطها مخالفات شرعية وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، كما يحدث في بعض البلاد في المولد النبوي وفي الموالد التي يقيمونها للأولياء والصالحين، ولكن إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة ؟!
إننا حينما نتحدث عن هذه الأحداث نذكر الناس بنعمة عظيمة، والتذكير بالنعم مشروع ومحمود ومطلوب، والله تعالى أمرنا بذلك في كتابه (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرًا، إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا)، يذكر بغزوة الخندق أو غزوة الأحزاب حينما غزت قريش وغطفان وأحابيشهما النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين في عقر دارهم، وأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم، وأرادوا إبادة خضراء المسلمين واستئصال شأفتهم، وأنقذهم الله من هذه الورطة، وأرسل عليهم ريحاً وجنوداً لم يرها الناس من الملائكة ، يذكرهم الله بهذا، اذكروا لا تنسوا هذه الأشياء، معناها أنه يجب علينا أن نذكر هذه النعم ولا ننساها، وفي آية أخرى (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيدهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) يذكرهم بما كان يهود بني قينقاع قد عزموا عليه أن يغتالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكروا مكرهم وكادوا كيدهم وكان مكر الله أقوى منهم وأسرع، (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
ذكر النعمة مطلوب إذن، نتذكر نعم الله في هذا، ونذكر المسلمين بهذه الأحداث وما فيها من عبر وما يستخلص منها من دروس، أيعاب هذا ؟ أيكون هذا بدعة وضلالة.) انتهى
ـــــــــــ
117- الشيخ سعيد حوى رحمه الله :
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف جائز إذا انتفت المحرمات التي تصاحب هذا الاحتفال، وقد جاء في كتاب فضيلة الشيخ سعيد حوى ( أحد العلماء والدعاة المعاصرين بسوريا ) التفصيل في هذه المسألة.
مما استحدث خلال العصور الاحتفال بيوم ميلاد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتوضع حول هذا الموضوع عادات تختلف باختلاف البلدان، وقد تحدث ابن الحاج في مدخله عن كثير مما أنكره من عادات توضعت حول المولد، ووجدت بسبب من ذلك وبسبب من غيره ردود فعل كثيرة حول هذا الموضوع فمن محرم ومن مدافع، وقد رأينا أن لابن تيمية رحمه الله رأيا في غاية الإنصاف، فهو يرى أن أصل الاجتماع على المولد مما لم يفعله السلف ولكن الاجتماع على ذلك يحقق مقاصد شرعية.
والذي نقوله: أن يعتمد شهر المولد كمناسبة يذكر بها المسلمون بسيرة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشمائله، فذلك لا حرج، وأن يعتمد شهر المولد كشهر تهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذلك لا حرج فيه، وأن يعتمد شهر المولد كشهر يكثر فيه الحديث عن شريعة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذلك لا حرج فيه.
وأن مما ألف في بعض الجهات أن يكون الاجتماع على محاضرة وشعر أو إنشاد في مسجد أو في بيت بمناسبة شهر المولد، فذلك مما لا أرى حرجا على شرط أن يكون المعني الذي قال صحيحا.
إن أصل الاجتماع على صفحة من السيرة أو على قصيدة في مدح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جائز ونرجو أن يكون أهله مأجورين، فأن يخصص للسيرة شهر يتحدث عنها فيه بلغة الشعر والحب فلا حرج.
ألا ترى لو أن مدرسة فيها طلاب خصصت لكل نوع من أنواع الثقافة شهرا بعينه فهل هي آثمة، ما نظن أن الأمر يخرج عن ذلك
. بعض أقوال العلماء في الاحتفال بالمولد.
1ـ رأي ابن الحاج ـ رحمه الله ـ في الاحتفال
من المعروف أن ابن الحاج في مدخله كان من أشد الناس حربا على البدع، ولقد اشتد رحمه الله بمناسبة الكلام عن المولد على ما أحدثوه فيه من أعمال لا تجوز شرعا من مثل استعمال لآلات الطرب، ثم قال: فآلة الطرب والسماع أي نسبة بينهما وبين تعظيم هذا الشهر الكريم الذي من الله تعالى علينا فيه بسيد الأولين والآخرين.
فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير، شكرا للمولى سبحانه وتعالى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة، وإن كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئا من العبادات، وما ذاك إلا لرحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمته ورفقه بهم، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترك العمل خشية أن يفرض على أمته رحمة منه بهم، كما وصفه المولى سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال: (بالمؤمنين رؤوف رحيم) لكن أشار عليه الصلاة والسلام إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله عليه الصلاة والسلام للسائل الذي سأله عن صوم يوم الإثنين، فقال له عليه الصلاة والسلام: (ذلك يوم ولدت فيه) فتشريف هذا اليوم متضمن لتشريف هذا الشهر الذي ولد فيه.
فينبغي أن نحترمه حق الاحترام، ونفضله بما فضل الله به الأشهر الفاضلة، وهذا منها لقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" ولقوله عليه الصلاة والسلام: "آدم ومن دونه تحت لوائي".
وفضيلة الأزمنة والأمكنة تكون بما خصها الله تعالى به من العبادات التي تفعل فيها لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تتشرف لذاتها، وإنما يحصل لها الشرف بما خصت به من المعاني.
فانظر رحمنا الله وإياك إلى ما خص الله تعالى به هذا الشهر الشريف ويوم الإثنين، ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم، لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولد فيه، فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به وذلك بالاتباع له ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كونه عليه الصلاة والسلام كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات.
ألا ترى إلى ما رواه البخاري ـ رحمه الله تعالى: "كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان" فنتمثل تعظيم الأوقات الفاضلة بما امتثله عليه الصلاة والسلام على قدر استطاعتنا.
2 ـ رأي ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الاحتفال
معروفة شدة ابن تيمية وتشدده، ومع ذلك كان كلامه لينا في قضية المولد ومن كلامه في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم": (وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي وتعظيما له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع، وأكثر هؤلاء الناس الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع، مع ما لهم فيها من حسن المقصد والاجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة، تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه.
واعلم أن من الأعمال ما يكون فيه خير لاشتماله على أنواع من المشروع، وفيه أيضا شر من بدعة وغيرها، فيكون ذلك العمل شرا بالنسبة إلى الإعراض عن الدين بالكلية، كحال المنافقين والفاسقين..
فتعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم، لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه يحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن أحد الأمراء أنه أنفق على مصحف ألف دينار ونحو ذلك، فقال: دعه فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال.
3ـ رأي السيوطي ـ رحمه الله ـ في الاحتفال
وللسيوطي في كتابه "الحاوي للفتاوى " رسالة مطولة أسماها: "حسن المقصد في عمل المولد" وهذه بعض فقراتها: عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه، وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيها من تعظيم قدر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف0
وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي عن الشافعي قال: المحدثات من الأمور ضربان، أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة، أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة، والثاني: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان نعمت البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى هذا آخر كلام الشافعي.
وهو أي المولد وما يكون فيه من طعام من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان فهو من البدع المندوبة كما في عبارة ابن عبد السلام.
وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا، قال: وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: "يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى" فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعم، أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء ومن لم يلاحظ ذلك لا يبالي بعمل المولد في أي يوم من الشهر، بل توسع قوم فنقلوه إلى يوم من السنة وفيه ما فيه، فهذا ما يتعلق بأصل عمله.
وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهد المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخر، وأما ما تبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك فينبغي أن يقال ما كان من ذلك مباحا، بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم ولا بأس بإلحاقه به، وكما كان حراما أو مكروها فيمنعه وكذا ما كان خلفا الأولى. انتهى.
قال السيوطي تعليقا على كلام ابن حجر: ـ (وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع يوم لولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين، وتشريع لأمته كما كان يصلى على نفسه لذلك، فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات، ثم رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى عرف التعريف بالمولد الشريف ما نصه: قد رؤي أبو لهب بعد موته فقيل له ما حالك؟. قال في النار إلا أنه يخفف عني كلي ليلة إثنين وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا وأشار لرأس أصبعه وإن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبإرضاعها له، فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحة ليلة مولد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ به ، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم.
انتهي ملخصا من كتاب السيرة بلغة الحب والشعر للشيخ سعيد حوى رحمه الله
ــــــ
118- يقول فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله:
إن رسول الله محمدًا ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو المثل الكامل للإنسان، وهو القدوة العليا في هذه الحياة، والحق – تبارك وتعالى – يقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب:21) ، ويَقُول أيضًا: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) (الأحزاب:45 ـ46)، ويقول: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتِّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة:128)، ويقول: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107).
وزعامة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليست كزعامة الناس تستمد قوتها وسلطانها من العادات أو التقاليد التي جرى عليها الناس في تعظيم الكبراء من الناس، كالاحتفال بيوم الميلاد، أو ذكرى الوفاة، أو ذكرى الاستيلاء على الحكم، أو نحو ذلك.
ومن هنا لم يُعرف الاحتفال بمولد الرسول في عهد الرسول ولا في عهد الصحابة، بل هو شيء حدث بعد ذلك، وعلى هذا لا نستطيع أن نقول إن هذا الاحتفال قد أوجبه الدين أو شرعه أو دعا إليه أو نص عليه.
ولكنا نستطيع أن نقول إن هذا الاحتفال ـ إن اعتدل واستقام ـ عادة حسنة أراد بها الذين يُخلصون الحب لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن تكون فرصة طيبة لتذكُّر شخصية الرسول وسيرته، وأخلاقه وسنته، فإذا تم الاحتفال بهذه الذكرى على صورة إسلامية سامية، منزَّهة عن كل ما يخالف الدين، فإن نتائجه في النفوس الخيِّرة تكون نتائج طيبة حميدة، والقرآن يقول: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنينَ) (الذاريات:55).أ.هـ
119- ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف ، أحد الدعاة بمصر :
بمناسبة قرب مولد الحبيب صلى الله عليه وسلم، فإننا جميعًا نحب رسول الله الذي أوجب الله علينا طاعته، وألزمنا بمحبته، وجعل طاعتنا له صلى الله عليه وسلم سببًا في حب الله، وعلامة على حب الله، قال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ..." آل عمران 31.
والنبي صلى الله عليه وسلم في حياته لم يحتفل بمولده ولا الخلفاء من بعده احتفلوا بمثل ذلك؛ لأن الأصل أن أمة الإسلام في احتفال دائم بهذا الدين، تطبيقًا لا مجرد كلمات، ودعوة لا مجرد انتساب، واعتزازًا بهذا الدين الذي فضلهم الله به.
وما يقوم به الناس من احتفال إذا كان بقصد التذكير وإعطاء العظات والعبر والدعوة إلى التزام منهجه، فيرى البعض أنه لا بأس بذلك بهذا القصد، وإن كان المفترض أن يكون دومًا.
أما ما يحدث في الموالد من رقص واختلاط بين الرجال والنساء، ولعب القمار، وغير ذلك فهذا كله حرام سواء أكان في مناسبة أو بدون مناسبة.
أما واجبنا تجاه النبي صلى الله عليه وسلم فهو كثير، نختصره في الآتي:
1 - محبته. 2 - طاعته. 3 - التأسي به. 4 - الاحتكام إلى شريعته. 5 - الدعوة إلى الدين الذي جاء به. 6 - نصرة دينه وشريعته والعمل على تطبيقها. 7 - الإكثار من الصلاة عليه كلما ذكر وفي يوم الجمعة خاصة، وفي غير ذلك من المواطن المبينة في مواضعها. 8 - حب آل بيته ـ صلى الله عليه وسلم.
وهذا اختصار لما ورد في الكتب المختصة.أ.هـ
http://www.islamonline.net/servlet/S...=1122528621402
ــــــــــ
126- الشيخ عبدالله سالم: الباحث العلمي بالموسوعة الفقهية
اكد الباحث العلمي بالموسوعة الفقهية الشيخ عبدالله نجيب سالم انه لا مانع شرعا من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مشيرا الى ان ذلك من العادات الاسلامية الحسنة التي تخدم الدين وتزيد محبة رسول الله في قلوب المؤمنين.
مشددا على ضرورة الاهتمام بها اهتماما شديدا من اهل العلم والمسؤولين والمسلمين كافة كي لا تنحرف هذه الاحتفالات عن هدفها الاصيل ولا تشوش الممارسات الخاطئة وجهها النبيل.
ورأى ان الاحتفال والفرح بمولده صلى الله عليه وسلم واظهار البشر والسرور بذلك من الامور الجائزة شرعا، المستحسنة طبعا، المألوفة عرفا.
ودعا الشيخ عبدالله سالم المسلمين والمسؤولين في الكويت والعالم الاسلامي الى اظهار الفرح والبشر والسرور بمولد البشير النذير صلى الله عليه وسلم كما كانت عوائدهم وعوائد آبائهم واجدادهم، داعيا وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية ان تهتم بالامر اكثر فأكثر، وان تعيد العمل بما كانت عليه الامور من قبل، بالاعلان عن احتفال كبير يرعاه كبار المسؤولين، ويحضرونه كافة، ويشارك فيه القراء والخطباء والشعراء والعلماء وسائر المسلمين.
واوضح ان ادلة الجواز والاستحسان: تبدأ بأن يوم مولده صلى الله عليه وسلم من الايام المشار اليها على وجه التبجيل والاعتبار في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. نرى ذلك في مواطن عدة مثل اختياره صلى الله عليه وسلم صيام يوم الاثنين من كل اسبوع لاعتبارات عدة، ففي صحيح مسلم من حديث ابي قتادة قال «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام الاثنين؟ فقال: ذلك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، أو انزل عليَّ فيه». كما نراه في ذكر ما خص الله امه آمنة حينما ولدته (رأت امي حين وضعتني سطع منها نور اضاءت له قصور بصرى). رواه ابن سعد وهو حسن، الله سبحانه وتعالى ذكر ميلاد كثير من الانبياء.
وقال ان الله سبحانه وتعالى ذكر صراحة ميلاد كثير من الانبياء ونوه بما في مولدهم من معجزات أو اهمية. فها هو القرآن الكريم يفيض في ذكر مولد ابينا آدم عليه السلام وكيفية خلقه العجيبة، كما يعرج في مواطن عديدة على ذكر ميلاد موسى عليه السلام وتفصيلات رضاعته وحضانته ونشأته بصورة مفصلة، ومثل ذلك يفعل في سرد وتفصيل احداث ميلاد عيسى عليه السلام و.. أفيكون بعد هذا الحديث عن ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم امرا مستنكرا وبدعة؟!
واشار الى انه في يوم مولده صلى الله عليه وسلم وقعت حوادث عظيمة تناسب مكانته وشرفه، وذلك معروف لأهل العلم، ونذكر ببعض تلك الحوادث فنقول ان منها: منع الجن من استراق السمع من السماء، ومنها اهتزاز ايوان كسرى، وانطفاء نار فارس التي يعبدونها، ومنها بشارات كثير من الرهبان والكهان، فيوم مولده يستحق ان يشار اليه كيوم عظيم حفل بأحداث جسام.
وبين ان مولده صلى الله عليه وسلم كان فيه من الخصائص النبوية ما يستحق النظر والانتباه ومن ذلك ان امه لم تجد لحمله وحما ولا ألما، وذكر أبو نعيم الحافظ في «كتاب الحلية» بإسناده ان النبي صلى الله عليه وسلم ولد مختونا.
لفت الشيخ عبدالله سالم الى ان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم واظهار الفرح والبشر بذلك كان سببا من اسباب الرحمة الالهية ليس للمؤمنين بل حتى للكافرين فقد صح ان أبا لهب يخفف عنه العذاب كل يوم اثنين وهو في غمرات النار لفرحه بولادته صلى الله عليه وسلم واعتاقه جاريته ثويبة التي بشرته بذلك، وان جده عبد المطلب قد اظهر المزيد والمزيد من الفرح بولادته حينما حمله وقام يطوف، ويقول:
الحمدلله الذي اعطاني
هذا الغلام الطاهر الأردان
قد فاق في المهد على الأقران
أعيذه بالبيت ذي الأركان
من شر كل حاسد وشاني
وان عمه العباس رضي الله عنه امتدح رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه فأشار الى مولده ونوره الباهر فيه. فقال:
وانت لما ولدت اشرقت الارض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي النور وسبل الرشاد نخترق
العلماء افتوا بجواز الاحتفال
وقال ان العلماء قديما وحديثا افتوا بجواز الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم، وبين ايدينا فتاوى الامام ابن حجر والسيوطي وفتاوى الازهر الشريف وفتاوى لجنة الافتاء في دبي وفتاوى لجنة الافتاء في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، وغيرها كثير.. وها هو نص فتوى وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية: (لا مانع شرعا من المشاركة في احياء مناسبة الهجرة النبوية، والمولد النبوي، والاسراء والمعراج، وغيرها بإلقاء المحاضرات الخاصة بموضوعاتها، ولا مانع من تخصيص ايامها من كل عام، ولا يختلف المولد النبوي في هذا عن سائر المناسبات الاخرى، شريطة عدم الاعتقاد بسنية احيائها أو التعبد بها والا كانت من البدع المستحدثة وحينئذ لا تجوز، وانما يجوز احياء هذه المناسبات لتذكير الناس بما فيها من احداث عظيمة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، بشرط ان يكون الاحياء خاليا من المخالفات الشرعية. والله تعالى اعلم)، مستحسن وفيه فوائد.
ورد الشيخ عبدالله نجيب سالم على رأي بعض الناس الذين ينهون عن الاحتفال بمولده ويشنعون على المحتفلين.
ويقولون: انهم مبتدعة ضالون، ويسوقون بعض الشبهات والاستدلالات التي يؤيدون بها دعواهم (هداهم الله الى الحق).
بقوله: لم نقل نحن ولا غيرنا ان الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم سنة مؤكدة أو منقولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانما نقول نحن وغيرنا: ان الاحتفال بمولده امر مستحسن مباح، فيه فوائد كثيرة، وله شواهد عديدة، وهو داخل ضمن العادات الاسلامية الحسنة التي تحف وتحيط بالمفاهيم الاسلامية الاصلية فتؤيدها وتفندها وتخدمها.
واضاف: ليس في الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم تقليد لأحد، بل هو اسلوب لاظهار الفرحة والسرور وتعظيم اليوم الذي عظمه رسول الله صلى الله عليه وسلم. واذا كان غير المسلمين يفعلون ما هو قريب من هذا أو مشابه له فليس معنى ذلك ان نترك كل ما يشابه افعال الآخرين اذا كنا نفعله، لئلا يقال للمسلمين انهم يتبعون غيرهم!!
فمثلا: اذا صلى النصارى في كنائسهم هل نترك الصلاة في المساجد لئلا يقال نحن نقلدهم، واذا طور النصارى طباعة اناجيلهم والعناية بتجليدها وحروفها وألوانها انترك ذلك في مصحفنا لئلا يقال لنا: اننا نقلدهم.. ان هذا امر غير صحيح على اطلاقه.
واشار الشيخ عبدالله سالم الى ان المنكرين للاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم يشنعون بأن في الاحتفالات هذه تقوم منكرات واثام مثل الاختلاط المحرم شرعا، ومثل التلفظ بألفاظ غير شرعية وغير ذلك. فنقول نحن: ان انكار المنكر متفق عليه ومأمور به، واذا كانت هناك مخالفات شرعية واضحة لا خلاف فيها فكلنا ننهي عنها ونأباها، ولكن اذا كانت الاحتفالات بمولده صلى الله عليه وسلم منضبطة صحيحة ليس فيها الا ذكر الله ورسوله والاشادة بالدين وتحبيب الناس فيه وتأليف قلوبهم عليه فما المانع من ذلك؟!
الاحتفال يدخل في باب العادات
واضاف: صحيح ان الاحتفال بصورته وفي يوم الثاني عشر من ربيع الاول لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا احد من اصحابه. ولكنا لا ينبغي ان نتخذ ذلك دليلا على المنع من الاحتفال والنهي عنه. وذلك لأن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم انما يدخل في باب العادات والسلوك لا في باب العقائد فالاصل فيه الاباحة، وما لم يرد نص شرعي ينهى عنه فلا مانع منه. وعدم فعل رسول الله له ليس دليلا على النهي عنه، والا فكثير من الامور العادية والتي درج عليها المسلمون لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا احد من اصحابه وبالتالي فهل هي محرمة منهي عنها؟! ان تقسيم علوم الدين، وكتابة الحديث الشريف، وجمع المصحف، وانشاء المدارس، وفرش المساجد واغلاقها في غير اوقات العبادة.. وامور لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا احد من اصحابه.. ايكون ذلك ممنوعا ممقوتا؟!
وبين الشيخ عبدالله سالم ان عدم ثبوت ولادته صلى الله عليه وسلم يوم الثاني عشر من ربيع الاول لا يعني المنع من الاحتفال اصلا، بل نعلم جيدا ان اعتبار يوم (12) ربيع الاول يوم مولده هو رأي الاكثر من العلماء، وهو ما جرى عليه عمل الامة، وان كانت هناك آراء اخرى في تحديد اليوم الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم، فذلك كله بحث تاريخي موجود في بطون الكتب.. ومما يهون امر الخلاف في يوم مولده ان يترك مجال الاحتفال مفتوحا في كل ايام شهر ربيع الاول بل ايام العام كله.
ــــــــــ
121- يقول نائب رئيس المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء الشيخ فيصل مولوي عن إحياء المولد :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ... ان ذلك جائز شرعاً ولو لم يكن له أصل بمعنى أنّه لم يحتفل به الصحابة والتابعون ولا تابعو التابعين من أهل الفقه في الدين وهم خير القرون. ولكن لما جهل كثير من المسلمين صفات الرسول صلَى الله عليه وسلَم وحياته، وكيف كان يعيش حياة البساطة والتواضع والرحمة والشفقة، وأصبحت محبة الرسول صلَى الله عليه وسلَم في قلوب الكثيرين محبة سطحية. جمع أحد سلاطين المسلمين العلماء وطلب من أحدهم أن يؤلف كتاباً يتناول حياة الرسول منذ الولادة إلى الوفاة وذكر أخلاقه الطيبة العطرة، وأقام لذلك احتفالاً مهيباً وصار الاحتفال بالمولد ذكرى استحبها كثير من العلماء وبقيت حتى يومنا هذا.
إلاّ أنّه لا بدّ من القول : أنّ هذا الاحتفال ليس نوع من العبادات التي يشرّعها الله وحده، ولكنّه من أنواع العادات والأعراف التي يخترعها النّاس، ثمّ يأتي الشّرع بإباحتها إذا لم يكن فيها حرام، أو بمنعها إذا اشتملت على محرّمات. وبما انّ ذكرى المولد في الأصل تذكير بسيرة الرّسول )صلَى الله عليه وسلَم) وأخلاقه فهي مباحة وفيها من الأجر إن شاء الله ما لا يخفى. لكن يجب الحذر ممّا ورد في بعض كتب الموالد من انحرافات وشطحات تصل إلى حدّ الكفر أحياناً. فهذه حرام ولو كانت في غير ذكرى المولد. وإذا اقترنت بها الاحتفالات تصبح حراماً أيضاً.إ.هــــــ
ـــــــــ
122- فتوى دار الإفتاء المصرية
الرقـم المسلسل 140
الموضوع:- الاحتفال بالمولد النبوي ومولد آل البيت والصالحين
تاريخ الإجابة :- 30/07/2007
الســــؤال
اطلعنا على الطلب المقيد برقم 1186 المتضمن:
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي وموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين؟
الـجـــواب
أمانة الفتوى
المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه؛ فلقد عَبَّر القرآن الكريم عن وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه "رحمة للعالمين"، وهذه الرحمة لـم تكن محدودة؛ فهي تشمل تربيةَ البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الـزمان؛ بل تمتد على امتداد التأريخ بأسره (وآخَرِينَ مِنهم لَمّا يَلحَقُوا بهم) [الجمعة:3].
والاحتفال بذكرى مولد سيد الكونَين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنّاسِ أَجمَعِينَ» رواه البخاري.
قال ابن رجب: "محبَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان، وهي مقارِنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها اللهُ بها، وتَوَّعَدَ مَن قدَّم عليهما محبَّة شيء من الأمور المحبَّبة طبعًا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى: (قُل إن كانَ آباؤُكم وأَبناؤُكم وإخوانُكم وأَزواجُكم وعَشِيرَتُكم وأَموالٌ اقتَرَفتُمُوها وتِجارةٌ تَخشَونَ كَسادَها ومَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إليكم مِنَ اللهِ ورَسُولِه وجِهادٍ في سَبِيلِه فتَرَبَّصُوا حتى يَأتِيَ اللهُ بأَمرِه) [التوبة:24]، ولما قال عُمَرُ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رَسُولَ اللهِ، لأَنتَ أَحَبُّ إلَيَّ مِن كُـلِّ شَيءٍ إلاّ مِن نَفسِي، قَالَ النبِيُّ صلى الله عليه وآلـه وسلم: «لا والذي نَفسِي بيَدِه؛ حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليكَ مِن نَفسِكَ»، فقالَ لـه عُمَرُ: فإنَّه الآن واللهِ لأَنتَ أَحَـبُّ إلَيَّ مِن نَفسِي، فقالَ النبِيُّ صلى الله عليه وآلـه وسلم: «الآن يا عُمَرُ» رواه البخاري"اهـ.
والاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلم أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدرَ نبيه، فعرَّف الوجودَ بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحُجَّته.
وقد دَرَجَ سلفُنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما نص على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
ونص جماهير العلماء سلفًا وخلفًا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، بَيَّنُوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمَن له عقل وفهم وفكر سليم إنكارُ ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في (المدخل) في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلامًا مفيدًا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه (المدخل) في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي، وللإمام السيوطي في ذلك رسالة مستقلة سماها "حُسن المَقصِد في عمل المولد".
والاحتفال في لغة العرب: من حَفَلَ اللبنُ في الضَّرع يَحفِل حَفلاً وحُفُلاً وتَحَفَّل واحتَفَلَ: اجتمع، وحَفَل القومُ من باب ضرب واحتَفَلوا: اجتمعوا واحتشدوا. وعنده حَفلٌ من الناس: أي جَمع، وهو في الأصل مصدر، ومَحفِلُ القومِ ومُحتَفَلُهم: مجتمعهم، وحَفَلهُ: جلاَه، فَتحَفَّلَ واحتَفَلَ، وحَفَل كذا: بالى به، ويقال: لا تحفل به.
وأما الاحتفال بالمعنى المقصود في هذا المقام، فهو لا يختلف كثيرا عن معناه في اللغة؛ إذ المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
ويدخل في ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فإن التهادي أمر مطلوب في ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته في وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشد مشروعية وندبًا واستحبابًّا؛ لأن للوسائل أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم.
ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات، ولو سُلِّم هذا -لعمر الحق- فإنه لا يكون مسوغا لمنعها؛ لأنه لا يشك عاقل في فرحهم -رضي الله تعالى عنهم- به صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن للفرح أساليب شتى في التعبير عنه وإظهاره، ولا حرج في الأساليب والمسالك؛ لأنها ليست عبادة في ذاتها، فالفرح به صلى الله عليه وآله وسلم عبادة وأي عبادة، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة، لكل فيها وجهةٌ هو موليها.
على أنه قد ورد في السنة النبوية ما يدل على احتفال الصحابة الكرام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإِذْنه فيه؛ فعن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلاّ فلا» رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. فإذا كان الضرب بالدُّفِّ إعلانًا للفرح بقدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغزو أمرًا مشروعًا أقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بالوفاء بنذره، فإنّ إعلان الفرح بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا -بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة في نفسها- أكثر مشروعية وأعظم استحبابًا.
وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبي لهب -وهو مَن هو كُفرًا وعِنادًا ومحاربة لله ورسوله- بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نُقرة مِن كَفّه كل يوم اثنين في النار؛ لأنه أعتق مولاته ثُوَيبة لَمّا بَشَّرَته بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح البخاري، فما بالكم بجزاء الرب لفرح المؤمنين بميلاده وسطوع نوره على الكون!
وقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صح أنه كان يصوم يوم الاثنين ويقول: «ذلكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» رواه مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على مِنّة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة، فالأَولى بالأُمّة الائتساءُ به صلى الله عليه وآله وسلم بشكر الله تعالى على منته ومنحته المصطفوية بكل أنواع الشكر، ومنها الإطعام والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك، وكلُّ ماعُونٍ يَنضَحُ بما فيه، وقد نقل الصالحي في ديوانه الحافل في السيرة النبوية "سُبُلُ الهُدى والرشاد في هَدي خيرِ العِباد" عن بعض صالحي زمانه: أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه، فشكى إليه أن بعض مَن ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن فرِح بنا فَرِحنا به".
وكذلك الحكم في الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع القُرَب المختلفة؛ فإن ذلك أمر مرغَّب فيه شرعًا؛ لما في ذلك من التأسي بهم والسير على طريقهم، وقد ورد الأمر الشرعي بتذكُّر الأنبياء والصالحين فقال تعالى: (واذكُر في الكِتابِ إبراهِيمَ) [مريم:41](واذكُر في الكِتابِ مُوسى) [مريم:51]، وهذا الأمر لا يختص بالأنبياء، بل يدخل فيه الصالحون أيضًا؛ حيث يقول تعالى: (واذكُر في الكِتابِ مَريَمَ) [مريم:16]؛ إذ مِن المقرر عند المحققين أن مريم عليها السلام صِدِّيقةٌ لا نبية، كما ورد الأمر الشرعي أيضًا بالتذكير بأيام الله تعالى في قوله سبحانه: (وذَكِّرهم بأَيامِ اللهِ) [إبراهيم:5]، ومِن أيام الله تعالى أيامُ الميلاد وأيامُ النصر؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع شكرًا لله تعالى على نعمة إيجاده واحتفالاً بيوم ميلاده كما سبق في حديث أبي قتادة الأنصاري في صحيح مسلم، كما كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه شكرًا لله تعالى وفرحًا واحتفالاً بنجاة سيدنا موسى عليه السلام، وقد كَّرم الله تعالى يوم الولادة في كتابه وعلى لسان أنبيائه فقال سبحانه: (وسَلامٌ عليه يَومَ وُلِدَ) [مريم:15]، وقال جل شأنه على لسان السيد المسيح عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم: (والسَّلامُ عليَّ يَومَ وُلِدتُ) [مريم:33]، وذلك أن يوم الميلاد حصلت فيه نعمةُ الإيجاد، وهي سبب لحصول كل نعمة تنال الإنسان بعد ذلك، فكان تذكره والتذكير به بابًا لشكر نعم الله تعالى على الناس؛ فلا بأس مِن تحـديد أيام معينة يُحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين، ولا يقدح في هذه المشروعية ما قد يحدث في بعض هذه المواسم من أمور محرمة؛ بل تُقام هذه المناسبات مع إنكار ما قد يكتنفها من منكرات، ويُنبَّهُ أصحابها إلى مخالفة هذه المنكرات للمقصد الأساس الذي أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفة.
والله سبحانه وتعالى أعلم
http://www.dar-alifta.org/ViewFatwa.aspx?ID=140
ــــــــــ
123- فتوى دار الإفتاء الإماراتية
حكم الاحتفال بالمولد وفقاً لمذهب الإمام مالك.
ماحكم الاحتفال بالمولد النبوي علماً أن هناك من علماء المالكية من يراه أنه بدعة ((باطل لاأصل له)) مثل تاج الدين الفاكهاني وابن عليش المالكي وذكر أهل التاريخ أن أول من قام بالمولد هم الفاطميون في القرن الخامس الهجري وأعاده نابيليون لكي يستعمر مصر بارك الله لكم؟
تاريخ النشر: 21-اكتوبر-2008 1489
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ..
فالمولد هو: اجتماع طائفة من الناس على تلاوة القرآن، وإنشاد المدائح النبوية المحركة للقلوب إلى فعل الخيراتِ والعملِ للآخرةِ ، مع إطعام الحاضرين الطعام.
وكان الذي أظهر الاحتفال بالمولد النبوي هو الملك المظفر، وهو ملك صالح سُنِّي، قال الإمام الذهبي في ترجمته كما في سير أعلام النبلاء: (صَاحِبُ إِرْبِلَ، كُوْكْبُرِي بنُ عَلِيٍّ التُّرُكْمَانِيُّ السُّلْطَانُ الدَّيِّنُ، المَلِك المُعَظَّمُ، مُظَفَّر الدِّيْنِ، أَبُو سَعِيْدٍ كُوْكْبُرِي بن عَلِيِّ بن بكتكين بن مُحَمَّدٍ التُّرُكْمَانِيّ ... وَكَانَ مُحِبّاً لِلصَّدقَة، لَهُ كُلّ يَوْم قنَاطير خُبْز يُفرِّقهَا، وَيَكسو فِي العَامِ خلقاً وَيُعْطِيهُم دِيْنَاراً وَدِيْنَارَيْنِ، وَبَنَى أَرْبَع خَوَانك لِلزَّمْنَى وَالأَضرَّاء، وَكَانَ يَأْتيهِم كُلّ اثْنَيْنِ وَخَمِيْس، وَيَسْأَل كُلّ وَاحِد عَنْ حَالِه، وَيَتفقَّده، وَيُبَاسِطه، وَيَمزح مَعَهُ... وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، خَيِّراً، سُنِّيّاً، يُحبّ الفُقَهَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَرُبَّمَا أَعْطَى الشُّعَرَاء، وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ انْهَزَم فِي حرب).
وقال الإمام ابن كثير في ترجمته: (أحَدُ الأجْوَادِ والساداتِ الكُبَراء، والملوك الأمجاد، لَهُ آثَارٌ حَسَنة،... وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول، ويحتفل به احْتِفَالاً هائلاً، وكان مع ذلك شهماً شجاعاً فاتكاً بطلاً عاقلاً عالماً عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه).
وقد ذهب الجماهير من العلماء من المذاهب الأربعة إلى مشروعية الاحتفاء والاحتفال بميلاد سيد البشرية وإمام الإنسانية سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وصنفوا في ذلك مصنفات.
وأول من صنف في تقرير المولد النبوي الشريف هو العلامة المحدث المالكي أبو الخطاب عمر بن حسن الكلبي فكتب "التنوير في مولد البشير النذير" وأبو الخطاب ابن دحية هو الذي قال الإمام الذهبي في ترجمته: (الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ المُتَفَنِّنُ ... رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ. فَقَالَ: كَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَأَنَسَةٌ بِالحَدِيْثِ، فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ).
وقال ابن خَلِّكان في ترجمة الحافظ أبي الخطاب بن دِحية: (كان أبو الخطاب المذكور من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متقناً لعلم الحديث النبوي وما يتعلق به، عارفاً بالنحو واللغة وأيام العرب وأشعارها، واشتغل بطلب الحديث في أكثر بلاد الأندلس الإسلامية، ولقي بها علماءها ومشايخها).
وقد تكلم العلامة أبو عبد الله بن الحاج المالكي في كتابه المدخل على عمل المَوْلِد، فمدح ما كان فيه من إظهار الشكر لله تعالى، وذم ما احتوى عليه من مُحَرَّمات ومُنْكَرات، فمن ذلك قوله: (فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى مَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ هَذَا الشَّهْرَ الشَّرِيفَ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ.أَلَا تَرَى أَنَّ صَوْمَ هَذَا الْيَوْمِ فِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ فِيهِ.
فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي إذَا دَخَلَ هَذَا الشَّهْرُ الْكَرِيمُ أَنْ يُكَرَّمَ وَيُعَظَّمَ وَيُحْتَرَمَ الِاحْتِرَامَ اللَّائِقَ بِهِ وَذَلِكَ بِالِاتِّبَاعِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَوْنِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَخُصُّ الْأَوْقَاتَ الْفَاضِلَةَ بِزِيَادَةِ فِعْلِ الْبِرِّ فِيهَا وَكَثْرَةِ الْخَيْرَاتِ... فَتَعْظِيمُ هَذَا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ إنَّمَا يَكُونُ بِزِيَادَةِ الْأَعْمَالِ الزَّاكِيَاتِ فِيهِ وَالصَّدَقَاتِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقُرُبَاتِ، فَمَنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِهَذَا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا فِي غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَكْثَرُ احْتِرَامًا كَمَا يَتَأَكَّدُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَيَتْرُكُ الْحَدَثَ فِي الدِّينِ وَيَجْتَنِبُ مَوَاضِعَ الْبِدَعِ وَمَا لَا يَنْبَغِي).
ثم ذكر ابن الحاج رحمه الله مجموعة من المنكرات التي فعلها بعض الجهلة، ثم قال: (وَهَذِهِ الْمَفَاسِدُ مُرَكَّبَةٌ عَلَى فِعْلِ الْمَوْلِدِ إذَا عَمِلَ بِالسَّمَاعِ فَإِنْ خَلَا مِنْهُ وَعَمِلَ طَعَامًا فَقَطْ وَنَوَى بِهِ الْمَوْلِدَ وَدَعَا إلَيْهِ الْإِخْوَانَ وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَهُوَ بِدْعَةٌ بِنَفْسِ نِيَّتِهِ فَقَطْ إذْ أَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ).
وقد تعقبه الإمام السيوطي في الحاوي في الفتاوي، في رسالته المسمَّاة (حسن المقصد في عمل المولد) قائلاً: (وأما قوله آخراً: إنه بدعة، فإما أن يكون مناقضاً لما تقدم أو يحمل على أنه بدعة حسنة كما تقدم تقريره في صدر الكتاب، أو يحمل على أن فعل ذلك خير والبدعة منه نية المولد، كما أشار إليه بقوله: فهو بدعة بنفس نيته فقط، وبقوله: ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد.
فظاهر هذا الكلام أنه كره أن ينوي به المولد فقط، ولم يكره عمل الطعام ودعاء الإخوان إليه، وهذا إذا حقق النظر لا يجتمع مع أول كلامه، لأنه حث فيه على زيادة فعل البر وما ذكر معه على وجه الشكر لله تعالى إذْ أوجد في هذا الشهر الشريف سيدَ المرسلين صلى الله عليه وسلم، وهذا هو معنى نية المولد فكيف يذم هذا القدر مع الحث عليه أولاً.
وأما مجرد فعل البر وما ذكر معه من غير نية أصلاً فإنه لا يكاد يتصور، ولو تصور لم يكن عبادة، ولا ثواب فيه إذ لا عمل إلا بنية، ولا نية هنا إلا الشكر لله تعالى على ولادة هذا النبي الكريم في هذا الشهر الشريف، وهذا معنى نية المولد فهي نية مستحسنة بلا شك فتأمل).
وممن أجاز عمل المولد من المالكية الإمام محمد بن أبي إسحق بن عباد النفزي، ففي كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب (11/278) ما نصه:
(وسئل الولي العارف بالطريقة والحقيقة أبو عبد الله بن عباد رحمه الله ونفع به عما يقع في مولد النبي صلى الله عليه وسلم من وقود الشمع وغير ذلك لأجل الفرح والسرور بمولده عليه السلام.
فأجاب: الذي يظهر أنه عيد من أعياد المسلمين، وموسمٌ من مواسمهم، وكل ما يقتضيه الفرح والسرور بذلك المولد المبارك، من إيقاد الشمع وإمتاع البصر، وتنزه السمع والنظر، والتزين بما حسن من الثياب، وركوب فاره الدواب؛ أمر مباح لا ينكر قياساً على غيره من أوقات الفرح، والحكم بأن هذه الأشياء لا تسلم من بدعة في هذا الوقت الذي ظهر فيه سر الوجود، وارتفع فيه علم العهود، وتقشع بسببه ظلام الكفر والجحود، يُنْكَر على قائله، لأنه مَقْتٌ وجحود.
وادعاء أن هذا الزمان ليس من المواسم المشروعة لأهل الإيمان، ومقارنة ذلك بالنيروز والمهرجان، أمر مستثقل تشمئز منه النفوس السليمة، وترده الآراء المستقيمة).
وقد كان الخلفاء المسلمون يقيمون الاحتفال بالمولد النبوي، ومعهم قضاة المذاهب الأربعة، ومشاهير العلماء.
قال العلامة المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار" : (فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوض، وجلس السلطان وعن يمينه شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصر البلقيني - شيخ الإمام الحافظ ابن حجر -، ويليه الشيخ المعتقد إبراهيم برهان الدين بن محمد بن بهادر بن أحمد بن رفاعة المغربيّ، ويليه ولد شيخ الإسلام، ومن دونه وعن يسار السلطان الشيخ أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزريّ المغربيّ، ويليه قضاة القضاة الأربعة، وشيوخ العلم، ويجلس الأمراء على بعد من السلطان، فإذا فرغ القراء من قراءة القرآن الكريم، قام المنشدون واحداً بعد واحد، وهم يزيدون على عشرين منشداً، فيدفع لكل واحد منهم صرّة فيها أربعمائة درهم فضة، ومن كلّ أمير من أمراء الدولة شقة حرير، فإذا انقضت صلاة المغرب مدّت أسمطة الأطعمة الفائقة، فأكلت وحمل ما فيها، ثم مدّت أسمطة الحلوى السكرية من الجواراشات والعقائد ونحوها). وهذا كله دون نكير من العلماء.
وممن أجاز الاحتفال بالمولد من العلماء:
* 1- الإمام المحدث الفقيه أبو شامة شيخ الإمام النووي.
قال في رسالته : (ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين).
* 2- الإمام شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني.
فقد سُئِلَ عن عمل المَوْلِد فأجاب بما نصه:
أصل عمل المَوْلِد بدعة لم تُنْقَل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة الصحابة والتابعين وتابع التابعين ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسنَ وضدِّها، فمن تَحَرَّى في عملها المحاسن وتجنَّب ضدَّها كان بدعةً حسنة وإلا فلا). نقلاً عن رسالة الإمام السيوطي.
* 3- الإمام الحافظ المحدث جلال الدين السيوطي.
قال معقباً على كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني: (وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجَّى موسى، فنحن نصومه شكرًا لله تعالى. فيُستفاد منه فعل الشكر لله على ما مَنَّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نِقْمة، ويُعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سَنَة. والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأيَّة نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبيّ نبيّ الرحمة في ذلك اليوم).
* 4- الإمام الحافظ أبو الخير السخاوي.
قال رحمه الله في فتاويه: (عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد، ثم لا زال أهل الإسلام في سائر الأقطار والمدن الكبار يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه وسلم بعمل الولائم البديعة، المشتملة على الأمور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور ويزيدون في المبرات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم).
وقال في ترجمة أحد تلاميذه: (سمع مني تأليفي في المولد النبوي بمحله وفي السنة قبلها تأليف العراقي فيه أيضاً).
فقد كان المولد يقرأ في مكان ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم سنة بعد أخرى دون نكير من أحد.
* 5- الإمام الشهاب أحمد القسطلاني شارح البخاري:
قال في كتابه المواهب اللدنية 1/148: (فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعياداً ، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء).
* 6- العلاَّمة الشّيخ محمد بن عمر بحرق الحضرمي الشافعي (ت:930 هـ)
قال في كتابه (حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار): (فحقيقٌ بيومٍ كانَ فيه وجودُ المصطفى صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَّخذَ عيدًا، وخَليقٌ بوقتٍ أَسفرتْ فيه غُرَّتُهُ أن يُعقَد طالِعًا سعيدًا، فاتَّقوا اللهَ عبادَ الله، واحذروا عواقبَ الذُّنوب، وتقرَّبوا إلى الله تعالى بتعظيمِ شأن هذا النَّبيِّ المحبوب، واعرِفوا حُرمتَهُ عندَ علاّم الغيوب، "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ").
* 7- الإمام العلامة صدر الدين موهوب بن عمر الجزري الشافعي.
قال: (هذه بدعة لا بأس بها، ولا تكره البدع إلا إذا راغمت السنة، وأما إذا لم تراغمها فلا تكره، ويثاب الإنسان بحسب قصده في إظهار السرور والفرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم). نقلاً من كتاب سبل الهدى والرشاد.
وقد تمسك من منع الاحتفال بالمولد بأمور؛ نذكرها ونذكر الجواب عنها باختصار:
أولاً: كون المولد أول من أحدثه الفاطميون.
وجواب ذلك أن يقال: على افتراض أن الفاطميين هم أول من أحدث ذلك؛ فليس هذا دليلاً على المنع، فقد أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعظيم اليوم الذي انتصر فيه موسى عليه السلام من اليهود، وقال عليه السلام: (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) رواه البخاري.
ثانياً: منع المولد بحجة أنه بدعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رواه مسلم.
والجواب عن ذلك: أن البدع على قسمين: حسنة وسيئة، وإلى هذا ذهب الجماهير من العلماء، وهذا بعض تقريرهم لذلك:
قال الإمام الشافعي: (المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً، فهذه البدعة الضلالة.
والثانية: ما أحدث من الخير مما لا خلاف فيه لواحد من هذا هي محدثة غير مذمومة، وقد قال عمر - رضي الله تعالى عنه - في قيام رمضان نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى).
وقال العلامة المحدث أبو شامة المقدسي: (فالبدعة الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها، وهي كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشئ منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي).
والإمام أبو شامة هو الذي يقول عنه الإمام ابن كثير في البداية والنهاية (13/250): (الشيخ الإمام العالم الحافظ المحدث الفقيه المؤرخ المعروف بأبي شامة شيخ دار الحديث الاشرفية...وكان ذا فنون كثيرة أخبرني علم الدين البرزالي الحافظ عن الشيخ تاج الدين الفزاري، أنه كان يقول بلغ الشيخ شهاب الدين أبو شامة رتبة الاجتهاد...وبالجملة فلم يكن في وقته مثله في نفسه وديانته وعفته).
وقال الإمام شيخ الإسلام سلطان العلماء العز بن عبد السلام: (وقال العز بن عبد السلام: (البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة).
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: (قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَكُلّ بِدْعَة ضَلَالَة )
هَذَا عَامّ مَخْصُوص ، وَالْمُرَاد غَالِب الْبِدَع . قَالَ أَهْل اللُّغَة : هِيَ كُلّ شَيْء عُمِلَ عَلَى غَيْر مِثَال سَابِق . قَالَ الْعُلَمَاء : (الْبِدْعَة خَمْسَة أَقْسَام: وَاجِبَة، وَمَنْدُوبَة وَمُحَرَّمَة وَمَكْرُوهَة وَمُبَاحَة... فَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْته عُلِمَ أَنَّ الْحَدِيث مِنْ الْعَامّ الْمَخْصُوص... وَلَا يَمْنَع مِنْ كَوْن الْحَدِيث عَامًّا مَخْصُوصًا قَوْله: (كُلّ بِدْعَة) مُؤَكَّدًا (بِكُلِّ)، بَلْ يَدْخُلهُ التَّخْصِيص مَعَ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تُدَمِّر كُلّ شَيْء}).
ثالثاً: نفي الدليل على تفضيل يوم المولد.
والجواب عن ذلك: بأن فضل هذا اليوم ثابت بالسنة النبوية، وقد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضل يوم مولده، فقال: (وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ قَالَ ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ) رواه مسلم، فعظَّمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم مولده بالصيام فيه.
وتعظيم الأيام الفاضلة أمرٌ مقررٌ شرعاً، ولذا صام النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه.
رابعاً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة ما يقع فيه من المخالفات.
والجواب عن ذلك: أنَّ هذا لا يستدعي تحريم المولد وإنما تمنع المخالفات الموجودة فيه، كما أننا لا نحرم حفل الزفاف ولكن نمنع المخالفات الشرعية التي تحدث فيه، ولذا قال الإمام ابن حجر العسقلاني: (وأما ما يعمل فيه - المولد - فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخيراتِ والعملِ للآخرةِ).
خامساً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة أنَّ يوم مولده هو يوم وفاته.
والجواب عن ذلك : هو قول الإمام السيوطي رحمه الله: (إن ولادته صلى الله عليه وآله وسلم أعظم النعم، ووفاته أعظم المصائب لنا، والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، والصبر والسكون عند المصائب، وقد أمر الشرع بالعقيقة عند الولادة وهي إظهار شكر وفرح بالمولود، ولم يأمر عند الموت بذبح (عقيقة) ولا بغيره. بل نهى عن النياحة وإظهار الجزع، فدلت قواعد الشريعة على أنه يحسن في هذا الشهر إظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وآله وسلم دون إظهار الحزن بوفاته).
سادساً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة أنَّ الصحابة والتابعين لم يفعلوه مع كونهم أشد حباً للرسول صلى الله عليه وسلم.
والجواب عن ذلك: هو ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله: (ما أحدث يخالف كتاباً أو سنةً أو أثراً أو إجماعاً فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة)، وقول الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الفتح: (ما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة). وقد بينا أن المولد النبوي يستند إلى أصول شرعية صحيحة، وعليه فإحداثه ليس بدعة ولو لم يعمل به السلف.
قال الإمام المفسر القرطبي المالكي رحمه الله في أحكام القران: (كل بدعة صدرت من مخلوق فلا يخلو أن يكون لها أصل في الشرع أو لا ، فإن كان لها أصل كانت واقعة تحت عموم ما ندب الله إليه وحض رسوله عليه ، فهي في حيز المدح... ، وإن كانت- البدعة- في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهي في حيز الذم والإنكار ... وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته: وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة، يريد ما لم يوافق كتابا أو سنة، أو عمل الصحابة رضي الله عنهم)وقد كان سيد العلماء الإمام مالك بن أنس رحمه الله ورضي عنه لا يركب بالمدينة دابة، وهذا فعلٌ أحدثه الإمام مالك لم يفعله الصحابة الذين هم أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك لم ير الإمام مالك بأساً في فعله، ولم ينكر عليه أحدٌ من العلماء ذلك، قال الإمام القاضي عياض المالكي في كتاب الشفاء (1 / 275): (كان مالك رحمه الله لا يركب بالمدينة دابة وكان يقول: "أستحي من الله أن أطأ تربة فيها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بحافر دابة" ). وذكر هذا عنه الكمال ابن الهمام الحنفي رحمه الله في فتح القدير (3 / 180)، وكذا الإمام ابن العربي المالكي في أحكام القرآن ( 3 / 254 ) وغيرهم وهو معروف مشهور عنه. والله تعالى أعلم.
والخلاصة
ذهب جماهير العلماء إلى مشروعية الاحتفال بالمولد، وأنه صورة من صور شكر الله تعالى على ما أنعم الله به علينا من بعثة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
http://www.awqaf.ae/Fatwa.aspx?SectionID=9&RefID=1489
ـــــــــ
124- دار الإفتاء الكويتية
القسم: متفرقات في الحظر والإباحة
عنوان الفتوى: المولد النبوي
بيانات الفتوى
20100223 التاريخ
عنوان السؤال
المولد النبوي
القسم
متفرقات في الحظر والإباحة
نص السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز التهنئة والاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف؟
جزاك الله كل خير
الاجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى ما دامت بطرق مشروعة.
والله تعالى أعلم.
http://www.islam.gov.kw/site/fatwaa/...fatwaa_id=7233
ــــــــــــ
125- من موقع أمــيـن عــام الآمانة العامة للأوقاف الكويتية
رقم الفتوى: 431
نص السؤال :
يقوم بعض الناس بعمل مسابقات أو مؤتمر أو برامج أو المهرجانات الانشادية مخصوصة في وقت المولد النبوي. فما حكمها الشرعي ؟؟ وهل تعتبر من قبيل الاحتفال في المولد النبوي ؟؟ وما هو رأيكم بإحياء مناسبة المولد؟؟
الجواب :
لا بأس بإقامة البرامج التي ذكرتها بمناسبة المولد النبوي الشريف، أو في أي وقت آخر.
يمكن اعتبارها من الاحتفال سيد الخلق –عليه الصلاة والسلام-.
والاحتفال بمولد سيد الخلق –عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم- أمر مستحب، وبدعة حسنة –في رأي جماهير العلماء-.
http://www.dralsherif.net/Fatwa.aspx...ID=4&RefID=431
ــــــــ
128- فتوى سماحة الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون المفتي العام للجمهورية السورية
ما حكم الشرع في الآحتفال بالمولد النبوي الشريف وفي إدخال الدفوف إلى المسجد والاحتفال داخل المسجد في حين أن بعض علماء السعودية يقولون بأنه بدعة فما الحكم جزاكم الله خيرا
الجواب
لا أرى في الاحتفال بمولد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي مشكلة أو مانع، ما دام الاحتفال بطريقة مشروعة، وقداحتفل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نفسه بمولده الشريف، فقد روى مسلم عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه سئل عن صيامه يوم الإثنين من كل أسبوع، فقال: (هو يوم ولدت فيه)، وعليه فيباح الاحتفال بمولد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بما هو من المباحات على خلاف العادات الأجنبية الوافدة علينا، وليس بدعة، بل البدعة أن نقول هو واجب أو سنة.
والدف جائز، ولا يعدُّ من الآلات المحرمة.
http://www.drhassoun.com/fatwa/fatwa_div.php
ـــــ
129- فتوى قيمة لفضيلة الشيخ عطية صقر رحمه الله :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فإذا كان الهدف من وراء هذا الاحتفال هو التأسي والاقتداء بالحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومعرفة سيرته والتعرف على سنته، مع مراعاة الآداب الشرعية في هذا الاحتفال من حيث الاختلاط، ومن حيث الكلام الذي يقال وأماكن الاحتفال وغير ذلك فهو أمر جائز بل مندوب، أما تاريخ الاحتفال فقد بدء في عهد الفاطميين.
هذا ما جاء في فتوى لفضيلة الشيخ عطية صقر - رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا ـ رحمه الله : ـ
لا يعرف المؤرخون أن أحدًا قبل الفاطميين احتفل بذكرى المولد النبوي فكانوا يحتفلون بالذكرى فى مصر احتفالا عظيما ويكثرون من عمل الحلوى وتوزيعها كما قال القلقشندى فى كتابه " صبح الأعشى" .
وكان الفاطميون يحتفلون بعدة موالد لآل البيت ، كما احتفلوا بعيد الميلاد المسيحي كما قال المقريزي ، ثم توقف الاحتفال بالمولد النبوى سنة 488 هـ وكذلك الموالد كلها ، لأن الخليفة المستعلي بالله استوزر الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي ، وكان رجلا قويا لا يعارض أهل السنة كما قال ابن الأثير فى كتابه " الكامل "ج 8 ص 302 واستمر الأمر كذلك حتى ولى الوزارة المأمون البطائحي ، فأصدر مرسوما بإطلاق الصدقات فى 13 من ربيع الأول سنة 517 هـ وتولى توزيعها " سناء الملك " .
ولما جاءت الدولة الأيوبية أبطلت كل ما كان من آثار الفاطميين ، ولكن الأسر كانت تقيم حفلات خاصة بمناسبة المولد النبوى، ثم صارت ، رسمية في مفتتح القرن السابع في مدينة " إربل " على يد أميرها مظفر الدين أبى سعيد كوكبري بن زين الدين على بن تبكتكين ، وهو سني اهتم بالمولد فعمل قبابا من أول شهر صفر، وزينها أجمل زينة ، فى كل منها الأغاني والقرقوز والملاهي، ويعطى الناس إجازة للتفرج على هذه المظاهر. وكانت القباب الخشبية منصوبة من باب القلعة إلي ، باب الخانقاه ، وكان مظفر الدين ينزل كل يوم بعد صلاة العصر، ويقف على كل قبة ويسمع الغناء ويرى ما فيها، وكان يعمل المولد سنة في ثامن الشهر، وسنة في ثاني عشرة ، وقبل المولد بيومين يخرج الإِبل والبقر والغنم ، ويزفها بالطبول لتنحر في الميدان وتطبخ للناس . ويقول ابن الحاج أبو عبد الله العبدري : إن الاحتفال كان منتشرا بمصر في عهده ، ويعيب ما فيه من البدع " المدخل ج 2 ص 11 ، 12 " .
وأَلفت كتب كثيرة فى المولد النبوى فى القرن السابع ، مثل قصة ابن دحيه المتوفى بمصر سنة 633 هـ ، ومحيى الدين بن العربي المتوفى بدمشق سنة 638 هـ ، وابن طغربك المتوفى بمصر سنة 670 هـ ، وأحمد العزلي مع ابنه محمد المتوفى بسبته سنة 677 هـ .
ولانتشار البدع فى الموالد أنكرها العلماء ، حتى أنكروا أصل إقامة المولد ، ومنهم الفقيه المالكي تاج الدين عمر بن على اللخمي الإِسكندري المعروف بالفاكهاني، المتوفى سنة 731 هـ ، فكتب فى ذلك رسالته " المورد فى الكلام على المولد" أوردها السيوطي بنصها فى كتابه " حسن المقصد" .
ثم قال الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: وقد أتى القرن التاسع والناس بين مجيز ومانع ، واستحسنه السيوطي وابن حجر العسقلاني ، وابن حجر الهيتمي مع إنكارهم لما لصق به من البدع ، ورأيهم مستمد من آية { وذكِّرهم بأيام الله } إبراهيم : 5 .
أخرج النسائي وعبد الله بن أحمد فى زوائد المسند ، والبيهقي فى شعب الإِيمان عن أبى بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر الأيام بنعم الله وآلائه "روح المعاني للآلوسي" وولادة النبي نعمة كبرى. اهـ
وفى صحيح مسلم عن أبى قتادة الأنصاري قال : وسئل - النبي صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الاثنين فقال " ذاك يوم ولدت فيه ، ويوم بعثت أو أُنزل علىَّ فيه "
روى عن جابر وابن عباس : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ، وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء وفيه هاجر وفيه مات أي فى شهر ربيع الأول ، فالرسول صلى الله عليه وسلم نص على أن يوم ولادته له مزية على بقية الأيام ، وللمؤمن أن يطمع فى تعظيم أجره بموافقته ليوم فيه بركة ، وتفضيل العمل بمصادفته لأوقات الامتنان الإلهي معلوم قطعا من الشريعة، ولذا يكون الاحتفال بذلك اليوم ، وشكر الله على نعمته علينا بولادة النبي وهدايتنا لشريعته مما تقره الأصول ، لكن بشرط ألا يتخذ له رسم مخصوص ، بل ينشر المسلم البشر فيما حوله ، ويتقرب إلى الله بما شرعه ، ويعرِّف الناس بما فيه من فضل ، ولا يخرج بذلك إلى ما هو محرم شرعا .
أما عادات الأكل فهي مما يدخل تحت قوله تعالى ( كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِإِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) البقرة : 172 انتهى .
ورأيي أنه لا بأس بذلك فى هذا العصر الذي كاد الشباب ينسى فيه دينه وأمجاده ، فى غمرة الاحتفالات الأخرى التي كادت تطغى على المناسبات الدينية ، على أن يكون ذلك بالتفقه فى السيرة ، وعمل آثار تخلد ذكرى المولد، كبناء مسجد أو معهد أو أي عمل خيري يربط من يشاهده برسول اللّه وسيرته.
ومن هذا المنطلق يجوز الاحتفال بموالد الأولياء ، حبًّا لهم واقتداء بسيرهم ، مع البعد عن كل المحرمات من مثل الاختلاط المريب بين الرجال والنساء ، وانتهاز الفرص لمزاولة أعمال غير مشروعة من أكل أو شرب أو مسابقة أو لهو، ومن عدم احترام بيوت اللّه ومن بدع زيارة القبور والتوسل بها ، ومن كل ما لا يتفق مع الدين ويتنافى مع الآداب .
فإذا غلبت هذه المخالفات كان من الخير منع الاحتفالات درءًا للمفسدة كما تدل عليه أصول التشريع .
وإذا زادت الإِيجابيات والمنافع المشروعة فلا مانع من إقامة هذه الاحتفالات مع التوعية والمراقبة لمنع السلبيات أو الحد منها بقدر المستطاع ، ذلك أن كثيرا من أعمال الخير تشوبها مخالفات ولو إلى حد ما ، والكل مطالب بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالوسائل المشروعة "
يقول الزرقاني فى شرح المواهب للقسطلانى بأن ابن الجزري الإمام فى القراءات والمتوفى سنة 833 هـ علَّق على خبر أبى لهب الذي رواه البخاري وغيره عندما فرح بمولد الرسول وأعتق " ثويبة" جاريته لتبشيرها له ، فخفف الله عقابه وهو فى جهنم فقال : إذا كان هذا الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي فى النار بفرحه ليلة المولد فما حال المسلم الموحد من أمته حين يُسرُّ بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته فى محبته .
يقول الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر :
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه * وتبَّت يداه فى الجحيم مخلدا
أتى أنه فى يوم الاثنين دائما * يخفف عنه للسرور بأحمـدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره * بأحمد مسرورا ومات موحدا؟
رجح ابن إسحاق أن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم كان فى ثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من عام الفيل وروى ابن أبى شيبة ذلك عن جابر وابن عباس وغيرهما ، وحكوا شهرته عند الجمهور .
وقد حقق صاحب كتاب " تقويم العرب قبل الإسلام " بالحساب الفلكي الدقيق أن الميلاد كان فى يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول الموافق للعشرين من شهر أبريل سنة 571 م .
والله أعلم
تجده هنا :
http://www.islamonline.net/servlet/S...=1122528603642
ــــــ
شبهات المعترض والرد عليها
1- قالوا: أن المولد النبوي الشريف لم يكن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه
الجواب :
بل كان من سنته تعظيم يوم مولده صلى الله عليه وسلم كما في الحديث أنه سئل عن صوم يوم الأثنين؟ فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه)). أخرج مسلم في صحيحه (2/819)
قال الإمام ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله تعالى ـ
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صيام يوم الاثنين ؟قال: (ذاك يوم ولدت فيه وأنزلت علي فيه النبوة) إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده، فإن أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار محمد صلى الله عليه وسلم وبعثته وإرساله كما قال تعالى: (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم). فإن النعمة على الأمة: بإرساله أعظم من النعمة عليهم بإيجاد السماء والأرض والشمس والقمر والرياح والليل والنهار، وإنزال المطر وإخراج النبات، وغير ذلك.فإن هذه النعم كلها قد عمت خلقا من بني آدم كفروا بالله وبرسله وبلقائه فبدلوا نعمة الله كفراً، فأما النعمة بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم فإن بها تمت مصالح الدنيا والآخرة، وكمل بسببها دين الله الذي رضيه لعباده، وكان قبوله سبب سعادتهم في دنياهم وآخرتهم.
فصيام يوم تجددت فيه هذه النعم من الله على عباده المؤمنين حسن جميل، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجددها بالشكر.أنتهى كلامه
لطائف المعارف ص114ط دار الكتب ضبط سعيد اللحام وابراهيم رمضان
ويستفاد من تعليق الإمام ابن رجب على الحديث أن الهدف من الصيام هو شكر الله على النعمة .وأن مولد النبي صلى الله عليه وسلم نعمة عظيمة ،تستحق الشكر لعظمتها. وبه يتبين للعاقل المنصف وجه الدلالة في الحديث على تخصيص يوم من الأسبوع يحتفى فيه بالمولد ،هو يوم الأثنين ،وهذا مستحب ،وهو بشهر مولده الصق ومعلوم أنه ولد في شهر ربيع الأول بالإجماع وإنما وقع الخلاف في تاريخ ذلك فقيل في الثاني عشر من ربيع الأول وهو قول الجمهور وقيل في يوم التاسع منه وهذان القولان أشهر ماذكر ،والمهم هو تعظيم يوم الأثنين من كل أسبوع ،مهما استطاع الإنسان إلى ذلك سبيلاً لأنه مستحب
2- قالوا :والاحتفال بالمولد محدث أحدثه الشيعة الفاطميون
الجواب:
ليس بصحيح أن أول من أحدثه الشيعة الفاطمية بل هو موجود من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ـ أي من حيث تعظيم اليوم الذي ولد فيه بعبادة ـ و الذي أحيا ذلك هم أهل السنة والجماعة ومن اتسع فيه وقام به بشكل مرتب منظم هو الملك المظفر وهو سني العقيدة فبدعة أهل السنة للمولد النبوي هي إحياء لتعظيم ذلك اليوم بترتيبها وتنظيمها لا في أصله لأن أصله مشروع كما في الحديث السابق تعظيم يوم مولده صلى الله عليه وسلم كما في الحديث أنه سئل عن صوم يوم الأثنين؟ فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه)). أخرج مسلم في صحيحه (2/819) .
ولذا فحق لكل مسلم أن يقول نعم البدعة هذه
وكون الفاطمية سبقوا إلى إحياء هذه السنة ففيه نظر .! ولكن على فرض ذلك فلا حرج ،لأننا إنما ننكر الباطل الذي يأتي به المبتدعة، وليس المرفوض هو الحق الذي وافقوا فيه السنة .
3- قالوا:- في الاحتفال بذكرى المولد تشبه بالنصارى.
الجواب:
لا شك أن التشبه بهم فيما هو من خصائصهم محرم ،أما تعظيم الله ورسله عليهم الصلاة والسلام فليس خاص بهم، بل كل مصدق بالأنبياء لابد أن يعظمهم سواء كان يهودياً أو مسلماً ،لكن لا يتشبه بالنصارى فيطرونه إلى درجة العبادة ،ولا يتشبه باليهود فيجفون الرسل ـ عليهم السلام ـ حتى وصلوا إلى أحط الدركات بقتلهم وتكذيبهم .فلا تشبه بحال من الحالين.
فالنهي هو عن التشبه بهم فيما هو من خصائصهم هذا هو المقصود.وهذا واضح لكل بصير بمعان الحديث .
فليس تعظيم الرسل خاص بهم فهو مطلوب من الجميع بلا غلو ولا جفاء
و ليس هناك أي معنى لربط هذا المولد بالمشابهة الصريحة بالنصارى فلا النيّة ولا الكيفيّة - وهذين الأصلين من أهمّ الأصول التي يحكم بها على الأمر- مشتركة فأنّى يتمّ هذا التشابه المزعوم .
والآن أخي الكريم أريد توضيح أمر قبل أن أوضّح بطلان دعوى مشابهة النصارى للمقيمين للمولد وسأُطنِب في الكلام للمزيد من التوضيح فلتقرأ بتأمّل وتدبّر وليطل نفسك معي.
كذب وافترى من ادّعى أنّ المجيزين للمولد لم يحتفلوا إلا في ذلك اليوم أعني يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل ونسوا رسول الله صلى الله عليه وسلم باقي أيّام السنة ! ؛ بل إنّهم يحتفلون به طوال أيّام السنة والواقع يشهد ؛ فإن قيل أنّ يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل ينال مزيد اهتمام ورعاية فتنقله القنوات الفضائيّة ويحضر كثير من مشائخ وعلماء العالم الإسلامي في مولد واحد وجلسة موحّدة ويتم فيه من الاهتمام مالا يتم في غيره.
فالجواب : أنّ هذا من باب ارتباط الزمن بالحدث ؛ فانظر إلى هذا الحبيب الأعظم والمعلّم المقدّم نبيّنا وسيّدنا محمّد صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم لمّا قَدِمَ المدينة ووجد اليهود يصومون يوم عاشوراء لأنّه يوم نجّى الله فيه موسى عليه الصلاة والسلام فأمر بصيامه ؛ فهذه النتيجة تعطينا هذه المقدّمات :
الأولى : أنّ نجاة سيّدنا موسى عليه السلام حدثت في يوم عاشوراء وهي نعمة عظيمة .
الثانية : أنّ اليهود كانوا يصومون ذاك اليوم فأمر بصيامه الحبيب صلّى الله عليه وسلم .
الثالثة : أمره صلّى الله عليه وسلّم المسلمين صيامه وقوله (نحن أولى بموسى منهم) يعني موافقته لفكرة اليهود في صيامهم هذا اليوم .
الرابعة : فكرة اليهود من خلال تطبيقهم تكون : شكر النعمة في يوم حدوثها أنسب الأوقات لذلك .
الخامسة : بالجمع بين الأصلين السابقين (الثالثة والرابعة) يُقَالْ أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أقرّ فكرة (شكر النعمة في يوم حدوثها أنسب الأوقات لذلك)
وبتحرير العبارة السابقة بطريقة تطبيقيّة يكون :
النعمة : نجاة موسى عليه السلام
يوم حدوثها : عاشوراء المكرّم
أنسب الأوقات لذلك : أي يوم عاشوراء ؛ بإظهار ذاك الشكر وإعلانه
مع ملاحظة أنّه ليس فيما ذكرنا (أنسب الأوقات لذلك) ما يدعو إلى تخصيص هذا اليوم دون غيره ؛ بل هو (أنسب) من أفعل التفضيل ؛ فعداه أيضًا فاضل .
إذا عُلِمْ هذا فلا شكّ أنّ مولد النبيّ صلى الله عليه وسلّم وبروزه للعالمين أعظم نعمة لنا معشر المسلمين خاصّةً .
فإن طبّقنا الأصل السابق (شكر النعمة في يوم حدوثها وأنّ ذلك أنسب الأوقات له) والذي قرّرنا فيما مضى أنّه أصلٌ صحيح ويقرّه النبي صلى الله عليه وسلّم على احتفائنا بالمولد الشريف تكون النتيجة :
النعمة : مولد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هدًى ورحمة للعالمين .
يوم حدوثها : الثاني عشر من ربيع الأوّل
أنسب الأوقات لذلك : أي يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل ؛ ومعنى هذا أنّ ما عداه من الأيّام أيضًا فاضل .
فنقول (شكر نعمة مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم في يوم الثاني عشر من ربيع الأول أنسب الأوقات لذلك وإن كان غيره من الوقت مناسب)
بعد كل هذا أظن أنّه قد اتّضح سبب تخصيص يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل بهذا الاهتمام ؛ فإن اتّضح هذا أعود مرّة أخرى لأقول :
إنّ محاولة ربط المولد بالتشبّه بالنصارى محاولة فاشلة ؛ لأنّ هذا يستلزم إذا كان حقًّا مشابهة ثلاثة أمور -أو أكثر- :
الأوّل : تشابههما بحيثيّة ذكرهم لقصّة المولد.
الثاني : تشابههما بحيثيّة ذكرهم القصّة في هذا اليوم.
الثالث : تشابههما بحيثيّة الاحتفال بهذه الطريقة المُعلَنَة.
فلا باب لمن أراد أن يزعم أنّ المولد فيه مشابهة للنصارى إلا أن يقول أنّه يشابه النصارى في هذه الثلاث الأمور .
ومن زعم مشابهة المقيمين للمولد النصارى أراد الأمر الثاني والأمر الثالث ولن يجرأ للتصريح بأنّ الأمر الأوّل كذلك ؛ لأنّ الأمر الأوّل منصوص عليه بصراحة في قوله صلّى الله عليه وسلّم عن يوم الإثنين ((يوم ولدت فيه)) وقوله تعالى عن عيسيى عليه السلام {والسلام علىَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً} وعن سيّدنا يحيى عليه السلام {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً} .
فهذا الأمر الأوّل (الذي هو حيثيّة تشابههما في ذكر قصّة المولد) اتّضح أنّه منصوص عليه في الكتاب والسنّة ؛ فهل سيستطيع هذا الزاعم مشابهة النصارى لمقيمين المولد أن يقول أنّ في هذا أعني الأمر الأوّل مشابهة للنصارى ؟
لن يجرأ أحد على ذلك ؛ فإن ثبت هذا فعليه أن يستثني الأمر الأوّل من الأمور الثلاثة التي ذكرناها حتّى يثبت حجّته المزعومة ؛ وهذا سيلزمه إلى البحث عن وسيلة غائيّتها تحقيق ذلك ؛ ولن يجد إلا التخصيص بلا مخصّص ؛ وهو باطل ؛ فعلم بطلان ذلك .
فإن قيل -وهذا ما أظنّ أنّه سيقوله الكثير- أنّ الأمر الأوّل (حيثيّة ذكرهم لقصّة المولد) غير داخل معنا في الكلام لأنّا نتكلّم عن حيثيّة ذكر القصّة في ذاك اليوم أعني الثاني عشر من ربيع الأوّل (الأمر الثاني)
قيل : أنّ معنى هذا أنّك مسلّم وموافق أنّه إن حدث المولد في غير الثاني عشر من ربيع الأوّل فليس فيه أيّ مشابهة للنصارى ؛ فإن توصّل لهذه النتيجة علم بنفسه تفاهة قوله بعدها أنّ إقامة المولد في يوم الثاني عشر من ربيع الأوّل فيه تشبّه بالنصارى ؛ وإقامته في غيرما ذاك اليوم ليس فيه أي تشبّه بهم .
وبالتالي سيقصر إنكاره على من يحتفل ويقيم المولد ذاك اليوم فقط ؛ وسيخصّص بدايات شهر ربيع الأوّل ليحذّر الناس من هذه البدعة المنكرة ! لأنّها تشبّه بالنصارى !! وعندئذ سيضطّر إلى (التحذير طوال السنة بشكل عام و بدايات شهر ربيع الأوّل لقرب الأوان بشكل خاص ومزيد اهتمام عن الاحتفال بالمولد لأنّه في هذا اليوم تشبّه بالنصارى) وهذا أعني التحذير طوال السنة ثم التخصيص بالمزيد من الاهتمام بدايات شهر ربيع الأوّل مثالاً واضحًا لمسألة متى يتمّ الاحتفال أطوال العام أم فقط يوم في السنة التي وضّحناها سابقًا فالمقيمين للمولد يقيمونه طوال العاموهذا يحذّر طوال العام والمقيمين للمولد يخصّصون الثاني عشر من ربيع الأوّل بمزيد اهتمام وهذا يخصّص بدايات ربيع الأوّل لقرب الأوان بمزيد اهتمام وعناية ؛ {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} .
4- قالوا : وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في مدحه فقال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده ، فقولوا عبد الله ورسوله ) أخرجه البخاري 4/142 رقم 3445 ، الفتح 6/551 ، أي لا تغلوا في مدحي وتعظيمي كما غلت النصارى في مدح المسيح وتعظيمه حتى عبدوه من دون الله ، وقد نهاهم الله عن ذلك بقوله : ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) النساء/171
الجواب :
وهذا صحيح فعبادة غير الله شرك أكبر سواء كان نبياً أو غير نبي ،ونحن نتكلم عن مولد يعبد فيه الله وحده لا عن موالد النصارى ،ونتكلم عن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيماً مشروعاً لا أن نطريه كما أطرت النصارى عيسى إذ عبدوه وجعلوه ثالث ثلاثة ،ومنهم من قال إنه ابن الله سبحانه وتعالى عن قولهم.
فلا غلو ولا جفاء .
وأصبح إيراد الأدلة التي يسوقها المعترض في غير محلها.
5- قالوا: الاحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان : والجواب عن ذلك أن نقول : الحجة بما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، والثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن البدع عموماً ، وهذا منها ، وعمل الناس إذا خالف الدليل فليس بحجة وإن كثروا.
الجواب :
الناس لا يحتجون بعمل المسلمين على مشروعية العمل وإنما يحتجون بتجويز جمهور العلماء لهذا العمل ،وليس من باب البرهان للتشريع ،وإنما من باب لفت النظر إلى استنادهم لدليل ،لأن العوام تبع للعلماء ،فلما نظرنا للعلماء وأقوالهم قديماً وحديثاً كالحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي وابن الجزرى وكثير من علماء المذاهب الأربعة وغيرها علمنا أن لهم أدلة أقاموها على جواز الاحتفال بالمولد النبوي ،وعلمنا أنهم قيدوا ذلك بعدم وجود منكرات فيه ،وعلمنا أن لهم أدلة وحجج شرعية على جوازه،وبه علمنا سبب تواتر عمل المسلمين على ذلك في شتى بقاع الأرض على تفاوت بينهم من مولد ليس فيه إلا الخير فقط ،ومولد خلط عملاً صالحاً وعملاً منحرفاً عن الجادة .
ولذا فنحن نقول هو سنة لابدعة وقد سبق ذكر بعض الأدلة على ذلك فهو موافق للدليل لا مخالف، إنما البدعة كانت في إحياءه لا في أصله كما أن صلاة التراويح كانت البدعة في إحياءها جماعة لا في أصلها.
6- قالوا: " كل بدعة ضلالة " والمولد النبوي بدعة
و قولهم [أن تخصيص ذلك اليوم بمزيد عبادة يعتبر بدعة في الدين ،وكل بدعة ضلالة.]
الجواب:
أولاً:المخصص ليوم ميلاده بمزيد فضل هو النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث الشريف تعظيم يوم مولده صلى الله عليه وسلم كما في الحديث أنه سئل عن صوم يوم الأثنين؟ فقال: ((ذاك يوم ولدت فيه)). أخرج مسلم في صحيحه (2/819) .
وكذا بالقياس على تخصيص يوم عاشوراء بعبادة شكراً لله تعالى على نجاة موسى فكذا يوم ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بجامع شكر الله على هذه النعمة.
ثانياً:أن الأصل هو أن يعمل الطاعات في كل وقت لا يستثنى من ذلك إلا ما منع الله عن نوع من العبادة فيه.
وذلك بأدلة كثيرة منها قول الله تعالى {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره}
ولذا فالأصل أن المسلم يصلي النوافل المطلقة في جميع الأوقات إلا ما منع الشرع من الصلاة فيه وهي أوقات معروفة بأوقات النهي.
والأصل أن جواز الصيام في أي يوم من الأيام إلا ما نهى الشرع عنه سواء نهي تحريم كيوم العيد أو نهي كراهة كإفراد الجمعة .والأصل إطعام الطعام في جميع الأوقات إلا ما منع الشرع منه كإطعام الصائم في نهار رمضان فإنه لايجوز .والأصل الصدقة في جميع الأوقات ..إلخ.إذن فلا وجه لمنع الناس من زيادات الطاعات المشروعة إلا بنهي خاص يخصص عموم النصوص الدالة على التقرب إلى الله تعالى .وعليه فلاوجه لنهي الناس عن ذكر الله يوم المولد ،ولاوجه لنهيهم عن صيام التطوع ،ولا وجه لنهيهم عن أي طاعة ،إلا مانهى الشرع عنه بخصوصه .
ومن نهى الناس عن عبادة الله في وقت من الأوقات بأي نوع من العبادة فعليه الدليل .
ثالثاً:اما حديث كل بدعة ضلالة ؟فالمقصود بالبدعة مالا أصل له في الدين .ولذا قال في الحديث الأخر ((من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد )) فقوله (في امرنا) أي في دينه وشرعه وقوله (فهو رد )أي مردود غير مقبول .فالصوم والصلاة ،والصدقة ،والذكر ،والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلها مشروعة ،ولذا فهي من أمره وشرعة .وكذلك الفرح والابتهاج بيوم مولده لاشك أنه من دلائل المحبة.
7- قالوا: هل كل يوم فضيل أتى الخبرُ ينصُ عليه يُسن الاحتفال فيه؟
الجواب:
نعم يسن ذلك والاحتفال فيه يكون بما ورد فيه أو من جنسه فمثلاً يوم عرفة يكون بالوقوف والدعاء والاستغفار ونحو ذلك .
ومعلوم لدى كل عاقل احتفاء المسلمون بيوم عرفة ،والعشر الأواخر وعشر ذي الحجة ،ويوم عاشوراء وغيرها من الأيام الفاضلة .وهي تشترك مع يوم المولد النبوي الشريف في التعظيم ،واستحباب احياءها بما شرع الله فيها، وبالسرور العظيم الذي ينتاب كل مؤمن بها ،ولذا فهو يعمل في تحصيل الثواب المترتب على ذلك .
إلا أن المولد النبوي الذي نقصده هو ما شمل على التالي :
1ـ تعظيمه يومه بالصيام من باب التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم .
وسائر العبادات المشروعة الأخرى لما في ذلك من شكر الكريم عزوجل .
2ـ مزيد التذكير بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم ـ وتنبه لقولي مزيد ذلك ـ لأن الأصل أننا نذكره في جميع الأيام وإنما يوم مولده يفرح كل مؤمن ويخزي كل كافر معاند ((قل بفضل ونعمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )).
3ـ أن من فوائد تخصيص يوم مولده بالاحتفال هو ربط أذهان الأجيال المسلمة صغيرها وكبيرها بيوم من الأيام العظيمة في تاريخها والله عز وجل يقول ((وذكرهم بأيام الله)) (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ )(120) هود) ولا شك أن تذكيرهم بنجاة موسى عليه السلام كيوم عاشوراء، وأيام إبراهيم في بناء البيت وغير ذلك لبيان واضح لما نحن فيه من ربط الأجيال بالقدوة الصالحة ،ولا شك أن ذلك عمل تربوي سليم حتى لا تغفل الأجيال المسلمة عن تاريخها العظيم .فأقل ما يفعل هو ذكر شيء من سيرته وأحاديثه الثابتة صلى الله عليه وسلم .ومن أشرف على تربية الشباب يعرف فائدة ذلك جيداً.لأن ربط الأجيال بالمناسبات له دور عظيم في ترسيخ الاعتقاد وربط الأذهان بذكرى معينة تفيدهم في رسم قدوات لحاضرهم ومستقلبهم.
8- قالوا: أن يوم الثاني عشر من ربيع الذي يعظمه من يحتفل بالمولد لا يكون دائماً في كل سنة يوم الاثنين .
الجواب :
أما كونه مخالف فليس بصحيح لأن يوم الثاني عشر ويوم الاثنين يشتركان في كونهما يوم مولده صلى الله عليه وسلم فالأول بالحديث الوارد في ذلك والثاني بالاجتهاد في تحديد التاريخ ومعلوم الاختلاف في تعيين اليوم ولكن أقوى الأقوال عن مولده تتراوح بين الثامن إلى يوم الثاني عشر من ربيع الأول ،فإذا كان ذلك كذلك فلا حرج أن يحتفل الناس في أي يوم اثنين من شهر ربيع الأول في الأسبوع الثاني منه . مع أن المقصود أوسع من سطحية الاعتراض الوارد وقد ذكرت الحكم العظيمة من إحياء يوم مولده صلى الله عليه وسلم فراجعها.
9- قالوا: لماذا تجعلون الاحتفال بالمولد بدلاً عن الصيام الوارد؟
الجواب:
أن هذا السؤال فيه تعنت وكبر لأن الكبر ((هو بطر الحق وغمط الناس ))
فمعلوم أن الصيام نوع من أنواع العبادات التي تستحب في يوم المولد فمن الذي نهى عنه حتى يورد مثل هذا الإيراد التلبيسي ؟!! بل صيام الاثنين مستحب بلا ريب.
لأنه يوم مولده صلى الله عليه وسلم وفيه ترفع الأعمال وقد حوى فضائل جمة .
وحيث فهمنا الاحتفال الذي يقصده السني من تعظيمه للنبي صلى الله عليه وسلم بما شرع الله تعالى من صيام منصوص عليه ،أو نوافل مطلقة كإطعام الطعام ونحوه من تسبيح وتكبير وتهليل ، وذكر وتعليم لسيرته صلى الله عليه وسلم علم العاقل أن كل محرم للمولد فإنه مغال بشرط أن يخلو المولد عن المحرمات، والمكروهات، كما ذكرت سابقاً.
10- قالوا:أن يوم الاثنين ولد فيه ومات فيه فلا وجه لتخصيصه بالفرح؟
قد أجاب على هذا الشبهة الإمام السيوطي رحمه الله حيث قال:
"أن ولادته صلى الله عليه وآله وسلم أعظم النعم، ووفاته أعظم المصائب لنا، والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، والصبر والسكون عند المصائب، وقد أمر الشرع بالعقيقة عند الولادة وهي إظهار شكر وفرح بالمولود، ولم يأمر عند الموت بذبح عقيقةولا بغيره. بل نهى عن النياحة وإظهار الجزع، فدلت قواعد الشريعة على أنه يحسن في هذا الشهر إظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وآله وسلم دون إظهار الحزن
وقد أجاب الشيخ الأزهري:
عندي أن الجواب القاطع لهذا التشغيب أن نقول: على فرض أنه مات في نفس اليوم الذي ولد فيه فإنه صلى الله عليه وسلم ندبنا إلى الاحتفال بمولده ولم يندبنا إلى ترك الاحتفال من أجل وفاته فيه، لأنه قال لمن سأله عن صيامه: (ذاك يوم ولدت فيه) فأرشده إلى صيامه بالتنبيه إلى فضله وأنه ولد فيه، ولم يقل له لا تصمه فهو يوم أموت فيه ـ على أساس أن النبي يعلم متى يموت ـ وهذا عاشوراء نصومه وليس موت أبي عبدالله فيه بمانعنا من صومه ولا بناقض لما ثبت من فضله ..
فإن قال قائل: لعل النبي لم يعلم أنه يموت في اليوم الذي ولد فيه؟ ولو علم لم يشرع صومه!
قلنا: فهذا على ما اشتمل عليه من الافتراض السخيف يلزم منه وقوع النسخ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم!! وهذا محال، لأن الناسخ هو قول الشارع والنبي قد مات ولا وحي بعده فمن أين يأتي النسخ؟؟؟ ومن من المنكرين للاحتفال يقول بأن صيام الاثنين منسوخ بموت النبي في يوم الاثنين؟ ومن ذا الذي يزعم أن الفضائل تنتفي بالمصائب؟؟؟ لا أحد يقول بهذا منهم ولا منا، ولم نسمع بفتوى أن صيام الاثنين منسوخ بموته، فوجب أن مصيبة موته في يوم الاثنين ـ على تقدير حصول ذلك ـ لا يمنع من صومه وبالتالي لا يمنع من الاحتفال به.
هؤلاء يريدون أن يقعدوا قاعدة (المصائب تنسخ الفضائل) وهذا مذهب أهل الرفض لا أهل العقل.
وهذا كلام لابن رجب عن يوم وفاته في وظائف ربيع:
((واختلفوا في تعيين ذلك اليوم من الشهر فقيل : كان أوله و قيل : ثانية و قيل ثاني عشرة و قيل : ثالث عشرة و قيل : خامس عشرة و المشهور بين الناس : إنه كان ثاني عشر ربيع الأول و قد رد ذلك السهيلي و غيره بأن وقفة حجة الوداع في السنة العاشرة كانت الجمعة كان أول ذي الحجة فيها الخميس و متى كان كذلك لم يصح أن يكون يوم الإثنين ثاني عشر ربيع الأول سواء حسبت الشهور الثلاثة أعني : ذا الحجة و محرما و صفرا كلها كاملة أو ناقصة أو بعضها كاملة و بعضها ناقصة و لكن أجيب عن هذا بجواب حسن و هو أن ابن اسحاق ذكر أن النبي صلى الله عليه و سلم توفي لاثنتي عشرة ليلة من ربيع الأول و هذا ممكن فإن العرب تؤرخ بالليالي دون الأيام و لكن لا تؤرخ إلا بليلة مضى يومها فيكون اليوم تبعا لليلة و كل ليلة لم يمض يومها لم يعتد بها كذلك إذا ذكروا الليالي في عدد فإنهم يريدون بها الليالي مع أيامها فإذا قالوا عشر ليال فمرادهم بأيامها و من هنا يتبين صحة قول الجمهور في أن عدة الوفاة أربعة أشهر و عشر ليال بأيامها و أن اليوم العاشر من جملة تمام العدة خلافا للأوزاعي و كذلك قال الجمهور في أشهر الحج : إنها شوال و ذو القعدة وعشر من ذي الحجة و أن يوم النحر داخل فيها لهذا المعنى خلافا للشافعي وحينئذ فيوم الإثنين الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه و سلم كان : ثالث عشر الشهر لكن لما لم يكن يومه قد مضى لم يؤرخ بليلته إنما أرخوا بليلة الأحد و يومها و هو الثاني عشر فلذلك قال ابن إسحاق توفي لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول و الله أعلم))
11-قال بعضهم: مولد النبي مختلف فيه، والظن أنه التاسع، فكيف تحتفلون بيوم 12 ربيع مع أنكم لا تجزمون بأن مولد الهادي فيه ؟
الجواب
هذا قد ذكره أهل العلم لكن المشهور هو 12 ربيع، وعلى تقدير حصول الخلاف فلا ضير ولا مانع من الاحتفال، ولو كان جهل اليوم بالتحديد مانعا من الاحتفال به أو صومه ورافعا لفضله لوجب مثل ذلك في ليلة القدر فإن النبي خرج يخبر أصحابه بها فتلاحا رجلان فرفعت فقال النبي فالتمسوها في العشر الأخير من رمضان، ولم يكن جهلها بالتحديد بمانع من إحيائها، بل إن جهلها بالتحديد يستدعي إحياء العشر كله لنيل بركتها فلو فرضنا أن يوم مولده مختلف فيه هل هو 2 أو 8 أو 12 ربيع فالقياس والفقه يقتضي إحياء هذه الليالي كلها لا تركها كلية، فمن أين يأتينا الفقه المعوج القائل بأن جهل اليوم الذي ولد فيه النبي بالتحديد ينفي فضله الثابت بقوله (ذاك يوم ولدت فيه)؟؟!!!! كل يوم اثنين فهو مبارك يذكرنا بمولده وكل عشر أول من ربيع يذكرنا به كذلك فإذا اتفق الاسم والعدد والشهر كان ذلك غاية المطلوب وأحبه إلى القلوب وأقرب إلى نيل المرغوب.
ولكن الذي استقر عليه الجمهور واعتمدوه وعملوا به إلى يومنا هذا هو(لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوَّل عام الفيل ) .
وإليك تأكيد "بعض" الأقوال من الأئمَّة :
* قال الحافظ الكبير صاحب التصانيف العظيمة في الحديث والرجال أبو الحاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي رحمه الله في كتابه(كتاب السيرة النبوية وأخبار الخلفاء ) ص7 مانصه:
[ قال أبو حاتم : ولد النبي صلى الله عليه و سلم عام الفيل يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول ]. انتهى
* وقال الإمام الحافظ ابن سيد الناس رحمه الله في كتابه (عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير) ج1ص38 ما نصه:
[ وولد سيدنا ونبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الاول عام الفيل قيل بعد الفيل بخمسين يوما]. انتهى
*وقال الإمام السهيلي رحمه الله في كتابه( الروض الأنف ) ج1 ص300 ما نصه:
[ ـ ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ: قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال:ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين ، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل ].
والذي يظهر هنا أن الإمام السهيلي رحمه الله يُرجّح ما قاله ابن إسحاق رحمه لذكره له دون معارضة أو ذكر لمعارض.
*وقال الإمام محمد بن يوسف الصالحي رحمه الله في كتابه
(سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد )ج1 ص334 ـ 336 ما نصه:
[ قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: لاثنتي عشرة ليلة خلت منه ـ أي من ربيع الأول ـ ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن جابر وابن عباس. قال في الغرر: وهو الذي عليه العمل ]. انتهى
والذي يظهر هنا أن الإمام الصالحي رحمه الله يُرجّح ما قاله ابن إسحاق رحمه الله؛ إذ أنه ذكر قولَه أولاً ثم نقل قول صاحب ( الغرر ) الذي يقول: وهو الذي عليه العمل؛ وكأنه أراد تأكيد ما ذهب إليه ابن إسحاق وترجّح له. فتأمَّل
*وقال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه ( لطائف المعارف ) ص137 بعد ذكره إختلاف الأقوال ما نصه:
[ والمشهور الذي عليه الجمهور أنه ولد يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول، وهو قول ابن إسحاق وغيره ].انتهى
*وقال الإمام الفقيه أبي زكريا عماد الدين العامري رحمه الله المتوفى سنة893هـ في كتابه
(بهجة المحافل وبُغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل )ج1ص51 بعد ذكره إختلاف الأقوال ما نصه:
[واتفقوا على أنه صلى الله عليه وآله وسلّم ولد يوم الإثنين. قال الأكثرون: في شهر ربيع الأول. ........، وقيل لثنتي عشرة وهو أشهرها .... ].
*وقال الإمام علي بن برهان الدين الحلبي رحمه الله في سيرته( السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون؛ المُسمى بـ" إنسان العيون " ) ج1ص93 قبل ذكر الخلاف وترجيحه ما نصه:
[ وذكر الزبير بن بكار والحافظ ابن عساكر ...... وعن سعيد بن المسيب { ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إبهار النهار } أي وسطه { وكان ذلك اليوم لمضي اثنى عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول } أي وكان ذلك في فصل الربيع ...... قال: وحكى الإجماع عليه وعليه العمل الآن، أي في الأمصار خصوصاً أهل مكة في زيارتهم موضع مولده صلى الله عليه وسلم..] انتهى
*قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتابه (السيرة النبوية)ج1ص304 مانصه:
[ عن جابر وابن عباس أنهما قالا : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثانى عشر من شهر ربيع الاول وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء ، وفيه هاجر وفيه مات . وهذا هو المشهور عند الجمهور والله أعلم ].
و قد استقر الأمر عند الجمهور واشتهر وانتشر وعليه العمد والعمل إلى يومنا هذا أنه في الثاني عشر من شهر ربيع الأول كما ذكر الحفاظ والأئمة ابن كثير و ابن رجب وابن سيد الناس و العامري والسهيلي .. وغيرهم
فهل يصح أن نُخطِّئ ونُبدِّع الحافظ ابن كثير وابن رجب والسهيلي والعامري وابن سيد الناس، ونَقول لهم: كذبتم؛ لم يقل هذا الجمهور؟؟!!
إذاً المسألة شأنها كشأن كثير من المسائل المُختلف فيها؛ سواء كانت فقهية أو حديثيَّة أو تاريخيَّة أو غير ذلك، وكل يعمل بمقتضى ما ترجَّح له في كل مسألة؛ ؟؟
وبالتالي إن اتخاذ هذا الاختلاف في مسألة الاحتفال بالمولد كحُجّة في تحريم وتبديع المولد!
هي حُجَّة ساقطة لا تقوم لها قائمة؛ لأنها مسألة اجتهادية، لا يجوز أن يُلزم الشخص ويوجب على الناس ويُجبرهم بما ترجَّح لديه .
و ما أصدق قول الشاعر
ولد الهدى فالكائنات ضياء * * * و فم الزمان تبسم و ثناء
فهل بعد ذلك نترك لكل من هب ودب أن يبدع يفسق جمهور المسلمين المحتفلين بمولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم..
نترك الحكم لكل عاقل
ونختم بقصيدة نظمها العلامة عثمان بن عمر بن الشيخ داود الأشعري الشافعي
في الرد على المانعين لاحتفال المولد النبوي صلى الله عليه وسلم، من بحر المتقارب، وهي هذه:
صَلاْةٌ سَلاْمٌ عَلَـىْ مَنْ أتـى
إِلَىْ الْكَوْنِ أَبْـهَىْ مِنَ الْقَمَرَا
مُحَمَّدِ الْمُصْطَفَىْ الْمُجْتَبَـىْ
وَآَلٍ وَأَصْـحَـاْبِـهِ الأُمَـرَا
وَبَعْدُ فَخَيْـرُ الْوَرَىْ أَحْمَـدَ
بَدَاْ سَيِّـدًا خَاْشِعـًا أَنْـوَرَا
بَـدَاْ مِثْلَ نَـدٍّ وَعَنْـبَـرِنَاْ
وَمِسْكٍ شَذَاْهُ يَعُـمُّ الْـوَرَى
وَمِيْـلاْدُهُ نِعْمَـةٌ رَحْمَـةٌ
وَعِيْـدٌ بِهِ الْمُؤْمِنُ اسْتَبْشَـرَا
بِشَهْرِ الْرَّبِيْعِ بَـدَا نُـوْرُهُ
فَفَاْقَ الْشُّهُـوْرَ بِـهِ افْتَخَـرَا
وَلَيْلَـةُ مِيْـلاْدِهِ شُرِّفَـتْ
بِـهِ عَنْ سِوَاْهَاْ كَمَاْ حُـرِّرَا
عَلَىْ لَيْلَـةِ الْقَـدْرِ فَضَّلَهَـاْ
شُيُـوْخٌ كِـرَاْمٌ مِنَ الْكُبَـرَا
بِـهِ عَامُ مِيْـلاْدِهِ شَـرُفَـاْ
وَمَكَّـةُ إِذْ فِيْهِمَـاْ ظَـهَـرَا
وَمَـاْ زَاْلَ أَهْـلُ الْمَحَبَّةِ أَنْ
يُقِيْمُوْا احْتِفَاْلاً لَّـهُ أَبْـهَـرَا
وَمَحْفَلُهُـمْ بِالصَّـلاْةِ وَبِالـ
ـثَـنَاْءِ عَلَيْهِ لَقَـدْ عُطِّـرَا
وَذِكْرُ شَمَائِـلِـهِ شَأْنُـهُـمْ
فَبَاْدِر ْ وَكُنْ مَعْهُمُوْ وَاذْكُـرَا
كَمَـاْ يُنْفِقُـوْنَ لِتَعْظِيْمِـهِ
بِـمَاْ الله رَبِّـيْ لَهُمْ يَسَّـرَا
فَحُبُّـهُ تَعْظِيْمُـهُ وَاْجِـبٌ
فَطُوْبَـىْ وَطُوْبَىْ لِمَنْ وَقَّـرَا
وَوَيْلٌ وَوَيْلٌ لِمَنْ حَـرَّمَ احْـ
ـتِفَاْلاً لِمِيْلاْدِ خَيْرِ الْـوَرَى
وَأَجْمَعَ أَهْـلُ الْعُلُوْمِ عَلَىْ الْـ
ـجَوَاْزِ فَخُذْهُ لِكَىْ تَظْفَـرَا
وَكَمْ مِنْ إِمَـاْمٍ جَلِيْلٍ حَكَىْ
دَلِيْلاً صَرِيْحًا يُـرَىْ أَظْهَـرَا
فَتَبَّتْ يَدَاْ مُنْكِرٍ جَـاْحِـدٍ
مَدِيْحَ الْحَبِيْبِ وَقَدْ خَسِـرَا
إِذَاْ مُنْشِداً مَـدْحَ طَـهَ رَآَىْ
يَفِرُّ وَوَلَّـىْ إِذَنْ مُـدْبِـرَا
وَتَبْـدُوْ كَـرَاْهِيَّـةٌ مِنْهُـمُ
وَيَسْطُوْنَ مَنْ مَدْحَهُ كَـرَّرَا
فَإِيَاْكَ إِيَـاْكَ مِـنْ غـيِّـهِ
وَكُـنْ مُنْبِذاً قَوْلَهُ مِـنْ وَرَا
فَلَيْسَ لَـدَيـْهِ دَلِيـْلٌ وَلَـوْ
ضَعِيْفاً فَمِنْهُ اسْتَعِذْ وَاَهْجُـرَا
وَلَيْسَ حَيـَاْءٌ لَـهُ وَاَلْتُقَـىْ
وَلَيْسَ اِنْقِـيَاْدٌ لِحَقٍ يَـرَى
وَتَـزْيِيْـنُ بَاْطِـلِـهِ دَأْبـُهُ
وَتَـزْيِيْفُ حَقٍ فَكَمْ غَيَّـرَا
مِنَ اَلْدِيْنِ اَصْلاً وَفَرْعاً فَكُـنْ
نَبِيْهاً يَرَىْ مَاْخَفَـاْ وَاحْـذَرَا
وَصَلُوْا بِجَهْرٍ عَلَىْ اَلْمُصْطَفَىْ
عَلَىْ رَغْمِ أَنْفِ الَذِيْ أَنْكَـرَا
بِتَشْخِيْصِ ذَاْتِ اَلْحَبِيْبِ اَلَذِيْ اَصْـ
ـطَفَاْهُ اِلإِلَـهُ لِكَىْ تَظْفَـرَا
بِنَـثْرٍ وَنَظْـمٍ وَلَيْـلٍ كَـذَاْ
نَـهَاْرٌٍ فَتَحْظُوْا بِخَيْرٍ جَـرَى
وَقُلْ لِلْعَذُوْلِ اسْتَرِحْ وَاقْبِلَـنْ
عَلَىْ شَأْنِكَ ارْجِعْ إِلَيْ اَلْقَهْقَرَى
بِغَيْظِـكَ مُتْ خَاْئِباً بَاْكِـياً
وَعُـدْ خَاْسِئًا بَاْسِرًا أَخْسَـرَا
وَغَنُّوْا فُرَاْدَىْ وَجَمْعاً بِمَـدْ
حِهِ بِارْتِـيَاْحٍ تَنَاْلُوْا اَلْقِـرَى
تَـمَتَعْ وَرَدِّدْ عَلَيْـهِ بِلاْ اكْـ
ـتِرَاْثٍ بِقَوْلِ اِمْرِئٍ خَسِـرَا
فَيَاْسَعْدَ مَنْ حَبَّهُ وَاَقْتَـفَـىْ
عَلَىْ إثْـرِهِ نَـهْجَهُ اَلأَنْـوَرَا
وَصَـلِّ وَسَلِّمْ وَبَاْرِكْ عَلَـىْ
حَبِيْبِكَ مَعْ صَحْبِـهِ الْغُـرَرَا
وَآلٍ وَأَتْـبَاْعِهِـمْ سَرْمَـدَا
مَتَىْ سَاْجِدٌ فِيْ الْدُّجَىْ سَهِـرَا
وَعُثْمَاْنُ عَبْدُ الْهَوَى يَلْتَجِـيْ
حَبِيْبَ الْمُهَيْمِنِ مِنْ سَقَـرَا
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
******منقول عن منتديات شبكة بازرعة**************
********************************************************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق