( فَاعْلَمْ أَنَّهُ
لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ.) الآية
رقم [19] من سورة [محمد]
تفسير الجلالين
(فاعلم أنه لا إله إلا الله) أي دم يا محمد على علمك بذلك
النافع في القيامة (واستغفر لذنبك) لأجله قيل له ذلك مع عصمته لتستن به أمته، وقد
فعله قال صلى الله عليه وسلم: "" إني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة
"" (وللمؤمنين والمؤمنات) فيه إكرام لهم بأمر نبيهم بالاستغفار لهم
(والله يعلم متقلبكم) متصرفكم لأشغالكم في النهار (ومثواكم) مأواكم إلى مضاجعكم بالليل، أي هو عالم بجميع أحوالكم لا يخفى عليه شيء
منها فاحذروه، والخطاب للمؤمنين وغيرهم.
تفسير الميسر
فاعلم -أيها النبي- أنه لا معبود بحق
إلا الله، واستغفر لذنبك، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات. والله يعلم تصرفكم في
يقظتكم نهارًا، ومستقركم في نومكم ليلا.
معنى { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ...
} [محمد: 19] لا تطلب بأي شيء سبباً غير الله، ولا يجوز لك أنْ تلجأ لغير الله،
فاللجوء لغير الله لا يفيد، وقوله: { فَٱعْلَمْ... } [محمد: 19] العلم إما علم
يقين إذا أخبرك به مَنْ تثق في صدقه، وعَيْن يقين حينما تراه بعينك وترى أثره،
وحَقَّ اليقين حينما تباشره بنفسك.
والحق سبحانه حينما يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم {
فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ... } [محمد: 19] هل يعني هذا أنه
لا يعلمها؟ لا بل المراد داوم عليها، وكما علمتها في الماضي فاجعلها في الحاضر وفي
المستقبل. وهذا من باب قوله تعالى:
قالوا: إذا أمر الله أمراً وهو موجود بالفعل في المأمور
فالمراد داوم عليه، فأنت مؤمن لكن مطلوب منك أنْ تداوم على إيمانك في المستقبل.
والحق سبحانه حينما يأمر نبيه هذا الأمر إنما ليُطمئنه على
أنه إنْ جُحد وعُودِيَ وأُذِيَ بشتَّى أنواع الإيذاء والاستهزاء لا يحزن ولا يهتم،
لأن الله بجواره ينصره ويؤيده، ومهما فعل البشر فلن يمنعوه من إنفاذ دعوته.
[الصافات: 171-173] لذلك قلنا: إذا رأيتَ جندياً منتسباً
للإسلام وغُلِب، فاعلم أن شروط الجندية اختلَّتْ عنده وإلاَّ ما هُزم.
وأخذنا مثالاً على ذلك بما حدث للمسلمين يوم أُحُد من
مخالفة أمر رسول الله فهُزموا وهم بينهم، وهذه سنة الله ولن تجد لسنةِ الله
تبديلاً، ولو انتصروا بعد أنْ خالفوا أمر الرسول لهان عليهم أمره بعد ذلك، ولقالوا
في أنفسهم: لقد خالفناه وانتصرنا.
إذن: جاءت الهزيمة لتردهم إلى الصواب وتوقظ غلفتهم في
مسألة طاعة أمر رسول الله.
وقوله سبحانه: { وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ... } [محمد: 19] فهل يعني هذا أن للرسول ذنباً
يجب الاستغفار منه؟ هذه من المسائل التي دار حولها جدل كثير، والمعنى هنا: إذا
سَهتْ نفسك فأذنبتَ فاستغفر لا أنه أذنب بالفعل، يقول له ربه: إذا حصل منك ذنب
فاستغفر له، وكذلك استغفر للمؤمنين والمؤمنات.
[الفتح: 1-2] فذكر الذنب في حق الرسول رغم أنه معصوم.
والعلماء حينما بحثوا مثل هذه الآيات قالوا: هي من باب: حسنات الأبرار سيئات
المقربين.
ومعلوم أن المقربين درجة من درجات الطاعة والامتثال لله
أعلى من درجة الأبرار، لأن الأبرار هم الذين يطعيون الله ويفعلون الخيرات وينفذون
الأوامر.
أما المقربون فهم الذين يزيدون على ذلك تقرباً إلى الله،
حتى في عُرْف الناس المقرَّب منك هو الصديق الملازم لك الذي لا يفارقك ويحبك ويخاف
عليك.كذلك المقرب من الله، له قانون آخر في التعامل غير قانون الأبرار، ومقياس آخر
للحسنات والسيئات يناسب درجة قُربه من ربه عز وجل.
ترى لو أنك مثلاً مرضت لا قدر الله وجاءك أحد معارفك وزارك
في مرضك ولو مرة واحدة ماذا تفعل؟ تشكره وترى أنه أرى الواجب.
أما صديقك المقرب لو زارك مرة احدة مثله ماذا تفعل؟ تعاتبه
وتلومه لأنك كنت تنتظر منه أكثر من زيارة، هذا هو معنى: حسنات الأبرار سيئات
المقربين.
إذن: الحسنة من الإنسان العادي قد تُعدُّ سيئة بالنسبة
للنبي، فالنبي مقرب وللمقرب حساب آخر، ولهذه القربى ثمن، وكان الله يقول لك: حافظ
على هذه الدرجة من القرب مني، وإياك أن يحدث منك ولو شيء بسيط بالنسبة لغيرك.
أو أن سيدنا رسول الله كما قال: " رُفع عن أمتي الخطأ
والنسيان وما استكرها عليه " فقوله (عن أمتي) يعني: أنه غير داخل في هذا
الحكم، فلا يجوز منه النسيان الذي يجوز من غيره والنسيان في حقه إذن يُعدُّ ذنباً.
" لذلك لما صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة
رباعية وسلَّم منها بعد ركعتين قال له أحد الصحابة وهو ذو اليدين: أقصرتْ الصلاة
أم نسيتَ يا رسول الله؟ قال: كل ذلك لم يكُن، قال: بل بعض ذلك كان ". انظر
عظمة الصاحبي في السؤال، وعظمة رسول الله في الرد، وعظمة الإيمان الذى ربَّى
هؤلاء.
إذن: من الممكن أنْ ينسى رسول الله ويُعد نسيانه ذنباً
لماذا؟ لأنه رسولٌ وصاحبُ رسالة مكلَّف بتبليغها وإشراقات النبوة لا تفارقه فكيف
ينسى؟ لذلك لما سأل أحد العامة العالم العابد المنقطع لله وقال له: ما حكم مَنْ
سها في الصلاة؟ قال له: عندنا أم عندكم؟ قال: بل عندنا. قال: يسجد للسهو، قال:
وعندكم؟ قال: نقتله.
ولماذا نذهب بعيداً وقصة معصية سيدنا آدم معروفة للجميع،
قال تعالى - في حق آدم
{ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ }
[طه: 121] فسمى نسيان آدم معصية، لماذا؟
قالوا: لأن آدم خلقه الله بالمباشرة، خلقه الله نفسه ونفخ
فيه من روحه، فله ميزة في الخَلْق ليستْ لغيره، ولم يكلف إلا تكليفاً واحداً هو
عدم الآكل من الشجرة، فأيّ شيء ينساه وأي شيء يذكره وهو أمر واحد.
لذلك كان النسيان في حقه معصية، لأنه نبي رسول وهو أبو
البشر، لذلك معصية آدم جاءت لحكمة لأنه أبو البشر، والبشر على قسمين: معصوم وغير
معصوم، المعصوم هم الرسل. وغير المعصوم هم بقية الخلق فلا بدّ أنْ يتمثل في آدم
القسمان.
فحينما يخاطب الحق سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم ويقول
له: { وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ... } [محمد: 19] أي: من النسيان الذي تجاوزتُ عنه
لأمتك استغفر أنت منه لأنه لا يغفر لك كما يغفر لأمتك.ثم تعال وانظر في المواضع
التي عاتب الله فيها نبيه محمداً، اقرأ مثلاً:
[طه: 121-122] إذن: ما جاءته الرسالة إلا بعد أنْ خاض هذه
التجربة، وكان منه ما يكون من البشر، ثم اجتباه ربه بالرسالة.
وحين نتأمل القضايا التي عاتب فيها نبيه محمداً نجدها
مسائل عامة ليس فيها نصّ ولا حكم شرعي خالفه رسول الله، فكان يجتهد فيها برأيه
كبشر وكما يمليه الموقف.
فمثلاً في قصة عبد الله بن أم مكتوم الذي عاتب الله رسوله
من أجله، فقال:
{ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ }
[عبس: 1-2] تجد هذا العتاب ليس اعتراضاً على ما فعله رسول
الله إنما رحمة به وشفقة عليه.
لأنه ترك عبد الله وهو مؤمن جاء ليسأله عن حكم من أحكام
الشرع، وأعرض عنه ليتفرغ لبعض صناديد الكفر، فهو صلى الله عليه وسلم بتفكيره
البشري حريص على هداية هؤلاء، أما عبد الله فهو مؤمن بطبيعة الحال.
إذن: رسول الله يشقّ على نفسه في سبيل دعوته، ثم اقرأ إلى
نهاية القصة
وقوله سبحانه: { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ
وَمَثْوَاكُمْ } [محمد: 19] معنى { مُتَقَلَّبَكُمْ... } [محمد: 19] ذهابكم إلى
أعمالكم وسعيكم في أنحاء الأرض الواسعة طلباً للرزق.و { وَمَثْوَاكُمْ } [محمد:
19] مرجعكم إلى بيوتكم ومأواكم إلى مضاجكعم بالليل.
والمعنى: أنه سبحانه يعلم كل أحوالكم ولا يخفى عليه شيء من
أموركم. وسبق أنْ تحدَّثنا عن فَضل السعي في مناكب الأرض واستنباط خيراتها، لأنك
في بيتك ستأخذ خيرات هذه البيئة وحدها، أمَّا حين تنتقل في شتى نواحي الأرض فإنك
تجد ألواناً أخرى من الخيرات.
الخالق سبحانه وزَّع خيره على جميع أرضه، فكل أرض ولها
عطاء، الصحراء لها عطاء، والأرض الزاعية لها عطاء، ليس هناك أرض فقيرة وأخرى غنية،
بحيث لو أخذتَ قطاعاً طولياً من الكورة الأرضية لوجدتَ فيه من الخيرات مثل ما في
القطاعات الأخرى.
وقد كنا نظن أن الصحراء الجرداء لا خير فيها، والآن هي
مصدر الرزق الوفير لأصحابها الذين صبروا على شظف العيش فيها أعماراً طويلة.
[الأنعام: 11] أي: تأملوا ما فيها من آيات وعبر، والإنسان
يسافر ويتنقل إما للسياحة، وإما لطلب الرزق، وفي كلتا الحالتين ينبغي ألاَّ يغفل
عن الاعتبار و النظر في آيات الكون.
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا
محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم،
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا
إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون
أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الأخوة الكرام:
مع بداية الدرس الثامن من دروس التفسير في رمضان
ربنا عز وجل يقول:
الإسلام فيه عقائد وفيه عبادات، العبادات سلوك
والعقائد تصورات، العقيدة لا يمكن أن تكون تقليداً، فإن كانت تقليداً كل أتباع
الفرق الضالة لهم الحجة على الله يا رب أنا قلدت فلان، لو سمح الله لإنسان كائن من
كان أن يقلد في عقيدته انتهى الدين، يعني أي إنسان ضال يطرح فكر معين ويطرح
توجيهات معينة وأتباعه يقلدونه وليسوا مكلفين في أن يدققوا فيما يقول لذلك العقيدة
لا يمكن أن تكون تقليداً إطلاقاً بل إن بعض الأئمة يعدون التقليد انحرافاً خطيراً
في العقيدة.
أما العبادات، العبادات شيء آخر، أمرت أن تغض البصر
لمجرد أن تغض البصر تقطف ثمار هذا المر كله إن غضضته عن علم أو عن غير علم، السبب
لأن الانتفاع في الشيء ليس أحد فروع العلم به، أنت قد تستخدم مكيف ولا تعرف
إطلاقاً كيف يعمل اضغط على الزر يأتيك الهواء البارد تأخذ كل ثمار الهواء البارد
وأنت جاهل جهلاً مطبقاً عن طريقة عمل المكيف، العبادات غير العقائد في العقائد
فاعلم أنه لا إله إلا الله أما في العبادات قال تعالى:
فأنت يمكن أن تتبع النبي في كل توجيهاته، إن عرفت
حكمتها كنت داعيةً وإن لم تعرف حكمتها كنت عابداً والعابد مقبول، والسلف الصالح
كما تسمعون كانوا يطبقون الدين دون أن يتعمقوا في فلسفته ولا في حكمته وهم كانوا
من أسعد الناس ويأتي أناس يفلسفونه ولا يطبقونه فيشقون به، العبادات شيء
والمعاملات شيء آخر والعقائد شيء آخر، في العقيدة لا بد من التحقيق ولا بد من
التدقيق قال تعالى:
هل هناك من علاقة بين شطري الآية إن صح التعبير أو
بين طرفي الآية يعني يجب أن تعلم أنه لا إله إلا الله وإن جاءك شيء تكرهه هو فعل
الله ولكنه بسبب من ذنبك، الفعل فعله وفعله حرمني أو أفقرني، حجبني إذاً يوجد
مشكلة من الإنسان دققوا أيها الأخوة في دعاء سيدنا يونس وهو في بطن الحوت قال
تعالى:
أن هذا فعلك، لا إله إلا أنت يعني هذا فعلك، نبي
كريم يجد نفسه في بطن الحوت، نبي من هو النبي قمة البشر، قمم سيدنا يونس وجد نفسه
في بطن الحوت، لم يتهم الله عز وجل قال: لا إله إلا أنت يعني هذا الذي وصلت إليه
من فعلك يا رب، هذا فعلك ولكن سبحانك أن تظلمني، سبحانك أن يكون فعلك بلا حكمة،
سبحانك أن يكون فعلك بلا غاية نبيلة، سبحانك أن يكون فعلك مجرد عن الرحمة، هذا
فعلك فيه رحمة وفيه حكمة وفيه عدل ولأنه أقلقني وأزعجني إني كنت من الظالمين ولولا
أنني من الظالمين لما استوجب ظلمي هذا الذي أنا فيه، هذا دعاء قصير فيه كل شيء،
إنسان أصابه مكروه إذا قال: لا إله إلا أنت يعني هذا الذي أصابني هو من فعلك يا
رب، يعني من فعلك أي سمحت أنت به وأنت العليم سمحت به وأنت الحكيم، سمحت به وأنت
الرحيم، سمحت به وأنت العدل، و سبحانك أن تظلمني أنت منزه عن ذلك، سبحانك أن يكون
فعلك بلا حكمة، سبحانك أن يكون فعلك بلا رحمة، سبحانك أن يكون فعلك بلا لطف،
سبحانك، ما دمت في هم عظيم وغم شديد فمني السبب إني كنت من الظالمين، والآية هنا
فاعلم أنه لا إله إلا الله هذه كلمة لا إله إلا الله كلمة التوحيد يعني الدين
الإسلامي كم مجلد الآن وكم كتاب تفسير وكم كتاب حديث وكم كتاب فقه وكم كتاب أصول
فقه كم كتاب سيرة أعتقد بالملايين من الكتب يمكن أن نضغط كل هذه الكتب في أربع
كلمات؟ هو لا إله إلا الله و لا إله إلا الله فحوى الدين كله و الأبلغ من ذلك لا
إله إلا الله فحوى الأديان كلها قال تعالى:
العبادة عمل والعقيدة توحيد لذلك العلماء قالوا:
التوحيد نهاية العلم والعبادة نهاية العمل يعني أعلى عمل على الإطلاق أن تطيع الله
وأعلى علم أن توحده، فالدين دين التوحيد ولا إله إلا الله كلمة التوحيد ولا إله
إلا الله حصني من دخلها أمن من عذابي، ولا إله إلا الله اتجهت إلى الله وحده
وعلاقتك مع الله وحده، والله عز وجل رحيم ويغفر الزلات ويستر العيوب ويكفر الذنوب
ويمحو الخطايا يعني علاقتك مع الله وحده.
فاعلم أنه لا إله إلا الله الشيء الدقيق جداً الطرف
الثاني، الفعل فعله فإذا جاءت الأمور على غير ما تريد وهي فعله فاتهم نفسك ولا
تتهم الله عز وجل وهنا النقطة الدقيقة، الفعل فعله فإذا جاءت الأمور على غير ما
تريد فلا تتهم الله عز وجل واتهم نفسك أنت المقصر.
لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم وقفوا على صعيد واحد
وسألني كل واحد منكم مسألته ما نقص ذلك في ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في
مياه البحر ذلك لأن عطائي كلام وأخذي كلام فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير
ذلك فلا يلومن إلا نفسه
الملخص بالعقائد تقليد لا يوجد لو سمحنا بالتقليد
لكان كل أتباع الفرق الضالة على حق ليس لهم ذنب هكذا قيل لهم فقلدوا، العقائد
بالتحقيق لذلك أحد الصحابة كان عنده دعابة أمره النبي على بعض أصحابه في سرية
فقال: أضرموا ناراً عظيمة فأضرموها قال: اقتحموها ألست أميركم ؟ أليست طاعتي طاعة
رسول الله بعضهم تردد قال: كيف نقتحمها وقد أمنا بالله فراراً منها، فسألوا النبي
فقال عليه الصلاة والسلام: والله لو اقتحمتموها مازلت فيها إلى يوم القيامة إنما
الطاعة بالمعروف.
في العقيدة العقل لا يعطل أبداً يجب أن يعتمد العقل
على النقل الصحيح، أما في العبادات إذا قلدت لا مانع أي آية سمعتها أو حديث طبقته
قطفت كل ثماره لكن الفرق إن عرفت الحكمة استطعت أن تدعو إلى الله وإن لم تعرف
اكتفيت بنفسك، فإن عرفت فأنت عابد وإن عرفت فأنت عالم والعالم ناجي والعابد ناجي،
لذلك هذه الآية الكريمة فعلم أنه لا إله إلا الله لابد من أن تتفحص هذا الدين وأن
تتبناه قال تعالى:
أيها الأخوة القضية قضية مصيرية ؛ إن هذا العلم دين
فانظروا عمن تأخذون دينكم، ابن عمر دينك دينك إنه لحمك ودمك خذ عن الذين استقاموا
ولا تأخذ عن الذين مالوا.
القول في تأويل قوله تعالى : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ
إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم
: فاعلم يا محمد أنه لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهة, ويجوز لك وللخلق عبادته,
إلا الله الذي هو خالق الخلق, ومالك كل شيء, يدين له بالربوبية كل ما دونه (
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) وسل ربك غفران سالف ذنوبك وحادثها, وذنوب أهل الإيمان
بك من الرجال والنساء ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ) يقول:
فإن الله يعلم متصرفكم فيما تتصرّفون فيه في يقظتكم من الأعمال, ومثواكم إذا ثويتم
في مضاجعكم للنوم ليلا لا يخفى عليه شيء من ذلك, وهو مجازيكم على جميع ذلك.
وقد حدثنا أبو كُريب, قال: ثنا عثمان بن سعيد, قال: ثنا
إبراهيم بن سليمان, عن عاصم الأحول, عن عبد الله بن سرجس, قال: " أكلت مع
رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فقلت: غفر الله لك يا رسول الله, فقال
رجل من القوم: أستغفر لك يا رسول الله, قال: نَعَمْ وَلَكَ, ثم قرأ (
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) .
فرع على جميع ما ذكر من حال المؤمنين وحال الكافرين ومن
عواقب ذلك ووعده أو وعيده أن أمَر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالثبات على ما
له من العلم بوحدانية الله وعلى ما هو دأبه من التواضع لله بالاستغفار لذنبه ومن
الحرص على نجاة المؤمنين بالاستغفار لهم لأن في ذلك العلم وذلك الدأب استمطار الخيرات
له ولأمته والتفريع هذا مزيد مناسبة لقوله آنفاً { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا
وأن الكافرين لا مولى لهم } [ محمد : 11 ] الآية .
فالأمر في قوله : { فاعلم } كناية عن طلب العلم وهو العمل
بالمعلوم ، وذلك مستعمل في طلب الدوام عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم
ذلك وعلمه المؤمنون ، وإذا حصل العلم بذلك مرة واحدة تقرر في النفس لأن العلم لا
يحتمل النقيض فليس الأمر به بعد حصوله لطلب تحصيله بل لطلب الثبات فهو على نحو
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا آمِنوا بالله ورسوله } [ النساء : 136 ] .
وأما الأمر في قوله : { واستغفر لذنبك } فهو لطلب تجديد ذلك إن كان قد علمه النبي
صلى الله عليه وسلم من قبل وعَمِله أو هو لطلب تحصيله إن لم يكن فعَلَه من قبل .
وذكر { المؤمنات } بعد { المؤمنين } اهتمام بهن في هذا
المقام وإلا فإن الغالب اكتفاء القرآن بذكر المؤمنين وشموله للمؤمنات على طريقة
التغليب للعلم بعموم تكاليف الشريعة للرجال والنساء إلا ما استثني من التكاليف .
ومن اللطائف القرآنية أن أمر هنا بالعلم قبل الأمر بالعمل
في قوله : { واسغفر لذنبك } . قال ابن عيينة لما سئل عن فضل العلم : ألم تسمع قوله
حين بدأ به { فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك } . وترجم البخاري في كتاب
العلم من «صحيحه» باب العلم قبل القول والعمل لقول الله تعالى : { فاعلم أنه لا
إله إلا الله } فبدأ بالعلم .
وما يستغفر منه النبي صلى الله عليه وسلم ليس من السيئات
لعصمته منها ، وإنما هو استغفار من الغفلات ونحوها ، وتسميته بالذنب في الآية إما
مُحاكاة لما كان يُكثر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوله : ( اللهم اغفر لي
خطيئتي ( وإنما كان يقوله في مقام التواضع ، وإما إطلاق لاسم الذنب على ما يفوت من
الازدياد في العبادة مثل أوقات النوم والأكل ، وإطلاقه على ما عناه النبي صلى الله
عليه وسلم في قوله : " إنه ليغان على قلبي وإني أستغفر الله في اليوم مائة
مرة "
واللام في قوله : { لذنبك } لام التعيين بينت مفعولاً
ثانياً لفعل { استَغْفِرْ } واللام في قوله { وللمؤمنين } لام العلة ، أو بمعنى (
عن ( والمفعول محذوف ، أي استغفر الذنوب لأجل المؤمنين ، وفي الكلام حذف ، تقديره
: وللمؤمنين لذنوبهم .
وجملة { والله يعلم متقلبكم ومثواكم } تذييل جامع لأحوال
ما تقدم . فالمَتَقلَّبُ : مصدر بمعنى التقلب ، أوثر جلبه هنا لمزاوجة قوله : {
ومثواكم } . والتقلب : العمل المختلف ظاهراً كانَ كالصلاة ، أو باطناً كالإيمان
والنصح .
والمثوى : المرجع والمئال ، أي يعلم الله أحوالكم جميعاً
من مؤمنين وكافرين ، وقدر لها جزاءها على حسب علمه بمراتبها ويعلم مصائركم وإنما
أمركم ونهاكم وأمركم بالاستغفار خاصة لإجراء أحكام الأسباب على مسبباتها فلا
تيأسوا ولا تُهملوا .
معنى لا إله إلا
الله وشروطها
لا إله إلا الله
هي كلمة التوحيد الخالص، وهي أعظم فريضة فرضها الله على عباده، وهي من الدين بمنزلة
الرأس من الجسد.
وقد ورد في فضلها
أحاديث منها:
ما رواه البخاري
ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة،
وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان ». وما رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: « خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ». ومنها ما رواه البخاري في
" الأدب المفرد " وصححه الشيخ الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: « إن نبي الله نوحاً صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة قال لابنه: آمرك بلا
إله إلا الله، فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ووضعت لا إله إلا
الله في كفة لرجحت بهن. ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة لقصمتهن
لا إله إلا الله » فهذه بعض فضائل هذه الكلمة العظيمة. أما معناها فقال العلماء إنه:
لا معبود يستحق العبادة إلا الله، فهي تتكون من ركنين أساسيين، الأول: نفي الألوهية
الحقيقية عن غير الله سبحانه، والثاني: إثبات الألوهية الحقيقية له سبحانه دون من سواه.
غير أنه ليس المقصود من دعوة الرسل مجرد التلفظ بالكلمة فحسب، بل لا بد من توفر شروطها
حتى تكون نافعة عند الله سبحانه وتعالى. وقد ذكر العلماء من شروط لا إله إلا الله ما
يلي: 1- العلم بمعناها: وذلك بأن يعلم الناطق بها معنى هذه الكلمة وما تضمنته من نفي
الألوهية عن غير الله وإثباتها له سبحانه، قال تعالى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ
إِلأ اللَّهُ } [محمد:19]. 2- اليقين: بمعنى ألا يقع في قلب قائلها شك فيها أو فيما
تضمنته، لقوله تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أُوْلَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } [الحجرات:15] وقال صلى الله عليه وسلم: « أشهد أن
لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة
» رواه مسلم. 3- القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه: والمراد بالقبول هنا هو
المعنى المضاد للرد والاستكبار، ذلك أن الله أخبرنا عن أقوام رفضوا قول لا إله إلا
الله، فكان ذلك سبب عذابهم، قال تعالى: { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ.إِنَّهُمْ
كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } [الصافات:34-35]
4- الانقياد لما دلت عليه: بمعنى أن يكون العبد عاملاً بما أمره الله به، منتهياً عما
نهاه الله عنه، قال تعالى: { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأَمُورِ
} [لقمان:22]، قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: " العروة الوثقى هي لا إله
إلا الله ". 5- الصدق: ومعناه أن يقولها صادقاً من قلبه، يوافق قلبه لسانه قال
تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا
هُم بِمُؤْمِنِينَ.يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ
أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ } [البقرة:8-9]. 6- الإخلاص: وهو إرادة وجه الله تعالى
بهذه الكلمة، قال تعالى: { وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَاةَ وَذَلِكَ
دِينُ القَيِّمَةِ } [البينة:5]. 7- المحبة لهذه الكلمة ولأهلها العاملين بها الملتزمين
بشروطها، وبُغض ما ناقضها، قال تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ
أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ
} [البقرة:165]. فهذا هو معنى هذه الكلمة، وهذه هي شروطها التي بها تكون سبب النجاة
عند الله سبحانه. وقد قيل للحسن إن أناساً يقولون: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة.
فقال: من قال: لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة. فلا إله إلا الله لا تنفع
قائلها إلا أن يكون عاملاً بها، آتيا بشروطها، أما من تلفظ بها مع تركه العمل بما دلت
عليه، فلا ينفعه تلفظه حتى يقرن بالقول العمل، نسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا من
أهل لا إله إلا الله العاملين بها ولأجلها.
نعيش مع سلسلة من المقالات نقدم فيها بعض التساؤلات التي لم يتوقعها كثير منا حول أسرار القرآن وكلماته وحروفه....
المفاجأة أن اسم (الله) ورد بصيغ مختلفة (الله – فالله – تالله – لله – بالله...) وهذه الكلمة تكررت بالضبط 2699 مرة.. وهو عدد أولي لا يقبل القسمة إلى على نفسه وعلى واحد.. لأن الله واحد! ولكن هناك شيء مذهل وهو أن عدد صيغ اسم (الله) في القرآن هو سبعة !! لنكتب صيغ اسم (الله) وكل صيغة كم مرة تكررت في القرآن كله كما يلي:
1- الله تكررت في القرآن 2395 مرة
2- لله تكررت في القرآن 143 مرة
3- تالله تكررت في القرآن 9 مرات
4- فالله تكررت في القرآن 6 مرات
5- بالله تكررت في القرآن 139 مرة
6- فلله تكررت في القرآن 6 مرات
7- ابالله تكررت في القرآن 1 مرة واحدة
المجموع 2699 مرة .. هل هذه مصادفة ؟
آيات القرآن مرتبة بطريقة رياضية عجيبة.. ومن خلال هذه السلسلة نحاول أن نعيش لحظات من المتعة مع القرآن الكريم، لنكتشف بعض الأسرار التي ربما لا تخطر ببال أحد أو لم يكتشفها أحد من المفسرين أو الفقهاء بسبب عدم توافر وسائل العد والإحصاء الإلكترونية.ومع أن المسلمين بذلوا محاولات كثيرة لعد حروف القرآن وجميعها كانت خاطئة ومنها ما كان بعيداً جداً عن المنطق الرياضي.. إلا أنهم حاولوا أن يكتشفوا بعض الأسرار وبالفعل تمكنوا من ذلك بطريقة مدهشة وصحيحة مئة بالمئة.مثلاً سئل الإمام الكسائي رحمه الله وهو من أشهر قراء القرآن قبل أكثر من ألف سنة.. كم آية في القرآن تبدأ بحرف الشين؟ طبعاً هذا السؤال من الصعب الإجابة عليه في ذلك الزمن، ولكن ذاكرة هذا الإمام الحافظ لكتاب الله، كانت ربما أسرع من أجهزة الكمبيوتر في عصرنا هذا!!لقد أجاب على الفور: هناك أربع آيات فقط تبدأ بحرف الشين وهي:1- (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة: 185].2- - (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [آل عمران: 18].3- - (شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [النحل: 121].4- - (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى) [الشورى: 13].ولكن لو طرحنا سؤالاً: ما هي الآيات التي انتهت بحرف الشين؟؟ ربما تكون الإجابة أصعب.. ولكن الحقيقة هناك آيتان فقط في القرآن كله انتهت كل منهما بحرف الشين وهما:1- (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [القارعة: 5].2- (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) [قريش: 1].بعد هذه المقدمة دعنا نتساءل حول أجمل كلمة في القرآن؟؟هل تعلون كم مرة تكررت كلمة (الله) في القرآن؟
الآن ما هي أكثر آية تكررت فيها كلمة (الله) تعالى؟
هناك آيات لم يذكر فيها اسم الله، وهناك آيات ذكر فيها اسم الله مرة واحدة.. وآيات ذكر فيها اسم الله مرتين، وآيات ذكر فيها اسم الله ثلاث مرات ... وآيات ذكر فيها أربع مرات، وآيات ذكر فيها اسم الله خمس مرات، وآيات ذكر فيها اسم الله ست مرات، وأخيراً هناك آية ذكر فيها اسم الله سبع مرات.
وسبحان الله، هذا النظام يذكرني بالذرة، فجميع ذرات الكون تتألف من طبقات إلكترونية تدر حول النواة، وعدد الطبقات يمكن أن يكون 1 أو 2 أو 3 أو 4 أو 5 أو 6 أو 7 وأكثر شيء سبعة، لا يمكن أن يكون للذرة أكثر من سبع طبقات..
كأن في هذا رسالة لكل مشكك ليدرك أن الذي خلق ذرات الكون هو الذي أنزل القرآن سبحان الله!
هناك شيء غريب في هذه الآية فعدد حروف الله فيها تكررت بشكل مذهل، لو كتبنا الآية كما كتبت في القرآن بالرسم العثماني الأول.. أي كما يلي: (ان ربك يعلم انك تقوم ادني من ثلثي اليل و نصفه و ثلثه و طايفه من الذين معك و الله يقدر اليل و النهار علم ان لن تحصوه فتاب عليكم فاقروا ما تيسر من القران علم ان سيكون منكم مرضي و اخرون يضربون في الارض يبتغون من فضلالله و اخرون يقتلون في سبيلالله فاقروا ما تيسر منه و اقيمواالصلوه و اتواالزكوه و اقرضواالله قرضا حسنا و ما تقدموالانفسكم من خير تجدوه عند اللههو خيرا و اعظم اجرا و استغفروااللهان الله غفور رحيم).. هنا قمنا بتلوين حروف اسم الله لنجد ما يلي:
حرف الألف تكرر 51 مرة وحرف اللام تكرر 36 مرة وحرف الهاء تكرر 17 مرة، لنكتب اسم الله:
ا ل ل ه
51 36 36 17
مجموع تكرار حروف اسم (الله) في هذه الآية التي ذكر فيها اسم الله سبع مرات هو:
51 + 36 + 36 + 17 = 140 هل تعلمون ماذا يمثل هذا العدد، دعونا نحلله رياضياً:
140 = 7 × 20
العدد 140 يمثل عدد حروف (الله) في الآية والعدد 7 يمثل تكرار اسم (الله) في الآية والعدد 20 هو رقم الآية... سبحان الله، هذه مصادفات أم حقائق رقمية تستدعي التفكر؟
في هذه الآية هناك 13 حرف واو عطف كما نرى، وعدد مرات اسم (الله) هو 7 والعجيب أننا لو قمنا بضرب العدد 13 بالعدد 7 ينتج:
13 × 7 = 91 ما هذا العدد؟ إنه عدد كلمات الآية!! حيث إن عدد كلمات هذه الآية هو 91 كلمة (مع عد واوا العطف كلمة)... سبحان الله!
ربما يقول قائل: ما دلالة هذه الأعداد وماذا تعني، وهل يمكن أن نجعل من القرآن مسائل حسابية والغاز ونطبق الضرب والتقسيم والتحليل... ونقول يا أحبتي، إن القرآن معجز بكل ما فيه، ليس فقط من الناحية اللغوية أو العلمية أو التشريعية... بل من الناحية الرقمية أيضاً.. لأنه لا يوجد كتاب في العالم فيه هذه العجائب الرقمية إلا القرآن.
إن الإعجاز العددي يضيف أشياء مهمة لعلم الإعجاز لذلك ينبغي علينا ألا نهمله أو نتغاضى عنه، لأن الله تعالى سيسألنا يوم القيامة عن كتابه، ماذا أخذ من وقتنا، وكيف خدمنا هذا القرآن، وماذا قدمنا له...
تصور أخي الحبيب أنك غداً تقف بين يدي الخالق عز وجل.. تصور بعقلك وقلبك هذا الموقف ويسألك الله عن كتابه ماذا فعلت به.. ماذا ستقول، هل لديك إجابة تفرحك في هذا الموقف، أم تقول يارب كنت مهتماً بأرقام الجوال.. وأسعار السلع والمعيشة.. وكنت مهتماً بالقنوات الفضائية والمسلسلات ومقاطع اليوتيوب، وشغلتني الأحداث السياسية فلم أجد وقتاً لتدبر كتابك الكريم!! ... هل تتصور أن هذه الإجابة ستفرحك أم ستستحي من هذا الموقف؟
أن يدعو الثقلين: الإنس والجن،إلى «شهادة أن لا اله إلا الله-
يقول تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي
أَدْعُو إِلَى الله عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ تَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ الله وَمَآ
أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
يعني الدعوة إلى شهادة أن لا اله
إلا الله
-4وهي العروة الوثقى
التي من تمسك بها نجا، ومن حُرِمَ منها هلك.يقول الله تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ
بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى). يعني
بلا اله إلا الله.
-5 وهي القول الثابت
الذي ثبت الله عليه الذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
قال الله تعالى: (يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) يعني بلا اله إلا الله.
-6 وهي الكلمة الطيبة
أى المقبولة عند الله تعالى، التي تُثْمِر دوام العمل الصالح،وتُثْمِر
صعود العمل إلى السماء ، قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً
كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ).
أي -لا اله إلا الله-
-7 وهي كلمة العدل
قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالأِحْسَانِ)
يعني بـ لا اله إلا الله
-8وهي الطيب من القول
قال الله تعالى: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْل)
قال الله تعالى: (إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحمان عَهْداً).
وهي شهادة أن لا اله إلا الله
-11وهي كلمة الاستقامة
قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا)
يعني على شهادة أن لا اله إلا
الله.
-12 وهي الحسنى
قال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى)
أي بلا اله إلا الله .
وقد وعد الله أهل الحسنى بالجنة وزيادة،
وهي النظر إلى وجهه الكريم،
قال تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)
13-وهي كلمة الإحسان
التي من قالها باللسان، واعتقدها بالجنان،وعمل بالأركان، فجزاؤه الجنة.
قال الله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ)
فقيل: الإحسان في الدنيا «لا اله
إلا الله»
وفي الآخرة «الجنة.
-14 - وهي كلمة الحق الثابتة
قال الله تعالى: (إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ).
أي شهد أن لا اله إلا الله
وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-15وهي دعوة الحق
قال الله تعالى: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقّ).
يعني قوله: «لا اله إلا الله»
-16وهي الكلمة الباقية
أي التي لا تزول ولا تحول،
وهي التي أوصى بها الأنبياء أولادهم.
قال الله تعالى: (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ).
يعني لا اله إلا الله لا يزال
في ذريته من يقولها
-17 وهي كلمة الله العليا
قال الله تعالى:(فَأَنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ
لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ الله هِيَ
الْعُلْيَا).
وهي -لا اله إلا الله-
-18 وهي المثل الأعلى
قال الله تعالى: (وَلله الْمَثَلُ الأَعْلَى)
وهي: شهادة أن لا اله إلا الله.
19 -وهي كلمة السواء.
قال الله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ
سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ).وهي: شهادة أن لا اله إلا الله.
20-وهي كلمة النجاة
حيث لا نجاة من عذاب الله إلا بها.
21-وهي القول السديد
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا
قَوْلاً سَدِيداً).
يعني «لا اله إلا الله».
-22 وهي كلمة البر
قال الله تعالى: (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)
الإيمان بالله وأنه لا إله إلا هو.
23-وهي كلمة الصدق.
قال الله تعالى: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ).
يعني بـ «لا اله إلا الله»
24-وهي كلمة التقوى
... قال الله تعالى: (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى)
يعني «لا اله إلا الله».
25 -وهي الحسنة
التي ذكرها الله في قوله تعالى:
(مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا).
هي لا اله إلا الله،.
26- وهي حصن الله الأعظم
وقال الله تعالى: (ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ الله وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ)
يعني بـ «لا اله إلا الله»
قال الشوكاني في تفسيره:
أي: ذلك الذي أنتم فيه من العذاب
بسبب أنه إذا دعي الله في الدنيا وحده دون غيره كفرتم به
وتركتم توحيده.
انظر: فتح القدير للشوكاني - سورة
غافر من الآية12)
- (ج4/ص 466). وهي حصن الله الأعظم الذي لايأمن من أهول الآخرة إلا من
دخله وتحصن به. كما جاء في الحديث: أن الله سبحانه يقول: كلمة لا اله إلا الله حصني
فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي (1)
أخرجه الشيرازي عن علي أمير المؤمنين
رضي الله عنه،
قال الحافظ العراقي: اسناده ضعيف
وقول الديلمي حديث ثابت مردود-
لا إله إلا الله: معناها، شروطها،
أركانها, ونواقضها
الحمد لله الواحد الأحد، خالق الخلق من عدم، المتفرد بالقهر والاستيلاء،
العظيم الغفار، لا إله معه ولا رب سواه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فمن المعلوم أن لا إله إلا الله هي التي يدخل الإنسان بها في الإسلام,
وهي مفتاح دار السلام وقد قيل لوهب بن منبه - رحمه الله -: "أليس لا إله إلا الله
مفتاح الجنة؟ قال: بلى ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك،
وإلا لم يفتح لك".
ولا إله إلا الله هي كلمة التوحيد التي من أجلها أرسل الله الرسل قال
- تعالى -:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}, وقال: {يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ
مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ
إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ}3, ومن أجلها وضعت الموازين, وجرّدت سيوف الجهاد, وحقّت
الحاقّة, ووقعت الواقعة, وصار النّاس فريقين: فريق في الجنّة، وفريق في السّعير, ومعنى
كلمة لا إله إلا الله أي لا معبود حقٌّ أو بحق إلا الله، وكل المعبودات إنما عُبدت
بغير الحق قال الله - تبارك وتعالى -: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ
مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ},
وأما الذين فسروها بقولهم: لا إله في الوجود إلا الله فلا يسلم لهم، وذلك أن الله أخبر
في كتابه الكريم عن وجود آلهة كثيرة للمشركين فقال - سبحانه وتعالى -: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ
وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ
مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ
تَتْبِيبٍ}, فسماها آلهة لكنها آلهة باطلة كما في الآية المتقدمة, وتبين أن الإله الحق
والمعبود بالحق هو الله سبحانه وحده لا شريك له؛ ونحن في هذا المقام سنذكر بعض ما ورد
في فضلها من سنة النبوية:
1- أن من أتى بها لا يخلد في النار حتى ولو كان عمل من الخير قليلاً ما
دام أنه موحد لحديثأنس - رضي الله عنه - عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه
وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير،
ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير)) ، أي أنه يعذب على
قدر معاصيه، ثم يكون في نهاية الأمر إلى الجنة، ولا بد من الإخلاص في ذلك لقول رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله
يبتغي بذلك وجه الله)) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يخرج من النار من قال
لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال لا إله
إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله
وكان في قلبه ما يزن من الخير ذرة)).
2- عصمة دم من قال لا إله إلا الله وذلك لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه
- قال: قال سول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا
إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه، وحسابه على
الله)) ، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "لما توفي رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل
الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا
لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على
الله)) ، وفي رواية لمسلم: "لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستخلف
أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا
الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله، فقال
أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو
منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعه،
فقال عمر بن الخطاب: فوالله ما هو إلا رأيت الله - عز وجل - قد شرح صدر أبي بكر للقتال
فعرفت أنه الحق".
3- حصول شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لحديث أبي هريرة - رضي الله
عنه - أنه قال: قيل يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: ((لقد ظننت - يا أبا هريرة - أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد
أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله
إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه))12، فهذا بعض ما ورد في فضلها.
أركان كلمة التوحيد:
ولهذه الكلمة أي كلمة التوحيد ركنان أساسيان هما:
الركن الأول: النفي في قوله "لا إله" فهذا نفي لجميع الآلهة.
الركن الثاني: هو الإثبات، وذلك في قوله: "إلا الله"، فبعد أن
نفى جميع الآلة أثبت الألوهية لله - تبارك وتعالى
شروط لا إله إلا الله:
وإن كلمة التوحيد لها شروط لا بد من توفرها، وقد جمعها العلامة حافظ الحكمي
- رحمه الله تعالى رحمة واسعة - فقال:
وبـشروط سبعة قد قيدتوفي نصوص الوحي حقاً وردت
فإنه لم ينتفع قائــــلهابالنطق إلا حيــث يستكملها
العــلم واليقين والقبـولوالانقيــــاد فادر ما أقول
الشرط الرابع: الصدق المنافي للكذب، والدليل على ذلك قول الله - تعالى
-: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ
* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.
الشرط الخامس: المحبة لهذه الكلمة ولما اقتضته، ودلت عليه قال الله - تبارك
وتعالى -: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ
كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ
ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ
شَدِيدُ الْعَذَابِ}24.
الشرط السادس: الانقياد لما دلت عليه والاستسلام لذلك قال الله - تبارك
وتعالى -: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ
بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}25، وقال الله - تبارك
وتعالى -: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ
الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ}.
الشرط السابع: القبول لما اقتضته هذه الكلمة قولاً وعملاً واعتقاداً لقول
الله - تعالى -: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ}.
كيفية الذكر عند الصوفية
تمهيد
الذكر يثمر المقامات كلها من اليقظة إلى التوحيد، ويثمر المعارف والأحوال
التي شمَّر إليها السالكون، فلا سبيل إلى نيل ثمارها إلا من شجرة الذكر، وكلما عظمت
تلك الشجرة ورسخ أصلها، كان أعظم لثمرتها وفائدتها...
وهو أصل كل مقام وقاعدته التي يبني عليها، كما يُبنى الحائط على أساسه،
وكما يقوم السقف على جداره.
وذلك أن العبد إن لم يستيقظ من غفلته لم يمكنه قطع منازل السير الموصلة
إلى معرفة الله تعالى التي خُلِقَ الإنسان لأجلها، قال تعالى: {وما خَلَقْتُ الجِنَّ
والإنسَ إلا ليعبدونِ} [الذاريات: 56] [قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعبدون أي: يعرفون].
ولا يستيقظ المرء إلا بالذكر، فالغفلة نوم القلب أو موته.
وإن امتثال الصوفية لأمر مولاهم عز وجل بالإكثار من ذكره جعل حياتهم كحياة
الملائكة، لا تخطر الدنيا على قلوبهم، ولا تشغلهم عن محبوبهم، نسوا أنفسهم بمجالستهم
لربهم، وغابوا عن كل شيء سواه فتواجدوا عندما وجدوا.
ذَكرْتُكَ، لا أني نسيتُكَ لمحةًوأيسرُ ما في الذكرِ ذكرُ لِساني يذكر
الصوفي ربه في كل أحيانه، فيجد بذلك انشراح الصدر، واطمئنان القلب، وسمو الروح ؛ لأنه
حظي بمجالسة ربه عز وجل "أهل ذكري أهل مجالستي... الحديث" [من حديث قدسي
أخرجه الإمام أحمد في مسنده].
فالعارف من داوم على الذكر وأعرض بقلبه عن متع الدنيا الزائلة، فتولاه
الله في جميع شؤونه. ولا عجب، فمن صبر ظفر، ومن لازم قرع الباب يوشك أن يفتح له.
معاني كلمة الذكر
أطلقت الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة كلمة "الذكر"
على عدة معان: فتارة قُصِدَ بها القرآن الكريم كما في قوله تعالى: {إنَّا نحن نزّلنا
الذِّكرَ وإنّا لهُ لَحافظونَ} [الحجر: 9]. وتارة قُصِدَ بها صلاة الجمعة: {يا أيُّها
الذين آمنوا إذا نُودِيَ للصلاة من يوم الجمعة فاسعَوا إلى ذكرِ اللهِ} [الجمعة:
9]. وفي موطن آخر عُنِيَ بها العلم: {فاسألوا أهل الذكر إنْ كنتم لا تعلمونَ} [الأنبياء:
7]. وفي معظم النصوص أُريدَ بكلمة "الذكر" التسبيحُ والتهليل والتكبير والصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم، وما إلى هنالك من الصيَغ، كما في قوله تعالى: {فإذا
قَضيتُمُ الصلاةَ فاذكروا اللهَ قياماً وقعوداً وعلى جنوبِكُم} [النساء: 102]. وقوله
تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتُمْ فِئةً فاثبتوا واذكروا اللهَ كثيراً} [الأنفال:
45]. وقوله تعالى: {واذكُرِ اسمَ ربِّكَ وتَبَتَّلْ إليهِ تبتيلاً} [المزمل: 8].
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن
الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي إذا هو ذَكرني وتحركت بي شفتاه" [رواه ابن ماجه
في كتاب الأدب وابن حبان في صحيحه. والإمام أحمد في مسنده والحاكم كما في "فيض
القدير" ج1/ص309].
وعن عبد الله بن بِسر أن رجلاً قال: (يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد
كَثُرَتْ عليَّ، فأخبرني بشيء أتشبث به). قال: "لا يزال لسانُك رَطْباً من ذكر
الله" [رواه الترمذي في كتاب الدعوات وقال: حديث حسن].
أما ما يقوله بعضهم: (إن المراد بالذكر هو العلم بالحلال والحرام)، فجوابه:
(أن لفظ الذكر مشترك بين العلم والصلاة والقرآن وذكر الله تعالى، لكن المعتبر في اللفظ
المشترك ما غلب استعماله فيه عرفاً، وغيره إنما يصرف إليه بقرينة حالية أو لفظية، ولفظ
الذكر قد غلب استعماله في ذكر الله حقيقة، ومن غير الغالب أن يطلق ويراد به العلم،
كما قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر} فالمراد به العلم بقرينة السؤال.
1ـ أما من الكتاب:
1ـ فقد قال تعالى: {فاذكُرُوني أذكُرْكُم} [البقرة: 152].
2ـ وقال تعالى: {الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جُنوبهم} [آل عمران:
191].
3ـ وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسَبِّحُوه
بكرةً وأصيلاً} [الأحزاب: 41ـ42].
4ـ وقال تعالى: { واذكرْ ربَّك كثيراً وسبِّحْ بالعشي والإبكار) [آل عمران:
41].
5ـ وقال عز من قائل: { الذين آمنوا وتطمئِنُّ قُلوبُهم بذكر الله ألا بذكر
الله تطمئن القلوب } [الرعد: 28].
6ـ قال أيضاً: {واذكُرِ اسمَ ربِّكَ بُكرَةً وأصيلاً} [الدهر: 25].
7ـ وقال أيضاً: { واذكر اسم ربِّك وتبتَّل إليه تبتيلاً} [المزمل: 8].
8ـ وقال جل شأنه: { وَلَذِكرُ الله أكبرُ} [العنكبوت: 45].
9ـ وقال أيضاً: { فإذا قضيتُمُ الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى
جُنوبِكُم} [النساء: 103].
10ـ وقال أيضاً: { فإذا قُضيتِ الصلاةُ فانتَشروا في الأرضِ وابتغوا من
فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلَّكُم تُفلحون} [الجمعة: 10].
11ـ وقال أيضاً: { ومن أظلمُ مِمَّنْ مَنَعَ مساجدَ الله أن يُذْكَرَ فيها
اسمُه} [البقرة: 114].
12ـ وقال تعالى: { في بيوتٍ أَذِنَ الله أن تُرفعَ ويُذكر فيها اسمُهُ}
[النور: 36].
13ـ وقال أيضاً: { رِجال لا تُلهيهم تجارة ولا بيعٌ عن ذكرِ اللهِ} [النور:
37].
14ـ وقال أيضاً: {يا أيها الذين آمنوا لا تُلهِكُم أموالُكم ولا أولادُكم
عن ذكر الله } [المنافقون: 9].
15ـ وقال أيضاً: {والذاكرين الله كثيراً والذاكراتِ أعدّ اللهُ لهُم مغفِرَةً
وأجراً عظيماً } [الأحزاب: 35].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (المراد: يذكرون الله في أدبار الصلوات،
وغدواً وعشياً وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا أو راح من منزله، ذكر الله تعالى)
["الفتوحات الربانية على الأذكار النووية" ج1/ص106 ـ 109].
وقال مجاهد: (لايكون من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات حتى يذكر الله
تعالى قائماً وقاعداً ومضجعاً) ["الفتوحات الربانية على الأذكار النووية"
ج1/ص106 ـ 109].
وجميع العبادات يشترط لصحتها شروط إلا ذكر الله تعالى، فإنه يصح بطهارة
وغيرها وفي جميع الحالات: في القيام والقعود... وغيرها.
ولهذا قال النووي: (أجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان للمُحْدِث
والجنب والحائض والنفساء، وذلك في التسبيح والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله
صلى الله عليه وسلم والدعاء ونحو ذلك) ["الفتوحات الربانية على الأذكار النووية"
ج1/ص106ـ109].
فالذكر صقال القلوب، ومفتاح باب النفحات، وسبيل توجه التجليات على القلوب،
وبه يحصل التخلق، لا بغيره. لذلك فالمريد لا يصيبه غم أو هم أو حزن إلا بسبب غفلته
عن ذكر الله، ولو اشتغل بذكر الله لدام فرحه وقرت عينه، إذ الذكر مفتاح السرور والفرح،
كما أن الغفلة مفتاح الحزن والكدر.
2ـ وأما من السنة:
1ـ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربَّهُ مثل الحي والميت"
[رواه البخاري في صحيحه في كتاب الدعوات].
2ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن لله ملائكةً يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً
يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم. قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا.
قال: فيسألهم ربهم عز وجل ـ وهو أعلم بهم ـ: ما يقول عبادي ؟ قال: يقولون: يسبحونك
ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك. قال: فيقول: هل رأوني ؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوْك
؛ قال: فيقول: وكيف لو رأوْني ؟ قال: يقولون: لو رأوْك كانوا أشد لك عبادةً وأشد لك
تمجيداً، وأكثر لك تسبيحاً. قال: يقول: فما يسألونني ؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة.
قال: يقول: هل رأوْها ؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوْها. قال: فيقول: فكيف لو
أنهم رأوْها ؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوْها كانوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلباً،
وأعظم فيها رغبة. قال: يقول: فمِمَّ يتعوذون ؟ قال: يقولون: من النار، قال: يقول: وهل
رأوْها ؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها ؟ قال: يقولون:
لو رأوْها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة. قال: فيقول: أُشْهِدُكم أني قد غفرت
لهم. قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة. قال: يقول: هم
الجلساء لا يشقى بهم جليسهم" [أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الدعوات].
ففي هذا الحديث فضل مجالس الذكر والذاكرين وفضل الاجتماع على ذلك، وإن
جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل عليهم ربهم إكراماً لهم ؛ وإن لم يشاركهم في أصل
الذكر، وبمجالسته لهم صار سعيداً لأن من جالس جانس ؛ إن صحَّت النية.
3ـ وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا: يا رسول الله وما رياضُ الجنة
؟ قال: حِلَق الذكر" [أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات وحسنه].
4ـ وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لَيبعثنَّ الله أقواماً يوم القيامة في وجوههم النور، على منابر
اللؤلؤ، يغبطهم الناس، ليسوا بأنبياء ولا شهداء، قال: فجثا أعرابي على ركبتيه فقال:
يا رسول الله حِلْهُم [حلهم: صفهم لنا وعرفنا نزلهم] لنا نعرفْهم! قال: هم المتحابون
في الله من قبائل شتى، وبلاد شتى يجتمعون على ذكر الله يذكرونه" [رواه الطبراني
بإسناد حسن كما في "الترغيب والترهيب" 2/406].
5ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له: جُمْدان فقال: "سيروا هذا جُمْدان سبق
المفَرِّدون. قيل: وما المُفَرِّدون يا رسول الله ؟ قال: المستَهتَرون بذكر الله، يضع
الذكر عنهم أثقالهم فيأتون الله يوم القيامة خفافاً" [أخرجه مسلم في كتاب الذكر
والترمذي في كتاب الدعوات].
والمستَهْتَرون: هم المولعون بالذكر المداومون عليه، لا يبالون ما قيل
فيهم ولا ما فُعِلَ بهم.
6ـ وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ألا أُنبئكم بخير أعمالكم، وأزْكاها عند مليكِكم، وأرفعها في درجاتكم،
وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والوَرِق [الورق: الفضة]، وخيرٍ لكم من أن تلْقَوا عدوكم
فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا: بلى. قال: ذكرُ الله تعالى"، فقال معاذ
بن جبل رضي الله عنه: (ما شيءٌ أنجى من عذاب الله من ذكر الله) [رواه الترمذي في كتاب
الدعاء باب ما جاء في فضل الذكر. ورواه ابن ماجه في "الأدب" باب فضل الذكر].
7ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يقول الله تعالى :
"أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه
في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٍ منهم، وإن تقرَّب إليَّ شبراً تقربتُ
إليه ذراعاً، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعاً تقربتُ إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة"
[أخرجه مسلم في كتاب الذكر، والبخاري في كتاب التوحيد والترمذي في كتاب الدعوات، والنسائي،
وابن ماجه].
8ـ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
"يقول الله عز وجل يوم القيامة: سَيعْلَمُ أهلُ الجمعِ مَنْ أهْلُ
الكرَم، فقيل: ومَنْ أهلُ الكرم يا رسول الله ؟ قال: أهل مجالس الذكر في المساجد"
[رواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيرهم. "الترغيب والترهيب"
ج2/ص404].
9ـ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ما من قومٍ اجتمعوا يذكرون الله عز وجل لا يريدون بذلك إلا وجهه
؛ إلا ناداهم منادٍ من السماء أن قوموا مغفوراً لكم فقد بُدلت سيئاتكم حسنات"
[رواه الإمام أحمد، ورجاله رجال الصحيح كذا في "مجمع الزوائد" ج10/ص76].
10ـ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
"يقول الرب تبارك وتعالى: مَن شغلَهُ قراءةُ القرآن وذكري عن مسألتي
أعطيتُهُ أفضلَ ما أُعطي السائلين"[أخرجه الترمذي في كتاب "فضائل القرآن"
وقال: حديث حسن والدارمي والبيهقي].
هذا وكل ما ورد في فضائل الذكر والاجتماع عليه، والجهر والإسرار به، فهو
من أدلة مشروعيته.
أقوال العلماء بالله في فضل الذكر
عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما):
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (لم يفرض الله تعالى على عباده فريضة
إلا جعل لها حداً معلوماً، ثم عذر أهلها في حال العذر، غير الذكر ؛ فإنه لم يجعل له
حداً ينتهي إليه، ولم يعذر أحداً في تركه إلا مغلوباً على عقله، وأمرهم بذكره في الأحوال
كلها، فقال عز من قائل: {فاذكُروا اللهَ قياماً وقعوداً وعلى جُنُوبِكُم} [النساء:
103]. وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً} [الأحزاب: 41] أي
بالليل والنهار، وفي البر والبحر، والسفر والحضر، والغنى والفقر، وفي الصحة والسقم،
والسر والعلانية، وعلى كل حال) ["نور التحقيق" ص147].
ابن عطاء الله السكندري:
قال سيدي ابن عطاء الله السكندري: (الذكر هو التخلص من الغفلة والنسيان
بدوام حضور القلب مع الحق، وقيل: ترديد اسم الله بالقلب واللسان، أو ترديد صفة من صفاته،
أو حكم من أحكامه، أو فعل من أفعاله، أو غير ذلك مما يُتقرَّبُ به إلى الله تعالى)
["مفتاح الفلاح" ص4 لابن عطاء الله السكندري المتوفى 709هـ].
الإمام أبو القاسم القشيري:
قال الإمام أبو القاسم القشيري رضي الله عنه: (الذكر منشور الولاية، ومنار
الوصلة، وتحقيق الإرادة، وعلامة صحة البداية، ودلالة النهاية، فليس وراء الذكر شيء
؛ وجميع الخصال المحمودة راجعة إلى الذكر ومنشؤها عن الذكر).
وقال أيضاً: (الذكر ركن قوي في طريق الحق سبحانه وتعالى، بل هو العمدة
في هذا الطريق، ولا يصل أحد إلى الله تعالى إلا بدوام الذكر) ["الرسالة القشيرية"
ص110].
ابن قيم الجوزية:
قال ابن قيم الجوزية: (ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما،
وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء، فإذا تُرك صدىء، فإذا ذكر جلاه.
وصدأ القلب بأمرين: بالغفلة، والذنب ؛ وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر. فمن كانت
الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكماً على قلبه، وصدؤه بحسب غفلته. وإذا صدىء القلب
لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه ؛ فيرى الباطل في صورة الحق، والحق في صورة
الباطل، لأنه لمَّا تراكم عليه الصدأ أظلم فلم تظهر فيه صور الحقائق كما هي عليه. فإذا
تراكم عليه الصدأ، واسودَّ، وركبه الرانُ فَسَدَ تصورُه وإدراكه فلا يقبل حقاً، ولا
ينكر باطلاً، وهذا أعظم عقوباتِ القلب. وأصل ذلك من الغفلة واتباع الهوى، فإنهما يطمسان
نور القلب ويعميان بصره.
قال تعالى: {ولا تطعْ مَنْ أغفلْنا قلبَه عن ذكرِنا واتَّبَعَ هواه وكان
أمرُهُ فُرُطاً} [الكهف: 28]) ["الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن قيم الجوزية
المتوفى سنة 751هـ ص52].
فخر الدين الرازي:
قال العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره عند قوله تعالى: {ولله الأسماء
الحسنى....} [الأعراف: 180]: (إن الموجب لدخول جهنم هو الغفلة عن ذكر الله تعالى، والمخلِّص
من عذاب جهنم هو ذكر الله تعالى، وأصحاب الذوق والمشاهدة يجدون من أرواحهم أن الأمر
كذلك، فإن القلب إذا غفل عن ذكر الله، وأقبل على الدنيا وشهواتها، وقع في باب الحرص
وزمهرير الحرمان، ولا يزال ينتقل من رغبة إلى رغبة، ومن طلب إلى طلب، ومن ظلمة إلى
ظلمة، فإذا انفتح على قلبه باب ذكر الله ومعرفة الله تخلِّص من نيران الآفات، ومن حسرات
الخسارات، واستشعر بمعرفة رب الأرض والسموات) [تفسير الفخر الرازي ج4/ص472].
أحمد زروق:
يقول أحمد زروق رحمه الله في قواعده: (الخواص ثابتة في الأقوال والأفعال
والأعيان، وأعظمها خواص الأذكار، إذ ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر
الله، وقد جعلها الله للأشياء كالأشربة والمعاجين في منافعها ؛ لكلٌّ ما يخصه. فلزم
مراعاة العام في العموم، وفي الخاص مما يوافق حال الشخص) ["قواعد التصوف"
لأحمد زروق ص37].
أحمد بن عجيبة:
قال أحمد بن عجيبة: (لا يكون الفتح على تحقيق العبد بمقام الرضا إلا بعد
تحققه بثلاثة أمور في بدايته:
1ـ الاستغراق في الاسم المفرد [الله] و(هذا خاص بالمأذونين بذكر الاسم
من مرشد كامل).
2ـ صحبته للذاكرين.
3ـ تمسكه بالعمل الصالح الذي لم يتصل به شيء من العلل، وهو التمسك بالشريعة
المحمدية) ["تجريد شرح الأجرومية" لابن عجيبة ص29].
والخلاصة:
إن جميع المربين والمرشدين الكاملين قد نصحوا السالكين في سيرهم إلى الله
وأبانوا لهم أن الطريق العملي الموصل إلى الله تعالى وإلى رضوانه هو الإكثار من ذكر
الله في جميع الحالات، وصحبةُ الذاكرين، لأن أنفاس الذاكرين تقطع شهوات النفس الأمَّارة
بالسوء.
***أقسام الذكر ***
أ ـ ذكر السر والجهر:
إن ذكر الله تعالى مشروع سراً وجهراً، وقد رغَّب رسول الله صلى الله عليه
وسلم في الذكر بنوعيه: السري والجهري، إلاَّ أن علماء الشريعة الإسلامية قرروا أفضلية
الجهر بالذكر إذا خلا من الرياء، أو إيذاء مُصَلٌّ أو قارىء أو نائم، مستدلين ببعض
الأحاديث النبوية الشريفة، منها:
1ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في
نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرتُه في ملأ خير منهم" [أخرجه البخاري
في صحيحه والترمذي والنسائي وابن ماجه]. والذكر في الملأ لا يكون إلا عن جهر
2ـ عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال: قال ابن الأدرع رضي الله عنه: (انطلقت
مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة ؛ فمر برجل في المسجد يرفع صوته، قلت: يا رسول الله
عسى أن يكون هذا مرائياً ؟ قال: "لا، ولكنه أوَّاه") [رواه البيهقي. كما
في "الحاوي للفتاوي" للسيوطي ج1/ص391].
3ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس
من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا
بذلك إذا سمعته) [أخرجه البخاري في صحيحه، والمعنى كنت أعلم انصرافهم بسماع الذكر،
كما قال صاحب "الفتح" الحافظ ابن حجر العسقلاني في ج2/ص259].
4ـ عن السائب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"جاءني جبريل قال: مُرْ أصحابك يرفعوا أصواتهم بالتكبير" [رواه الإمام أحمد
وأبو داود والترمذي وصححه السيوطي في كتابه "الحاوي للفتاوي" ج1/ص389].
5ـ عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: إنَّا لَعندَ النبي صلى الله عليه
وسلم إذ قال: "ارفعوا أيديكم فقولوا: لا إله إلا الله، ففعلنا، فقال صلى الله
عليه وسلم: اللهم إنَّك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة، إنك لا
تخلف الميعاد، ثم قال: أبشروا فإن الله قد غفر لكم" [أخرجه الحاكم. كما في المصدر
السابق ج1/ص391].
وهناك أحاديث بلغت حدَّ الكثرة، جمع منها العلامة الكبير جلال الدين السيوطي
خمسة وعشرين حديثاً في رسالة سماها "نتيجة الفكر في الجهر بالذكر" فقال:
(الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، سألتَ أكرمك الله عما اعتاده السادة
الصوفية من عقد حِلَق الذكر، والجهر به في المساجد، ورفع الصوت بالتهليل وهل ذلك مكروه،
أو ؛ لا ؟ .
الجواب: إنه لا كراهة في شيء من ذلك، وقد وردت أحاديث تقتضي استحباب الجهر
بالذكر، وأحاديث تقتضي استحباب الإسرار به، والجمع بينهما أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال
والأشخاص، وها أنا أُبين ذلك فصلاً فصلاً.
ثم ذكر الأحاديث الدالة على ذلك بكاملها ثم قال: إذا تأملتَ ما أوردنا
من الأحاديث، عرفت من مجموعها أنه لا كراهة البتة في الجهر بالذكر، بل فيه ما يدل على
استحبابه ؛ إما صريحاً أو التزاماً ـ كما أشرنا إليه ـ، وأما معارضته بحديث "خيرُ
الذكر الخفي" فهو نظير معارضة أحاديث الجهر بالقرآن بحديث: "المسر بالقرآن
كالمسر بالصدقة"، وقد جمع النووي بينهما: بأن الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء، أو
تأذَّى به مصلون أو نيام، والجهر أفضل في غير ذلك ؛ لأن العمل فيه أكثر، ولأن فائدته
تتعدى إلى السامعين، ولأنه يوقظُ القارىء، ويجمع همه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ويطرد
النوم، ويزيد في النشاط. وقال بعضهم: يستحب الجهر ببعض القراءة والإسرار ببعضها، لأن
المُسِرَّ قد يملُّ فيأنس بالجهر، والجاهر قد يكلُّ فيستريح بالإسرار. وكذلك نقول في
الذكر على هذا التفصيل، وبه يحصل الجمع بين الأحاديث. فإنْ قلتَ: قال الله تعالى:
{واذكُرْ ربَّكَ في نفسك تضرُّعاً وخيفةً ودون الجهرِ من القولِ} [الأعراف: 205]. قلت:
الجواب على هذه الآية من ثلاثة أوجه:
الأول: إنها مكية كآية الإسراء: {ولا تجهر بصلاتِكَ ولا تخافِتْ بها}
[الإسراء: 110]. وقد نزلت حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقرآن، فيسمعه المشركون
فيسبون القرآن ومَنْ أنزله، فأُمِر بترك الجهر سداً للذريعة، كما نُهي عن سب الأصنام
لذلك في قوله تعالى : {ولا تسُبُّوا الذين يدعونَ مِنْ دون الله فيسُبُّوا اللهَ عَدْواً
بغيرِ علمٍ} [الأنعام: 108]. وقد زال هذا المعنى، وأشار إلى ذلك ابن كثير في تفسيره.
الثاني: إن جماعة من المفسرين ـ منهم عبد الرحمن بن زيد بن أسلم شيخ مالك،
وابن جرير ـ حملوا الآية على الذاكر حال قراءة القرآن، وأنه أمرٌ له بالذكر على هذه
الصفة تعظيماً للقرآن أن ترفع عنه الأصوات، ويقويه اتصالها بقوله تعالى: {وإذا قُرِئ
القرآنُ فاستمعوا له وأنصتُوا} [الأعراف: 204]. قلت وكأنه لما أمر بالإنصات خشي من
ذلك الإخلاد إلى البطالة، فنبه على أنه وإن كان مأموراً بالسكوت باللسان إلا أن تكليف
الذكر بالقلب باقٍ حتى لا يغفل عن ذكر الله، ولذا ختم الآية بقوله: {ولا تَكُنْ مِنَ
الغافلين} [الأعراف: 205].
الثالث: ما ذكره الصوفية أن الأمر في الآية خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم
الكامل المكمل، وأما غيره ـ ممن هو محل الوساوس والخواطر الرديئة ـ فمأمور بالجهر،
لأنه أشد تأثيراً في دفعها.
قلتُ: ويؤيده من الحديث ما أخرجه البزار عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلَّى منكم بالليل فليجهر بقراءته فإن
الملائكة تصلي بصلاته، وتسمع لقراءته، وإنَّ مؤمني الجن الذين يكونون في الهواء، وجيرانه
معه في مسكنه يصلون بصلاته، ويستمعون قراءته، وإنه ينطرد بجهره بقراءته عن داره وعن
الدور التي حوله فُسَّاق الجن ومردة الشياطين".
فإن قلتَ: فقد قال تعالى: {ادعُوا ربَّكم تضرعاً وخُفيةً إنَّه لا يحبُّ
المعتدينَ} [الأعراف: 55]. وقد فسر الاعتداء بالجهر في الدعاء.
قلتُ: الجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أن الراجح في تفسيره أنه تجاوزُ المأمور به، أو اختراعُ دعوة لا
أصل لها في الشرع، ويؤيده ما أخرجه ابن ماجه، والحاكم في مستدركه وصححه عن أبي نعامة
رضي الله عنه: (أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن
يمين الجنة. فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون في هذه
الأمة قوم يعتدون بالدعاء") فهذا تفسير صحابي، وهو أعلم بالمراد.
الثاني: على تقدير التسليم فالآية في الدعاء لا في الذكر، والدعاء بخصوصه
؛ الأفضل فيه الإسرار، لأنه أقرب إلى الإجابة، ولذا قال تعالى: {إذْ نادى ربَّهُ نداءً
خفياً} [مريم: 3]. ومن ثَمَّ استحب الإسرار بالاستعاذة في الصلاة اتفاقاً لأنها دعاء.
فإن قلتَ: فقد نُقل عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه رأى قوماً يهللون برفع
الصوت في المسجد فقال: ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد. قلت: هذا الأثر
عن ابن مسعود يحتاج إلى بيان سنده، ومن أخرجه من الأئمة الحفاظ في كتبهم، وعلى تقدير
ثبوته فهو مُعارَض بالأحاديث الكثيرة الثابتة المتقدمة، وهي مقدمة عليه عند التعارض،
ثم رأيت ما يقتضي إنكار ذلك عن ابن مسعود، قال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب الزهد:
حدثنا حسين بن محمد حدثنا المسعودي عن عامر بن شقيق عن أبي وائل قال: هؤلاء الذين يزعمون
أن عبد الله كان يَنْهى عن الذكر، ما جالستُ عبدَ الله مجلساً إلا ذَكَرَ الله فيه.
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت البناني قال: إن أهلَ ذكر الله ليجلسون إلى ذكر الله وإن
عليهم من الآثام أمثال الجبال، وإنهم ليقومون من ذكر الله تعالى ما عليهم منها شيء)
["الحاوي للفتاوي" في الفقه وعلوم التفسير والحديث والأصول والنحو والإعراب
وسائر الفنون للعلامة الكبير جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ. ج1/ص394].
وقال العلامة الكبير الشيخ محمود الألوسي في تفسيره عند قوله تعالى: {وإنْ
تجْهَرْ بالقول فإنَّه يعلم السِّرَ وأخفى} [طه: 7]. وقيل: نُهِيَ عن الجهر بالذكر
والدعاء، لقوله تعالى: {واذكرْ ربَّك في نفسِكَ تضرعاً وخفيةً ودون الجهر من القولِ}
[الأعراف: 205].
وأنت تعلم أن القول: بأن الجهر بالذكر والدعاء منهي، لا ينبغي أن يكون
على إطلاقه. والذي نصَّ عليه الإمام النووي رضي الله عنه في فتاويه: أن الجهر بالذكر
حيث لا محذور شرعاً ؛ مشروع مندوب إليه، بل هو أفضل من الإخفاء في مذهب الإمام الشافعي،
وهو ظاهر مذهب الإمام أحمد، وإحدى الروايتين عن الإمام مالك بنقل الحافظ ابن حجر في
فتح الباري. وهو قول القاضيخان في فتاويه في ترجمة مسائل كيفية القراءة، وقوله في باب
غسل الميت: (ويكره رفع الصوت بالذكر) فالظاهر أنه لمن يمشي مع الجنازة كما هو مذهب
الشافعية، لا مطلقاً، وقال الألوسي أيضاً: واختار بعض المحققين أن المراد دون الجهر
البالغ أو الزائد على قدر الحاجة فيكون الجهر المعتدل، والجهر بقدر الحاجة داخلاً في
المأمور به ؛ فقد صح ما يزيد على عشرين حديثاً في أنه صلى الله عليه وسلم كثيراً ما
كان يجهر بالذكر، وصح عن أبي الزبير رضي الله عنه أنه سمع عبد الله بن الزبير يقول:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم من صلاته يقول بصوته الأعلى: "لا
إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا
قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل" إلى أن قال: وقد ألَّف
الشيخ إبراهيم الكوراني عليه الرحمة في تحقيق هذه المسألة رسالتين جليلتين سمَّى أولاهما:
"نثر الزهر في الذكر بالجهر". وثانيتهما: "اتحاف المنيب الأوّاه بفضل
الجهر بذكر الله") ["روح المعاني" للعلامة الكبير الشيخ محمود الألوسي
المتوفى سنة 1270هـ ج16/ص147 ـ 148].
أفضلية ذكر الجهر:
قال العلامة الطحطاوي في حاشيته على مراقي الفلاح: (اختُلِفَ؛ هل الإسرار
بالذكر أفضل ؟ فقيل: نعم، لأحاديث كثيرة تدل عليه منها:
"خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما يكفي". ولأن الإسرار أبلغ في
الإخلاص، وأقرب إلى الإجابة. وقيل: الجهر أفضل لأحاديث كثيرة:
منها ما رواه ابن الزبير رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذا سلَّم من صلاته قال بصوته الأعلى: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله..." الحديث
[رواه مسلم في صحيحه في كتاب المساجد ومواقع الصلاة، والترمذي في كتاب الصلاة].
وقد كان صلى الله عليه وسلم يأمر من يقرأ القرآن في المسجد أن يُسمِع قراءته.
وكان ابن عمر يأمر من يقرأ عليه وعلى أصحابه وهم يستمعون، لأنه أكثر عملاً، وأبلغ في
التدَبُّر، ونفعه متعدٍ لإيقاظ قلوب الغافلين.
وجُمع بين الأحاديث الواردة بأن ذلك يختلف بحسب الأشخاص والأحوال ؛ فمن
خاف الرياء، أو تأذَّى به أحد كان الإسرار أفضل، ومتى فُقد ما ذكر كان الجهر أفضل.
قال في "الفتاوي": لا يُمنع من الجهر بالذكر في المساجد، احترازاً عن الدخول
تحت قوله تعالى: {ومَنْ أظلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مساجدَ اللهِ أنْ يُذكَرَ فيها اسمُه}
[البقرة: 114]. كذا في البزازية.
ونص الشعراني في ذكر الذاكر للمذكور والشاكر للمشكور ما لفظه: وأجمع العلماء
سلفاً وخلفاً على استحباب ذكر الله تعالى جماعة في المساجد وغيرها من غير نكير، إلا
أن يشوش جهرهم بالذكر على نائم أو مصلٌّ أو قارىء قرآن، كما هو مقرر في كتب الفقه
["حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح" ص208]
وقال ابن عابدين في حاشيته الشهيرة:
(وفي الفتاوي الخيرية من الكراهية والاستحسان جاء في الحديث ما اقتضى طلب
الجهر به نحو: "وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم". رواه الشيخان.
وهناك أحاديث اقتضت طلب الإسرار. والجمع بينهما: أن ذلك يختلف باختلاف
الأشخاص والأحوال، كما جُمع بذلك بين أحاديث الجهر والإخفاء بالقراءة، ولا يعارض ذلك
حديث "خير الذكر الخفي" لأنه حيث خيف الرياء، أو تأذي المصلين أو النيام،
فإن خلا مما ذكر فقال بعض أهل العلم: إن الجهر أفضل، لأنه أكثر عملاً، ولتعدي فائدته
إلى السامعين ويوقظ قلب الذاكر، فيجمع همه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ويطرد النوم،
ويزيد النشاط. ا.هـ ملخصاً وتمام الكلام هناك فراجعه،. وفي حاشية الحموي عن الإمام
الشعراني : (أجمع العلماء سلفاً وخلفاً على استحباب ذكر الجماعة في المساجد وغيرها
إلا أن يشوش جهرهم على نائم أو مصلٌّ أو قارىء) ["حاشية ابن عابدين" ج5/ص263].
ب ـ ذكر اللسان وذكر القلب:
قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني: سمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول:
(الذكر باللسان مشروع للأكابر والأصاغر، لأن حجاب العظمة لا يرتفع لأحد ولا للأنبياء،
فلا بد من حجاب لكنه يدق فقط) ["الميزان" للشيخ عبد الوهاب الشعراني ج1/ص160].
وقال الإمام النووي رحمه الله: (أجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان
للمحْدِث والجنب والحائض والنفساء وذلك في التسبيح والتحميد والتكبير والصلاة على رسول
الله صلى الله عليه وسلم والدعاء ونحو ذلك) ["الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية"
ج1/ص106 ـ 109].
وقال الإمام النووي رحمه الله: (الذكر يكون بالقلب ويكون باللسان، والأفضل
منه ما كان بالقلب واللسان جميعاً، فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل. ثم لا ينبغي
أن يُترك الذكر باللسان مع القلب خوفاً من أن يُظن به الرياء، بل يذكر بهما جميعاً،
ويقصد به وجه الله تعالى).
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: (إن ترك العمل لأجل الناس رياء، ولو فتح
الإنسان عليه باب ملاحظة الناس والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة لانْسَدَّ عليه أكثر
أبواب الخير، وضيَّع على نفسه شيئاً عظيماً من مهمات الدين، وليس هذا طريق العارفين)
["الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية" ج1/ص127].
وقلب الغافل عليه غشاوة، فلا يجد صاحبها لطعم الذكر حلاوة، ولا لغيره من
العبادات ولذلك قيل: (لا خير في ذكر مع قلب غافلٍ ساهٍ) ولا نعني بذلك أن يترك الذكر
مع الغفلة، إلا أن صاحب الهمة العالية يجاهد نفسه، ويراقب قلبه مرة بعد مرة، حتى ينتقل
إلى ذكر مع الحضور، وذلك كالرامي ؛ ففي المرة الأولى لا يصيب الهدف، ثم يحاول في الثانية
والثالثة إلى أن يتقن ذلك، فيصيب الهدف. وكذلك الإنسان مع قلبه ؛ يحاول المرة تلو المرة
بين ذكر ومذاكرة حتى يعتاد القلب الحضور مع الله تعالى.
قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله: (واعلم أنه قد انكشف لأرباب البصائر
أن الذكر أفضل الأعمال، ولكن له أيضاً قشور ثلاثة بعضها أقرب للُّب من بعض وله لب وراء
القشور الثلاثة، وإنما فضل القشور لكونها طريقاً إليه.
فالقشر الأعلى منه: ذكر اللسان فقط.
والثاني: ذكر القلب إذا كان القلب يحتاج إلى موافقته حتى يحضر مع الذكر،
ولو تُرك وطبعه لاسترسل في أودية الأفكار.
والثالث: أن يستمكن الذكر من القلب، ويستولي عليه بحيث يحتاج إلى تكلف
في صرفه عنه إلى غيره، كما احتيج في الثاني إلى تكلف في قراره معه ودوامه عليه.
والرابع: وهو اللباب، أن يستمكن المذكور من القلب، وينمحي الذكر ويخفى،
وهو اللباب المطلوب، وذلك بأن لا يلتفت إلى الذكر ولا إلى القلب بل يستغرق المذكورُ
جملتَه، ومهما ظهر له في أثناء ذلك التفات إلى الذكر فذلك حجاب شاغل. وهذه الحالة التي
يعبر عنها العارفون بالفناء... ثم قال رحمه الله: فهذه ثمرة لباب الذكر وإنما مبدؤها
ذكر اللسان، ثم ذكر القلب تكلفاً، ثم ذكر القلب طبعاً، ثم استيلاء المذكور وانمحاء
الذكر) [كتاب "الأربعين في أصول الدين" للإمام الغزالي ص52 ـ 55].
ج ـ الذكر المنفرد والذكر مع الجماعة:
العبادات مع الجماعة ـ وفيها ذكر الله تعالى ـ تزيد في الفضل على العبادة
في حالة الانفراد ؛ ففي الجماعة تلتقي القلوب، ويكون التعاون والتجاوب، ويستقي الضعيف
من القوي، والمُظْلِم من المُنَوَّر، والكثيف من اللطيف، والجاهل من العالم وهكذا...
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مررتم
برياض الجنة فارتعوا. قالوا: وما رياض الجنة ؟ قال: حِلَقُ الذكر" [أخرجه الترمذي
في كتاب الدعوات].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن لله تبارك وتعالى ملائكةً سيارةً وفضلاء يلتمسون مجالس الذكر في الأرض فإذا
أتَوا على مجلس ذكرٍ حفَّ بعضهم بعضاً بأجنحتهم إلى السماء، فيقول الله من أين جئتُم
؟ فيقولون: جئنا من عند عبادك يسبحونك، ويحمدونك ويهللونك، ويسألونك، ويستجيرونك. فيقول:
ما يسألون ؟ ـ وهو أعلم بهم ـ فيقولون: يسألونك الجنة. فيقول: وهل رأوْها ؟ فيقولون:
لا يا رب. فيقول: فكيف لو رأوْها ؟ ثم يقول: ومِمَّ يستجيرون ؟ ـ وهو أعلم بهم ـ فيقولون:
من النار. فيقول: وهل رأوْها ؟ فيقولون: لا. فيقول: كيف لو رأوْها ؟ ثم يقول: اشهدوا
أني قد غفرتُ لهم، وأعطيتُهم ما سألوني، وأجرتُهم مما استجاروني. فيقولون: ربَّنا إن
فيهم عبداً خطَّاءً جلس إليهم وليس منهم ؛ فيقول: وهو أيضاً قد غفرتُ له، هم القوم
لا يشقى بهم جليسُهم" [أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الذكر ، والترمذي في كتاب
الدعوات، والحاكم].
وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "ما من قوم يذكرون الله إلا حفَّتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة،
ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده" [أخرجه مسلم في كتاب الذكر، والترمذي
في كتاب الدعوات].
عن معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على حَلْقةٍ من
أصحابه فقال: "ما يُجْلِسُكُمْ ؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده فقال: إنه أتاني
جبريل فأخبرني أن الله يُباهي بكم الملائكة" [أخرجه مسلم في كتاب الذكر، والترمذي
في كتاب الدعوات].
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن
لله تعالى سيارة من الملائكة يطلبون حِلَقَ الذكر، فإذا أتَوا عليهم حفُّوا بهم"
[رواه البزار وقال الهيثمي: إسناده حسن]. وعن أنس أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا: وما رياض الجنة
يا رسول الله ؟ قال: حِلَقُ الذكر" [رواه الترمذي في كتاب الدعوات].
قال العلامة ابن علان شارح الأذكار في معنى هذا الحديث: (والمعنى: إذا
مررتم بجماعة يذكرون الله فاذكروا موافقة لهم، أو اسمعوا أذكارهم، فإنهم في رياض من
الجنة حالاً أو مآلاً. قال تعالى: {ولمَنْ خافَ مقامَ ربِّهِ جنَّتانِ} [الرحمن:
46]) ["الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية" ج 1/94].
وقال العلامة ابن عابدين في حاشيته في معرِضِ ذكر الله تعالى مع الجماعة:
(وقد شبه الإمام الغزالي ذكر الإنسان وحده وذكر الجماعة بأذان المنفرد وأذان الجماعة،
قال: فكما أن أصوات المؤذنين جماعة تقطع جِرم الهواء أكثر من صوت المؤذن الواحد، كذلك
ذكر الجماعة على قلب واحد أكثر تأثيراً في رفع الحجب الكثيفة من ذكر شخص واحد)
["حاشية ابن عابدين" ج5/ص263].
وقال الطحطاوي في حاشيته:
(ونص الشعراني: أجمع العلماء سلفاً وخلفاً على استحباب ذكر الله تعالى
جماعة في المساجد وغيرها من غير نكير، إلا أن يشوشَ جهرُهم بالذكر على نائم أو مصلٌّ
أو قارىء قرآن، كما هو مقرر في كتب الفقه) ["حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح"
ص208].
وأما الذكر منفرداً: فله أثر فعال في صفاء القلب وإيقاظه، وتعويد المؤمن
على الأنس بربه والتنعم بمناجاته، والشعور بقربه. فلا بد للمؤمن من جلسة يذكر الله
خالياً منفرداً بربه بعد أن يحاسب نفسه ويطلع على عيوبه وأخطائه، فإذا ما رأى سيئة
؛ استغفر وتاب وإذا ما رأى عيباً ؛ جاهد نفسه للتخلص منه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة
يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منهم: ورجل ذكر الله خالياً ففاضت
عيناه" [أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب أبواب صلاة الجماعة، وأخرجه مسلم في كتاب
الزكاة]. ***********منقول****************
الطريقة الرحمانية خنقة سيدي ناجي
حلقة ذكر ليلة المولد النبوي الشريف 12-12-2016
بمسجد سيدي لمبارك
تم نشره في 01/01/2017
بسم الله الرحمن الرحيم (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد :28]. لاإله الا الله - الله - سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم - ...... الصلاة والسلام عليك يانبي الله الصلاة والسلام عليك يا رسول الله الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه صلاة أهل السموات والأرضين عليه إجري يارب لطفك الخفي في أمورنا والمسلمين. عليك بذكر الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صباحا ومساء لتكون من الفائزين في الدنيا والاخرة السر هو أن ذكر الله تعالى والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأكبر عدد ممكن من المرات يمنحك ما يلي: 1- حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والتقرب اكثر منهما. 2- قوة واطمئنان في عمل القلب، وشفاء من معظم الأمراض التي سببها القلب. 3- قدرة أفضل على التنفس وتخفيف الإجهادات عن أعضاء جسدك وبخاصة الدماغ. 4- التخلص من الخوف والقلق والتوتر.. وتنشيط الخلايا! 5- المساعدة على النوم لمن يعاني من اضطرابات النوم.. 6- زيادة الثقة بالنفس ومزيد من السعادة.. 7- التخلص من الاضطرابات النفسية لمن يعاني من مشاكل نفسية. 8- التخلص من هموم الحياة والغم والحزن وإبدال مكانها فرحاً برحمة الله تعالى. 9- التفاؤل والاستبشار والأمل الكبير الذي يملأ حياتك لما ستجده في الآخرة من الأجر والثواب. 10- الثواب والاجر . 11- حب اولياء الله الصالحين والذاكرين والمسلمين . 12- الابتعاد عن المحرمات والاقبال على الطاعات. 13- قبول الدعاء وقضاء الحاجات. والحمد لله رب العالمين ***الذكر بعد صلاة الصبح والعصر***
Hada kitab Al-Djawahir Al-Maknuna Wa Al-uloum Al-Masouna.
- كتاب: الجواهر المكنونة والعلوم المصونة.
- تصنيف: الشيخ سيدي عبد الحفيظ الخنقي البسكري الجزائري.
- دار النشر: المطبعة الرسمية التونسية.
- رقم الطبعة: الأولى.
- تاريخ الإصدار: 1315هـ.
albordj.blogspot.com
للشيخ سيدي عبد الحفيظ بن محمد بن احمد الخنقي رضي الله عنه
Hada Kitab Sharh Al-hiqam Al-mussamat bi Ghayat Al-bidaya.
تصنيف: الإمام سيدي محمد المكي بن الصديق الخنقي البسكري الجزائري.
- الناشر: المطبعة الرسمية – تونس.
- رقم الطبعة والإصدار: الأولى / 1314هـ.
- حجم الملف: 16 ميجا.
- عدد الصفحات: 290 صفحة.
http://albordj.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق